|
التعليم الأولي المغربي السقيم !!
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 4245 - 2013 / 10 / 14 - 16:21
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
التعليم الأولي المغربي السقيم !! لا يسع المواطن المغربي ، إلا أن يثمن الخدمة الجديدة التي وضعتها وزارة التعليم رهن إشارته ، للتبليغ عما يتعرض السير العادي للمنظومة التربوية التعليمية ، من معوقات ، سواء بالمدرسة العمومية ، أو الخاصة ، وفضح الاختلالات الكثيرة ، والعلل العديدة التي تعاني منها المنظومة ، والتي يتألم المهتمين والآباء منها ومن تداعياتها التي تهدد مستقبل فلذات الأكباد ومستقبل البلاد ، باعتبارها (الخدمة) تصب في إطار السعي نحو تحصين التعليم ، واتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل إنقاذه من كل ما قد يشوبه من مطبطات تؤثر على سيره العادي بالمؤسسات على اختلاف أسلاكها ، لا سيما المستويات الدنيا منها ، السلكين ما قبل الابتدائي ، الحضانات والكتاتيب ورياض الأطفال التي تسبق المراحل الابتدائية . والتي لا تنحصر مشاكله في ظاهرة الخصاص الحاد الذي تعاني منه العديد من المؤسسات التعليمية بمختلف أسلاكها ، ولا في ندرة الموارد البشرية والأطر التربوية المؤهلة التي يمارس أغلبها مهمة حراسة وضبط التلاميذ داخل الأقسام بدل مهمة التربية والتدريس ، كما لا تختصر المعيقات في التدني الفظيع الذي بات يشهده مستوى التلاميذ ، بسبب إكراهات الخريطة المدرسية التي تنعدم في ظلها البيئة التعليمية والتعلمية المناسبة لتوفير الأجواء الصافية التي تمكن من تحقيق الأهداف التربوية والتعليمية المنشودة التي تحفز على العطاء والإبداع .. بل يبقى الإشكال الرئيس الذي تعاني منه المنظومة ، أكبر وأخطر من كل ما يذكر -والذي بالإمكان التغلب عليه بشيء من الحزم والحكامة والإرادة السياسية الوطنية - متجليا في المقررات التعليمية المدرسة للمتعلمين في أخطر الأعمار بالعديد من الموسسات التربوية الأولية (الرياض أو الكتاتيب) ، والتي هي في غالبيتها مناهج تعليمة واردة من قرون ماضية ، وخاضع جلها لوصاية رجال الدين السياسي المتطرفين ، المسيطرين على مقاليد توجيه مساراته ، المجافية للراهنية الحضارية ، وعناصر الواقعية ، والعلمية ، والمعقولية ، ـ والظاهرة بوضوح في تكرار ما عرفه السلف من مناهج تعليم القرون الماضية التي شهدت فيها المعرفة والدراسة تراجعا معرفيا فادحا ، لاعتمادها على التلقين والشحن المنهك للنشء بمعارف ومقولات التراث المتراكم ، وعلوم الحديث ، والتفسير ، والمقاصد ، وما شابهها من سلاسل معارف العقيدة الدينية -التي لست ضدها كمسلم ، كما يمكن أن يتبادر إلى ذهنية بعض ضيقي الآفاق ، المستفيدين من هذا الوضع- التي لا تتناسب وحداثة سن وعقول المتعلمين الصغار ، الذين لا تسمح لهم قدراتهم العقلية وعدّتهم المعرفية بخوض غمار معلومات أكبر من قدراتهم ، ما يجعلهم منفعلين ، عاجزين عن الاستيعاب والفهم الذي يعوضونه بالحفظ والترديد الببعائي ، الذي لا تتيح لقدراتهم المحدودة مجالات أرحب للاكتشاف والتحليل والاستيعاب والفهم ، ويعجز عن مدّ يد العون لهم ومرافقتهم نحو مدارج المعرفة بالطرق التربيوية الحديثة ، ويخنق فيهم الإبداع ، ويغتال التفاعل الخلاق والطموح الإنساني الساعي إلى مستقبل أفضل ، ويكبلهم عن الاندماج في مجتمع الحداثة ، وينعكس في نهاية المطاف ، سلبا على عقولهم الصغيرة ويصيبها بالوهن المعرفي ، وينعكس على مضامينهم وتطلعاتهم وآفاقهم ، وهنا لا بد من استحضار قولة لأدونيس تفيد ان مرور النصوص الضخمة في اذهان قاصرة ، لا يمكن ان ينتج عنها سوى تقزيم تلك النصوص ، وتأتي النتيجة عكس المرجو منها إنما تقدم لهم تعليماً متخلفاً ، يقوم بتدمير العقل العلمي لدى المتعلمين حدثي السن ، أي أنها بمعنى أدق تؤدي عكس الأهداف المرجو تحقيقها !! لقد سبق أن تعدّدت دعوات إصلاح المفاسد والآفات المستحكمة بهذا النوع من المؤسسات التعليمية -الكتاتيب قرآنية المسماة تجنيا "رياض اطفال" التي أقل ما يمكن أن توصف بها ، هو أنها تتنافى شكلا وموضوعًا وجوهر منظومة التربة والتعليم في صورها الحالية التي لم تتغير عن حالها مند عصور- وشكل مقرراتها التي يتلهى فيها المدرسون بفنطازيا الغيبيات ، معجونة بخلطة عفنة من الأمثال والأقوال المأثورة المتناغمة مع عقيدة القضاء والقدر الكارثية ، التي تلغي إرادتهم الخلاقة لصالح قوى الغيب والمجهول ، أمثال " القناعة كنزٌ لا يفنى " و " المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين " أو " ليس بالإمكان أفضل مما كان " لكن الوزارة الوصية وهياكل الإشراف عجزت ع اصلاحها على أرض الواقع ، لتعارض نتائج عملية ذلك الاصلاح مع أهداف ومصالح بعض الجهات وتعراضها مع بعض التوجهات والاءات السياسية ، ما يستوجب اليوم ، وقبل أي وقت آخر ، وفي ظل التحولات العميقة التي يشهدها مجتمعنا ، أن يفتح من جديد حولها نقاش جدي ومتصاعد ، بقصد التأمل في مساراتها ومآلاتها وما تحتاجه من اصلاحات جذرية ، تضع شعوبنا على الطريق الصحيح التي ضللناه مند قرون ، وثورة تربوية وعلمية ضد ما يقدمه من تعليم متخلف يؤدي عكس الأهداف المرجو منه ، يدمر العقل العلمي لدى المتعلمين حدثي السن . ويبقى ما سلف بسطه يبرز بشكل جلي بعض التحديات التي تعيق السير العادي للدراسة بمؤسسات التعليم الأولي الخطير ، وهي تحديات كما يبدو تشكل غيضا من فيض ولا تخفى على الوزارة الوصية كما أنها لا تحتاج من المواطن المغربي أن يرفع شكاية بخصوصها ، ولكن حبنا لهذا الوطن دفع بي لابرازه والتذكير به ، ولو من باب " وذكر" .. حميد طولست [email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-من شر البلية ما يضحك-(5)
-
العيد الكبير والمقايسة !!
-
رياض الأطفال بعد الخطاب الملكي السامي عن التعليم !!
-
هل هي مقايسة أم مسايفة ؟؟
-
تجربتي مع التعليم .
-
لا مصالحة مع من خان وطنه !!
-
عيد المعلم
-
ومن شر البلية ما أضحك .4 الجزء الرابع
-
الإسلام دين سماحة وتسامح وليس دين عنف وتكفير !
-
ومن شر البلية ما أضحك !الجزء الثالث .
-
ومن شر البلية ما أضحك !.الجزء الثاني
-
ومن شر البلية ما أضحك !.
-
حقيقة شعار - الأصابع الاربعة- ؟؟
-
أفضل لحظات استرجاع الذكريات .
-
ردا على أصوات ناشزة !
-
النصر الناتج عن العنف مكافىء للهزيمة !
-
الإعاقة في المغرب وحقيقة الولوجيات! الجزء الثاني .
-
ثقافة السير بين الواقع والمأمول !
-
لماذا لا يأتي المهدي وجودو أبدا ؟؟
-
الإسلاميون والعفو الملكي عن مغتصب البراءة !؟
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|