أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - شاكر فريد حسن - محمد دكروب .. وداعاً أيها الشيوعي الاخير ..!















المزيد.....

محمد دكروب .. وداعاً أيها الشيوعي الاخير ..!


شاكر فريد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 4257 - 2013 / 10 / 27 - 12:28
المحور: سيرة ذاتية
    



مات محمد دكروب المثقف الماركسي الثوري العضوي الاستثنائي ، والمفكر التقدمي الطليعي المتنور البارز ، والناقد الرصين الفذ ، والمناضل الشيوعي العريق والمضيء ، حامل راية وفكر وأخلاق الطبقة العاملة الكادحة ، ومؤرخ الحركة الشيوعية اللبنانية العربية ، الذي اقترن اسمه بكتابه الموسوم "جذور السنديانة الحمراء" . مات الإنسان العصامي النبيل عاشق الحياة الى حد الثمالة ، الذي بدأ حياته سمكرياً ثم أصبح بفضل قراءاته ومطالعاته ونهله من ينابيع المعرفة والثقافة والفكر الانساني التقدمي نجماً وكوكباً ،ومن أبرز نقاد الادب ومؤسسي النقد الايديولوجي في عالمنا العربي ، ورئيساً لتحرير مجلة "الطريق" ، أشهر واعرق المجلات الفكرية اليسارية العربية ، التي اعاد اصدارها مجدداً بعد عقد من توقفها .
ومن المفارقات ان يموت محمد دكروب في خضم احتفالات الشيوعيين واصدقائهم بالذكرى الـ 89 لتأسيس الحزب الشيوعي اللبناني ، الذي كان مرآة له . وبموته يفقد لبنان والوطن العربي والحركة الماركسية والشيوعية اللبنانية والعربية علماً ساطعاً من أعلام النضال ورواد الثقافة التنويرية العقلانية والفكر العمالي والطبقي والتقدمي والصحافة الثورية اليسارية ، واحد أنبل المثقفين الماركسيين الايديولوجيين العرب ، الذي عاش ومات فقير الحال ، لا يملك شيئاً سوى ثروة كتاباته ومعتقداته وفكره واحلامه ، قابضاً على جمرة الأفكار التي آمن بها ، وانحاز اليها ، وذاد عنها ، وكرس عمره وحياته وطاقاته وحبر قلمه دفاعاً عن قيم الحرية والديمقراطية والعدل الاجتماعي والتقدم ، وعن اسمى قضية انسانية في الوجود ، قضية الطبقة العاملة المسحوقة والمناضلة لأجل التحرر والخلاص من اغلالها واستغلالها واضطهادها الطبقي .
محمد دكروب المثال ، هو من أبرز نقاد الواقعية الاشتراكية الذين ساهموا في تأسيس وترسيخ دعائم حركة النقد الماركسي الجمالي الإبداعي في لبنان والعالم العربي . ولد وترعرع في مدينة صور اللبنانية وتعلم في مدارسها لكنه ترك مقاعد الدراسة بسبب ظروف الحياة القاسية وانضم الى جمهور وصفوف العمال حيث اشتغل بائعاً للحمص والفول ثم اصبح سمكرياً ، وفي هذه الاثناء تعرف على الكاتب والمناضل الشيوعي الراحل الدكتور حسين مروة بالمراسلة ، وذلك عن طريق زميله كريم مروة ، وعن أول لقاء بينهما يقول دكروب : "في ذلك اليوم من ذلك العام 1949 كنت في الدكان الصغير العتيق بين انواع التنك والعلب وبوابير الكاز اصلح ابريقاً تنكياً معطوباً ، اسد خزوقه بالقصدير وادندن بنغم شائع ، واذا برجل أمامي مباشرة ، نحيل الجسم ، نحيل الوجه، شفتاه بارزتان ، يبتسم بود أليف ويقول : مرحباً محمد ، أنا حسين مروة .
ووقفت مرتبكاً ، يداي مصبوغتان ببقع الكاز والشحتار والصدأ وآثار الشنادر ، مددت يدي اليه ، ظلت يدانا معاً ، منذ ذلك اليوم ، وحتى يومنا هذا والى نهاية العمر ".
بعد ذلك عمل محمد دكروب عند تاجر ورق في بيروت ، وفي هذه المرحلة مدّه حسين مروة بالعديد من الكتب والأدبيات الماركسية ، فنهل من مواردها الثقافة الانسانية الجمالية التقدمية الثورية الملتزمة ، وأخذ يسمع من حسين الأحاديث عن الحزب ، وهكذا عرف طريقه للحزب الشيوعي اللبناني . ثم عمل في مجلة "الثقافة الوطنية " التي استقطبت كوكبة مشرقة من الكتاب والشعراء والصحفيين التقدميين ، وكانت منبراً للفكر الانساني التقدمي المعادي للاستعمار والرجعية ، وشنت المعارك الادبية والفكرية والحضارية ضد الثقافة البرجوازية الرجعية الشوفينية المعادية لكل ما هو انساني وجميل .
بدأ دكروب حياته الادبية بكتابة المقطوعات الادبية والقصص القصيرة ، التي صور فيها واقع قريته الوادعة وهموم الناس البسطاء الحياتية وعذابات المسحوقين الفقراء في كوكبنا . ونشر أول عمل فني له في مجلة "الطريق" اللبنانية الناطقة بلسان الحزب الشيوعي وجميع الوطنيين والتقدميين ،التي ترأس تحريرها فيما بعد ، وذلك تحت عنوان "خمسة قروش" . وفي شبابه عام 1954 اصدر مجموعته القصصية "الشارع الطويل" ، وفي العام 1980 صدر له كتاب "الأدب الجديد والثورة" ، وهو عبارة عن مجموعة من المقالات والدراسات والمناقشات والكتابات النقدية ، التي جاءت نتاج معايشات يومية ، ومعارك فكرية ، وسجالات مرتبطة بصراعات اجتماعية وسياسية عامة ، تحمل جوانب من تاريخ الصراع الايديولوجي في الحركة الثقافية والادبية التي عاشتها الأوساط الفكرية العربية خلال الستينات والسبعينات بشكل خاص ، كان قد نشرها في مجلة "الطريق" ، ويستقرئ فيها بعض النصوص حول الأدب والفن والنقد ، ويستضيء بعلم الجمال الماركسي في تحليل ونقد الاعمال الفنية ، ومناقشة قضايا الإبداع الانساني .
وعن الحافز لجمع هذه الكتابات واصدارها في كتاب يقول محمد دكروب : " ان الحافز الخاص هو الرغبة بالتحرر من هذه المرحلة للدخول في محاولات نقدية جديدة ، فلا بد من القول أيضاً ، ان من بين الحوافز العامة التي دفعت الى اختيار هذه الكتابات بالذات التي يعود بعضها الى اواخر السبعينات ، وبعضها الأقل الى نهاية السبعينات وجمعها في كتاب – هو : وضع هذا الجانب من جوانب تجربة التيار النقدي ، الذي ينتمي كتابه الى الفكر الماركسي التقدمي ، أمام عدد من النقاد الشباب العرب ، المنتمين بشكل أو بآخر الى التيار نفسه والذين يقعون بتسرعهم وبنزوعهم "اليساري" في ما سبق ان وقعت به جوانب من الحركة النقدية التقدمية خلال الخمسينات (التصنيفات السياسية والطبقية الحاسمة والقاطعة للاعمال الابداعية وللمبدعين والاكتفاء احياناً برؤية المضمون السياسي للعمل الفني بما يحجب طبيعة الفن كفن بالدرجة الأولى) في حين ان الفن الحالي في الدراسات النقدية الموضوعية والمترجمة وتنوع طرائق البحث وتوفر الاعمال المترجمة الى العربية من كتابات كلاسيكيي الماركسية .. بما فيها الكتابات حول الادب والفن ، كل هذا يتيح لهؤلاء النقاد من الشباب (كما اتاح لغيرهم من النقاد الجدد) ليس فقط تجاوز فترة الخمسينات ، بمنجزاتها وأخطائها ، بل واجراء دراسات منهجية لهذه التجربة النقدية ونقدها والارتقاء بالنقد الادبي الماركسي ، من قلب الماركسية نفسها ، الى مستويات جديدة حتى لا يعيد بعض الكتاب التقدميين في الثمانينات الأفكار نفسها والتصنيفات نفسها والأحكام القاطعة نفسها التي تعتبر من الأخطاء الطفولية للحركة النقدية التقدمية خلال الخمسينات ".
ترك محمد دكروب وراءه عدداً من المؤلفات والمنجزات والأعمال النقدية والبحثية والتاريخية اهمها : " شخصيات وأدوار في الثقافة العربية الحديثة ، وجوه لا تموت في الثقافة العربية الحديثة ، على هامش سيرة طه حسين " بالاضافة الى كتابه الشهير "جذور السنديانة الحمراء " الذي ضمنه تورخة للحركة الماركسية في بناء ونشوء الحزب الشيوعي اللبناني ، الذي كان احد اعضائه الاوفياء لمبادئه وطريقه وقناعاته .
محمد دكروب الناقد والمثقف الاستثنائي بامتياز في حياته وفكره وعطائه ، رحل بصمت وهدوء وبلا صخب ، وهو كغيره من عمالقة الفكر وأصحاب المبدأ والاستقامة الفكرية عانى الفقر والفاقة ، وضحى بروحه وحياته من اجل الناس والوطن والمجتمع والمستقبل الأفضل لكل الكادحين والمقهورين .
فوداعاً ، وطوبى لك أيها الشيوعي الأخير، والسنديانة الحمراء الباقية الراسخة ، وعهداً أن نبقى اوفياء لفكر ودرب "الطريق" ، وستظل حاضراً بقوة بيننا ، وفي ثقافتنا الابداعية التنويرية الحداثوية وفكرنا العربي المعاصر .



#شاكر_فريد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على هامش عملية الوراق الارهابية ..!
- شفيق كبها .. الغياب القاسي !
- اصدار عدد تشرين أول من مجلة (الإصلاح) الثقافية
- هموم انتخابية ..!
- مصمص يا بلدي !!
- في أزمة مجتمعنا..!
- التحرش الجنسي آفة اجتماعية خطيرة ، فهل نتخلص منها ؟!
- الحالة السورية وسقوط مثقفي -اليسار- ..!
- الإسلام السياسي ما بين الصعود والأفول ..!
- المساجد للعبادة وليس للسياسة ..!
- ماذا وراء الهجوم على الأزهر وشيخه الدكتور احمد الطيب ..؟!
- إنهم يحرقون الكتب ويغتالون الفكر ..!
- سوريا تصنع تاريخها ..!
- رحيل المقكر والكاتب الفلسطيني د. فوزي الأسمر
- نحو انتخابات السلطات المحلية ..!
- عدد جديد من مجلة -الإصلاح- الثقافية
- صفحة من تاريخ جماهيرنا العربية الفلسطينية / الاضراب الوطني ا ...
- في ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا..!
- في رحيل الدكتور أسامة الباز عميد الدبلوماسية المصرية
- ذكرى مجزرة صندلة


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - شاكر فريد حسن - محمد دكروب .. وداعاً أيها الشيوعي الاخير ..!