|
اله الدم
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4241 - 2013 / 10 / 10 - 06:37
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
اله الدم ****** لن يكون هناك أبلغ تعبيرا عما جاء في خطاب المفتي السابق لجمهورية مصر العربية ، علي جمعة ، من هذا العنوان . فالرجل قذف بالدين الاسلامي جانبا وجاء بتعاليم لا نجدها الا في التوراة المحرفة ، التي تمنح اليهود حق قتل الآمنين واغتصاب أراضيهم الخصبة بأمر الاهي مباشر " ورد في كتاب القضاة 18 ص337: "شرع أبناء دان يبحثون عن مكان يستوطنون فيه؛ لأنّهم لم يكونوا قد ورثوا نصيبهم من الأرض... فأرسل الدانيون خمسة رجال من سبطهم... لتجسس الأرض واستكشافها... فعاد الرجال الخمسة إلى قومهم... فأجابوهم: هيا بنا نهجم على أهل لايش فأرضهم خصيبة... فأنتم عندما تقدّمون عليها ستجدون قوماً مطمئنين في أرض شاسعة، إنّ الربّ قد وهبها لكم وهي أرض خصيبة لا تفتقر إلى شيء" 1-. ولن يعدم الباحث عن نصوص توراتية تدعو الى القتل وتحرض على الابادة وتنشر الرعب بين الناس . فالتوراة المحرفة كما يقول الأستاذ :سعيد العذار ي: دعت إلى القتل والإبادة الجماعية بمعنى عدم الإبقاء على أي أحد باستئصالهم وتصفيتهم " 2. وبما ان المقال لا يتسع للبحث والاستقصاء ، وحسبنا تلك الاشارة السريعة لتوثيق مضمون المقال ، فانني اوثر الدخول في صلب موضوع دعوة هذا المفتي السابق الى سفك دماء المصريين في عصر الجيل الخامس من حقوق الانسان ، وفي مرحلة عصيبة وحرجة تجتازها الأمة العربية والاسلامية ، تفرض من الجميع الدعوة الى الوحدة والتوحد ، الدعوة الى التسامح والتفاهم ، والدعوة الى النهوض واليقظة . انه خطاب لا يختلف بتاتا عن خطابات أدعياء القتل والتفجير الذاتي والانتحار الطوعي ، خطاب يهدد منظومة حقوق الانسان الكونية ، ويهدد السلم والأمن الاجتماعيين . انه يهدم المجتمع من أساسه ، ففي الوقت الذي نرى الآخرين يبحثون عن تحويل الاجتماعي الى مجتمعي ، يخرج الينا دعاة سفك الدماء الى تحويل المجتمع الى قطيع لا يصلح أفراده الا للنحر والذبح والقتل والحرق . فهذه الدعوة الصريحة الى حرب أهلية لا تذر ولا تبقي ، تأتي كجواب سريع ومباشر على دعوات القاعدة والجماعات الاسلامية المتطرفة ، وكان الدولة لم تجد وسيلة لطي الكتاب الا بصناعة الغلاف الثاني لكتاب التاريخ العربي المعاصر ، بنفس مواصفات غلاف الارهابيين والمتطرفين ، لكنها تصنع ذلك بصورة أنيقة في دمويتها ، ورائعة في سفك دماء المجتمع . فحين يتحول الخطاب الديني الى خطاب فتنة وحروب ، فهذا يعني ان مُنزل الخطاب او الكتاب المقدس ؛ هو رب دموي ، يبشر عباده بالدم والحروب والنكبات ، ولا صيغة لديه من صيغ التسامح والرحمة والمغفرة ، وكأن كل وقته قضاه في ترتيب اسباب الحروب والفتن . هكذا يفقد خطاب علي جمعة كل مبررات الخطاب الديني كما هو مبثوث في القرآن الكريم وسنة رسوله الأكرم . اله الدم متوحش ، تعاليمه لا تدعو الا للافتراس والاغتصاب وزهق الأرواح ، انه "أفطار " Avatar الزمن العربي المعاصر . ان الخطاب الديني السائد اليوم ، هو خطاب يعارض منشأه وهويته ، فالقرآن على الأقل لم يُحرّف كما تم تحريف التوراة والانجيل . واذا كان الأمر كذلك فان خطاب الدولة -علي جمعة - وخطاب المتطرفين يتماهيان ولا يتقاطعان ، يتشاركان ولا يتعارضان ، انهما قادمان من نفس المرجع . لكنه قطعا ليس مرجعا قرآنيا . انه مرجع مجتزأ عن سياق القرآن ، وان كان من القرآن . وحين يعارض الخطاب الديني مرجعه ، فانه حتما يعارض جوهره القائم على المودة والرحمة في العلاقات الانسانية الطبيعية ، وينسف أصوله وهويته فالأصل في الدين هو البناء والخلق ، هو تعمير الأرض ، كما انه ايضا يحظ على الاستعداد للحرب في العلاقات الاستثنائية . ولا يدعو ويبشر بالقتل كما يفعل أولئك وهؤلاء :
وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ-;- وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ .
كثير من المفكرين العرب لم يتذوقوا معنى سورة العلق ، انها السورة الأولى التي نزلت على الرسول ، وفيها ترغيب على الخلق وتذكير بالاصل ، " اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الانسان من علق ..." . الخلق بداية التكوين ، والقراءة فعل مستمر ، فالخلق عملية مستمرة اذن ، وليس الابادة ، كما ان العلق هو بداية التأصيل الوجودي للانسان .. لكن الخطاب الديني الدنيوي كما مثله ، علي جمعة ، وخطباء القتل والدم ، خطاب يكرس للموت ويدعو اليه ، فتغدو سمة الموت هي السديم الذي يخلفه انفجار تحالف السياسي بالديني ، أو توظيف السياسي للديني . حين نؤنسن الاله في صيغة الجريمة المقدسة ، نخلع عنه سمة التعالي والسمو ، وحين نتحدث باسمه نجره الى الأرض كي نوصي بالقتل باسمه ، فان ذلك لايعني شيئا آخر ؛ غير اله الفساد بامتياز . فنخضع الله قسرا لرغبات الانسان العابرة ، ويغدو العرضي مهيمنا ، والسرمدي خاضعا . قلب خطير لأسس العلاقة بين المتعالي وبين الدنيوي ، واخلال رهيب بالعلاقة التي تربط الاله بالانسان . ان الدولة حين تستعين بامثال هؤلاء الذين يستعملون مثل ذلك الخطاب ، تفقد كل عناصر الدولة ومرتكزاتها الحداثية ، ومهامها في الحفاظ على حياة المواطن وضمان ازدهاره ورخائه . فنحن اليوم نعيش سياق الجيل الرابع لحقوق الانسان وعلى أبواب الجيل الخامس . بينما يعمل المتحاربون بيننا ، على اعادتنا لحقب الزمن المظلم ، زمن سيطرة الكنيسة على الله والانسان ، زمن نصرة الفقيه والعالم للسلطان . في حين يعيش العالم اليوم في ظل ما يعرف بحقوق الفرد ، وهي حقوق أكثر دقة من حقوق الانسان . فهل هذا يعني اننا دخلنا طورا جديدا في تاريخنا ؟ ، يؤصل لدين الكراهية والعدوانية والدعوة لى القتل والقتل المضاد ؟ .
الهوامش ****** 1-- سعيد العذاري : أخلاق القتال بين سماحة القرآن وارهاب التوراة المحرفة ...جوجل 2--نفسه
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الانسان العربي : القيمة والحقيقة -1-
-
البحث عن الحاضر الغائب -رواية-21-
-
الأم خط أحمر
-
كأنه الموت .....
-
شعرية الانفجار عند ايمان الونطدي -2-
-
لاسقوف للعبارة
-
المغرب وريح الشركَي
-
عالم جديد في طور التكوين -3-
-
انصفوا عمال الانعاش الوطني
-
البحث عن الحاضر الغائب -رواية-20-
-
عن الدخول الثقافي بالمغرب
-
اعدموا الصحفي علي انوزلا
-
البحث عن الغائب الحاضر -رواية -19-
-
تجربة العدالة والتنمية الفارغة
-
لذة السقوط
-
عالم جديد في طور التكوين -2-
-
طريق النسيان
-
البحث عن الحاضر الغائب -رواية-18-
-
سفر في مقهى -الرايس -
-
عالم جديد في طور التكوين -1-
المزيد.....
-
القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام
...
-
البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد
...
-
البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا
...
-
تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
-
شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل-
...
-
أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
-
مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس..
...
-
ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير
...
-
المجلس المركزي لليهود في ألمانيا يوجه رسالة تحذير إلى 103 من
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|