أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رحاب ضاهر - سنوات صدام















المزيد.....

سنوات صدام


رحاب ضاهر

الحوار المتمدن-العدد: 1213 - 2005 / 5 / 30 - 14:09
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


صدر عن المؤسسة "العربية للدراسات والنشر " في بيروت كتاب "سنوات صدام " وهو سيرة ذاتية لمترجم صدام حسين الخاص " سامان عبد المجيد" والذي يعمل الان مترجما في قناة " الجزيرة" واعداد الصحافيين " كريستيان شينو" مراسل اذاعة فرنسا الدولية RFI في عمان ومراسل صحيفتي " لوبوان" و" لاتربيون" الصادرتين في جينف و "جورج مالبرونو" الذي عمل مراسلا لحساب " الفيغارو" و" اوست فرانس" وrfi و rtlومن المعلوم انهما كانا قد خطفا في العراق لمدة اشهر ونظمت حملات دولية للافراج عنهما .
لايختلف كتاب " سنوات صدام" عن كثير من الكتب التي كتبت او ستكتب عن صدام حسين من ناحية كونه اللغز الذي لم يوجد له مفتاح الى الان ودائما المؤلف شخص نزيه محايد ليس له علاقة بالسياسية او بحزب البعث او بصدام ولكن بمحض " الصدف" وجد قريب من السلطة ومن " عالم صدام حسين " هذه الصفات ميزة لكل الكتب التي كتبت بعد سقوط بغداد او قبلها .فسامان عبد المجيد الذي عمل لاكثر من خمسة عشر مترجما شخصيا عن الانكليزية والفرنسية لصدام حسين والمسؤول عن المكتب الصحافي للرئاسة وخدم عدي ايضا يقول في كتابه " انا الذي وانا طفل كنت احلم بان اكون طيارا حربيا ، صرت حين كبرت ، مترجما خاصا لصدام ، ومازلت حتى هذا اليوم اسائل نفسي ، حين انظر الى الوراء ، اي معجزة اوصلتني الى ما وصلت " السيد سامان يستغرب كيف صار مترجما لصدام او لماذا؟!! وكأنه يتجاهل تماما المميزات التي ينالها من يكون قريبا من صدام وهدايا " عيد ميلاد الرئيس " لمنسوبي حزب البعث
هكذا يبرئ الراوي نفسه من "سنوات صدام" قبل ان يبدا برواية احداث عاشها عن قرب مع الرئيس "الرومانسي " صدام حسين وكواليس لقاءاته ببعض الشخصيات الغربية ولقاءته الصحفية مع بعض الصحفين مثل كريستين اوكرانت ، بوافر دار فورد وغيرهم .
استمر الرئيس صدام حسين في تجسيد الشخصية اللغز العصية الغامضة التي حكمت العراق حتى سقوطهما معا ،فبقي يلتقي بوزرائه ويطلب من مترجمه في احلك الاوقات ان يترجم له الى العربية حوار اجراه صهره السابق حسين كمال منذ ثمانية اعوام قبل ان تتم تصفيته بستة شهور دون ان يكون للحوار اي علاقة بما يدور او يحدث في العراق او سقوط بغداد الذي كان لحظتها الرئيس منشغلا حتى اخر لحظة بكتابة روايته "اخرج منها ياملعون " (تنشرها جريدة الشرق الاوسط على حلقات ) ففي الوقت الذي كانت تقصف فيها بغداد ارسل صدام رسولا الى المكتب الصحافي ليطلب مسودات روايته الاخيرة :" كنت اعرف منذ زمن طويل انه كان يؤلف كتبا ، لانني كنت مكلفا بترجمتها الى الانكليزية واعادة قراءتها لكنني لم اتصور يوما انه سيعهد الي بمثل هذا العمل في مثل هذه الظروف " .
ومعروف ان لصدام روايتان " زبيبة والملك " و" القلعة الحصينة " فالكتابة لدى صدام حسين فرصة لاعطاء العراقيين دروسا في التاريخ ففي رأي المؤلف ان الرئيس لم يكن يقتنع بخطبه وظهوره المتكرر في التلفزيون فقد كان بحاجة لان يتواصل مع الشعب العراقي "الباسل" بوسيلة اخرى ، هذه الروايات كانت حديقة صدام السرية فبواسطتها كان ينقل افكاره إلى العراقيين حول كل المواضيع وليس فقط السياسية منها. كان مثلا يقدم نصائح للنجاح في الحياة الزوجية اضافة الى رومانسيته كما جاء في فصل " الرئيس الرومانسيي " فهو يحب ان تتضمن " الملحمة الحربية " قصة حب رومانسية فبعد حرب الخليج الثانية "تحول صدام على التلفزيون إلى ناقد أدبي مناشدا المؤلفين دمج الانواع الادبية" فيقول لهم مثلا "عندما تكتبون رواية لا تكتفوا فقط بذكر الاحداث العسكرية بل حاولوا أن تدرجوا قصة عاطفية ما بين رجل وامرأة على خلفية الحرب. ما بين ضابط وممرضة مثلا."
ويضيف سامان عبد المجيد "فعلى غرار الخلفاء العباسيين كان صدام يسعى لأن يكون حامي الفنون. ففي عام 1998 طلب من احد الشعراء... ان يحضر إلى القصر مرتين أو ثلاثا كل أسبوع ليلقنه قواعد كتابة الشعر... وكان كثيرا ما يسرب إلى روايته ابياتا شعرية من بنات قريحته... وفي خطابه المتلفز في بداية الحرب ادرج بعضا من اشعاره.. ومنها "اشهروا سيوفكم بلا خوف/ ستشهد عليكم النجوم/ اوقدوا ناركم ودعوا اللهب يشتعل".

اضافة الى ولعه بالادب والكتابة كان شديد التعلق بالتاريخ(تاريخ العراق ) الذي لم يكل يوما من عرضه على زائريه او في خطبه للشعب العراقي فقد كلن حريصا دائما على ان يعي كل ضيف من ضيوفه بانه يقف على بلد ليس كأي بلد افريقي او في الشرق الاوسط فيبدأ حديثه بمقدمة طويلة عن تاريخ العراق العريق " فهنا في العراق حرر الانسان اول قانون مدني ، قانون حمورابي الذي اسس المساواة ما بين الرجال والنساء " صدام الذي كان يفاخر بتاريخ وحضارة العراق امام الضيوف والشعب كان يتناسى ذلك حين يتعلق الامر بشخصه فيردد انه حين استلم حزب البعث السلطة لم تكن البلاد سوى مأوى للمتشردين والصعاليك وبفضله صارت بغداد تأوي العديد من المنشأت الفاخرة بعد ان لم يكن بها سوى فندق فاخر واحد لاستقبال الضيوف الاجانب .

كان يهوى الابهار فكلما زاره رئيس اجنبي حرص على ان يقدم هدية لزوجته فتبعا لمرتبة الضيف واهميته يعد البرتوكول انواعا مختلفة من الساعات السوسيرية الذهبية ولاسيما " الروليكس " او " البياجيت" والوزراء ورؤساء الوفود لم يكن يحق لهم الحق سوى في الماركات الاقل سحرا وجاذبية وكثيرا ما كان يقدم السجاد الشرقي الفاخر كهدايا .
الكتاب يحوي الكثير عن شخصية صدام وطقوسه الغريبة وتناقضاته بين شخصية " الطاغية " والشخصية الوديعة الاليفة فخلال حواراته واحاديثه.. كان صدام يبدي الكثير من الظرف وبعض المجاملة. وشتان بين هذه الصورة وبين صورة الرجل صاحب الزند الشديد الذي يهابه الشعب ويخشاه." وكان يروي الطرائف لترطيب الاجواء لكن لم تكن نكتته المفضلة ظريفة فكثيرا ما كان يروي قصة جندي مع راع كردي : ذات مرة سال الجندي الراعي كيف يطعم غنمه ، فرد عليه ذلك الرجل الريفي قائلا :" اني اطعمهم قمحا" فغضب الجندي وقال :"كيف يمكنك ان تعطي قمحا لخرافك بينما الشعب يموت جوعا؟!" وبعد ان اشبعه ضربا وعده الراعي بانه سيغير طعام القطيع وبعد مرور بعض الوقت جاءه جندي اخر وساله نفس السؤال فرد عليه الراعي بانه يطعمها ارزا فغضب هذا الجندي ايما غضب وقال له :" كيف يمكنك ان تطعم غنمك ارزا والشعب يموت جوعا ؟ وبعد ابسوع جاءه جندي ثالث فبادره الراعي بانه يعطي لغنمه نقودا لتشتري بها ما طاب لها من السوق" . ولانعرف هل هي "بمحض الصدفة" ان تكون هذه نكتة صدام المفضلة والتي تنطبق عليه ففي الوقت الذي كانت بغداد تفرق بالقنابل كان يكتب روايته وبالوقت الذي كان اطفال العراق يموتون جوعا كان يرسل سنويا مليونا دولار لاحد القادة الافارقة :" لاشكر على واجب سيصلك كل عام ما يعادل مليونا دولار لك ولمن حولك "

صدام الذي تمسك بمنصبه كحاكم ازلي للعراق وكان يحافظ على رشاقته من اجل بقائه في منصبه لدرجة انه اصدر قانونا حول " النحافة " قبل نهاية الحرب على ايران عام 1987 وكان يخضع الجميع للوزن كل عام بعد نهاية رمضان بعشرة ايام وكل من زاد وزنه يتعرص لعقوبة انزاله رتبة من منصبه وقد كان صدام قدوة في الرشاقة والوزن حتى يحافظ على منصبه كل هذه السنوات ففي اثناء مأدبة غداء رسمية سأله رئيس جيبوتي حسان غولاد :
- هل تخضع انت ايضا لمراقبة الوزن؟
فرد عليه صدام مازحا :
- بالطبع اني اشغل منصبا هاما واريد التمسك به .
ولكن يبدو ان وزن صدام خانه في الشهور الاخيرة مما ساهم في سقوطه وتخليه عن منصبه مرغما !!

سقط صدام ، سقط صدام
يقول سامان عبد المجيد في نهاية ذكرياته :" ان افكاري تعود بي دوما الى صدام ترى ماالذي انجزه هذا الشخص لشعبه ؟
لقد انتج خطبا جميلة حول تحرير فلسطين والوحدة العربية وقد اتقن دوما مدح الحس القومي عند العراقيين ، ولكن بلا طائل دوما ! لقد القت بنا احلام العظمة التي ظلت تراوده في جحيم البؤس والشقاء . فكم من وقت سوف يستغرقه العراق لكي ينهض من جديد ولكي يعود مرة اخرى بلدا عزيزا وفخورا ومزدهرا؟
هاهو صدام ينتهي اخيرا فلم يعد يسكن لياليّ كما كان ومع ذلك فانني اعلم اني في حاجة لكثير من الوقت لكي اتحرر من السجن السيكولوجي الذي حاصرني امدا طويلا !
وريثما يتحرر السيد سامان من سجنه السيكولوجي علينا ان نفكر هل صدام وحده الطاغية ؟!! وهل العراق وحدها التي عانت الفساد السياسي والاقتصادي ؟!! اما علينا ان ننتظر سقوط الانظمة العربية واحد تلو الاخرى لنقرأ ونرى كواليس تهتكهم ونشاهد صورهم بالملابس الداخلية وهم يغسلون ما علق بملابسهم من دماء كما شاهدنا صدام ؟!!



#رحاب_ضاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- FASHION
- -عروسة لبنة-
- امي
- عصير قصب
- قصيدة شبقة
- رغبة واحدة لثلاثة وجوه
- لبنان بين الموالاة والمعارضة وستار اكاديمي
- سارس سعادة
- كالك فلوور
- فتنة المرايا 5
- ليس وقتها
- فتنة المرايا 4
- فتنة المرايا
- فتنة المرايا - 2
- فتنة المرايا-1
- سندريلا
- معرض بيروت للكتاب
- ايميلات عشق
- ايميلات عشق لرجل غائبا حتى في حضوره
- المتجردة


المزيد.....




- آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد ...
- الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي ...
- فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
- آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
- حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن ...
- مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
- رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار ...
- وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع ...
- -أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال ...
- رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رحاب ضاهر - سنوات صدام