غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 4254 - 2013 / 10 / 23 - 23:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مــات صديـقـي
كلمات مهداة إلى André POIZAT
علمت هذا الصباح الحزين بوفاة صديقي.. أو بالأحرى أقدم أصدقائي الفرنسيين بهذه المدينة الفرنسية التي أعيش فيها منذ خمسين سنة. ورغم اتقاني للغة الفرنسية منذ طفولتي.. صديقي هذا كان دوما مرجعي الأكاديمي بهذه اللغة الجميلة الواسعة والتي تحمل أوسع الكلمات وأنعمها وأطيبها لكل ما يتعلق بالمرأة وعشق امرأة...كان يعيدني دائما إلى شــرايين الكلمة.. وكان لنا عن السياسة الفرنسية وتاريخ المشرق وسوريا أحاديث وتفاسير متضامنة متفقة.. وذكريات... واحترامه لبلد مولدي ســوريا, واطلاعاته ومعلوماته الاجتماعية والسياسية والثقافية عنه.. أعطت لصداقتنا وتبادلنا وما أضاف لثقافتي الفرنسية, ذكريات مقدسة روحيا وفكريا.. ومتانة صداقة لا يمكن لها على الإطلاق.. أن تمحى أو تنسى لا من أحاسيسي ولا من أفكاري.. أو من كل ما أؤمن بــه من عقيدة أو صداقة...
حتى بأيام مرضه الأخيرة.. وضعف ذاكرته.. كان يسألني عن سـوريا.. وما يجري بسوريا.. وخاصة عن آلام سوريا وجراح سوريا.. وكنت لا أروي له سوى قصصا مفرحة قديمة حتى لا أزيد ألما على آلامه وأحاسيسه المتعبة الهشة... ولكن بعض الأحداث المفجعة التي تسربت إليه.. وخاصة تفجير الكنائس.. أثرت جزئيا ــ على ما أعتقد ــ على تطور مرضه.. لأنه كان من المعجبين ثقافيا وعلميا بآثار الكنائس المسيحية السورية وتاريخها.. وما تطبع على الحضارة السورية وتاريخها وثقافاتها الملونة المتعددة...
آه لو عرف ماذا جرى للكنائس والجوامع والجامعات والمدارس.. وماذا جــرى لهذا البلد.....
إليه تتوجه أفكاري الحزينة اليوم.. وكم كنت أود قبل رحيله من عالمنا الخريفي الحزين المتعب.. أن أحكي له نهايات سارة عن بلدي.. وشعب بلدي.. وجراح بلدي التي ما تزال عميقة.. مفتوحة...
يا صديقي.. بثقافتك وطيبك وأحاديثك ومعرفتك بتاريخ سوريا.. كنت سوريا أكثر مني...نعم كنت سوريا أكثر مني...لأنني لم استطع أن أروي لك قبل أن تغادرنا نهايات سعيدة عن هذا البلد... ولست أدري بما تبقى لي من إمكانيات كتابة أو ذكريات.. إن كنت أستطيع أن أروي لأي كان من أحبتي وأصدقائي.. عن هذا البلد وشعبه وأهله الذين أحببناهم أنت وأنا.. أيـة نهاية سعيدة....
من يدري اليوم.. من يدري؟؟؟...
يا صديقي... يا أقدم الأصدقاء.. وداعا..........
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟