أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - سهى بطرس قوجا - نقشتْ لهُ قبلة على الجبين














المزيد.....

نقشتْ لهُ قبلة على الجبين


سهى بطرس قوجا

الحوار المتمدن-العدد: 4247 - 2013 / 10 / 16 - 22:06
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


نقشتْ لهُ قبلة على الجبين


قبلة صغيرة على الجبين كفيلة بأن تنسيهِ قليلاً جراح والآلام سنين، ولكن من هو؟!

سرحتْ بخيالي للبعيد البعيد وقلت بيني وبين نفسي، كيف هو الاحتمال والتحمل وقبول الواقع باختلافهِ والمتوقع المجهول؟! فلم أجدَّ أية إجابة في زحام الأماني تُرضي هذا السؤال الحامل لبضع كلمات تقفز في المُخيلة! أعلم أن الأحلام غابتْ وضاعتْ، والأماني أصبحت مُستحيلة وصعبة المُنال، والواقع أصبح مريرًا ومشوهًا والإنسان بات تائهًا يلعب ويُلاعب في ذات الوقت، وأعلم أن بعض الكائنات تغير من جلدها حسب تقلبات الفصول! ولكن مع ذلك لا زال هنالك حالمون يحلمون بفردوس الأرض المسلوبة والمغلوب على أمرها.
هؤلاء يحلمون بالبناء الشاهق والراسخ وآخرين يُضيعون ويهدمون معنى كل شيءٍ بتوافه الأشياء والتمركز في النقطة ذاتها! أنها دوامة يدور في رحاها الضياع ليأخذ من هذا وذاك لتعيش التفرقة ويحيا التمزق! لكن إذا بقينا نحلم أعلم أن لا فائدة لهّا إذا بقيت مُجردّ حلم يتمنىّ أن يتحقق فقط في أراضي جرداء لا تملك زارعين حقيقيون يتحملون تعب مسّك الفأس طوال النهار وهم يحرثون من أجلها ويلقون فيها بذرة المستقبل. والسنين هي في مضيٌّ تعقبها أخريات قادمات مجهولات، وسمفونيات الحزن ما زالت تُعزف لتتراقص عليها القلوب الباكية والشاكية من ألم وحسرة وفراق ما زال يفتك بالأعماق من أوضاع تكاد تشبه الجحيم بالرغم من عدم رؤيتهِ!
سؤال أخر بادرَّ مُخيلتي وأنا أفكر بكل هذه الزوابع التي لا نهاية لها كما يبدو أو حلول على الأقل ... وهو: أرض أرهقها زحام الغيوم السوداء في سمائها وضاقوا ساكنيها ذرعًا من كل ما يتجرعونهُ، هل لها أن تُقلد الحياة وتعيش الدفء في زواياها، أم أنهُ الوهم الهارب إليهِ هو من يطلب هذا؟!
أقول: التقليد لن يُجديّ لها بشيءٍ كونها باتتْ شبه عمياء وخرساء من كل ما يمرُّ عليها، والأحلام لا تنفعها في ظل ضباب مُعتم ولكن تُريحها ويُعطيها القليل من الأمل المنشود في دروب أيامها القادمات!
بدأت تفضفض عن الجاثم بنفسًا مُثقلةٍ، قائلة:" كان ليَّ كل شيءٍ ولكن الضياع والبعثرة أكلت تلك الأشياء ولم يبقى منها ألا الفتات، كان لدي أبناء وكنا جميعنا معًا في سفينة واحدة ولكن القبطان في كل محطة كان ينزل واحدٍ يلحقهُ الثاني إلى أن زاد ثقلها المُرهق وخفَ مسارها وضاعت عنهُ، كنْا نتكلم جميعنا بلسان واحدٍ رغم اختلاف اللغات ولكن البرج سقط على رؤوسنا مرة أخرى، كنا نتصافح بأيادي كلها دفء ووحدة واليوم بطلٌ هو من يحمل خنجرهُ بيدهِ ليضربهُ بالآخر حتى يراهُ يُدميّ! كانت لدينا أمنية مُشتركة وطموح واحدٌ يتحقق في وطنًا ولكن ما من تفسير لكل ما حصل ويحصل! ابتسمت ابتسامة أليمةٍ ثم أكملت:" التجديد لم ولن يصبح ثوبنا بل بتنا نقلدّ ونعيش حياة آخرين ونتبع خطواتهم ونصنع الأحداث في واقعنا وندعوها رغمًا عنها وعنا! أصبح جسدنا من كثرة ما أصابهُ كمنْ هو مصاب بمرض الجدري، تُدميه منطقة وتؤلمهُ أخرى، صبحنا وأصبحنا ولا نزال نستقبل الصباح على هذا الحال، ولم يعد لنْا حديث جديد يُبررّ هذا، المعالم تتغير بمرور الأيام والربيع يمضيّ بسرعةٍ ليعقبهُ الصيف بحرهِ الحارق! الأرض تذهب والوطن في دوامة ومن يسكنهم في تشتت في البقاع! أبوابنا أصبحت بلا أقفال وجدراننا آيلة للسقوط والقوارض تشاركننا لقمتنا وتنافسنا في مسكننا والهواء الفاسد يُضيق أنفاسنا ويخنقنا، فما السبيل لنحيّا الحياة كما هي الحياة أو كما نريدها؟!
نتمنىّ أن نكون .... ولكن؟! أنها النفوس الحية الميتة المُتضرعة الطالبة بصمتًا، أنها عيون تطلب الشفاء والبصرّ، أنها قلوب تتمنىّ الحنان، أنها أيادي ممدودة للأعالي تطلب السلام وأفواه تصرخ طلبًا للنجاة، ولكن أين هذا في ظل أرض اغتيلت بالانفجارات والاضطهادات والتعصب الأعمى وأرهقها زحام الخوف والتنافس وزارها التصحرّ المُبكر؟! أين هي تلك الأرض التي قامت على الأمجاد وشمختْ من سواعد ملئت السماء بالحمامات؟! أين هي تلك الأرض التي هُجرت وأصبحت بيبانها مفتوحة ليدخلها من يشاء ويأخذ ما يريد من أجل أن ينهض هو وتموت هي؟! أين هو ذلك الصباح المشرق الذي كان يتغنىّ بنسائم وطنًا الندّية؟!

الكلام كثير والفعل قليل! مللنْا من الإنابة عنْا ومن كثرة الطبول التي تدق من أجل أن تفسح للكذب والمراوغة طريقًا يسير عليها، مللنْا من كثرة الشعارات واللافتات البيضاء المكتوبة بقلم النفاق، مللنْا من الجلوس في الملعب ومُتابعة نفس اللاعبين وهم يلعبون بالكرة والعمر يرسم خطوطهِ على ملامحهم وهم يرسمون الحياة لغيرهم بأفكارهم المُتناقضة والغير مُتماشية مع الحدث الحاصل في حينهِ، مللنا من كل شيءٍ جالب للملل، حتى بتنا نملُّ من أنفسنا ولم يعدّ بمقدور قدرتنا على التحمل! فما بالك بأرض تحمل كل هذا وتئنُّ منهُ ولم يعدّ بمقدورها وهي تتحمل لسنوات طوال أوجاعًا وجراحًا لا دواء وطبيب لها، غيرَ أن تنقش قبلة على جبين وطنًا، تعتذر منهُ من أجل ما يفعلهُ من يسكنهُ ويسمح به قاطنيه سواء كان بيدهم أو ظروفًا أجبرتهم على ذلك.
أنها الأرض وأنهُ الوطن وأنهُ السلام المنشود في حياة حرة وأنها نفوس تطلب الكفاية من كل شيءٍ، فقد فاضّ بها الكيل والحمل أصبح أثقل مما يتصور.



#سهى_بطرس_قوجا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلتي إلى الخيال
- الشتائم حيلة المُفلس
- وكان لهُ ما أرادَ
- الرضوخ بين الممكن والمستحيل
- نسيم الأماكن
- تأملات في الإنسان
- الاسترقاق أو العبودية المعاصرة
- التحرر في العقل
- ناقوس الذكرى
- الحاضر المغزول بخيوط الماضي
- وكم من طيبات قبعنْ مثلها
- الشهادة العلمية: هل هي نقطة في ديمومة الحياة؟


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - سهى بطرس قوجا - نقشتْ لهُ قبلة على الجبين