|
هموم انتخابية ..!
شاكر فريد حسن
الحوار المتمدن-العدد: 4251 - 2013 / 10 / 20 - 11:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مع اقتراب يوم الانتخابات للسلطات المحلية وساحة الحسم الديمقراطي ، بعد غد الثلاثاء، فإن المنافسة الانتخابية تزداد حدة وشراسة وتدق الأبواب محتدمة، وذلك بعد أسابيع بل أشهر من العمل الانتخابي المضني والمشاورات والاجتماعات الليلية الممتدة الى ساعات الصباح ، فضلاً عن الجلسات اليومية في المقرات واصدار البيانات والبرامج الانتخابية وتعليق صور المرشحين في الشوارع وعلى الجدران وواجهات البيوت ، اضافة الى الأعلام التي ترفرف فوق سطوح المنازل والسيارات . وبدون أدنى شك ان الدعاية الانتخابية تمثل السلاح النفسي الأقوى والمؤثر في هذه المنافسة الديمقراطية ، ولكن لا يتبقى في النهاية سوى ما هو صحيح وحقيقي ومدجج بالأرقام والحقائق والبراهين والأدلة والمعطيات ، أما الردح الاعلامي، والدجل والتضليل ، فحبله قصير ويتجاوزه الزمن بسرعة . فالناخب اليوم واعٍ ويدرك جيداً من هو المرشح المناسب والأقوى والأفضل ، ويفرق بين صاحب الحظ الأوفر وبين من سيحرق الأصوات ، ومن يبيع الناس اوهاماً وشعارات براقة ووعوداً معسولة وبراقة كاذبة ، ويوزع الغنائم قبل الوصول الى رئاسة المجلس البلدي . هنالك ظواهر ملموسة وواضحة في الانتخابات للسلطة المحلية ، منها انحسار التنافس الحزبي – السياسي ، وانتعاش مذهل للعصبية العائلية واشتداد الاستقطاب والتقوقع والتناحر العائلي والحمائلي والقبلي والحاراتي ، وتحويل العائلة الى "حزب" أو كتلة داخل المجلس اعتقاداً بأن تمثيل العائلة هو شرف وانتصار لها ، دون أي اعتبار لمن يمثلها ، ويرون بممثل العائلة في المجلس وكأنه شاعرها وحاديها وناطقاً باسمها ومدافعاً عن حقوقها ومطالبها مثلما كان الحال في زمن الجاهلية . أما عن لوثة الطائفية فحدث ولا حرج ، انها عاهة تنخر في جسم مجتمعنا بشكل مؤسف ومقلق ، وهي آفة خطيرة جداً وتشكل أساساً للتفرقة والتمزق الداخلي والضعف الاجتماعي . والمأساة ان الاكاديميين والمثقفين "الأنبياء المنقذون" غارقون حتى أذنيهم في اللعبة العائلية والطائفية القذرة . ولعل ابتكار البرايمرز في انتخابات العائلة يجسد عقلية هؤلاء "المثقفين" و"الاكاديميين " شكلياً ،عقلية تغطية المضمون الرجعي بغلاف عصري، عقلية استحداث وتوظيف الادوات الحديثة لخدمة الأغراض الضيقة والمتخلفة. وهذا الوضع المأساوي يشير الى تراجع فكري عميق بين شعبنا وجماهيرنا ، ويدل على عمق المأزق الحضاري والأزمة الشاملة ، سياسياً واجتماعياً وفكرياً ، التي يعيشها ويمر بها مجتمعنا . وتتحمل النخب المثقفة الواعية والقوى والاوساط التقدمية المتنورة والاحزاب السياسية المسؤولية المباشرة عن هذا التردي والتراجع والحال الذي آل اليه هذا المجتمع . ان أكثرية القوائم التي تخوض الانتخابات للسلطة المحلية ليست حزبية – سياسية بل ذات طابع عائلي وحمائلي وعشائري أو طائفي ، وهذه شهادة فقر دم ، وشهادة لحياتنا الحزبية بشكل عام . ويحق لأبناء واهالي قريتنا العامرة "مصمص" ان نفخر ونعتز ونباهي البلدان بالانجاز العظيم والمشروع الذي بنيناه وعبدناه ، مشروع وحدوي يتجاوز ويتخطى النزعات العائلية ، ويصون النسيج الاجتماعي الداخلي ، ويعمق وحدة الاهالي ، ويتصدى ويقاوم التزمت والتعصب العائلي والفئوي . ويتجسد هذا المشروع بقائمة "الوحدة للتغيير" أو "النداء للتغيير" ، وهي قائمة وحدوية تحالفية تجمع بين ظلالها مختلف الاوساط الشعبية والشخصيات الاعتبارية والشرائح الاجتماعية والاطياف والانتماءات السياسية والفكرية والحزبية . انها قائمة فوق عائلية ، وفوق حزبية انصهرت بداخلها غالبية مركبات وعائلات وحارات وأحياء مصمص ، وبمشاركة اوساط شعبية واهلية من قرى طلعة عارة الخمس . وفي ظل الواقع الاجتماعي الموبوء تتحول الانتخابات المحلية الى ساحة مواجهة ومعركة للتنافس الشديد ، يفوق شدته انتخابات الكنيست. ويتجلى ذلك في نسبة التصويت العالية جداً ، وفي مظاهر العنف والبلطجية والتحلل الاخلاقي واطلاق الرصاص والاعتداء على صور المرشحين واحراقها . ومع هذا نريد ان تكون المنافسة الانتخابية ذات بعد وطني وسياسي واجتماعي وحضاري ، على أسس وطنية واخلاقية وعصرية ، ونظرة تفدمية تتخطى العائلة والحمولة ، كجزء من عملية التحول الديمقراطي والتغيير النهضوي الشامل لمجتمعنا العربي ، الذي تتكرس فيه العائلية التي تعيق التطور والتقدم الاجتماعي . أخيراً فكلنا ثقة بوعي الناخب الذي سيختار من هو مؤهل لقيادة السلطة المحلية للخمس سنوات القادمة ، ومن هو قادر على احداث واجراء التغيير المرتجى والمشتهى ، والنهوض بقرانا ومدننا نحو مستقبل أكثر اشراقاً وتقدماً وتطوراً وعصرنة . فلنصن اخلاقيات الانتخابات ، ولنجعل من يوم الانتخابات عرساً للديمقراطية والنزاهة والتنافس الحر الشريف ، بعيداً عن التوتر والمشاحنات والعنف ، لكي يمر هذا اليوم بسلام وهدوء ، ولنتذكر دائماً اغنية فيروز " سوا ربينا " ..!
#شاكر_فريد_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصمص يا بلدي !!
-
في أزمة مجتمعنا..!
-
التحرش الجنسي آفة اجتماعية خطيرة ، فهل نتخلص منها ؟!
-
الحالة السورية وسقوط مثقفي -اليسار- ..!
-
الإسلام السياسي ما بين الصعود والأفول ..!
-
المساجد للعبادة وليس للسياسة ..!
-
ماذا وراء الهجوم على الأزهر وشيخه الدكتور احمد الطيب ..؟!
-
إنهم يحرقون الكتب ويغتالون الفكر ..!
-
سوريا تصنع تاريخها ..!
-
رحيل المقكر والكاتب الفلسطيني د. فوزي الأسمر
-
نحو انتخابات السلطات المحلية ..!
-
عدد جديد من مجلة -الإصلاح- الثقافية
-
صفحة من تاريخ جماهيرنا العربية الفلسطينية / الاضراب الوطني ا
...
-
في ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا..!
-
في رحيل الدكتور أسامة الباز عميد الدبلوماسية المصرية
-
ذكرى مجزرة صندلة
-
القائد والمناضل بشير البرغوثي في ذكراه ال 13
-
وسقطت ورقة التوت عن البرادعي ..!
-
عن السيسي ومستقبل مصر المنظور ..!
-
انهم يدقون طبول الحرب ضد سوريا.. 1
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|