مناف الحمد
الحوار المتمدن-العدد: 4256 - 2013 / 10 / 25 - 20:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
انفصال المعارضة السورية عن معاناة الشعب
مناف الحمد
ليس الحديث عن انفصال عميق بين الثورة في الداخل ، وبين الكيانات السياسية التي يدّعي كل منها تمثيل الشعب السوري حديثاً جديداً .
ولكن ما أريد أن أشير إليه هنا أن للانفصال المذكور أسباباً لا تحتمل شحنها بتوصيفات قيمية من أنانية وانتهازية وخيانة إلى آخر قاموس المفردات هذا .
الجذر الأساسي لهذه الظاهرة هو أن مفهوم المواطنة لم يكن خلال عقود طويلة مفهوماً متجذراً في الثقافة السياسية فضلاً عن الثقافة العامة .
ولأن هذا المفهوم ينطوي بالضرورة على علاقة ذات أبعاد متعددة بمفهوم الوطن ومن بينها البعد الوجداني الذي يتحوّل بحضوره من مجرد نوستالجيا إلى شكل أكثر نضجاً وتبلوراً فإن غيابه يجعل هذا البعد مجرد قشرة سطحية لا تقوى على مقاومة السيل الجارف من المتغيرات والظروف والضغوط والمغريات .
غياب مفهوم المواطنة وعدم تناسجه مع الثقافة السياسية والعامة هو الذي حوّل الحديث عن الوطنية وحب الوطن إلى حديث لا يعبر عن مكنونات صاحبه ويثير السخرية لدى متلقيه في كثير من الأحيان ، هذا عدا عن أن هذا الخطاب عن الوطنية وحب الوطن أصبح ملتبساً في كثير من الأحيان بهواجس تأبى إلا أن تظهر سببها تجذّر مفاهيم ما قبل وطنية من طائفية وقبلية وعرقية .
ليس من شكّ في أن مناضلين سوريين عديدين تمرّسوا على تجذيره وجعله جزءاً من حقلهم التداولي ، ومن مكوّنات شعورهم ، ولكنّ التجربة الغنية التي خبرتها سوريا في السنتين المنصرمتين استطاعت أن تفرز عدداً كبيراً منهم خارج هذا السياق وتكشف عوراتهم ، وتثبت أن قابليّة الانفصال عن مأساة الوطن كامنة أصلاً ولم تكن تحتاج إلا إلى محرض .
للثقافة بعدان لا تكتمل إلا بهما هما : المعنى والأهمية .
في حالة التباس المعنى تصبح ثقافة غير قادرة على توجيه صاحبها ، وفي حال ضعف الأهمية تستحيل إلى دافع لا يقوى على ايصال صاحبه إلى عتبة التنبه والحركة .
التباس مفهوم المواطنة وضعف أهميته على مدى عقود هو ما يفسّر إلى حدّ كبير ظواهر الاتجار بالثورة ، وعدم الاكتراث بمعاناة الناس من قبل من يدّعون تمثيلهم .
#مناف_الحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟