أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مالك بارودي - مسودّة رسالة مفتوحة للدّعوة لإعدام الأوهام الدّينيّة وإعتناق الإنسانيّة















المزيد.....


مسودّة رسالة مفتوحة للدّعوة لإعدام الأوهام الدّينيّة وإعتناق الإنسانيّة


مالك بارودي

الحوار المتمدن-العدد: 4252 - 2013 / 10 / 21 - 06:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مسودّة رسالة مفتوحة للدّعوة لإعدام الأوهام الدّينيّة وإعتناق الإنسانيّة

عزيزي المؤمن، أدعُ حجرا أن يجعل شجرة مّا مزروعة في مكان مّا تنمو بسرعة وأنظر هل سيتحقق دعاؤك أم لا. سترى أنّ الشّجرة ستواصل النّموّ مثل الأشجار الأخرى المشابهة لها في نفس ذلك المكان. بطبيعة الحال، أعرف أنّك منذ البداية لن تكون مقتنعا بفكرة أنّ الحجر يمكن أن يلبّي دعاءك... حسنا، حاول بعد ذلك أن تدعو ربّك كي يجعل نفس تلك الشّجرة تنمو بسرعة، وأجهش بالبكاء من شدّة الخشوع والرّهبة والتّوحّد مع ربّك إن أردت، وأنظر هل سيتحقق دعاؤك. سترى أنّ الشّجرة ستبقى كما هي ولن تنمو بطريقة أسرع من الأشجار المماثلة لها والقريبة منها. إذن، فالتّوجّه بالدّعاء لأرباب الدّيانات السّماويّة مثل التّضرّع للأصنام بالضّبط: كلاهما لا ينفع ولا يغيّر الواقع.
لا تتعلّل بخرافات الحكمة الإلهية والإبتلاء والقضاء والقدر... فيمكنك إعادة نفس التجربة مع أيّ ربّ وفي كلّ الأزمنة والأمكنة، وأنت تعرف جيّدا أنّ دعاءك لن يجدي ولن يجعل الشجرة تنمو بسرعة.
اليهود يتوجّهون بالدّعاء لربّهم منذ قرابة 5000 سنة. المسيحيون يدعون ربّهم منذ أكثر من 2000 سنة. المسلمون يتضرّعون لربّهم منذ أكثر من 1400 سنة. هل حدثت معجزات خارقة كأن تصبح الصّحارى غابات أو أن تختفي كلّ الأمراض والأوبئة، أو أن يكفّ النّاس عن التقاتل وشنّ الحروب...؟ لا. لم تتقدّم البشريّة بالدّعاء بل بالعمل وبالتّفكير والإختراع والتّجربة والشّكّ وطرح الأسئلة والبحث عن أجوبة...
لا أقول لك هذا الكلام لإثبات أنّ الدّعاء خرافة وعمل بلا معنى، لأنّي متأكّد من أنّ معظم المؤمنين لا يؤمنون بأنّ لدعائهم جدوى، وإلاّ لتركوا العمل وإتّكلوا على آلهتهم الخرافيّة لإطعامهم وإكسائهم وإسكانهم... بل هم يتوجّهون بالدّعاء لآلهتهم الخرافيّة بحكم العادة وسيطرة الموروث على عقولهم فقط. ولا أقول هذا أيضا لتحريض النّاس على الإلحاد، فالإلحاد ليس في متناول كلّ من هبّ ودبّ، لأنّه يتطلّب عقلا منفتحا ومنطقا بمكيال واحد ووحيد يُستعمل في كلّ المواضيع ويُستعمل حتّى آخر سؤال وآخر إستنتاج، وهذا شيء غير متوفّر أصلا عند المؤمنين... إنّما أقول هذا لإثبات أنّه إن كان هناك من يستحقّ التّقديس والثّناء والشّكر فهو الإنسان نفسه، الإنسان الذي يشغّل دماغه في كلّ شيء ولا يعطّله بسبب خرافة دينيّة موروثة ولا دليل عليها إلاّ ما حفظته العقول المغسولة والكتب الصّفراء من أكوام أكاذيب وأساطير... الإنسان الذي يعرف أنّ العالم يسير بطبعه وأنّ له نظامه الخاصّ وأنّ المعجزات لا توجد إلاّ في عقول العاجزين والفاشلين والمتّكلين على الأوهام، فيتعامل مع العالم كما هو دون أن يُخضعه لخرافات لا مكان لها حتّى في كتب التّاريخ، فما بالك بالحاضر والمستقبل... الإنسان الذي يحترم إنسانيّته فيحكّم المنطق في كل ما يفعله وما يقوله، ويحترم إنسانيّة غيره فلا يقترف ما من شأنه أن يعرّض حياتهم للخطر... الإنسان الذي يتعامل مع العالم كلّه بمنطق الأخوّة في الإنسانيّة، لا بمنطق الأخوّة في الدّين أو في الإنتماء إلى رقعة من الأرض أو إلى قبيلة أو إلى عصابة إجراميّة... الإنسان الذي عندما يريد معرفة شيء مّا يفتح الكتب ويبحث ويفكّر ولا يخاف من الكلمات (فكما يقول المثل الفرنسي "كلمة كلب لا تعضّ") ولا من الإيديولوجيات، فثقته في نفسه وفي إنسانيّته ستكون دائما حزام الأمان الذي يمنعه من إستعمال تلك الإيديولوجيات للإضرار بغيره، كما ستكون المصفاة التي ينتقي بها ما ينفع ويلفظ من خلالها ما لا نفع منه... الإنسان الذي إذا أخطأ إعترف بذنبه وإذا أخطأ غيره نبّهه إلى خطئه، والذي يتعلّم من أخطائه ومن أخطاء غيره أيضا... الإنسان الذي يعيش حياته كما يُريد، بحرّيّة شبه مطلقة، حدودها النّصوص القانونيّة الوضعيّة وأخلاقه الشّخصيّة وقاعدة عدم التّسبّب للغير في ما لا يرضاه لنفسه فقط، فلا يقتل من يخالفه الرّأي ولا يعتدي على النّاس، مثل اللّصوص والمجرمين، وفق منطق الغزو والغنائم، ولا يكذب لا نصرة لدين ولا لسياسة ولا لعرق... الإنسان الذي يدرك أنّ الموروث لا يصلح وأنّه لو عاش كلّ ولد مثلما عاش أبوه ولم يأت جديدا ولم يفكّر خارج دائرة الموروث ولم يخترع لبقيت الإنسانيّة إلى الآن تعيش في الكهوف وتخاف عندما يأتي ظلام اللّيل... هذا الإنسان هو الجدير بالتّقديس والشّكر والثّناء، وليس لأيّ ربّ القدرة على فعل ما فعلته الإنسانيّة منذ نشأتها إلى حدّ هذه السّاعة، وأبسط دليل على ذلك هو سموّ ما حقّقه الإنسان على مستوى التّشريعات وإنحياز هذه الأخيرة أكثر فأكثر لحفظ حياة الإنسان وإنسانيّته بما جعلها أكثر رحمة وعدلا ومساواة في تعاملها مع البشر من كلّ التّشريعات السّماويّة المزعومة (أقول "المزعومة" لأنّي متأكّد من أنّها هي أيضا من إنتاج أناس عاديين أرادوا السّلطة والمال والنّساء في وقت من الأوقات فكذبوا وإختلقوا الأساطير وتمكّنوا من السّيطرة على عقول الناس فأحيوا تشريعات قديمة أو إستعاروا تشريعات من أمم أخرى أو إستنبطوا تشريعات جديدة، ثم تبنّى النّاس تلك الأكاذيب والتّشريعات وتناقلوها بتقديس متزايد مع مرور الزّمن حتّى أصبح عقل المؤمن بها عاجزا حتّى عن مجرّد التّفكير في التّشكيك في صحّتها أو في صلوحيّتها لزمنه ولمكان تواجده)... بل وتجاوز الإنسان هذه المرحلة بأشواط، بتعمّق وعيه وإنحيازه للحياة، فأصبح يدافع عن حقوق الحيوانات والنّباتات وعن الكرة الأرضيّة بأكملها بإعتبارها فضاء تعيش فيه البشريّة ويجب إحترامه والمحافظة عليه للأجيال القادمة...
فمتى تفهم، أيّها المؤمن المنغمس في خرافاتك عن "شعب الله المختار" أو "أتباع إبن الله" أو "خير أمّة أخرجت للنّاس"، أنّ زمن الآلهة والمعجزات إنتهى منذ الثّورة الكوبرنيكيّة، التي كذّبت الأديان وأسقطت كلّ الكتب الدّينيّة، السّماويّة منها قبل الأرضيّة، ووضعت الإنسان في مرتبة أعلى من كلّ الآلهة التي تصوّرها الإنسان منذ ولادة أوّل بذرة خرافة عنها...؟ فهل يستطيع إلهك المزعوم أو أيّ إله آخر الإتيان بمثل ما فعلته الإنسانيّة من معجزات على مرّ التّاريخ في العلوم والفكر والفلسفة والفنون والقوانين...؟ لا تقل لي أنّ الله هو الذي خلق الكون وخلق الإنسان، فهذا تهريج لا نفع منه، إذ أنّه لا أنت ولا كلّ الذين إدّعوا أنّهم رسل وأنبياء كنتم حاضرين ورأيتم ربّكم يخلق الكون أو يخلق الإنسان. فإدّعاؤكم باطل لعدم وجود دليل منطقي واضح وصريح ولا لبس فيه... بل دليلكم ينحصر في خرافات أديانكم فقط وفي إعتمادكم على منطق منافق وجبان فقط، يضع، منذ البداية، الإستنتاج بوجود الآلهة كمسلّمة ويبني الإستدلال عكسيّا...
إذن، فهذه دعوة صادقة لمن له عقل وإحساس وشعور إنسانيّ للخروج من كهف الخرافة والوهم إلى نور العقل والمنطق، فما نفعت الخرافة أحدا وما أضرّ العقل والمنطق بأحد، وما كانت الإنسانيّة أبدا شتيمة ولا أنقصت من قيمة من يُنعت بها. والحقيقة أنّ النّقاط التي تجمعنا في حضن الإنسانيّة أكثر من كلّ النّقاط التي تفرّقنا بسبب الدّين أو الطّائفة أو العرق أو الإنتماء لرقعة جغرافيّة مّا أو الجنس...
أنا متأكّد من أنّ رسالتي ستصل بسهولة للأذهان التي لا تحتمي خلف جدران الحقد والكراهيّة والخوف من الآخر لأيّ سبب كان. أمّا العقول المتحجّرة والمغلقة على خرافاتها فلا أهتمّ بها، لأنّي أعلم أنّ أصحابها لن يجرؤوا على قراءة هذا المقال، خاصّة أولئك الذين يعرفون هويّة كاتبه أو سمعوا عنه أو صادف وطالعوا بعض منشوراته على الأنترنات. فالإنسانيّة لا تعوّل على هؤلاء، وإن كانت أعدادهم كبيرة، بل هي أقوى منهم ومن آلهتهم وأديانهم وخرافاتهم، بدليل أنّ الميثاق العالمي لحقوق الإنسان ألغى الكثير من التشريعات الدّينيّة "السّماويّة"، كالرّقّ والنّخاسة، على سبيل المثال. فالإنسانيّة ستتقدّم رغم أنوفهم وسيجدون أنفسهم مجبرين، آجلا أم عاجلا، على الإختيار بين أمرين لا ثالث لهما: إمّا التّغيّر وإعتناق الإنسانيّة أو مواصلة الإنغلاق على أنفسهم والإنقراض والإندثار وترك المكان لمن هو أحسن وأذكى وأنفع.
لا إله إلاّ الإنسانيّة ولا رسول إلاّ العقل.



#مالك_بارودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقد أعزّ الله المسلمين بالإسلام وأذلّ الكفّار بكفرهم
- بينما الإلحاد في مصر يرتفع، تنتج عنه ردود فعل عنيفة
- معاداة الإسلام ليست جريمة والمجاهرة بها حقّ إنسانيّ يجب أن ي ...
- الزّنا الشرعي بين آيات محمّد بن آمنة وفتاوى جهاد المناكحة لم ...
- الدّليل على تفاهة إستعمال مبدأ السّببيّة لإثبات وجود الإله ا ...
- الدين في التحليل النفسي
- كريستوفر هيتشنز يتحدّث عن -الإسلاموفاشيّة- أو -الفاشيّة الإس ...
- في تفاهة إستعمال المسلمين لحجّة العدد لإثبات صحّة الإسلام
- الإسلام والجهل المقدّس
- مركّب النّقص عند المسلمين والبحث عن مصداقيّة للإسلام لدى الأ ...
- عملا بمبدأ من فمك أدينك: هذا إعتراف أحد الدّعاة المسلمين بأن ...
- حديث عن الله والذّباب وأشياء أخرى
- التّكفير والقتل والإرهاب كوسيلة للإقناع في الموروث الإسلامي
- الرّأي المبين في تفاهة تجّار الدّين – -نوفل سلامة- أنموذجا
- نموذج من ثقافة المرأة-السّلعة في تفكير شيوخ النّكاح
- من إكتشافاتي الرّائعة على الموقع: الصديقة -منية زرّاع- من تو ...
- ردّ على تعليقات الزّائر صالح الوادعي على المقال -شذرات من وح ...
- أمثلة من فتاوى شيوخ النّكاح والإرهاب - ما حكم لعن الكفار من ...
- شذرات من وحي الخاطر - حول شروط نقد الإرهاب
- إزدواجية المعايير عند المسلمين


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مالك بارودي - مسودّة رسالة مفتوحة للدّعوة لإعدام الأوهام الدّينيّة وإعتناق الإنسانيّة