أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - رضا الأعرجي - ما هي -إمكانيات- الحوار مع النظام العراقي؟















المزيد.....

ما هي -إمكانيات- الحوار مع النظام العراقي؟


رضا الأعرجي

الحوار المتمدن-العدد: 302 - 2002 / 11 / 9 - 06:38
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

ـــــــــــــــــــــ

     ما زال هناك من العراقيين من يعتقد بإمكانية أن يغير النمر بقعه، وبالتالي أن يتحول الدكتاتور العراقي إلى رجل حوار يسمح بحرية التعبير عن الرأي وتبادل الأفكار.

     وليس الكاتب عبد الأمير الركابي الذي تردد أسمه مؤخرا كرئيس محتمل للحكومة العراقية، في حال حصول معجزة التحول والتغيير، وحده من دعا إلى التحاور مع نظام صدام حسين، فقد سبقه إلى ذلك كثيرون لعل أبرزهم الباحث الاكاديمي الدكتور غسان العطية قبل أن يبح صوته وييأس ويتراجع نتيجة التجاهل والصمت، وربما الازدراء الذي قابله به النظام الحاكم في العراق، واليوم، يواصل الدعوة بقوة القيادي الشيوعي السابق باقر الموسوي.

     لم نكن، كعراقيين عانوا من بطش النظام ودمويته، بحاجة إلى إدراك عدم جدوى الحوار مع نظام كانت فحوى سياسته الداخلية أن يعقد لسان شعبه ويخرسه ويقطع عليه مجال إبداء وجهة النظر حتى لو كانت موجهة لمصلحة الدولة العليا وخدمة البلاد، فأحرى بانتقاده أو الاعتراض عليه!!

     إن مزيج الخوف من صوت الشعب والغطرسة وإضفاء القداسة على شخص صدام حسين واعتباره "القائد الملهم" و"مبعوث العناية الإلهية"، جعلته الماكنة الدعائية التي ظلت تعمل دون توقف منذ أكثر من ثلاثين عاما يتحول الى كتلة خرسانية من الصعب اختراقها، فليس ثمة من ثغرة فيها يمكن النفاذ منها كما يتوهم البعض من أصحاب دعوات الحوار والمصالحة مع النظام، ولا أمل في تسوية مع الحكم أو إصلاحه بعد كل السياسات الطائشة الخرقاء والويلات التي جرها على العراق والمنطقة.

     لقد كان من بين الافتراضات التي بنى عليها دعاة الحوار مع نظام صدام حسين وجود " إمكانيات متوفرة للانفتاح في الداخل العراقي". والسؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح: ما هي هذه "الإمكانيات" التي يجري الحديث كما لو كانت من الممكنات؟

     بحكم الوقائع المتراكمة عن طبيعة النظام العراقي، يظل هذا الافتراض مجرد افتراض يعوزه البرهان فضلا عن الدقة والرؤية الواضحة، ذلك أن هؤلاء الدعاة يغمضون أعينهم عمدا ليتحاشوا رؤية الواقع العراقي كما هو، وعندما يفتحونها، فإنما لكي يروا فقط في الخطوة التي أقدم عليها هذا النظام بإطلاق سراح السجناء العراقيين إنجازا يستحق الإشادة والتنويه، رغم أن الجميع يدرك إن هذه الخطوة المتأخرة جدا ما كان لها أن تتم لولا شعوره بتلاشي إمكانياته على مواجهة التهديدات الأمريكية المتواصلة لإسقاطه، كما أن هذه الخطوة اليتيمة لم تشمل سوى سجناء الحق العام، أما السجناء السياسيون فمازالوا يقبعون في زنزاناتهم، وباعتراف السيد الركابي، "هنالك 40 ألفا من المساجين لم يتم الإفراج عنهم".

     من البدهيات، إن على طالب علم السياسة حين يدرس وضعا ما أن يدرسه على ما هو عليه كي يكون قادرا على تبين الاتجاه الذي يرجح أن يسير فيه. والواقع، ليس في سجل النظام العراقي ما يفيد بإمكانية التغيير تحت أسنة الحراب، وهو الآن تحتها بالفعل. ويعني هذا باختصار، إن صدام حسين لن يجد خارج الحكم ملجأ ينقذه عند الحاجة.  

     والكثير منا يتذكر "الشروط" التي وضعها النظام العراقي حيال موضوع الدستور والتعددية الحزبية عندما جرى النقاش حولها في مثل هذا الوقت من عام 1999، فرغم هزيمته المدوية في أعقاب حرب الخليج الثانية، وافتقاره إلى الحلفاء والأصدقاء، لم يبد أي استعداد لأن يتخلى عن السيطرة المطلقة، وفرض هيمنته على الأحزاب الجديدة التي لا يريد لها إلا أن تكون أحزابا "رديفة ومؤيدة لحزب البعث".

     لقد علمتنا التجارب إن "الروب لا يصنع الراهب"، وان نظاما دمويا متوحشا أبقى على الحياة العراقية جامدة تقريبا من جميع المقومات الأساسية، لن تجعل منه خطوة متأخرة ويتيمة "المارد الأسمر" الذي يعول عليه في تحقيق "التغيير السلمي" وبناء "الجبهة الداخلية"، ذلك أن فاقد الشيء لا ولن يعطيه، ومن الجهل والغباء الشديدين أن يتم الرهان على جواد خاسر عندما يراد قطع الأشواط البعيدة نحو التغيير المأمول.

    والتجربة العراقية المريرة برهنت بما لا يدع مجالا للشك أن وقت التغيير من الداخل وتحت نير التسلط والدكتاتورية قد فات. ويبدو واضحا، أن ليس هناك طريق وسط مع يدعي أنه الحكم الأوحد في الحقيقة الأيديولوجية، وان له أن يحتفظ بالسيطرة العليا على جميع القرارات المهمة في حياة المجتمع، فأما أن يبعدنا ويبعد الأجيال القادمة عن أي بصيص نور كما فعل ستالين وهتلر، أو أن نسمح لأشعة الحياة الحقيقة بالنفاذ من أي كوة أتت، ولعل مصير أجيالنا هو ما يتطلب منا أن لا نجعل من مشروع تغيير النظام الدكتاتوري الشجرة التي تخفي وراءها غابة البطش الصدامية وآليات القمع التي تتحكم في رقاب العراقيين.

     في كتابه "1984" جسد جورج ارويل نوع الدكتاتورية المثالي لا في حكم الحزب الأوحد فقط بل في حكم الرجل الواحد في الحزب الوحيد، وذوبان المجتمع في الدولة، وكان عليه أن ينتظر ليرى كيف ينحرف الطرف الآخر ويجد طرقا ملتبسة ومضللة لإظهار عدم الفرق بين دولة الحزب الأوحد بكل ما تنطوي عليه من استبداد وقمع وإرهاب سافر، وذلك باسم الوطنية والحفاظ على أسطورة الإجماع الوطني، وبين النظام القادر على الاستجابة للمتغيرات التي طرأت وما فتئت تطرأ على العالم منذ سقوط جدار برلين وانهيار المعسكر الاشتراكي.

     يجب أن لا يسمح للكلام المنمق بإخفاء الحقيقة. فالوطنية التي يلح عليها دعاة الحوار تمييزا لأنفسهم قبل التمييز بين فصائل المعارضة العراقية باتت مجرد مصطلح خال من أي مضمون حقيقي لمعنى المواطنة والارتباط بالوطن، وهي ذات النسخة من "الوطنية" التي دأب النظام العراقي على استخدامها وإلصاقها بنفسه بقصد سلب ناقديه والمعارضين لتسلطه واستبداده حقوقهم الأساسية في النقد والاعتراض. وإذ يعمد البعض ممن يحسبون أنفسهم على المعارضة إلى مجاراة النظام في استخدام هذا المصطلح المشوه إنما يدعون لأنفسهم الحق الذي يدعيه بمنع كل نقد علني وفرض الخوف على الآخرين ووصمهم بالتهمة الجاهزة دائما: الخيانة.



#رضا_الأعرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بالصور..هكذا يبدو حفل زفاف سعودي من منظور -عين الطائر-
- فيديو يرصد السرعة الفائقة لحظة ضرب صاروخ MIRV الروسي بأوكران ...
- مسؤول يكشف المقابل الروسي المقدّم لكوريا الشمالية لإرسال جنو ...
- دعوى قضائية ضد الروائي كمال داود.. ماذا جاء فيها؟
- البنتاغون: مركبة صينية متعددة الاستخدام تثير القلق
- ماذا قدمت روسيا لكوريا الشمالية مقابل انخراطها في القتال ضد ...
- بوتين يحيّد القيادة البريطانية بصاروخه الجديد
- مصر.. إصابة العشرات بحادث سير
- مراسل RT: غارات عنيفة تستهدف مدينة صور في جنوب لبنان (فيديو) ...
- الإمارات.. اكتشاف نص سري مخفي تحت طبقة زخرفية ذهيبة في -المص ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - رضا الأعرجي - ما هي -إمكانيات- الحوار مع النظام العراقي؟