أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محسن حبيب فجر - الانقسام المجتمعي














المزيد.....

الانقسام المجتمعي


محسن حبيب فجر
(Mohsen H. Fagr)


الحوار المتمدن-العدد: 4249 - 2013 / 10 / 18 - 19:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ان الانقسام والتمحور داخل الدوائر الاجتماعية الاضيق هو الأصل في تشكل الكتل الاجتماعية كونه نتيجة لطبيعة الانسان التي يبرز الاختلاف كأهم معلم من معالمها. فمن الواضح ان أي فرد منا يشعر بالأمان والاطمئنان والاستقرار والسكينة في بيته اكثر من أي مكان آخر سواء كان وحيدا فيه ام تضمن البيت آخرين ينتمون له وهم العائلة وكل هذه المشاعر سببها تخلص الفرد من كم الاختلافات الطبيعية بينه وبين الآخرين الذين يجد نفسه مجبرا على التعامل معهم خارج البيت مما يفرض عليه قيودا وقواعد في السلوك تخرجه من شخصيته الحقيقية لتفرض عليه التعامل وفقا لشخصياته الحقوقية التي تثقل اعباءه السلوكية كلما زاد عددها. وعند مغادرة البيت، وهو الدائرة الاجتماعية الاضيق، يأخذ الأمان وغيره من المشاعر السابقة بالضعف والنقصان وهكذا كلما غادرنا دائرة ضيقة الى أخرى أوسع منها. كما ان منشأ الدوائر الاجتماعية الاضيق ليس اعتباطيا بل نجدها مبنية على أسس حقيقية اكثر قربا وتماهيا مع فطرة الفرد ومعتقداته الراسخة كالدين، وهي على هذا الأساس اشد تأثيرا فيه من تأثير دوائر انتمائه الاوسع والتي كثيرا ما تكون اعتبارية وغير حقيقية . ولذلك فلا يواجه الساعي الى تقسيم مجتمع وتفتيته عناءا كبيرا كذلك العناء الذي يتطلبه العمل على تحقيق الانسجام بين تكتلات مجتمعية مختلفة تمهيدا لولادة دائرة اجتماعية أوسع لان هذه الولادة تحتاج الى ثقافة اجتماعية تتمكن من التغلب على طبيعة الانسان أولا ومعتقداته الراسخة المتجذرة فيه لحد الاندماج بينه وبينها ثانيا وهو ما يتطلب جهودا استثنائية ليست بالهينة. وينبغي الإشارة هنا الى ان الحديث عن التغلب على طبيعة الانسان ومعتقداته الراسخة لايعني ابدا حديثا عن الغائها والعمل على شطب تأثيرها على الانتماءات الاجتماعية وخصوصا اذا ما غادرنا عمومية الكلام ودخلنا في خصوصيات مجتمعاتنا العربية والإسلامية.فعلى سبيل المثال عندما تشكل مجتمع إسلامي على أساس الدين بدائرة انتماء أوسع من دائرة القبيلة، نرى ان ثقافة الدائرة الإسلامية الجديدة لم تذهب باتجاه الغاء الانتماء الى الدوائر الاضيق لينصهر المجتمع في دائرة الدين كانتماء وحيد لايجد الفرد خارجها مقومات بقاءه واستقراره وانما ابقت لتلك الدوائر فعالية وتأثيرا في افرادها، بل اكثر من ذلك، كان للدوائر الاضيق تأثير على محور الدائرة الجديدة ومؤسسها ونبيها شخصيا كما تظهره لنا حادثة اسر عمه العباس في معركة بدر وعدم قدرة النبي على النوم وهو يسمع انينه في قيود الاسر ، وكذلك نجد تاثيرها فيه عند طلبه من وحشي، قاتل عمه حمزة، وقد جاءه معلنا اسلامه ان يّغيِّب وجهه عنه ولايجاوره في المدينة، اذ كثيرا ما اسلم قتلة المسلمين ولم يطلب منهم النبي ذلك بل اسند الى بعضهم مهام كبرى في دولته كخالد بن الوليد. كما ان أوضح دليل على إبقاء قائد ومحور دائرة الانتماء الديني على الدوائر الاضيق فاعلة هو ما نقرؤه من كلام الامام علي بن ابي طالب في وصيته للامام الحسن "واكرم عشيرتك فانهم جاحك الذي تطير به ويدك التي تبطش بها".
ان الدين، خصوصا في المجتمعات المؤسسة على أساس ديني، وفي الوقت الذي يقف كأهم عنصر من عناصر التأثير وصياغة دائرة انتماء واسعة، من الممكن ان يكون اهم أدوات تضييق وتحجيم المجتمعات وذلك عندما تتعدد الأديان او تكثر القراءات في ساحة الدين الواحد ساحبة معها المجتمع الديني الى ساحة الانقسام الطائفي، موجهة بذلك ضربة قاصمة للدين الأصل وجهوده في خلق مجتمع واحد.
كما ان الرفض النفسي لاكثرية اتباع الطوائف لافكار طوائفهم الداعية الى التميز والانفكاك عن الطوائف الأخرى لا يعني شيئا ولايمكن الاحتجاج به لانهم بالنتيجة النهائية سيجدون انفسهم منفعلين ومنقادين لافكار وارادات القلة التي ترسم مسار الطائفة معتذرين لانفسهم عن هذا الانقياد بانعدام ثقتهم بنوايا ومخططات الطائفة الأخرى في حالة من التمترس الطائفي وايذانا ببداية الانقسام المجتمعي وولادة الدوائر الاضيق. ونادرا ما تكون قرارات القلة الفاعلة، وفي احسن حالاتها، باتجاه التعصب الى مصالح الطائفة على حساب دائرة دينها الاوسع إذ كثيرا ما تسخّر هذه القلة طوائفها لحساب مصالحها الضيقة جدا ملبسة إياها لباس مصالح الطائفة لخداع الأكثرية الصامتة او الرافضة نفسيا. وكذلك، فان ابتعاد تلك الاكثرية عن التأثير وإعادة انتاج أفكار الانسجام مع أبناء الطوائف الأخرى لنفس دينهم وعدم قدرتهم على اخراج رفضهم من منطقة القوة والشخصنة الى منطقة الفعل والتعاضد لكبح جماح الأقلية المصرة على تجيير الطائفة لصالحها، وكذلك اضمحلال ثقافة الدين الأصل وانسحابه عن الفعل والتأثير في اتباعه امام تعاظم تأثير ثقافة الطائفة، كلها عوامل تؤشر على سهولة تقسيم المجتمع الاوسع وتشظي دائرته الى دوائر طائفية اضيق.
وبالابتعاد عن دور ثقافة الطائفية في الانقسام المجتمعي يبرز دور الثقافة العرقية كعامل من عوامل التقسيم وكذلك في مجال الاقتصاد تبرز الطبقية وما لها من اثر كبير في ذلك ايضا. وهي جميعا تتخذ آليات وغايات مشابهة لما اتخذته ثقافة الطوائف الدينية في تقسيم المجتمعات والحديث عن واحدة منها يكاد يكون حديثا عنها جميعا.
ان المجتمع، وبالتالي الوطن، الذي لايتمكن من طرح ثقافة كفيلة بالتغلب على طبيعة الانسان ومعتقداته الراسخة لتحتل مكانا متقدما في قناعات افراده وسلوكهم هو مجتمع مريض، وبالتالي وطن مريض، سرعان ما يتمكن المرض منه معلنا موته وانسحاب افراده الى دوائر مجتمعاتهم، وبالتالي اوطانهم، الاضيق.



#محسن_حبيب_فجر (هاشتاغ)       Mohsen_H._Fagr#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لتذهب آثارنا الى السائح ولا تنتظر مجيئه اليها
- رسالة من العالم الآخر
- الشعر الرافديني المعاصر ما بين الفصحى والعامية
- الانسجام المجتمعي
- تشكل الوطن
- المواطن ام الوطن ايهما يتقدم على الآخر
- هيبة المواطن


المزيد.....




- أمسكت مضرب بيسبول واندفعت لإنقاذه.. كاميرا ترصد ردة فعل طفلة ...
- إسرائيل ترسل عسكريين كبار ورؤساء أجهزة الاستخبارات لمحادثات ...
- الدفاع الروسية تنشر لقطات لعملية أسر عسكريين من -لواء النخبة ...
- فيروس جدري القرود -الإمبوكس-: حالة طوارئ صحية في أفريقيا ودع ...
- بشير الحجيمي.. المحلل السياسي العراقي أمام القضاء بسبب كلامه ...
- عاملُ نظافة جزائري يُشعل المنصات ووسائلَ الإعلام بعد عثوره ع ...
- رافضة المساس بوضع الأماكن المقدسة.. برلين تدين زيارة بن غفير ...
- رباعية دفع روسية جديدة تظهر في منتدى -الجيش-2024-
- بيلاوسوف يبحث مع وزير دفاع بوركينا فاسو آفاق التعاون العسكري ...
- بالفيديو.. لحظة قصف الجيش الإسرائيلي شبانا في مدينة طوباس


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محسن حبيب فجر - الانقسام المجتمعي