|
على خطى البلاشفة..في ذكرى ثورة أكتوبر العظيمة
وديع السرغيني
الحوار المتمدن-العدد: 4257 - 2013 / 10 / 27 - 16:36
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
على خطى البلاشفة..في ذكرى ثورة أكتوبر العظيمة بحلول شهر أكتوبر، تكون قد مرت على الثورة العمالية الروسية قرابة القرن إلا بضع سنوات، حيث كانت السنة 17 من القرن الماضي على موعد مع ثورتين مظفرتين بهذا البلد العظيم روسيا، الأولى خلال فبراير أطاحت بالملكية القيصرية وبنظام الاستبداد وما يرتبط به من سيادة وتحكم وهيمنة لطبقات الملاكين الكبار والبورجوازية وبقايا الإقطاع..والثانية خلال أكتوبر وهي التي قصمت ظهر البورجوازية نهائيا، وقوضت حلفاءها من البورجوازيين الصغار الذين حافظوا واستمروا على نفس السياسة الحربية المذلة والمحبطة للشعب الروسي ولمختلف القوميات المضطهدة ولكافة الجماهير الكادحة، خاصة العمال وفقراء الفلاحين الذين تحول أغلبهم إلى جنود وبالتالي لحطب نار للحروب الاستعمارية الظالمة..حيث أقام تحالف العمال وفقراء الفلاحين أول دولة مجالسية، بعد استيلائهم على السلطة وقلب نظام الحكم البورجوازي، دولة تحكمها مجالس الكادحين وفق ديمقراطية جديدة لا صوت فيها للمستبدين،و العائشين على النهب وامتصاص دم وعرق الكادحين. وحيث كان لزاما على جميع الماركسيين المبدئيين أنصار الطبقة العاملة، وأنصار رسالتها التاريخية بما هي تنفيذ عملي لبرنامج الإطاحة الثورية بالرأسمالية، وإقامة ديكتاتورية البروليتاريا _ديمقراطية المنتجين الكادحين وغير المالكين_، وتغيير المجتمع على أسس اشتراكية تضمن سيطرة المنتجين على ظروف وشروط حياتهم، وتقضي على الاستغلال وتؤمن استرجاع الخيرات والثروات عبر تأميمها بعد مصادرتها ممن نهبوها سابقا واستحوذوا عليها بدون وجه حق..كان لزاما علينا التذكير والاحتفاء بهذه الذكرى العظيمة التي غيرت مجرى التاريخ وحولت فكرة الاشتراكية من حلم سكن أدمغة جميع الثوريين الديمقراطيين خلال سنوات قبل تلك المرحلة، إلى حقيقة وواقع معاش. فهل بقي شيء من هذا الحلم في أدمغة ثوريي وديمقراطيي هذه المرحلة التي نعيش أطوارها الآن؟ وهل مازالت فكرة الاشتراكية والمشروع الاشتراكي تحفز فعلا المناضلين والمناضلات المغاربة؟ هل مازال لزام علينا أن نفتخر باشتراكيتنا علنا، وأن ندعمها بهذه التجربة العملية التي تحققت على أرض الواقع بفضل نضال العمال والعاملات الطبقي، وبفضل تمرد الجنود الثوريين _فقراء البادية والفلاحين_ وكذلك بفضل البلاشفة الروس، الحزب الشيوعي بقيادة لينين، حزب الطالع المستقل فكريا وسياسيا وتنظيميا، عن جميع الفئات والطبقات الكادحة والمستغلة والمضطهدة؟ لقد أكدت هذه التجربة بأكملها، والتي لا يمكن حصرها في أكتوبر وفقط، بل يجب الأخذ بعين الاعتبار الفترة الثورية بمجملها والتي دامت زهاء الثلاثين سنة، أي منذ تسعينات القرن 19، حيث عاش خلالها الماركسيون الثوريون جميع أنواع القمع والاعتقال والنفي والإبعاد والاغتيال..دون أن يتخلوا عن المهمة الثورية، رافعين راية النضال من أجل إسقاط الملكية القيصرية، إذ كان لزاما عليهم الاسترشاد بالتعاليم الماركسية، وتطبيقها على الأرض بالشكل الخلاق والمبدع التي أضافته اللينينية لهذه التعاليم، بعد أن اقتنع البلاشفة الروس بأنه ما من طريق لتحرير الطالع وسائر الكادحين غير المالكين وجميع المضطهدين والمهمشين من سائر القوميات التي اضطهدتها الملكية لسنوات وقرون، إلا عبر الثورة البروليتارية وبناء الاشتراكية بقيادة الحزب الشيوعي المسنود بمجالس الكادحين، أي العمال وفقراء الفلاحين وسائر الكادحين المعدمين في المدن والقرى والبوادي..الخ. انتصرت الثورة الاشتراكية في روسيا بفعل شروط ذاتية وموضوعية، كان أبرزها توفر الطالع على مستوى عالي من الوعي، وعلى خبرة نضالية ثورية طويلة، وعلى قيادة سياسية طليعية بكل ما في الكلمة من معنى، قيادة فكرية وسياسية وتنظيمية..ولم يكن الإعداد لثورة أكتوبر اعتباطيا أو إرادويا، بل اشتغلت عليه الطليعة البلشفية لسنوات، استخدمت خلالها كل أشكال النضال، السلمية الاحتجاجية والعنيفة المسلحة، السرية والعلنية، الشرعية واللاشرعية..استعملت أساليب النضال الاحتجاجي البرلماني، واستعملت كذلك الإضرابات العمالية واحتجاجات الحركات الاجتماعية الجماهيرية والاعتصامات والعصيانات السلمية والمسلحة..الخ في الشارع وداخل الأحياء العمالية والشعبية وبقلب المصانع نفسها. فخبرتهم الميدانية وتجربتهم النوعية في مجال الديمقراطية العمالية التي أبدعتها الج نفسها وتبناها البلاشفة دون تردد _ تجربة المجالس السوفياتية خلال وبعد ثورة 1905_ ثم محنتهم مع البطش القيصري الذي عمق التراجعات والارتدادات والانحرافات الفكرية والسياسية، بشقيها اليميني واليساري..حفزتهم أكثر لتعميق النقاش حول قضايا كبيرة حول الحرب والامبريالية وحركات التحرر..بالتالي الإعداد الجدي للثورة البروليتارية الاشتراكية. على هذا الأساس تمكن البلاشفة من التحليل الدقيق والموضوعي للوضع الطبقي الروسي في مجمله، وللظرفية الإقليمية و العالمية المرتبطة بالأزمة الرأسمالية بعد انسداد أفقها كنظام وكنمط إنتاج وصل مرحلة التعفن، ولم يكن في وسعه سوى دق طبول الحرب وإدخال المجتمعات والشعوب في قتال شرس لفائدة ومصلحة تجار الحرب البورجوازيون الإمبرياليون. كانت براعتهم في التحديد الدقيق لشروط الثورة ونجاحها، وفي دراسة أوضاع جميع الفئات والطبقات الاجتماعية، أوضاع العدو الطبقي والحليف الطبقي وما تبقى ممن يفترض فيه الحياد..درسوا وتتبعوا مزاج الج، ومستوى وعيهم، واستعدادهم للانخراط في الثورة، ليضعوا التكتيكات الملائمة لكل ظرفية جديدة دون أي مساس بالشعارات الإستراتيجية الثورية، وعندما توفرت الشروط كلها، وبلغت الأزمة ذروتها، وعمت الإضرابات والاحتجاجات كافة أرجاء الوطن جراء الجوع والحرب والقمع والحرمان..لجأت حكومة فبراير البورجوازية للسلاح وإطلاق النار على المتظاهرين والمضربين وعمدت إلى اختطاف واعتقال الطلائع الثورية البلشفية وغيرها..ليختار حينها حزب البلاشفة الرد الثوري العملي، الإضراب العام والانتفاضة المسلحة والعصيان الشعبي المسلح واحتلال المعامل وتشكيل اللجان العمالية المسلحة..الخ. كان انتصار ثورة أكتوبر انتصارا للطالع الروسية وحلفاءها من الكادحين الروس وجميع القوميات المضطهدة من طرف الروس أيضا..كانت انتصارا للطالع أمميا وانتصارا للقيادة الفكرية والسياسية البلشفية بقيادة لينين، ودشنت بالتالي لعصر الانتصارات للخط الم الل داخل الحركة الشيوعية والثورية على منافسيه الشعبويين والرفضويين والاقتصادويين والفوضويين والتروتسكيين..الخ لقد نجحت ثورة أكتوبر في تقديم البرهان العملي والمقنع على صحة النتائج العلمية التي بشرت بها الماركسية عن الانهيار الحتمي للنظام الرأسمالي، وعن الدور الثوري للطالع في عملية التحطيم هذه، وأهليتها لوحدها ودون غيرها لقيادة جيش الثورة لضفة النصر والانتصار، إذا ما توفرت على منظمتها الحزبية المستقلة وعلى القيادة الفكرية والسياسية المحنكة والمبدئية. بهذا وبعد هذا الإنجاز الثوري العظيم، أصبحت اللينينية هي ماركسية العصر، هي المنهج الثوري والعلمي في عصر الامبريالية والاحتكارات، عصر تعفن الرأسمالية التي لم يكن من ملاذ لها سوى استعمار الشعوب ونهب خيراتها، بما يلزم ذلك من اضطهاد وقمع وحروب ضد الشعوب المنتفضة وبسيف الضواري الامبريالية نفسها..وهي بذلك أي ثورة أكتوبر، دشنت عهدا ثوريا جديدا، مناصرة لنضال الشعوب المستعمرة ولجميع القوميات والأقليات المضطهدة في روسيا وفي جميع البلدان عامة. لقد لعبت ثورة أكتوبر دورا كبيرا في إيقاظ جماهير الشعوب المستعبدة والمضطهدة، مما قوى ساعد حركة التحرر الوطني، المناهضة للامبريالية والمناضلة من أجل الاستقلال، وهو الشيء الذي عزز جبهة المناهضين للامبريالية والحروب والنظام الرأسمالي بقيادة دولة البروليتاريا السوفياتية وبتحالف مع حركات التحرر الوطني والحركة العمالية داخل النظام الرأسمالي نفسه. لقد مكنت الحركة الشيوعية من تبوء المواقع القيادية في جميع ساحات النضال ضد الرأسمالية، وبفضلها تنامى التيار المعادي للرأسمالية، وانجذبت أغلبيته للفكر الاشتراكي وللأطروحة اللينينية..ومنذ ذلك الحين، وبالرغم من الانكسارات والإخفاقات التي عرفتها عملية البناء الاشتراكي، مازال شبح الشيوعية يطوف في أرجاء جميع البلدان وفي سماء فضاءات وشوارع الحركة الاحتجاجية المنتفضة ضد العولمة الرأسمالية وضد سياستها الاقتصادية والاجتماعية الكارثية التي تهدد الآن مصير النوع البشري، بدون مبالغة..مازالت فرائص البورجوازية ترتعد أمام بروز هاته النضالات المتعاظمة، ومازالت قوى القمع البورجوازية تلصق تهم الماركسية والشيوعية بجميع المناضلين المبدئيين الذين ارتبطوا بقضايا شعبهم ونضالاتهم من أجل التحرر من الاضطهاد والاستبداد والقمع والاستغلال، ومازالت صور ماركس إنجلز ولينين تخيف أجهزة القمع في جميع البلدان بما فيها تلك العريقة في الديمقراطية..ومازالت طريقنا مفتوحة أمام كل الاحتمالات الثورية ومازالت ثقتنا كبيرة في الطالع المغربية وفي قدرتها على إنجاز رسالتها التاريخية، وفي حتمية الانهيار الرأسمالي، وفي حتمية انتصار الكادحين وانتصار مشروعهم الاشتراكي وديمقراطيتهم المجالسية البديلة. و. السرغيني أكتوبر 2013-10-27
#وديع_السرغيني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تضامنا مع الذين اعتدوا على -الموظفين- المساكين!
-
فتاوي -ماركسية- ضد الشيوعية والإلحاد..
-
في ذكرى الشهيدين الدريدي وبلهواري
-
في ذكرى استشهاد الرفيق شباضة
-
من أجل تمرد شعبي خارج الحسابات الانتخابية الضيقة..
-
مرسي يُعزل من الكرسي.. والبقية تأتي
-
أحداث وقضايا راهنة
-
عودة لنقاش مهامنا داخل الشبيبة التعليمية
-
على هامش الفاتح من ماي بالمدينة العمالية طنجة.
-
دفاعا عن الحريات الديمقراطية.. ومن أجل إطلاق سراح المعتقلين
...
-
نصرة للعمل الوحدوي داخل الصف اليساري التقدمي المكافح
-
دفاعا عن حرمة الجامعة دفاعا عن حرمة الجامعة
-
في سياق التحضير للفاتح من ماي
-
عين العقل.. فيما صدر عن الطلبة المعتقلين من موقف
-
ضد اليسراوية الرفضوية، وضد الانتهازية اليمينية وضد الرجعية ا
...
-
عن قصة طرزان الذي رفض التحالف مع الإخوان
-
في ذكرى 23 مارس
-
في ذكرى صدور -البيان الشيوعي-
-
دعما للحركة ولجميع الحركات الاحتجاجية المناضلة
-
من تداعيات النقاش حول حزب الطبقة العاملة المستقل
المزيد.....
-
المدافن الجماعية في سوريا ودور -حفار القبور-.. آخر التطورات
...
-
أكبر خطر يهدد سوريا بعد سقوط نظام الأسد ووصول الفصائل للحكم.
...
-
كوريا الجنوبية.. الرئيس يون يرفض حضور التحقيق في قضية -الأحك
...
-
الدفاع المدني بغزة: مقتل شخص وإصابة 5 بقصف إسرائيلي على منطق
...
-
فلسطينيون يقاضون بلينكن والخارجية الأمريكية لدعمهم الجيش الإ
...
-
نصائح طبية لعلاج فطريات الأظافر بطرق منزلية بسيطة
-
عاش قبل عصر الديناصورات.. العثور على حفرية لأقدم كائن ثديي ع
...
-
كيف تميز بين الأسباب المختلفة لالتهاب الحلق؟
-
آبل تطور حواسب وهواتف قابلة للطي
-
العلماء الروس يطورون نظاما لمراقبة النفايات الفضائية الدقيقة
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|