قيادة الحزب الشيوعي العراقي هي السبب في انحسار دور الحزب الشيوعي الکوردستاني

نژاد أسعد

الحوار المتمدن-العدد: 4244 - 2013 / 10 / 13 - 09:48
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

لم أطلع خلال متابعتي للکتابات التي تتناول سياسة الحزب الشيوعي الکوردستاني علي نقد موضوعي، عميق وبليغ کمقال رفيقنا العزيز کاوة فتاح بيساراني (هل انتهى دور الحزب الشيوعي الكردستاني في الساحة السياسية في كردستان؟) في الحوار المتمدن بتاريخ 4/10/2013، الذي اعتمد في صياغته نهجا تحليليا ينم عن فهم مارکسي لوظيفة الحزب الشيوعي وعن دراية جيدة بالوضع في اقليم کوردستان وبمواقف وممارسات قيادة الحزب.

لقد تمت عمليات ((التنمية))، وبعض االانجازات التي حققتها حکومة الاقليم، وخاصة في مجالي توفير الامن والتوسع العمراني، في ظل تبني الحکومة لسياسات السوق الحرة المنفلتة (النيو ليبرالية)، واحتکار مطلق من قبل الحزبين الحاکمين ليس للقرار السياسي ولجميع مفاصل السلطة واهمها الامنية ومصادر دخل الاقليم المالية فقط، وانما لجميع مفاصل السوق ايضا عبر التحکم وادارة عقود المشاريع الکبيرة وخاصة في مجال الاتصالات (الموبايل والانترنيت) والنفط ومشاريع المدن السکنية.
لقد انجمت هذه السياسة عن بروز فئات طفيلية - بيرقراطية من اصحاب المليارايات والملايين من الدولارات الامريکية علي رأسهم اصحاب النفوذ والسلطة السياسية في الاقليم.

ان ما يؤخذ علي الحزب الشيوعي الکوردستاني عند رسم سياساته وخطابه وبرنامج عمله في الأقليم، هو تجنبه لتعريف الطبيعة الطبقية للسلطة السياسية في الأقليم ولطبيعة قاعدتها الاجتماعية. وهو تجنب مقصود لأن مثل هذا التعريف، الذي هو المدخل لأي حزب شيوعي لتحديد طبيعة المرحلة التي يمر بها المجتمع، وتحديد الموقف من السلطة السياسية وبناء تحالفاته، سيحرج قيادة الحزب امام اصحاب السلطة في الأقليم، بسبب الأتفاقات الغير معلنة بين قيادة الحزب وقيادتي الحزبين الحاکمين، التي وفقها يتمسك الحزب الشيوعي بتأييد الحزبين الحاکمين والمشارکة في الحکومة (لأستثمار السمعة الطيبة للشيوعيين) مقابل تقديم الدعم المالي من الحزبين الحاکمين للحزب الشيوعي، وتعزيز مواقع القياديين الذين يتبنون هذا التوجه داخل الحزب بمنح رواتب رسمية لجميع کوادر الحزب، عبر هؤلاء القياديين. أضافة الي منح ((الهدايا)) من سيارات واراضي وبيوت واموال الي هؤلاء القياديين (شملت حتي زوجات واخوان وابناء وبنات بعضهم)، وهذا ما أشار اليه العزيز کاوة فتاح في مقاله.

وبهذا تشکل داخل الحزب (کتلة) ذي توجه سياسي واضح، عزز مواقعه داخل الحزب عبر تأمين الامتيازات المادية للکوادر الحزبية، ومدعومة سياسيا وماديا من مراکز القرار في الحزبين الحاکمين، تمارس کل الوسائل لأدامة سيطرتها علي جميع مفاصل الحزب وازاحة وقمع الآراء النقدية وصولا الي دفعهم الي خارج صفوف الحزب.

ومن الطبيعي ان يبرز هنا التساؤل الذي عبر عنه کاوة فتاح: (ما هو موقف قيادة الحزب الشيوعي العراقي من هذا الوضع المؤسف للحزب الشيوعي الكردستاني خلال السنوات الاخيرة الى ان وصل الى الوضع البائس؟)، لکن صياغة السؤال خاطيء!
فالحزب الشيوعي الکوردستاني هو مازال جزءا من الحزب الشيوعي العراقي، ليس وفق المعلن في صيغة النظام الداخلي للحزب الشيوعي العراقي فقط (البند الرابع من المادة 14)، وانما ايضا وفق الممارسة الفعلية حيث تشرف قيادة الحزب الشيوعي العراقي وتتدخل في المفاصل الاساسية من عمل الحزب الشيوعي الکوردستاني التي لها آثار مباشرة علي توجهات قيادة الحزب الشيوعي العراقي، وعلاقة الأخيرة بالحزبين الحاکمين هي احدي هذه المفاصل.
ان هذ الوضع المؤسف، الذي يمر به الحزب الشيوعي الكردستاني اليوم، هو نتاج للنهج الذي تمارسه وجوه هذه الـ(الکتلة) المهيمنة علي مفاصل الحزب، والمتحالفة مع مراکز السلطة في الاقليم، وبدعم من قيادة الحزب الشيوعي العراقي التي مکنتها من ذلك منذ المؤتمر الثالث للحزب الشيوعي الكردستاني، عبر تسويقهم کـ ((عراقيين أمميين))!، وما زالت متمسکة بها لأنها تؤمن لقيادة الحزب الشيوعي العراقي ما تريده من قيادتي الحزبين الحاکمين في الأقليم.

کلنا يتفهم حاجة الحزب الشيوعي العراقي الي علاقات طيبة مع الحزبين الحاکمين في الأقليم، وهذا ما تفرضه طبيعة الأوضاع المتدهورة في وسط وجنوب العراق، وطبيعة القوي السياسية السائدة هناك. لکن من غير المفهوم ان تنتهج قيادة الحزب الشيوعي العراقي الحالية المعروفة ببراغماتيتها المفرطة حتي علي حساب المباديء احيانا، سياسة تحالفية مع الحزبين الحاکمين في الأقليم، علي حساب وضع ومصير الحزب الشيوعي الكردستاني .

ان وجود الحزب الشيوعي الكردستاني بجانب الحزب الشيوعي العراقي ضرورة موضوعية، يتطلبها تمايز ترکيبة النظام السياسي في الأقليم عن تلك لبقية مناطق العراق، وکذلك أختلاف المهمات التي تواجه المجتمع الکوردستاني وبالأرتباط بآفاق تطور القضية الکوردستانية المفتوح علي مختلف الاحتمالات. وبانتظار الحزب الشيوعي الكردستاني الکثير من مهام تبني مصالح الفقراء والکادحين في ظل ((تنمية)) غير عادلة تجري في اقليم کوردستان. لذا فمن مصلحة الحزب الشيوعي العراقي دعم الحزب الشيوعي الكردستاني لا کبحه. فهل تدرك قيادة الحزب الشيوعي العراقي مخاطر الاستمرار في تبني هذا (التکتل) الموالي لمراکز القرار في الحزبين الحاکمين والمتداخل معها في الفساد، والذي جعل من امکانية الحياة الحزبية الداخلية في معالجة وضع الحزب أمرا مستحيلا؟

#نژاد_أسعد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات