|
فارس اسمه بحروف من النور
على حسن السعدنى
الحوار المتمدن-العدد: 4240 - 2013 / 10 / 9 - 09:18
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
فارس من الطراز الأول.. كتب اسمه بحروف من النور في تاريخ المحاربين النبلاء واستطاع أن ينهي الحروب الصليبية علي القدس في أكتوبر عام 1187 بعد 88 عامًا من حكم الصليبيين لها.
هو القائد صلاح الدين الأيوبي الذي نجح في أن يجمع مصر وسوريا والحجاز وتهامة والعراق في دولة إسلامية موحدة قوية تحيط بمملكة بيت المقدس والإمارات الصليبية من الشمال والشرق والجنوب.
وُلد الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان والذي اُشتهر بـ "صلاح الدين الأيوبي" في عام 1138م، بقلعة تكريت التي لم تقيم بها أسرته بعد ولادته إلا مدة يسيره، ليقيما عند عماد الدين زنكي بالموصل.
ولما تولي نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي حكم دمشق لازم نجم الدين أيوب خدمته وكذلك ولده صلاح الدين، الذي تعلم من نور الدين طرائق الخير وفعل المعروف والاجتهاد في أمور الجهاد.
وقد شهدت السنوات الأخيرة من عمر الدولة الفاطمية في مصر صراعاً محموماً بين "شاور" و"ضرغام" على منصب الوزارة، ولم ينجح واحد منهما في حسم الصراع لمصلحته، والذي انتهى بالقضاء على الوزيرين المتنافسين سنة 1168م، وتولى "أسد الدين شيركوه" قائد حملة نور الدين منصب الوزارة للخليفة العاضد الفاطمي، ثم لم يلبث أن تُوفي شيركوه فخلفه في الوزارة ابن أخيه صلاح الدين الذي كان في الثانية والثلاثين من عمره.
وكانت المفارقة أن يتولى صلاح الدين السُّني المذهب الوزارة لدولة شيعية، وأن يدين في الوقت نفسه بالولاء لنور الدين الزنكي سلطان حلب التابع لدولة الخلافة العباسية، وتحولت مهمته من منع مصر من السقوط في أيدي الصليبيين إلى السعي في ردها إلى أحضان الخلافة العباسية.
وكان على صلاح الدين أن يقوي المذهب السني في مصر لتحقيق أهدافه، واستغرقت هذه المهمة ثلاث سنوات، فعزل القضاة الشيعيين، وأحل محلهم قضاة من أهل السنة، وأنشأ عدداً من المدارس لتدريس الفقه السني.
وفي 1171 أعلن جعل خطبة الجمعة للخليفة العباسي وقطعها من الخليفة الفاطمي الذي كان مريضاً وملازماً للفراش، فكان ذلك إيذانا بانتهاء الدولة الفاطمية، وبداية عصر جديد.
حاول "الأيوبي" بعد ذلك تثبيت أقدام الدولة الأيوبية الجديدة وبسط نفوذها وهيبتها على كل أرجائها، وبعد وفاة "نور الدين محمود" عام 1174م تهيأت الفرصة لصلاح الدين الذي يحكم مصر نيابة عنه، أن يتطلع إلى ضم بلاد الشام إلى حكمه؛ لتقوية الصف الإسلامي، وتوحيد الجهود ـ وهو ما استغرق أكثر من 10 سنوات في الفترة من 1174م وحتى 1186م ـ استعداداً للوقوف أمام الصليبيين، وتحرير الأراضي المغتصبة من أيديهم، ثم أعلن عن استقلاله عن بيت نور الدين محمود وتبعيته للخلافة العباسية، وأصبح حاكماً على مصر.
اطمأن الناصر صلاح الدين إلى جبهته الداخلية، ووثق تماماً في قوتها وتماسكها، فانتقل إلى الخطوة الأخرى، وانصرف بكل قوته وطاقته إلى قتال الصليبيين، وخاض معهم سلسلة من المعارك كُلِّلت بالنصر، ثم توج انتصاراته عليهم في معركة "حطين" سنة "583هـ الموافق 1187م"، وكانت معركة هائلة أُسر فيها ملك بيت المقدس وأرناط حاكم حصن الكرك، وغيرهما من كبار قادة الصليبيين.
وبقلب شجاع استغل صلاح الدين تهاوي المدن والقلاع الصليبية، وهاجمها فاستسلمت قلعة طبرية، وسقطت عكا، وقيسارية، ونابلس، وأرسوف، ويافا وبيروت وغيرها، وأصبح الطريق ممهداً لأن يُفتح بيت المقدس، فحاصر المدينة المقدسة، حتى استسلمت وطلبت الصلح، ودخل صلاح الدين المدينة السليبة في "27 من رجب 583هـ الموافق 2 من أكتوبر 1187م"، وكان يوماً مشهوداً في التاريخ الإسلامي.
وابتهج المسلمون ابتهاجًا عظيمًا بعودة القدس إلى ربوع الأراضي الإسلامية والخلافة العباسية، وحضر ناس كثيرون ليسلموا على السلطان ومن هؤلاء الرشيد أبو محمد عبد الرحمن بن بدر بن الحسن بن مفرج النابلسي، الشاعر المشهور، فأنشد صلاح الدين قصيدة طويلة من مائة بيت يمدحه ويُهنئه بالفتح.
واهتم صلاح الدين ببناء الأسوار والاستحكامات والقلاع، ومن أشهرها "قلعة الجبل"؛ لتكون مقراً لحكومته، ومعقلاً لجيشه، وحصناً منيعاً يمكِّنه من الدفاع عن القاهرة، غير أن صلاح الدين لم يتمكن من إتمام تشييدها في عهده، وظلت القلعة مقراً لدواوين الحكم في مصر حتى وقت قريب، وأحاط الفسطاط والعسكر وأطلال القلاع والقاهرة جميعاً بسور طوله 15 كيلومتر، وعرضه ثلاثة أمتار، وتتخلله الأبراج.
واشتهر "الأيوبي" بسماحته وجنوحه إلى السلم؛ حتى صار مضرب الأمثال في ذلك، فقد عامل الصليبيين بعد استسلام المدينة المقدسة معاملة طيبة، وأبدى تسامحاً ظاهراً في تحصيل الفداء من أهلها، وكان دخول المسلمين بيت المقدس دون إراقة دماء وارتكاب آثام صفحة مشرقة ناصعة، تُناقض تماماً ما ارتكبه الفرنج الصليبيون عند استيلائهم على المدينة سنة (492هـ الموافق 1099م) من الفتك بأهلها المسلمين العُزَّل وقتل الألوف منهم.
#على_حسن_السعدنى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
على حسن السعدنى يكتب :اللوجيستى
-
نزع الحدود
-
استراتيجيات الوقاية
-
كيلاني الأعرابي
-
فرحة الانتصار فى عيد الغفران
-
نهاية الكبوس
-
حرب اكتوبر سهم العرب
-
أشتون وارق زيارتها لمصر
-
على حسن السعدنى يكتب : استراتيجيات الوقاية
-
السادات بطل الحرب ورمز السلام
-
يوم الكرامة والميدان
-
علامات استفهام التقارب الايرانى الامريكى
-
رؤساء النيل
-
جمال عبد الناصر حاكم للتاريخ
-
طلقة المرزوقى
-
هل تسير تونس على الناهج المصرى
-
مصر تتحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة
-
نهج جيفارا
-
قالوا عن جمال عبد الناصر
-
السياسى غاندى
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|