|
فن الحوار و التواصل مع الآخرين مهارات إدارة النقاش 2من 2
احسان طالب
الحوار المتمدن-العدد: 1212 - 2005 / 5 / 29 - 11:29
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
إن اعتمادنا الحوار والنقاش وسيلة للوصول إلى تحقيق الأهداف الوطنية وتقريب وجهات النظر وتخفيف التوترات وإنهاء الخلافات الحادة سيؤدي إلى تحقيق أصعب الغايات العملية والواقعية. وفي نفس الوقت يجنبنا سلبية الصراعات ويساهم بشكل فعال في بلورة أفكار رئيسة ومفاهيم أساسية يعتمد عليها وينطلق منها التغيير المطلوب نحو الأمثل والأفضل.
في النهاية تبقى هذه الدراسة المعتمدة أساساً على كتاب (احترام الصراع) لغوت، هامان. وجهة نظر ورأي قابل للإضافة أو الحذف أو الخطأ والصواب. وهذا الجزء الثاني والأخير أبدأهُ بالسؤال التالي :
كيف يمكن مواجهة مواقف الضغط والتحكم : للإجابة على هذا السؤال يلزم تعرف (التوكيد الذاتي) وهو تصرف الفرد في العلاقات مع الآخرين بحيث يعبر عن مشاعره ومواقفه ورغباته وحقوقه بشكل صريح ومباشر وحازم، دون أن يخل بحقوق أو مشاعر الآخرين.
في الواقع أننا نخضع ونستسلم عندما نسمح للآخرين أن يغتصبوا حقوقنا وحجر الأساس في ذلك هو شعورنا بصعوبة قول لا وقلقنا من التقييم السلبي لنا من قبل الآخرين. ويساعد على توكيد الذات قول حازم وواضح يصف ما نريد وما لا نريد فعله بشكل محدد وعلى تبرير مختصر حقيقي للرفض أو التجاوب.
أسباب الغضب أثناء الحوار وكيفية تجنبه :
من الضروري معرفة أنه عندما يجد الغضب المكبوت والمتراكم مخرجاً للتعبير يشكل على الأغلب انفجاراً غير ملائم لطبيعة الموقف الذي سمح بظهوره. مما يفاقم المشكلة ويضيق آفاق التعامل فالغاضب يستعمل عبارة : العالم شرير، لا يمكن اليوم الثقة بأحد، الجميع سيعون لاستغلالي وإيذائي ولا أحد يصغي إلي. ولكن عندما يكون الإنسان منسجماً مع نفسه وعواطفه ويشعر بغضب طبيعي يستخدم العبارة التالية : أشعر بالغضب والريبة تجاه العالم والآخرين. والفرق الكبير بين العبارتين هو الذي سيساهم في إبقاء التواصل ويترك الباب مفتوحاً من أجل المزيد من النقاش.
قبل أن يتراكم فينا الغضب ويتصاعد بحيث يعرقلنا عن متابعة عملنا وحوارنا يفيدنا تعلم واستخدام العبارات التالية : من فضلك لا تقاطعني ودعني يا سيدي أنهي ما أقوله، يضايقني كثيراً أنك تقاطعني اسمح لي أن أنهي ما أريد قوله، ملاحظتك في محلها إلا أنني لم أكمل حديثي بعد، جميل منك إيضاح فكرتي لكني أرجو منك الانتظار حتى أنهي وجهة نظري.
وربما كان من المفيد التوقف لبعض الوقت في لحظات الشحن والتوتر والانسحاب المؤقت ومن ثمة العودة بعد الاستراحة برغبة معلن عنها من كل الأطراف في الاستمرار في الحوار.
الاستعاضة عن التقييمات بالآراء:
المقصود هنا ألا نأخذ تقييمات الآخرين على أنها حقيقة كاملة وموضوعية تنطبق علينا أو على أنها أحكام قاطعة ضدنا أو في حقنا, لأننا عندما نعتبرها كذلك نعطي لتقييمات الناس قيمة أكبر مما ينبغي ونسمح لهم بالتأثير بشدة في مجرى حياتنا وفي النتيجة فإننا سوف نوجه حياتنا طبقاً لتوقعات الآخرين ومتطلباتهم، بدلاً من توجيهها في ضوء حاجاتنا وقيمنا الخاصة، والحل يكون باعتبار التقييمات الموجهة من الآخرين آراء ووجهات نظر قد تمتلك الحقيقة أو بعضاً منها أو تخالفها ويمكن لنا استخدام عبارات لها تأثير إيجابي تجاه ما يطرحه الآخرون كتقييمات لنا : لا أتفق معك في حكمك علي، إن لي رأياً مخالفاً وربما لم تنظر إلى المسألة من كافة جوانبها، في الواقع إني أرى نفسي بشكل مختلف عن طرحك.
لكن هذا لا يعني عدم توجيه الشكر للآخرين أو التعبير عن المشاعر الإيجابية وقبول المجاملة وتبادلها.
ويمكن التعامل مع النقد الموجه إلينا بشكل سلبي بمواجهة الاتهامات بصراحة ومباشرة والاستفسار عن المعلومات الضرورية وطرحها أيضاً. ولا بد أحياناً من الاعتراف بأننا لسنا في الحقيقة كاملين أو معصومين أو أننا نمتلك الصواب بعينه، وفي حال معرفتنا بارتكابنا خطئاً واضحاً لا بد من استباق النقد لأنفسنا وهذا في الواقع خير أسلوب لتفريغ التوتر وإبعاد العدوانية.
كيف نفاوض أو نحاور كي نصل إلى إحراز التعاون :
تعرف المفاوضة على أنها أسلوب مميز في الحوار يهدف إلى الوصول إلى اتفاق في موقف يرتبط فيه طرفان ببعض المصالح التي منها ما هو مشترك ومنها ما هو متعارض. وهذا خلاف لمفهوم العراك الذي يهدف إلى الانتصار على الخصم. وما ينطبق على المفاوضة ينطبق على الحوارات الثقافية والفكرية.
ومن المفيد هنا عرض قواعد إذا ما اتبعت بشكل جيد فإنها عادة توصل إلى التعاون المثمر وتحقيق الفوائد المشتركة.
1- التمييز بين الأشخاص وبين المشكلات أو الأفكار 2- تركيز الاهتمام على المصالح والأفكار الرئيسة وليس على المواقف 3- القيام بصياغة الأسئلة قبل أن تصاغ الإجابات وهذا يحمينا من الوقوع في شرك أفكارنا المسبقة التي قد تمنعنا من فهم الآخر أو التوصل معه إلى مصلحة أو هدف أو فكرة مشتركة. 4- البحث عن الحسنات والإيجابيات والتحدث عنها أثناء التحاور التفاوض وليس التركيز فقط على السلبيات أو نقاط الضعف والفشل.
مراحل الحوار أو المفاوضة الهادفة إلى التعاون :
إن الاتفاق على قواعد للسلوك وتنظيم الحوار والتفاوض يساهم بشكل فعال في الوصول إلى الغايات المطلوبة، والذي يساعد على ذلك وضع قواعد ملزمة يتم الاتفاق عليها وتنفيذها وهذا يمنع من الوقوع في الحوارات العشوائية وإضاعة الوقت ويجنب التوتر والشك وأشكال سوء التفاهم. وهنا نقترح عدداً من القواعد :
1- لماذا اجتمعنا 2- ماذا يمكن أن نفعل 3- ترتيب الموضوعات التي سنتناولها 4- تحديد الوقت اللازم للتفاوض والحوار 5- تحديد أطراف رئيسة يكون لها الأفضلية والأسبقية 6- تحديد منسق أو ضابط للجلسة يتولى إدارة الحوار ويسجل النقاط الرئيسة 7- حفظ وتسجيل الأفكار والمقترحات والخلاصات. 8- تحليل الخلاصات السابقة.
جدير بالذكر قبل كل مفاوضة أو حوار تحديد أسباب اهتمامنا ولماذا نريد الحوار والتفاوض وما هي الفائدة أو الهدف الذي نبغي الوصول إليه. ويجدر التذكير هنا بضرورة العودة إلى القواعد التي ذكرناها في الجزء الأول من الدراسة حيث لا يصح نسيانها أو تجاهلها في كل مفاوضة أو حوار. ومن ذلك : - تركيز الاهتمام على الفوائد المرجوة وليس المواقف - الحديث بوضوح عن أهدافنا الشخصية بحيث تكون الفائدة مشتركة ومتفق عليها والانتباه بشكل فعال إلى أهداف ومصالح الآخرين المرجوة من الحوار - الاستفادة من الخبرات السابقة لكل الأطراف المشاركة.
ختاماً أرجو أن تقدم هذه الدراسة الموجزة – المعتمدة أساساً على كتابا احترام الصراع – فائدة تساعد وتساهم في تحقيق فائدة أكبر لجلسات الحوار والنقاش التي عادة ما تكون بحاجة إلى بعض التنظيم والنصائح حتى تحقق القيمة والأهمية المطلوبة. احسان طالب 28/5/2005 [email protected] http://www.ehsantaleb.blogspot.com
#احسان_طالب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فن الحوار و التواصل مع الآخرين(1 من 2) مهارات إدارة النقاش
-
بين أحضان القمر الراحل
-
سوريا المستقبل القادم رأي في الديمقراطية و الوطنية
-
حالة عشق
-
الأكراد السوريون وطنيون يدعون إلى الديمقراطية
-
من بيروت إلى بغداد حكومة الأمل و البشائر
-
وحيدة أنا
-
التحالف بين التيار الديني و الأنظمة الشمولية الفردية
-
التغيير الراهن في سورية و دور المعارضة في تجنب التجربة العرا
...
-
عندما يصبح الاعتقاد جريمة أحكام قتل المرتد
-
الجوع للأنثى
-
التراث
-
العدل و النساء. إشكالية تعدد الزوجات
-
الدولة الدينية أم الدولة الحديثة رؤية نقدية في بيان الإخوان
...
-
امنيات على الشيخ حسن نصر الله
-
مرثية لدمشق
-
فلسفة مؤسسة الحجاب
-
هل انقضى عهد الولاء المطلق؟ ممارسة حق المواطتة
-
ألا لا يجهلن أحد علينا
-
نداء إلى بهية الحريري
المزيد.....
-
في ظل حكم طالبان..مراهقات أفغانيات تحتفلن بأعياد ميلادهن سرً
...
-
مرشحة ترامب لوزارة التعليم تواجه دعوى قضائية تزعم أنها -مكّن
...
-
مقتل 87 شخصا على الأقل بـ24 ساعة شمال ووسط غزة لتتجاوز حصيلة
...
-
ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من ا
...
-
كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة..
...
-
لو كنت تعانين من تقصف الشعر ـ فهذا كل ما تحتاجين لمعرفته!
-
صحيفة أمريكية: الجيش الأمريكي يختبر صاروخا باليستيا سيحل محل
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان مدينة صور في جنوب لبنا
...
-
العمل السري: سجلنا قصفا صاروخيا على ميدان تدريب عسكري في منط
...
-
الكويت تسحب الجنسية من ملياردير عربي شهير
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|