|
الطرش ... مرض جديد يصيب النواب العراقيين
ياسين الياسين
الحوار المتمدن-العدد: 4243 - 2013 / 10 / 12 - 19:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من الكياسة بمكان أن تكون حركة الأنسان وأي إنسان بتؤدة ، ويغلب عليها طابع الأتّزان والهدوء حتى ليتأكد المرء تماماً من نفسه وحاله ثم يبادر بعد ذلك بالأستجابة للمؤثر الذي تطلّب منه في لحظة أن يستجيب لكل ما وجّه إليه من سؤل أو القيام والأتيان بفعل ما مناسب لما يقتضيه الظرف حينها ، ولكن أن يستمر هذا الفرد أو ذاك بحالة من عدم النباهة والأنتباه أو هو بالأحرى متظاهراً بذلك ، فهذا هو الذي نسميه بالغلس ، ومحاولة إستغفال الآخرين ، ومن ثم التملّص عن أسئلتهم وإستفهاماتهم ، وأخيراً محاولة الهروب دائماً وعدم مواجهتهم ، وهنا فقط تكمن حالة واحدة لايمكن أن تتفرع إلى إثنتين ، وهي أنّه لعوب ومتمرّس في إختلاس ثقة الآخرين واللعب على مشاعرهم وعواطفهم بل ولديه الحنكة اللازمة لخطف قناعاتهم به وإستدراجها لتصب في خانته التي يرمي من ورائها الوصول لاغير إلى غاياته الشخصية ومنافعه المادية الدنيوية القصيرة الأجل ، وهو هنا وصولي بأمتياز وإنتهازي محض ، ومثل أولائك هم وحدهم من يستجلبون الويلات والدمار والمآسي لشعوبهم المغلوب على أمرها من قبل هكذا حفنة من المأجورين والوصوليين والأنتهازيين ، وقد أثبتت الوقائع وبحقائق دامغة وبالأرقام أن كل مايمر به البلد العراقي اليوم في الفترة إبّان الأحتلال وبعده هو بسبب تلك السياسات الخبيثة التي يصر عليها أولائك ممّن يعضّون بأسنان حديدية على مقاعدهم في البرلمان دون أدنى حياء أوخجل ، ولذا تراهم غير آبهين بالمرة بصيحات أبناء الشعب العراقي بسنّته وشيعته من شمال الوطن إلى أقصى جنوبه رافضة كل سلوكياتهم المنحرفة والطائفية والمكرّسة لكل ماحاق ويحيق بالبلد من فساد مستشري وعلى الصعيدين الأداري والمالي بل وتعدّاه إلى ما هو أبعد من ذلك حيث أن بعضاً منهم قد تلطّخت أياديهم بدماء العراقيين الأبرياء من خلال تورّطهم بالعمليات الأرهابية وتسهيل مهمات الأرهابيين بالدخول والخروج إلى مناطق أهدافهم وبسياراتهم ومصفّحاتهم حتى أن البعض منهم يمارس دوره ومهامه عضوا في البرلمان وهو مطلوب قضائياً إلى الأجهزة المختصة ، فيحول بينه وبين القضاء إصرار رئاسة المجلس على عدم درج موضوعة رفع الحصانة عنه على جدول أعمال البرلمان ، وفي جانب آخر لايقل خطورة عنه أن البرلمان لم ولن يصوّت إلى الآن منذ أن بدأ أعماله على أغلب القوانين التي تمس أمن وسلامة المواطن وتلك التي تتعلّق بسلّة الخبز للمواطن ومنها مايتعلّق بالبنية الأقتصادية للبلد ورفع المعاناة عن المواطن العراقي في سكنه ومعالجة أسباب معيشته حتى بات لكل داني وقاصي أن مجلس النواب يتعمّد تعطيل كل مايمت إلى الشعب بصلة جهة تلك القوانين والمواضيع الحسّاسة ، وذهب إلى مايضحك الجاهل قبل العاقل من مهازل قرارات يتّخذها منها على سبيل المثال لا الحصر أنه يصوّت وبأجماع على مخصّصات تجميل وجوه النواب ، وهذا المفصل مهم بحيث أنّهم أقرّوا وبذاتهم ما يتجسّد متجذّراً ومتأصّلاً حقيقة في جعبة مشاعرهم أن أشكالهم وصورهم مسخت إلى وجوه أخرى قبيحة ، وقد إستقبحوها هم بأنفسهم قبل غيرهم من أبناء الشعب ، فعاجلوا إلى صرف مخصّصات تجميل وجوه النواب العراقييين ، وأمّا أوجه القباحة الأخرى هي تلك التي تمثلت وتتمثل اليوم بسلوكياتهم الغريبة حين أصمّوا آذانهم بالطرش تماماً عن سماع أصوات أبناء الشعب وإجماع الأمة من الشمال إلى الجنوب التي إرتفعت هادرة مدوّية تطالب بألغاء الرواتب التقاعدية لأعضاء البرلمان ، وهم أنفسهم الذين كانوا بالأمس إبّان الحملة الأنتخابية يتذلّلون ويتحنّنون إلى الفقير والمعدم ويتوسّلون الغني في الحصول على أصواتهم ، ولقلّة خبرة أبناء هذا الشعب المسكين والذي هو حديث عهد بالتجربة الديمقراطية بسبب ماعاناه من سياسات الحرمان والخوف والرعب إبّان عهود الطغاة ، فتراه سرعان ماتم خداعه بأساليب تلك الحربايات المتلوّنة الخادعة والكاذبة لتصل بالآخر إلى مراميها الشخصية وحساباتها الضيّقة في بناء أمجاد مزيّفة على أكتاف الفقراء والمحرومين من أبناء هذا الشعب ، ووصل الأستهتار بمقدرات هذا الشعب أن تصرف مبالغ خيالية لأجراء عمليات شرجية ( بواسير ) بمبالغ تصل إلى ( 49 ) مليون دينار عراقي لعملية واحدة ولشخص واحد ، وهم يصرّحون بها دون حياء أوحرج في الوقت الذي لايجد أغلب أبناء الشعب داراً للسكن تأويه من حر الصيف وبرد الشتاء ، ومنهم من لايستطيع دفع أجور الكشف فقط لطبيبه لمعالجة أي إلتهاب ولو بسيط ، وكنّا كمثقّفين نتندّر كثيراً بحكاية زوجة الملك الفرنسي لويس السادس عشر ماري إنطوانيت حين خرج الشعب الفرنسي متظاهراً على الجوع والقحط وهو يطلب الخبز ، وكان الملك الفرنسي وزوجته يقفون على شرفة من القصر يتفرّجون على المتظاهرين ، فسألته زوجته ماري قائلة : ما لأولائك يهيصون ويعربدون ؟ فأجابها الملك أنّهم يطلبون الخبز ، فقالت تلك الزوجة الغبيّة : وما أقبحهم وما أغباهم ، فتعجب الملك منها فقال لها : وماذا إذاً ؟ فقالت وببله شديد : وهل إلاّ الخبز ، فليأكلون الكيك مثلاً ! وتصوّروا من هو الأشد غباءاً وبلاهة هي أم برلمانيوا العهد الجديد الذين أتخموا أنفسهم عقارات وفنادق وسيارات فارهة ومصفحات ومزارع ومخصّصات تجميل لوجوههم ، ومخصّصات عمليات شرجية ، وجياع الشعب لازالت تملأ أرصفة الشوارع تلتحف السماء ليلا ، وتتفيّأ الشمس في النهار ، وبطونهم خاوية ، وصدورهم عارية ، وصرخاتهم مدوية تلك التي أصم البرلمانيون سمعهم عنها لكي لاتتصدّع أدمغتهم العبقرية عن ماتتفتق به كل يوم من نظريات علمية جديدة تسهم في تطوير المنتوج العلمي والأقتصادي لبلد يمكن أن يناطح أعظم دول العالم في صروحه العلمية والأقتصادية لوتوفرت الأيادي الأمينة والنظيفة والنفوس السليمة والنوايا النبيلة والغايات والمقاصد الشريفة لغرض الأرتقاء بالبلد من حاله المزري المتردي إلى حال الرقي والبناء وتغيير الواقع والحال ، ومشهد برلمانيوا العراق غريباً لدرجة أن لم يشبهه أي مشهد برلماني آخر في العالم بحيث أن لو خرجت تظاهرات جماهيرية في أي بقعة من العالم تحمل مطالب معينة صوب الحكومة نجد أن برلمانيّوا ذلك البلد يسارعون إلى الأصطفاف بين المتظاهرين ، وبعد الأنتهاء من التظاهرة يتسابقون متسارعين إلى منصّات البرلمان ينقلون إليها هموم أبناء شعبهم وماحصل في تلك التظاهرات مطالبين الدولة بالحل الفوري والعاجل لتينك المشاكل والمطالب ، ويشاركون الحكومة ويشاطرونها المسؤولية في تذليل كل مايعيق عملها لغرض تحقيق تلك الأمنيات والمطالب الشعبية ، وبينما نجد برلمانيّونا في العراق يضمّون رؤوسهم كالنعّامات في الرمال ، ويصمّون أسماعهم لكي لايرون ولايسمعون مايجري في تظاهرات الأمة المطالبة بإلغاء الرواتب التقاعدية للنواب ، وكأنّ مايجري ليس في العراق ، وهم بالتالي ليسوا معنيون بالأمر إيّاه ، وقيل قديماً وقلناها وأعدناها مراراً وتكراراً وقد جاء ذلك على لسان سيد البلغاء والمتكلمين علي بن أبي طالب (ع) حين قال : إن لم تستحي فأفعل ماشئت .
#ياسين_الياسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تركيا وأردوغان .. وأذنابهم من العرب المتخاذلين
-
ماجرى في ذي قار إنتخاب .. أم إنقلاب ؟ ..
-
تأشيرة دخول .. ولماذا ؟ ..
-
البطاقة التموينية .. تنظيم إرهابي جديد
-
مؤشرات .. وأسئلة بعد الأجتماع الرمزي
-
الوطنية .. معيار أخلاقي
-
الحداثوية .. مظهر تجديد حقيقي أم مظهر إنحرافي خطير
-
مسلسل القتل في العراق .. إلى أين ؟ ..
-
مامعنى ان يكون الكاتب مبدعاً .. وأن يكون مأجوراً ومنافقاً
-
إنتهاك الدستور والقانون .. منهج إحترافي أم حذاقة لصوص
-
الأكراد .. هل هم قادمون ؟
-
الأنفجارات .. وثقافة الأستقالة
-
المحافظات .. ونتائج الأنتخابات
-
مشاركة وطنية .. أم شراكة حرامية ؟
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|