|
إلى محبي قناة البصيرة الفضائية
عبد الرحيم الحنفي
الحوار المتمدن-العدد: 4239 - 2013 / 10 / 8 - 09:14
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هذه الأسطرعبارة عن رسالة إلى كل محبي قناة البصيرة . نهدف من خلالها إلى إثارة بعض تناقضات و تهافت هذه القناة الظلامية إزاء ما يشهده الشارع السياسي العربي بشكل عام، وما تعرفه مصر حاليا من أزمة سياسية على و جه التحديد،(يتعلق الأمر هنا بتبرير القناة الانقلاب على شرعية الرئيس محمد مرسي، و كذا استحلالها لدماء الرافضين للانقلاب). وقناة البصيرة بالتعريف ، قناة دينية كمعظم القنوات الفضائية المصرية ، مشرفها العام هو الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني، و يتتبعها حاليا جمهور عريض داخل و خارج أرض مصر.
في الواقع ، كم كانت دهشتي عظيمة لما رأيت من أن الكثير من المتتبعين لهذه القناة عندما يتصل أحدهم بها يقسم أنه يحبها، و أنه يفضلها على سائر القنوات، الأمر الذي قادني إلى طرح سؤال، و هو : هل هؤلاء المعجبين بهذه القناة إلى هذ الحد ممن يحترمون عقولهم أم أنهم مجرد إمعات تمت أفينتهم بالدين ؟ كل ذلك، لِما سجلت عن هذه القناة العميلة من ظلامية و كذب بواج وعيشها خارج التاريخ. و سنبين كل ذلك على النحو التالي : مقدمة أولى: لقد طلعت علينا هذه القناة منذ الانقلاب على و جه التحديد بسلسلة من الحلقات تزعم من خلالها أنها تفضح "الإخوان المسلمين" و تبين فساد عقيدتهم / فكرهم ، و من أبرز ما أوردته بهذا الصدد، أن الإخوان جماعة رافضية ( روافض العصر)، تتآمر على إسقاط النظام السعودي، هدفها نشر الفتنة و تشتيت المجتمعات العربية الاسلامية بتواطؤ مع أجندة خارجية . ذلكم ما قصمت به جماجمنا ليل نهار ، و كانت في اخر كل حلقة، و يا للعجب، تغدق في الدعاء بالنصر و الحفظ على الفريق أول عبد الفتاح السيسي و على "خادم" الحرمين الشريفين الملك عبد الله . مقدمة ثانية : لقد كان موقف القناة من الانتفاضات و التورات التي عرفتها الشعوب العربية الاسلامية إلى حد كبير موقفا معاديا ، و كانت تستنكر و لاتزال أي دعوة للتظاهر و الثورة على ولاة الأمور( حسني مبارك، بشار ...... الجيش المصري). فإذا كانت بلدان الربيع الديمقراطي " تونس – مصر – ليبيا – سوريا ) قد سمت حراكها بقطار التغيير، فقد اطلقت عليه قناة العمي و الضلال (قناة البصيرة) " قطار الوهم العربي الذي انطلق بقيادة الاخوان بتونس الى الدول العربية مرورا بليبيا و مصر و سوريا " على حد تعبير القناة . مناقشة : يتضح من المقدمة الأولى أن تبرير القناة الانقلاب على شرعية الرئيس مرسي وكذا استحلالها لدماء المتظاهرين، منبعه اختلافها الفكري/ العقدي فحسب، مع الإخوان المسلمين ( و ذلك بالذات ما ركز عليه الرضواني في خطاباته ) و لذلك فكل من رفض الإنقلاب و نزل للميادين للتعبير عن موقفه بحرية، يعد بالنسبة لها (القناة) إخوانيا " رافضي العصر" و يجوز، بل و يجب على عبد الفتاح السيسي أن يسحقه سحقا. بناءا على هذا، نفهم أن قناة البصيرة لا يوجد في قاموسها السياسي شيء اسمه الديمقراطية و ان كانت تدعي ذلك ، و بالتالي ، فهي بالطبع لازالت تعيش خارج التاريخ . فسواء اختلفت يا عبد الرزاق الرضواني مع الإخوان على مستوى الفكر أم لم تختلف معهم ، فصناديق الاقتراع هي التي افرزتهم . فلو افترضنا أن قناة البصيرة أسست حزبا سياسيا .... و أجريت انتخابات نزيهة فصعدت إلى سدة الحكم ، فهل و فقا لمبادئ الديمقراطية يحق لأحد أن يتحامل على إسقاطها نظر ا لاختلافه الفكري- العقدي معها !؟.
من المقدمة الثانية نلاحظ كذلك أن القناة تحرم الإحتجاج(المطالبة بالحقوق من حرية و عدالة و مساواة ...) على و لاة الأمور . لكن أوليس مرسي ( أو أي رئيس أخر يمكن أن يصعد في بلدان الربيع بنزاهة) ولي أمر ؟ يبدو أن الجواب كلا ، لأنه ربما بحسب القناة لم يصعد إلى الحكم إلا عن طريق الانقلاب ( الثورة) على "ولي أمر" حقيقي ( مبارك ، العابدين ، القذافي ...) و لذلك يحق شرعا الإنقلاب عليه. لنسر مع دغماطيقية القناة و نسلم بأن كل هذه الإدعاءات المحتملة صحيحة، لكن ماذا عن" أولياء الأمور الحقيقيين"، أليسوا للاسف من الطغاة الذين أذاقوا شعوبهم المرارة و العذاب !؟ أليس فيهم المنقلبين على أنظمة حكم سابقة!؟ أليسوا ممن لم يسبق لهم يوما أن انتخبوا بشكل ديمقراطي نزيه!؟.
لنعد مرة أخرى إلى مسألة الاختلاف الفكري- العقدي للقناة مع الاخوان باعتبارهم على حد تعبيرها قادة الفتنة ( الربيع الديمقراطي) فنساءل الدكتور الرضواني (و نحن نعرف فكره و عقيدته)هذا السؤال: إذا كانت العقيدة و الفكر عموما بالنسبة لك هي المعيار الأساس لقبول فئة- شخص ما لتدبير الشأن العام، فلماذا كنت ولا تزال تدافع عن أنظمة أولئك الطغاة ( مبارك، بشار...) مع أنهم يختلفون معك في العقيدة إختلافا صارخا؟؟، إي نعم، إختلافا صارخا، من يكون على سبيل المثال صاحب كتاب " الكتاب الأخضر" معمر القدافي !؟
صفوة القول، إن قناة البصيرة قناة ظلامية، تريدنا أن نرزح تحت الظلم و الاستبداد ونلزم الصمت. لقد سمت نفسها " البصيرة "، لكن للأسف ريالات النظام السعودي الأوليغارشي قد أعمت بصيرتها، فصارت لا ترى الحق إلا ضلالا، و الضلال حقا كما العديد من المفكرين الذين شكلت الإيديولوجيا غطاء بصيرتهم، فلم يقولوا هم الأخرون في القضية غير ما يكشف عورتهم بأن لا ديموقراطية يؤمنون بها.
#عبد_الرحيم_الحنفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ردا على المسلمين في علاقتهم بالعلم
-
العلمانية و الشريعة و ضرورة اللافصل
المزيد.....
-
الزعيم الروحي للموحدين الدروز في سوريا: حل الفصائل المسلحة و
...
-
بابا الفاتيكان: التنمر في المدارس يُعدُّ الطلاب للحرب بدلا م
...
-
احدث تردد قناة طيور الجنة 2025 عبر نايل وعرب سات جودة HD
-
تسليم لوحة تتضمن كلمات قائد الثورة عن المسيح (ع) لبابا الفات
...
-
حقيقة الطائفية .. ما بين الحكومة السورية السابقة والراهنة
-
ترامب يعين نائبة يهودية مبعوثا للسلام بالشرق الأوسط
-
شهيدة وعدد من الاصابات بقصف اسرائيلي قرب البنك الاسلامي بجبا
...
-
هذا ما دار بين شيخ الأزهر والبابا تواضروس حول غزة
-
شيخ الأزهر: الفلسطينيون لم يقترفوا ذنبا إلا التشبث بأرضهم
...
-
طهران.. احتفال بذكرى مولد عيسى المسيح (ع) في جامعة أهل البيت
...
المزيد.....
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
المزيد.....
|