أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - الجريمة والعقال 6 - العلم ضد التربية














المزيد.....

الجريمة والعقال 6 - العلم ضد التربية


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 4236 - 2013 / 10 / 5 - 14:18
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن أغلب برامج التربية في المؤسسات التعليمية بمختلف أنواعها وتوجهاتها الإيديولوجية، تنفذ على ضوء فلسفة "التوجيه" و"التقويم" و"الإرشاد" و"التطويع" و"التهذيب" ‪-;-وذلك لغرض تكوين إنسان مستقيم وصالح يناسب المقاييس الإجتماعية التي تقوم بتنفيذ هذه البرامج والمناهج‬-;- دون الأخذ في الإعتبار حرية المتلقي ولا قدرته على تنمية منظومة من القيم التي أنتجها من تجربته الشخصية ورغباته الخاصه، وبدون الأخذ في الإعتبار كل العوامل المتعددة بيئية ونفسية وإجتماعية ومادية والتي تتشابك وتتفاعل لتكون في النهاية القيم والمبادئ "الأخلاقية" التي على ضوئها يتحدد السلوك المناسب لكل شخص. ولقد أشرنا في الحلقة السابقة أن سياسة "العصا لمن عصى" تعتبر عاملا من عوامل إنتشار ثقافة العنف والخوف، غير أن هذا ليس إلا نصف الحقيقة، النصف الآخر من الحقيقة أن الوسيلة المستعملة في التربية سواء كانت العنف أو اللين، سواء كانت بالضرب أو بالكلام المعسول تظل متساوية النتائج طالما الهدف المنشود ما زال واحدا، وهو فبركة السلوك "المثالي" المطلوب. يقول جان بول سارتر في الكينونة والعدم " إن التربية القاسية تعامل الطفل كأداة، لأنها تحاول إخضاعه بالقوة لقيم لم يتقبلها، لكن التربية الليبرالية التي تستعمل طرائق أخرى، تختار أيضا بطريقة قبلية مبادئها وقيمها التي ستعامل الطفل في ضوئها. إن معاملة الطفل على قاعدة الإقناع واللطف لا تستدعي إرغاما أقل: هكذا، فإن إحترام حرية الآخر هي كلمة فارغة: إذا كان بإمكاننا أن نعتزم احترام هذه الحرية، فكل موقف نتخذه تجاه الآخر، هو إنتهاك لهذه الحرية التي نزعم احترامها" 460ص إن هذا الموقف المتطرف والشديد الإنحياز إلى فلسفة الحرية ضرورة تمليها ظروف الإنسان الوجودية وكونه محكوم عليه بالحرية وفي نفس الوقت محكوم عليه بالوجود في العالم في مواجهة الآخر، وانبثاقنا في العالم هو بذاته حد لحرية الآخر كما هو حد لحريتنا، ولذلك تستحيل حرية الفرد بدون حرية الآخرين " ولا شيء يستطيع، حتى الإنتحار، أن يغير هذا الموقف الأصلي، فمهما تكن أفعالنا، نحن نقوم بها في عالم يوجد فيه الغير مسبقا، وأوجد فيه كفائض، زائد عن اللزوم بالنسبة إلى الغير". فهل معنى ذلك استحالة التواصل مع الآخر؟ أو استحالة أن تقوم المؤسسات التعليمية بدور في المجتمع؟ ربما الحل يكمن في استبدال مفهوم "التربية" بمفهوم آخر أكثر محايدة ويخلو من القبليات الأخلاقية مثل مفهوم "التعلم" أو "التكون العقلي" أو شيء من هذا القبيل، حيث يكون دور المؤسسات التعليمية هو توفير "العلم" بمعناه الواسع وإعطاء المفاتيح اللازمة للطالب لتكوين نظرة نقدية فعالة تجاه العالم والمجتمع خالية من القيم والمعايير الأخلاقية البائدة وتستند أساسا على العقل والمنطق وإعتبار الآخر في وجوده ككائن حر وعاقل بدوره. فأغلب المناهج التربوية باختلاف طرقها ونظرياتها البائدة والمعاصرة فشلت في استئصال العنف من المجتمع، وذلك لأن هذه النظريات لم تأخذ الإنسان كحرية فاعلة وديناميكية وإنما "كشيء" أو كجينة يمكن تشكيلها وقولبتها كما نشاء. وأورد للقارئ هنا بعض الأمثلة مما يمكن تسميته بالتربية الإسلامية:
1 - "الطفل أمانة عند والِديه، وقلبه عبارة عن جوهرة ساذَجة قابلة لكل نقْش"
2 - " فالتربية الإسلامية تستنِد إلى الكتاب والسنة والتي يتم غرْسها في نفوس الناشئة؛ بحيث يكون سلوكهم مطابِقًا لها. ومن ثَم فإن التربية في الإسلام لا تعني حشو مخ الناشئة بمختلف العلوم؛ من أجل الحصول على شهادة، بل أن يتكيَّف الطفل بحقائق العلم الإلهي، لتصير ملَكة الخير طبيعته التي تصدُر عنها أفعال الخير مستندًا إلى الإيمان بالله - عز وجل - وبذلك يتحقَّق مقصود التربية في الإسلام".
3 - "والتعليم في الإسلام يجعل للمرأة تميزاً في المناهج، يتلاءم مع فطرتها وأنوثتها ووظيفتها، يقول الله تعالى: ]وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى[ [آل عمران:]. فإعداد الفتاة ليس كإعداد الفتى، المرأة لم تعد لتصارع الرجل في المصنع والمتجر ولتكون كادحة ناصبة. إعدادها بما يناسب طبيعتها وينسجم مع وظيفتها المنتظرة. إعدادها لتكون زوجة تجعل بيت الزوجية جنة ورافة الظلال، تتفيأ ظلالها أسرة سعيدة، وأماً تغدق حنانها على أطفالها وتحسن تربية أولادها، وأي خدمة للأمة والوطن أجل وأعظم من صنع الرجال وتربية الأجيال"
إن هذا النوع من "التربية" هو الذي ساهم في ظهور الديكتاتوريات العائلية والقبلية وفي انتشار العنف بكل أنواعه وفي تليف العقل وجفافه وفي انتشار الفقر الفكري المدقع، وليس هناك باب ولا نافذة للخروج من المأزق التاريخي وتجاوز الكارثة إلا بـ"العلم"، وليس بـ"التربية"، لأن التربية تعني وجود نموذج مسبق، وتعني خلق نسخ من هذا النموذج، وتعني اجترار الماضي، وتعني إلغاء إمكانية وجود مستقبل مغاير.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجريمة والعقال 5 - القرود الخمسة والموزة المحرمة
- الجريمة والعقال 4 - العصا لمن عصى
- الجريمة والعقال 3- الإسلام .. رسالة ملغمة
- الجريمة والعقال 2- البحث عن الجنة
- الجريمة والعقال 1- الحشاشون
- الإنسان حيوان قاتل 11 - ماكبث .. القاتل والمقتول
- الإنسان حيوان قاتل 10 - لماذا لا يحدث إنقلاب عسكري في أمريكا ...
- الإنسان حيوان قاتل 9 - المظلة البلغارية
- الإنسان حيوان قاتل 8 - أسطورة اوزيريس
- الإنسان حيوان قاتل 7 - القاتل بالجملة
- الإنسان حيوان قاتل 6 - القتلة الجياع
- الإنسان حيوان قاتل 5 - السن بالسن والرقبة بالرقبة
- الإنسان حيوان قاتل 4 - لاتغضب بدلا من لا تقتل
- الإنسان حيوان قاتل 3- دمشق .. مسرح الجريمة
- الإنسان حيوان قاتل .. 2 - الجثة رقم 1
- الإنسان حيوان قاتل 1 - الغاية والوسيلة
- توكل على الله والدولة
- ملل ..
- ليبيا .. في إنتظار الكارثة
- خرائب الوعي .. 26 - تحت ظل الشجرة


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - الجريمة والعقال 6 - العلم ضد التربية