|
المسألة التعليمية / المدرسة العمومية... الواقع... والآفاق...
محمد الحنفي
الحوار المتمدن-العدد: 4255 - 2013 / 10 / 24 - 06:06
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
تقديم: إننا نولي أهمية خاصة للتعليم في المغرب، وللمدرسة العمومية المغربية، وكنا دائما نطالب، وباستمرار، ومنذ الاستقلال السياسي للمغرب، بدمقرطة التعليم، وشعبيته، وبصيرورته في خدمة مصالح الشعب المغربي: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، وان يرتبط بالتنمية في شموليتها، وأن يصير مصدرا لتربية القدرات، والمهارات، والكفايات. إلا أن الاختيارات اللا ديمقراطية، واللا شعبية، المتبعة، بالخصوص، في مجال التعليم، والتصور اللا ديمقراطي، واللا شعبي، للمدرسة العمومية، التي لم ترتبط في تاريخها بمحيطها الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، لم يعرف عنها أنها تفاعلت معه، وأنها تعتبر بمثابة جزر مفصولة عن المحيط الذي تتواجد فيه. ومما يؤكد ذلك، طبيعة البرامج الدراسة المتبعة على المستوى العام، وعلى مستوى الشعب، والتخصصات المختلفة، والتي تفرض من فوق، ولا رأي للمعنيين المباشرين فيها، لا من قريب، ولا من بعيد، وخاصة هيأة التدريس، وهيأة المراقبة التربوية، وجمعيات الآباء، والأولياء، على مستوى وضع الأسس التي تعتمد في وضع البرامج الدراسية المختلفة على الأقل... كإجابة على السؤال: أي تعليم؟ وأية مدرسة عمومية نريد؟ ولأية مرحلة؟ ولأي مستقبل؟ إننا عندما نهتم بالتعليم، لا نهتم به من باب أنه يستحق الاهتمام، بل نهتم به، من منطلق أنه المجال الذي يتحكم في بناء شخصية الإنسان المغربي: المعرفية، والعلمية، والفلسفية، والوطنية، والإنسانية، الذي ينتظر منه أن يساهم، وبفعالية، في بناء مغرب المستقبل، مغرب الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، التي بدونها لا تقوم للشعب المغربي قائمة، ولا يستطيع أن ينهض اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا. وعندما نهتم بالمدرسة العمومية، فلأنها هي المصدر الذي يتخرج منه المسؤولون المغاربة، الفاعلون في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ويبنون مغرب المستقبل، مغرب الإنسان الديمقراطي الشعبي، الذي يخدم الشعب المغربي، ويسعى إلى تقدمه، وتطوره، حتى يصير جنبا إلى جنب مع الشعوب المتقدمة، والمتطورة، والتي تقودها أنظمة متقدمة، ومتطورة، والتي تتبارى في خدمة شعوبها، وفي كيفية إسعاد هذه الشعوب. غير أن الاختيارات اللا ديمقراطية، واللا شعبية، المتبعة من قبل الطبقة الحاكمة، ومنذ الاستقلال السياسي للمغرب، تأبى إلا أن تجعل من التعليم، ومن المدرسة العمومية في المغرب، مجرد وسيلة لإعادة إنتاج نفس الهياكل الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، خدمة للطبقة الحاكمة، في ارتباطها بصندوق النقد الدولي، وبالبنك الدولي، وبباقي المؤسسات المالية الدولية، وبالشركات العابرة للقارات، وبالرأسمالية العالمية، التي تمتص، عن طريق مؤسساتها المالية الدولية، دماء الشعب المغربي، عن طريق خدمة الدين الخارجي، وعن طريق الشركات العابرة للقارات، التي أصبحت متحكمة في كل المجالات الحياتية تقريبا. التعليم المغربي مجرد حقل للتجارب: وكما تعتبر الحكومات المتعاقبة على المغرب، أن مجالات الحياة المختلفة، هي مجالات لإجراء مختلف التجارب، التي لا تخدم، في عمقها، إلا مصالح الطبقة الحاكمة، ومصالح النظام المخزني / الرأسمالي / التبعي، فإن مجال التعليم، والمدرسة العمومية، ليس إلا مجالا لإجراء تجارب مختلفة، وصولا إلى تحقيق خدمة المصالح الرأسمالية التبعية، ومصالح الرأسمالية العالمية. والأفكار التي يتم اعتمادها في كل التجارب، هي أفكار مستوردة، ومتجاوزة من قبل الأنظمة الرأسمالية العالمية، كما هو الشأن بالنسبة للميثاق الوطني للتربية، والتكوين، والذي وقف وراء تدهور مستوى التعليم في المغرب، وعمل على إفراغ المدرسة العمومية من محتواها، ودفع بالحكومة المغربية إلى تقديم الدعم، اللا مشروط، للمدرسة الخصوصية، ووقف وراء استفحال أمر الدروس الخصوصية، ليضرب بذلك مبدأ تكافؤ الفرص، الذي يعتبر مسألة أساسية بالنسبة للشعب المغربي. ونحن نرى أن تحرير التعليم المغربي، من اعتباره مجرد حقل للتجارب الفاشلة، والمتجاوزة، في مختلف البلدان الرأسمالية المتقدمة، والمتطورة، التي حررت تعليمها من كل القيود التي تعرقل تطوره، وتقدمه، وربط المدرسة العمومية بالمحيط، وبالتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، مما يجعلها تقف وراء تقدم تلك البلدان، وتطورها، أصبح ضرورة استراتيجية، والتي بدونها لا يمكن النهوض بالتعليم، وبالمدرسة العمومية المغربية. التعليم في خدمة مصالح الطبقة الحاكمة، وباقي المستغلين: والذي يتتبع ما يجري في التعليم، وفي المدرسة العمومية المغربية، يرى أن التعليم في المدرسة العمومية، لا يخدم مصالح الشعب المغربي، بل يصير في خدمة مصالح الطبقة الحاكمة، وباقي المستغلين، على مستوى المنطلقات التي لا تكون إلا غيبية / دينية / خرافية / أسطورية، حتى لا يرتبط أبناء الشعب المغربي بواقعهم الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، ومن أجل أن لا يمتلكوا الوعي به على مستوى البرامج الدراسية، المبنية على أساس المنطلقات المذكورة، والتي لا تراعي إلا الجانب الكمي، دون مراعاة للنوع المطلوب، وعلى مستوى إعداد الأطر التي صار لها نصيب من المسؤولية، في تدهور التعليم، والمدرسة العمومية في بلادنا، وعلى مستوى الإدارة التربوية، التي لا تكون محكومة إلا بالهاجس الأمني، مع تعمد تغييب الجانب التربوي، في التعامل مع الأجيال المتعاقبة، التي لا ترى في الإدارة التربوية، إلا الجانب القمعي، كما لا ترى في أساتذة التعليم، إلا كونهم يراهنون على إعطاء الدروس الخصوصية، بدل الإخلاص في المهام التربوية / التعليمية / التعلمية، وعلى مستوى جهاز المراقبة التربوية، الذي لا زال لم يع بعد أهميته على مستوى التأطير، وعلى مستوى التكوين المستمر للمدرسين، في مختلف المستويات التعليمية، مما يستفيد منه التلاميذ على مستوى تكريس الأداء التربوي / التعليمي / التعلمي الجيد، وعلى مستوى التقويم التربوي، الذي لم يتحرر بعد من أساليب التقويم العتيقة، التي لا ترقى أبدا إلى مستوى ما صار عليه التقويم في البلدان المتقدمة، والمتطورة. ونحن لا يستغرب، إن صارت العملية التربوية / التعليمية / التعلمية، في المدرسة العمومية، لا تقوم إلا بإعادة إنتاج نفس الهياكل الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية القائمة في المجتمع المغربي، لتصير بذلك في خدمة مصالح الطبقة الحاكمة: اللا ديمقراطية، واللا شعبية، في علاقتها بالمؤسسات المالية الدولية، وبالرأسمالية العالمية على سبيل التبعية. المدرسة العمومية مجرد سجن مرحلي: ونظرا لصيرورة التعليم في خدمة مصالح الطبقة الحاكمة، وباقي المستغلين، فإننا نرى أن المدرسة العمومية، لم تعد تشكل إلا سجنا مرحليا، بالنسبة لغالبية الأجيال المتعاقبة عليها، من أبناء الشعب المغربي، الذين تلفظهم المدرسة العمومية: قبل التخرج، وبعده، ليكون مصيرهم العطالة، ومواجهة التشريد المستمر، والمستقبل المظلم، نظرا لكون التعليم في المدرسة العمومية، يبقى مفصولا عن الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي القائم في محيطها، ونظرا لعدم ربط التعليم بالتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، حتى يصير الخريجون فاعلين في المحيط، ومستوعبين في إطار التنمية المتعددة الأوجه، على المستوى الوطني، فإن المدرسة العمومية لم تعد قادرة على أداء دورها، كما كانت، ومنذ الاستقلال السياسي للمغرب، لصالح الشعب المغربي، بل إن خدمتها لمصالح الطبقة الحاكمة، وباقي المستغلين، أصبح أمرا مشوبا بالشك، نظرا لاستفحال أمر المدرسة الخصوصية، التي أصبحت تحظى بالأولوية القصوى، من الروض، إلى التعليم الجامعي، لتصبح المدرسة العمومية على هامش اهتمامات الطبقة الحاكمة، مما يحولها، فعلا، إلى مجرد سجن مؤقت، لأبناء الشعب المغربي، إلى حين مغادرتها، إن عاجلا، أم آجلا، وبمؤهلات غير مطلوبة في سوق العمل. واعتبار المدرسة العمومية مجرد سجن مرحلي، لأجيال التلاميذ، والطلبة المغاربة، يجب أن يحظى بالأهمية القصوى، من قبل المسؤولين عن التعليم، من أجل إنقاذ المدرسة العمومية من الانهيار الفائق السرعة، كما هو حاصل الآن، ومن أجل إعادة الاعتبار إلى الدور الذي تقوم به، لصالح الأجيال المتعاقبة عليها، عن طريق انفتاحها على محيطها الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، وعن طريق ربطها بالتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية. وهو ما يفرض الحرص على الإعداد الجيد للأطر الكفأة، وبالقدر الكافي، وانطلاقا من الحاجيات الملحة للشعب المغربي، التي يقتضيها ربط المدرسة العمومية بمحيطها، حتى تكون أكثر تفاعلا معه، وربطها بالتنمية المستدامة: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، وإنضاج الشروط الجيدة لأداء المدرسة العمومية، بتلميذاتها وتلاميذها، وطلبتها، وأطرها، وإدارتها التربوية، حتى تصير متفاعلة مع محيطها، وفاعلة فيه، ومساهمة في التنمية المستدامة، حتى تتحول إلى مصدر لتطور وتطوير الشعب المغربي، الذي يصير بذلك فاعلا، ومتفاعلا مع محيطه الإقليمي، والدولي، لتتجاوز بذلك المدرسة العمومية، اعتبارها مجرد سجن مرحلي، لأجيال التلميذات، والتلاميذ، المتعاقبة عليها. الإدارة التربوية وحضور الهاجس الأمني: ومن المغالطات التي ارتبطت بمعاناة المدرسة العمومية، حضور الهاجس الأمني بكثافة، في ذهنية الإدارة التربوية، تجاه التلميذات، والتلاميذ، وتجاه الآباء، والأولياء، وتجاه المحيط. وقد كان، ولا زال، المفروض في الإدارة التربوية، أنها تشرف على تنظيم العلاقة بين التلميذات، والتلاميذ، والآباء من جهة، وبين هيأة التدريس التربوية، من جهة أخرى، وربط العملية التنظيمية كلها، بمحيط المدرسة العمومية، مع الحرص على إنضاج الشروط الموضوعية، للأداء الجيد، للمدرسة العمومية، من خلال تفاعلها مع المحيط الذي تتواجد فيه، وفي إطار الربط الجدلي بين العملية التربوية / التعليمية / التعلمية، وبين العملية التنموية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية. وإدارة المؤسسة العمومية التربوية، التي تخلت عن أداء رسالتها التربوية، لصالح الاهتمام بالجانب الأمني، حول الإدارة التربوية للمدرسة العمومية، إلى مجرد جهاز أمني / قمعي، كامتداد للأجهزة القمعية القائمة في المجتمع، والتي لا تهتم إلا بالجانب الأمني، في المجتمع المغربي. والذي نعرفه: أن العاملين في الإدارة التربوية، هم نساء، ورجال التربية، والتعليم، الذين يساهمون، وبشكل كبير، وفعال، في بناء شخصية التلميذات، والتلاميذ المعرفية، والعلمية، والفلسفية، والفكرية، والإنسانية، حتى تصير تلك الشخصية فاعلة، ومتفاعلة مع الواقع، في تجلياته الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية. إلا أن تخلي الإدارة التربوية عن أداء رسالتها التربوية، أصبح يشكل عائقا كبيرا، أمم إنجاح العملية التربوية / التعليمية / التعلمية، وأمام قيام تواصل بناء، وفعال بين الهيأة التربوية التعليمية، وبين التلاميذ، ومع الآباء، ومع مختلف مكونات محيط المدرسة العمومية، ويحول دون ربط المدرسة العمومية بمحيطها، الذي تبقى مفصولة عنه، لا تتأثر به، ولا تؤثر فيه، وتفقد القدرة على أن تصير مركز إشعاع معرفي / علمي / فكري / تربوي، ينتقل بالمجتمع من المستوى المتخلف، إلى المستوى المتطور، والمتقدم باستمرار. ونحن نرى أن أساليب الإدارة التربوية القائمة، في معظم المؤسسات التعليمية، لا تكون محكومة إلا بالهاجس الأمني، مما يجعل أداءها التربوي غير وارد، وأن ذلك الأداء، عندما يتم، يساهم بشكل كبير، وفعال، في إتمام العملية التربوية / التعليمية / التعلمية، خاصة وأن مختلف أجهزة المدرسة العمومية، مكملة لبعضها البعض، وليست مفصولة على مستوى الرؤيا، والتصور التربوي، وعلى مستوى الأهداف، والغايات. تدهور التعليم والمدرسة العمومية مرتبط بالاختيارات القائمة: إننا عندما نرتبط بالتعليم، وبالمدرسة العمومية، في بلادنا، نرتبط بواقع أزمة حادة، وتدهور لا يتوقف أبدا. فإلى ماذا ترجع هذه الأزمة، وهذا التدهور المتسارع إلى مالا نهاية؟ وما هي السمات التي تطبع هذه الأزمة وهذا التدهور؟ إننا ندرك، جيدا، أن الاختيارات المتبعة من قبل الطبقة الحاكمة، هي اختيارات رأسمالية تبعية، لا ديمقراطية، ولا شعبية، ولا تخدم إلى مصالح الطبقة الحاكمة، ومن يدور في فككها، وتلحق الكثير من الأضرار بكادحي الشعب المغربي. ومن نتائج هذه الاختيارات المتبعة في بلادنا، التدهور المتسارع للتعليم، إلى درجة الحكم بإفراغ المدرسة العمومية من محتواها الوطني / الديمقراطي / المعرفي، والعلمي، والفلسفي، وانخراطها المتسارع في إعادة إنتاج نفس الهياكل الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية القائمة في بلادنا، وبشكل رديء، ومتخلف. وللنهوض بالتعليم في المدرسة العمومية، لا بد من التخلي عن الاختيارات اللا ديمقراطية، واللا شعبية، والتي تغرق الشعب المغربي في المزيد من المآسي الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في مقابل تقديم المزيد من المكاسب المادية، والمعنوية للطبقة الحاكمة، المتكونة من التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف. وهذا التعليم، وهذه المدرسة العمومية، اللذين لا يعرفان إلا تدهورا متسارعا، في اتجاه إعلان إفلاسهما، لتتحول مدارسنا العمومية إلى مدارس خاصة، لا تستقبل إلا أبناء الطبقة الحاكمة، وباقي المستغلين، وسائر المستفيدين من الاستغلال، كادحي الشعب المغربي، الذين تزداد أوضاعهم تدهورا، في اتجاه البؤس، والشقاء المطبقين. وأهم السمات التي يتميز بها التعليم، والمدرسة العمومية في بلادنا، تتبلور في: 1) طبيعة البرامج الدراسية: اللا ديمقراطية، واللا شعبية، والتي لم يساهم في صياغتها المعنيون المباشرون بالعملية التربوية / التعليمية / التعلمية، وخاصة هيأة التدريس، وهيأة المراقبة لتربوية، وهيأة الإدارة التربوية، وهيآت جمعيات الآباء، والأولياء، والمؤسسات المختلفة، التي قد تكون مساهمتها في وضع البرامج الدراسية، لصالح ربط المدرسة العمومية بالمحيط، وربط العملية التربوية / التعليمية / التعلمية بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واعتبار ن هذه البرامج التعليمية، لا يمكن أن تقف إلا وراء هذه الأزمات المتوالية، التي تعرفها المدرسة العمومية، ويعرفها التعليم في بلادنا. 2) غلبة اعتماد الفكر الغيبي، والديني، والأسطوري، والخرافي، في إعداد البرامج الدراسية، وخاصة إذا اعتمدت هذه الأشكال من الفكر، كمنطلقات، في عملية إعداد البرامج الدراسية المذكورة. وهو ما يجعلها لا تعتمد إعمال العقل العلمي، والفكري، والفلسفي، المنطلق من الواقع المادي، حتى في البرامج الدراسية العلمية، التي تحيلنا إلى الواقع، وبطريقة مباشرة. واعتماد هذه الأشكال من الفكر، تحيلنا إلى اعتماد المنهج الغيبي / الديني / الأسطوري / الخرافي، وهو منهج نقيض للمنهج العلمي. واعتماد هذه المناهج اللا علمية، هو الذي يدخلنا مباشرة في الأزمة التعليمية، وفي الأزمات التي تعرفها المدرسة العمومية، وقد كان من المفروض أن يدرك المسؤولون: أن المناهج المعتمدة في إعداد البرامج الدراسية، لا يمكن أن تنتج لنا إلا المزيد من تدهور التعليم في المدرسة العمومية. 3) تعدد أنماط التعليم في لمغرب، وتعدد البرامج التعليمية، وتعدد المناهج المعتمدة، يؤدي إلى تشويه شخصية الإنسان المغربي، الممزق بين نمط التعليم العصري، ببرامجه المعروفة، ونمط التعليم العتيق / الأصيل، ببرامجه المعروفة أيضا، وأنماط تعليم البعثات الدبلوماسية، التي تدرس لأبناء المغاربة برامج دراسية لا علاقة لها بالمغرب، وأنماط التعليم الخصوصي، التي تعتمد برامج متعددة المصادر. وهو ما يؤدي، بالضرورة، إلى تعدد شخصيات الإنسان المغربي المتمدرس، إلى درجة التناقض أحيانا. وهذا الاختلاف هو الذي يؤدي إلى القول: بأن أنماط التعليم في بلادنا: لا وطنية، بالإضافة إلى اعتبارها لا ديمقرطية، ولا شعبية. 4) شيوع الدروس الخصوصية، في كل المؤسسات التعليمية المغربية، والتي يؤديها أساتذة مختلف المواد إلى تلميذاتهم، وتلاميذهم، وفي مختلف البيوت، بمقابل شهري، حتى تصير نقط المراقبة المستمرة مرتفعة، فكأن الأساتذة يتلقون رشاوى من الآباء، من اجل رفع مستوى نقط التلاميذ الذين يتلقون تلك الدروس. ومعلوم، أن إعطاء الدروس الخصوصية في مختلف البيوت، يؤدي، بالضرورة، إلى ضرب مبدأ تكافؤ الفرص، بين التلميذات، والتلاميذ، والذي يأتي على حساب التلميذات، والتلاميذ الذين لا قدرة لآبائهم على أداء قيمة الدروس الخصوصية. وهو ما يجعل مصيرهم مظلما، ما لم يبذلوا مجهودا مضاعفا لاجتياز الامتحانات الموحدة. 5) تقديم الدعم، اللا مشروط، للمدرسة الخصوصية، في مقابل إنهاك المدرسة العمومية. ففي الوقت الذي تتلقى فيه المدرسة الخصوصية مجموعة من الامتيازات، وبقرار من الدولة المغربية، دعما لها، حتى تؤدي دورها لصالح أبناء الطبقة الميسورة، القادرة على أداء واجب المدرسة الخصوصية، الذي ينهك جيوب الطبقات المتوسطة، والتي قد تعجز في يوم من الأيام، عن الأداء، فتضطر إلى نقل أبنائها إلى المدرسة العمومية، التي تعاني من الإهمال التام، وعلى جميع المستويات، ولا تتلقى أي دعم لا من الدولة، ولا من المحيط. والمنفذ الوحيد الذي يساعد على قيام المدرسة العمومية بدورها، هو مدخول جمعيات الآباء، والأولياء، من اشتراكات آباء التلاميذ، وأوليائهم في الجمعيات المذكورة. ومعلوم أن تقديم الدعم، اللا مشروط، بالإضافة إلى امتيازات أخرى، يضرب كذلك مبدأ تكافؤ الفرص في الصميم. 6) اشتغال أساتذة العليم العمومي في المدارس الخصوصية، حيث يبذلون مجهودا مضاعفا، لا يرقى إليه ما يقومون به في المدارس العمومية. وهو ما ينعكس سلبا على المستوى التعليمي، لتلميذات، وتلاميذ المدرسة العمومية، والذي يتحمل المسؤولية في ظاهرة اشتغال أساتذة المدارس العمومية، في المدارس الخصوصية، هو الدولة نفسها، ممثلة في وزارة التربية الوطنية، التي تقوم مصالحها، في مختلف الجهات، والأقاليم، بالترخيص لأساتذة المدرسة العمومية، بالعمل في المدرسة الخصوصية، ليأتي ذلك على حساب جودة الأداء التربوي / التعليمي / التعلمي في المدرسة العمومية. 7) غياب الدور التأطيري لنساء ورجال المراقبة التربوية، أو ضعفه، الذين كان يفترض فيهم العمل على تأطير أساتذة المدرسة العمومية، من أجل الوقوف على الإشكاليات المطروحة، والعمل على مقاربة الحلول الممكنة، من أجل تجاوز معيقات العمل التربوي / التعليمي / التعلمي في المدرسة العمومية. ومعلوم ما لهذا الدور من تأثير إيجابي، في الحياة العملية للأساتذة العاملين في المدرسة العمومية، ولتلميذاتها، وتلاميذها. 8) عدم ربط المدرسة العمومية بمحيطها الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، فكأنها مفصولة عنه، ولا علاقة لها به، خاصة وأن هذا الربط أثبت نجاعته، وقدرته على التطور، والتطوير المتبادلين، بين المدرسة العمومية، وبين محيطها وفي إطار التفاعل الإيجابي بينهما. 9) عدم ربط التعليم بالتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية. وهو ما يجعل التنمية في واد، والمدرسة العمومية في واد آخر. مع أن هذا الربط صار ضروريا، وتقتضيه عوامل التطور الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والعمراني، الذي تعرفه مختلف المجالات، ومن أجل تقصير المسافة بين المدرسة العمومية، والانخراط في الحياة العملية التنموية المستدامة. 10) وقوف المدرسة العمومية، وراء إعادة إنتاج نفس الهياكل الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية القائمة في الواقع المغربي، والمتمثلة في التحالف القائم بين البورجوازية، والإقطاع المتخلف، الذي تتشكل منه الطبقة الحاكمة، وهياكل الدولة المخزنية، القابضة بيد من حديد على الشعب المغربي، وطبقة وسطى مهددة بالتبلتر، في أي وقت، وطبقة عاملة تعاني من الاستغلال الهمجي، وضعف الأجور، وغير ذلك من الفئات الاجتماعية الكادحة. وهذا الدور الذي تقوم به المدرسة العمومية، يأتي في إطار تفعيل الاختيارات الرأسمالية التبعية، اللا ديمقراطية، واللا شعبية، وحتى تؤدي دورها في عملية تجديد النخب، وتطور المجتمع المغربي، يصير من الضروري اعتماد اختيارات ديمقراطية شعبية، من أجل أن تصير في خدمة المصالح الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لجميع فئات الشعب المغربي، وفي مقدمتهم العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. 11) اعتبار المدرسة العمومية بدون أفق واضح، إذا استثنينا إعادة إنتاج نفس الهياكل الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. فعلى مستوى البرامج المتبعة، التي أثبتت فشلها حتى الآن، نظرا لغلبة النظري على العملي فيها، ولعدم قدرتها على إنتاج الربط الجدلي بين العملية التربوية / التعليمية التعلمية وبين محيط المدرسة العمومية وعدم قدرتها كذلك على الربط الجدلي بين العملية التربوية / التعليمية التعلمية / وبين التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية. وهو ما يجعل البرامج التعليمية المعتمدة حتى الآن، بدون أفق. وعلى مستوى الإدارة التربوية، التي أشرنا سابقا إلى كونها، في غالب الأحيان، لا تكون محكومة إلا بالهاجس الأمني، نجد أن أفقها محكوم بهذا الهاجس، الذي يجعلها تراوح مكانها، إلى درجة نسيانها: بأن من طبيعة الإدارة التربوية، أن تكون تربوية. والتربوية عندما تحضر، تنفتح الآفاق. وقلما تحضر التربوية، في ممارسة الإدارة التربوية في المدرسة العمومية. وعلى مستوى الأداء التربوي / التعليمي / التعلمي، نجد أن أفقه كذلك محدود في الزمان، والمكان، نظرا لطبيعة البرامج التربوية، ولطبيعة المنطلقات الغيبية، والأسطورية، والخرافية، إلى جانب المنطلقات الدينية، التي تغيب جميعها الإنسان كعقل، وكممارسة إنسانية، تقتضي التعامل الإنساني / التربوي الصرف، الذي يرقى بالإنسان إلى مالا نهاية. والممارس للتربية، والتعليم، في ميدان التربية، والتعليم، إذا لم يستحضر الجانب الإنساني، في العلاقة مع المستهدف بالتربية، والتعليم، فإنه يبقى بدون أفق. وإذا استحضر هذا الجانب المذكور، فإن أفقه يصير لا محدودا، لا في الزمان، ولا في المكان، ويعتبر مبدعا في ممارسته التربوية / التعليمية / التعلمية، من خلال علاقته التربوية / الإنسانية، بالمستهدفات، والمستهدفين بالعملية المذكورة. وعلى مستوى التقويم، نجد أن الأساليب المتبعة حتى الآن، في عملية التقويم، تبقى محدودة الأفق، ولا تقوم إلا جانبا بسيطا من المستهدفات، والمستهدفين، بالعملية التربوية، التي تمتد على مدار السنة، وفي لحظات محددة في الزمان، والمكان، يمكن لأي مستهدف أن يتحايل، حتى يحقق المراد، مع أن العملية التربوية، في جملتها، تستهدف كل جوانب، وأبعاد المستهدفات، والمستهدفين بالعملية التربوية، فإن عملية التقويم، يجب أن تستهدف، كذلك، كل تلك الجوانب، وتلك الأبعاد. فالإنسان في تفاعله مع العملية التربوية، يكتسب القدرات، والمهارات، والكفايات. والتقويم، يجب أن يستهدف القدرات، والمهارات، والكفايات. وإذا كانت العملية التربوية / التعليمية / التعلمية تستهدف البعد النفسي، والبعد الوجداني، والعقلي، فإن التقويم يجب أن يستهدف هذه الأبعاد كلها، حتى يصير التقويم مفتوحا على المستقبل، وغير محدود لا في الزمان، ولا في المكان، بقدر ما تحضر من خلال تتبع المستهدفات، والمستهدفين بالعملية التربوية / التعليمية / التعلمية، من قبل الأساتذة، والإدارة التربوية، والآباء، والأولياء، الذين يجب استحضارهم في عملية التقويم الإجمالي، الذي يبني على قرار تربوي معين. وعلى مستوى تربية القدرات، والمهارات، والكفايات، نجد أن البرامج، هي في الواقع، ونظرا لمنطلقاتها الغيبية، والأسطورية، والخرافية، إلى جانب المنطلقات الدينية، التي يمكن اعتبارها، كذلك، غيبية، لا علاقة لها بالواقع، ولا يمكنها أن تعتمد في التربية على اكتساب القدرات، والمهارات، والكفايات، بقدر ما تحد منها، بل وتحول دون اكتسابها، نظرا لكون المنطلقات غير المدركة، هي عبارة عن مجموعة من المسلمات، التي تستوجب الإيمان بها، كما تستوجب الحرص على عدم تجاوز ذلك الإيمان، ومنذ بداية الاستهداف بالعملية التربوية / التعليمية / التعلمية، إلى مرحلة التخرج من المدرسة العمومية، ومن الجامعة المغربية. وهذه المسلمات، التي تحول دون الإبداع في عملية اكتساب القدرات، والمهارات، والكفايات. وهو ما يقتضي تغيير المنطلقات، وإعادة النظر في البرامج، حتى يصير كل ذلك في خدمة جعل المستهدفات، والمستهدفين، يكتسبون القدرات، والمهارات، والكفايات، وبدون حدود، ليصير أفق التربية على اكتساب القدرات، والمهارات، والكفايات، مفتوحا على المستقبل، الذي يعرف، بذلك، تطورا لا محدودا، في اتجاه إسعاد الإنسان المغربي. منظورنا للمسألة التعليمية والمدرسة العمومية: إننا، وكما جاء في تقديم هذه الأرضية، نهتم بالمسألة التعليمية، وبالمدرسة العمومية بالمغرب، ومنذ فجر الاستقلال السياسي للمغرب، على مستوى التتبع، ورصد ما يحصل فيه من تحولات، لا تمس الجوهر، الذي لا يتجاوز كونه يعمل على إعادة إنتاج نفس الهياكل الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية القائمة. ولذلك، فنحن، وانطلاقا من مسؤوليتنا أمام التاريخ، وأمام الشعب المغربي، فإننا نرى ضرورة: 1) تحويل التعليم في المغرب، من مجرد حقل للتجارب المتعاقبة، والتي لا تنتج إلا المزيد من تدهور المستوى التعليمي في المغرب، وتراجعه إلى الوراء، والتي كان آخرها تجربة: (الميثاق الوطني للتربية والتكوين)، إلى تعليم ديمقراطي شعبي، بأفق واضح المعالم، والأهداف، والغايات، من أجل أن يصير منطلقا للحداثة بمظاهرها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في أفق بناء مغرب الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية. 2) تحويله من تعليم نخبوي / طبقي، لا يخدم إلا مصالح الطبقة الحاكمة، ومن يدور في فلكها، إلى تعليم في خدمة أبناء الشعب المغربي، على أساس المساواة فيما بينهم، وانطلاقا من مبدأ تكافؤ الفرص، في أفق صيرورته تعليما ديمقراطيا شعبيا، وفي سياق تحقيق الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في ظل بناء الدولة الوطنية الديمقراطية، كما نراها. 3) تحويل المدرسة العمومية، من مجرد سجن مرحلي، لأجيال التلميذات، والتلاميذ، المتعاقبة عليه، ومنذ استقلال المغرب السياسي، إلى إطار فاعل، ومتفاعل مع المحيط الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، حتى تعمل على النهوض به نحو الحداثة، والرقي، والتقدم ببعده الإنساني المتطور. 4) إعادة النظر في الأساليب اللا تربوية، المتبعة في العديد من المؤسسات التعليمية، من قبل الإدارة التربوية، تجاه التلميذات، والتلاميذ، وتجاه الآباء، والأولياء، وتجاه هيأة التدريس، وتجاه محيط المدرسة، من أجل أن تصير الإدارة التربوية، في علاقتها بجميع مكونات العملية التربوية / التعليمية / التعلمية، صلة وصل تساعد على إنجاحها، بما يتناسب مع حرص الشعب المغربي، على أن تصير المدرسة العمومية، منتجة لتعليم ديمقراطي شعبي، يساهم، بشكل كبير، في تقدم الشعب المغربي، وتطوره، ومن أجل أن تصير المدرسة العمومية فاعلة، ومتفاعلة مع التلميذات، والتلاميذ، ومع الآباء، والأمهات، والأولياء، ومع الهيأة التربوية، ومع المحيط الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي. 5) النهوض بالتعليم، وبالمدرسة العمومية، عبر: ا ـ إعادة النظر في البرامج الدراسية، بصيرورتها برامج حداثية، متطورة باستمرار، تبعا لتطور الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، استجابة لحاجيات الشعب المغربي المعرفية، وللغاية التربوية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، حتى تصير في خدمة دمقرطة المدرسة العمومية، وشعبيتها. ب ـ الحرص على استبعاد الفكر الغيبي، والأسطوري، والخرافي، من البرامج الدراسية، في مقابل الحرص على عقلنة هذه البرامج، بما يخدم رفع مستوى الأداء التربوي / التعليمي / التعلمي، في أفق تربية القدرات، والمهارات، والكفايات، في صفوف التلميذات، والتلاميذ، باعتبار صيرورتهم متحملين للمسؤوليات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وفي خدمة مصالح الشعب المغربي، على طريق الحداثة، والتطور، والتقدم، وفي أفق التمتع بالحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، وتحقيق الكرامة الإنسانية، وحمايتها. ج ـ توحيد التعليم في المغرب على مستوى البرامج، وعلى مستوى نوعيتها، وجدتها، وتربويتها، في أفق بناء شخصيات التلميذات، والتلاميذ القوية، والقادرة على مواجهة متطلبات الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، وبعقلية حداثية متطورة، ومطورة للواقع، في أبعاده المختلفة، ومحققة لطموحات الشعب المغربي. د ـ تجريم إعطاء الدروس الخصوصية، وكل ما يؤدي إلى ضرب تكافؤ الفرص، على مستوى المدرسة العمومية بالخصوص، وخاصة عندما يقوم العديد من المدرسين، باستدراج تلميذاتهم، وتلاميذهم، لإعطائهم الدروس الخصوصية، بمقابل لا يكمن اعتبره إلا استغلالا للنفوذ، ورشوة يتلقاها بعض المدرسين، مقابل النفخ في نقط المراقبة المستمرة، لصالح التلميذات، والتلاميذ، الذين يتلقون على أيديهم دروسا خصوصية، وعلى حساب أبناء الكادحين، الذين لا قدرة لهم على أداء قيمة الدروس الخصوصية. ه ـ تجريم اشتغال أساتذة التعليم العمومي، في المدارس الخصوصية، مما يستوجب عليهم اعتماد منهجين في التدريس، منهج التربية على اكتساب المهارات، والقدرات، والكفايات، في التعليم الخصوصي، ومنهج التلقين، الذي يتناقض مع التربية على القدرات، والمهارات، والكفايات. وهو ما يعني بالنسبة للعديد من العاملين في المدارس العمومية، المشتغلين في المدارس الخصوصية، ممارسة الازدواجية في الأداء، واتخاذ العمل في المدرسة العمومية مناسبة للاستراحة، والاستعداد لبذل المزيد من الجهود في المدرسة الخصوصية. و ـ إيقاف كل أشكال الدعم المقدمة كامتيازات، لا محدودة، إلى التعليم الخصوصي، الذي أصبح بارعا في ابتزاز جيوب الآباء، والأولياء، والأسر، بدعوى التميز، بالأداء الجيد للعملية التربوية / التعليمية / التعلمية، مع أن العاملين في التعليم الخصوصي، هم أنفسهم العاملون في المدرسة العمومية. وهو ما يجلنا نتساءل: كيف يتأتى لهؤلاء الأساتذة، أن يبدعوا في تفعيل العملية التربوية / التعليمية / التعلمية، في الوقت الذي يقفون فيه وراء إفشال العملية التربوية / التعليمية / التعلمية في المدارس العمومية، التي يعملون فيها؟ وفي مقابل ذلك يتم الاهتمام بالمدرسة العمومية، على مستوى المظهر، وعلى مستوى جودة الأداء التربوي التعليمي / التعلمي. ز ـ حضور الدور التأطيري لجهاز المراقبة التربوية، في المدرسة العمومية، مع ضرورة تقوية هذا الجهاز، على مستوى الكم، وعلى مستوى الكيف، والجودة في الأداء التربوي، لجعل الأساتذة يتجاوزون الكثير من المعيقات التربوية، بالخصوص، في علاقتهم بتلميذاتهم، وتلاميذهم، وفي إطار إنجازهم لأدائهم التربوي / التعليمي / التعلمي، خاصة، وأن الدور التأطيري لجهاز المراقبة التربوية، يدخل في إطار التكوين المستمر، للأساتذة المعنيين بالتدريس. ح ـ ربط المدرسة العمومية، بمحيطها الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، حتى تتفاعل إيجابا، مع ما يجري فيه، في أفق جعله جزءا لا يتجزأ من العملية التربوية / التعليمية / التعلمية، ومن اهتمامات التلميذات، والتلاميذ، والإدارة التربوية، وهيأة التدريس، حتى يتعمق التفاعل معه، مما يساهم في تطوره، وتطويره على المستوى المعرفي، والعلمي، والثقافي، وعلى مستوى تغذيته بالقيم النبيلة، المنبعثة من المدرسة العمومية، ويساهم كذلك في تطور، وتطوير الأداء التربوي / التعليمي / التعلمي. ط ـ ربط التعليم، في المدرسة العمومية، بالتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، من أجل اكتساب المؤهلات العملية الميدانية، إلى جانب المؤهلات المعرفية، والعلمية، والفكرية، والتربوية، وحتى تصير المؤهلات التي تحملها التلميذات، والتلاميذ، مطلوبة في سوق العمل، ومن أجل تجنب الاستمرار في تخريج المزيد من الأفواج، لمواجهة العطالة القاتلة. ي ـ جعل المدرسة العمومية، كمركز للإشعاع المعرفي، والعلمي، والفكري، والتربوي، والثقافي، وسيلة للتجدد، والتطور المستمرين، إلى ما لا نهاية، على مستوى المدرسة العمومية، بكل مكوناتها، وعلى مستوى محيطها المتفاعل معها، وعلى مكونات المحيط الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وعلى مستوى المغرب ككل، بفضل الدور الإيجابي الذي تؤديه المدرسة العمومية، لصالح أبناء الشعب المغربي. ي ا ـ الحرص على وضوح آفاق المدرسة العمومية، على مستوى الأهداف، والغايات، وعلى مستوى البرامج الدراسية، وعلى مستوى الإدارة التربوية، وعلى مستوى الأداء التربوي / التعليمي / التعلمي، وعلى مستوى تربية القدرات، والمهارات، والكفايات، في صفوف تلميذات، وتلاميذ المدرسة العمومية. فعلى مستوى الأهداف، نجد أن كل عامل بالمدرسة العمومية، يحرص على تحقيق الأهداف الخاصة، سواء كانت تنظيمية، أو تربوية، أو معرفية، أو علمية، أو فكرية، وبكامل الوضوح، من أجل الرفع من مستوى تفاعل التلميذات، والتلاميذ، مع مختلف مكونات المدرسة العمومية. وهو ما ينعكس إيجابا على المردودية التربوية / التعليمية / التعلمية. وعلى مستوى الغايات، التي تعمل الإدارة التربوية على تحقيقها، تتمثل، بالخصوص، في اعتبار المدرسة العمومية منارة معرفية، وعلمية، وفكرية، وثقافية، متفاعلة مع الواقع، متأثرة به، ومؤثرة فيه، مما يقود إلى التطور، والتطوير المتبادلين. وعلى مستوى البرامج الدراسية، فإنه يجب إعادة بنائها على أسس علمية دقيقة، وواضحة، حتى تنقل المدرسة العمومي من واقع متخلف، ومتراجع باستمرار، إلى واقع متقدم، ومتطور باستمرار كذلك. وعلى مستوى الإدارة التربوية، فإنها تصير، فعلا، قناة للتواصل مع التلميذات، والتلاميذ، ومع الآباء، والأمهات، والأولياء، ومع المحيط، وفيما بين العاملين في المدرسة العمومية، في أفق أن يتحمل كل واحد مسؤوليته، في إنجاح المهام المشتركة، وفي تحقيق الأهداف المشتركة. وعلى مستوى الأداء التربوي / التعليمي، نجد أنه، بفعل التواصل القائم بين مكونات المدرسة العمومية، يزداد جودة، وتطورا، وتأثيرا في صفوف التلميذات، والتلاميذ، وفي صفوف الهيأة التربوية، وفي مجمل محيط المدرسة العمومية. وعلى مستوى تربية القدرات، والمهارات، والكفايات، نجد أن جودة الأداء التربوي / التعليمي / التعلمي، لا يمكن أن تؤدي إلا إلى اكتساب التربية على القدرات، والمهارات، والكفايات، من أجل أن تصير أفواج التلميذات، والتلاميذ، قدرة على مواجهة متطلبات الحياة. وعلى مستوى التقويم، نجد أن أساليب التقويم التي بقيت متبعة حتى الآن، أثبتت عدم نجاعتها، للا علميتها، ولا تربويتها. ولذلك، صار، من الضروري، إعادة النظر في أساليب التقويم، واعتماد أساليب جديدة، وحديثة، وعلمية، ومتطورة باستمرار، ومواكبة لكل أشكال التطور العلمي، والتكنولوجي الحديث، على ـأساس تجاوز الكثير من حالات الغش، التي يعرفها التقويم التربوي الحالي، في المدرسة العمومية المغربية، دون أن نتحدث عن أساليب التقويم في المدرسة الخصوصية، والتي تخضع لمقاييس أخرى. خلاصة عامة: وما نخلص إليه، بعد تناولنا لفقرات موضوع: (المسألة التعليمية / المدرسة العمومية... الواقع...والآفاق... الذي تناولنا من خلاله اهتمامنا بالمسألة التعليمية، وبالمدرسة العمومية، منذ حصول المغرب على استقلاله السياسي، واعتباره التعليم مجرد حقل للتجارب، منذ ذلك الوقت، وإلى الآن، وأنه، كيفما كان، لا يخدم إلا مصلحة الطبقة الحاكمة، وباقي المستغلين، واعتباره المدرسة العمومية مجرد سجن مرحلي، للأجيال المتعاقبة، وكون الإدارة التربوية محكومة بالهاجس الأمني، على حساب اللجوء إلى المعالجة التربوية، لحل مشاكل التلميذات، والتلاميذ، ووقوفه على أن تدهور التعليم في المدرسة العمومية المغربية، ناتج عن طبيعة البرامج التعليمية، اللا ديمقراطية، واللا شعبية، وغلبة اعتماد الفكر الغيبي / الديني / الأسطوري / الخرافي، في إعداد البرامج المذكورة، وتعدد أنماط التعليم في المغرب، وشيوع الدروس الخصوصية، التي تضرب في الصميم مبدأ تكافؤ الفرص، وغياب، أو ضعف الدور التأطيري للمراقبة التربوية، وعدم ربط المدرسة العمومية، بمحيطها الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، وعدم ربط التعليم بالتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، ووقوف المدرسة العمومية، وراء إعادة إنتاج نفس الهياكل الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية القائمة، واعتباره المدرسة العمومية بدون أفق واضح، على مستوى البرامج الدراسية، والإدارة التربوية، والأداء التربوي التعليمي، والتقويم، وتربية القدرات، والمهارات، والكفايات، لننتقل بعد ذلك إلى تناول رؤيانا للمسالة التعليمية، والمدرسة العمومية، من خلال سعيه إلى تحويل التعليم في المغرب، من مجرد حقل للتجارب، بدون أفق، إلى تعليم ديمقراطي شعبي، ومن تعليم في خدمة الطبقة الحاكمة، ومن يدور في فلكها، إلى تعليم في خدمة أبناء الشعب المغربي، وتحويل المدرسة العمومية من مجرد سجن مرحلي، إلى إطار فاعل، ومتفاعل مع المحيط الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والعمل على إعادة النظر في الأساليب المتبعة، من قبل الإدارة التربوية، في أفق تحولها إلى قناة فاعلة، ومتفاعلة مع التلميذات، والتلاميذ، ومع الهيأة التربوية، ومع المحيط، والنهوض بالتعليم، والمدرسة العمومية، عبر إعادة النظر في البرامج الدراسية، حتى تصير في خدمة دمقرطة المدرسة العمومية، وشعبيتها، والحرص على استبعاد الفكر الغيبي، والأسطوري، والخرافي، من البرامج الدراسية، في مقابل الحرص على عقلنتها، وتوحيد التعليم في المغرب، على مستوى البرامج، ونوعيتها، وتجددها وتربويتها، في أفق بناء شخصية المتعلم، بناء متماسكا، حتى يصير قادرا على مواجهة متطلبات الحياة، وتجريم إعطاء الدروس الخصوصية، لوقوفها وراء ضرب مبدإ تكافؤ الفرص، وتجريم اشتغال أساتذة التعليم في المدرسة العمومية في المدارس الخصوصية، وإيقاف كل أشكال الدعم المقدمة إلى التعليم الخصوصي، والاهتمام بالمدرسة العمومية على مستوى المظهر، وعلى مستوى جودة الأداء التربوي، وضرورة حضور الدور التأطيري لجهاز المراقبة التربوية، داخل المدرسة العمومية، والدور التأطيري للمدرسة العمومية نفسها، للعمل التربوي في المجتمع المغربي، مع تمكينها من الأطر الكفأة، التي تحتاجها على مستوى الكم، وعلى مستوى جودة الأداء، وربط المدرسة العمومية، بمحيطها الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، وربط التعليم بالتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، وجعل المدرسة العمومية، وسيلة للتجدد، والتطور المستمرين، والحرص على وضوح آفاق المدرسة العمومية، على مستوى البرامج الدراسية، والإدارة التربوية، وجودة الأداء التربوي / التعليمي / التعلمي، وتربية القدرات، والمهارات، والكفايات المختلفة، لنكون قد سلطنا الضوء على واقع التعليم، والمدرسة العمومية، وحددنا الآفاق التي يجب أن يكون عليها، حتى يصير تعليما ديمقراطيا شعبيا، وفي خدمة مصالح أبناء الشعب المغربي.
محمد الحنفي
#محمد_الحنفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديمقراطية / الأصولية... أي واقع؟ وأية آفاق؟.....5
-
الديمقراطية / الأصولية... أي واقع؟ وأية آفاق؟.....4
-
الديمقراطية / الأصولية... أي واقع؟ وأية آفاق؟.....3
-
الديمقراطية / الأصولية... أي واقع؟ وأية آفاق؟.....2
-
الديمقراطية / الأصولية... أي واقع؟ وأية آفاق؟.....1
-
العلمانية / الديمقراطية، والمساواة بين الجنسين... أي واقع؟ و
...
-
أليست أدلجة الدين الإسلامي، هي التي تقف وراء العبث بإنسانية
...
-
أليست أدلجة الدين الإسلامي، هي التي تقف وراء العبث بإنسانية
...
-
أليست أدلجة الدين الإسلامي، هي التي تقف وراء العبث بإنسانية
...
-
أخونة حركة 20 فبراير في عز قوتها هي التي وقفت وراء الصراعات
...
-
في آخر يوم لي... في هلسينكي فينلاندا...
-
أخونة حركة 20 فبراير في عز قوتها هي التي وقفت وراء الصراعات
...
-
هل صارت الجرائد (المستقلة)، المغربية، جرائد للإخوان المجرمين
...
-
هل صارت الجرائد (المستقلة)، المغربية، جرائد للإخوان المجرمين
...
-
هل من مهام أساتذة التربية الإسلامية، ومن خلال جمعيتهم، إصدار
...
-
هل من مهام أساتذة التربية الإسلامية، ومن خلال جمعيتهم، إصدار
...
-
من لم يكفر عصيد فهو كافر: من فتاوى أساتذة التربية الإسلامية
...
-
هل يمكن لحكومة تقوم مكوناتها بدور المنفذ والمعارض أن تخدم مص
...
-
بعد مهاجمة الأستاذ عصيد: أليست البرامج الدراسية منتجة لفكر و
...
-
أحزاب الحكومة، وأحزاب المعارضة: هل يوجد فرق بينها؟...!!!
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|