إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1209 - 2005 / 5 / 26 - 08:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بدهيّ , أنّ سوريا تعيش في هذه اللحظة حالة غليان عارمة , غير مسبوقة- من قبل- البتة , نتيجة جملة تفاعلات تراكمية في مرجل الحياة اليومية وهي ــ في عمومها ــ تشي- جهاراً- بحتمية تحوّل هائل في مسيرة هذا البلد , تحاول كل ّقوة منها ( رغم تبايناتها الهائلة ) أن تطوع هذا التحول الذي لابد منه لصالحها !؟
ولعلّ ما غدا مؤكّداً أنّ مرحلة ذرّ الرماد في العيون , والتنويم الشعاراتي لم تعد قادرة على الحفاظ على مسوّغات ديمومتها ,وسيرورتها ، لأنّ مفردات ّالتضليل التي كانت تتكئ عليها , وتستهدي ببريقها الاصطناعي ، غدت واضحة الخواء والزّيف , فهي قد سعت- وعلى امتداد شريط زمانيّ محدود نقطتي : البداية والنهاية، لإجراء تغييرات هائلة في البنية الاجتماعية ، وما الغاءالطبقة الوسطى في سوريا ،منذ عقود،إلا دليل على ذلك ، حيث بتنا أمام طبقتين اثنتين :
1- الطبفة الطفيلية البيروقراطية المتنفذة والمخادعة والمتحكمة برقاب ومصائر ومقدرات العامة –نحن – والتي لا تزيد عن 5 بالمئة من مجمل سكان سوريا ، وان كان بين هذا الرقم الضئيل حيتان ضاربة، أكلت أخضر ويابس بلدنا ، دون أن تشبع!.
2- طبقة سواد الجماهير المطعونة في كرامتها ، ومسلوبة اللقمة ، والتي باتت – رويدا ً رويدا ً- تكسر القمقم المضروب حولها ، كي تبدأ قراءة أولى للذات والواقع ، وتستشرف المستقبل ، وتكنس عن عيونها أصفاد السبات العقودي ، وهي – عموما ً – القوة الأكثر فاعلية وثقلا ً وبقاءً...!.
وإذا كان مثل هذا الفرز – النظريّ – للشارع السوري صائبا ً لأول وهلة ، بيد أن هناك حقيقة لا مناص منها ،هي أن مرحلة التضليل السابقة ، و عبر لعبة – خلط الأوراق – كوّنت تداخلات مذهلة ، اغترابية ،إذ لم يعد غريبا ًلو رأينا من بين عداد الكتلة – المغلوبة على أمرهاسوريا ً –من يقوم بحراسة مصالح ناهب لقمته! ، ولعلّ الأخطر – هنا – هو استشراء – مايكروب الشذوذ- في ذهنية المثقف أو السياسي ، وهو مايتجلّى في- نهاية المطاف-من خلال تلك الشروخ البينة في بنية – المعارضة الواضحة أو المهادنةأو المتسترة ( معثبرا ًأن سوريا برمتها إلا قليلاً معارضة ) والتي يحاول "بعض"منها، المزاودة على – النظام نفسه – وعدم قطع الخيط الأخير معه ، لتطابق رؤاهما في بعض " الثوابت " الممّضة ،أومن استعادة الماضي عينه – وتحت ذرائع ومسوّغات ومسميات جديدة – لا تخرج عن إهاب الأيديولوجيا الواحدة ، واعتبار الرأي بديلاً مقدساً ،عن الرأي الآخرالمدنس وفق ثقافته الجوانيةالتي رضع من لبانها، لا الظاهرة ،وبالتالي التعامي عن استحقاقات : المرحلة – الآخر –والتعويض عما فاته من سلسبيل وأعناب وحورعين فراديس السلطة ، والأنكى من كل ذلك اختصار المسألة الكردية في سوريا إلى مجرد مواطنة و حفنة حقوق ثقافية تعطى، أو لا تعطى، صدقة ، ومنة ، فحسب !،وهو موقف ينمّ عن عدم إ صداره عن فهم حقيق للآخر وإحقاق لجملة حقوقه المسلوبة وفق لعبة متعددة اللاعبين والمصالح ، محليا ً وإقليميا ً وبموجب جبلة أصابع دولية،متآمرة،أقصت الكرديّ بعيدا ً عن استحقاقاته، مع أن – في الحقيقة –هناك من يقر ّ بأقصى حق لهذا الكردي ، دون أي تحفّظ ، ومن ضمن المعارضة الوطنية ،ناظرا ًإلى– المسألة الكردية في سوريا –من خلال منظور صائب ،متفهم للحقائق ،وبعيدا ً عن الروح الشوفينية، وآلة الانتهاكات الفظّة لحقوق الإنسان عموما ً ، وهذه المسألة خصوصا ً...
مؤكد ، أن إعادة إنتاج الماضي ، هو مجرّد استبدال وجوه بأخرى ، وهو مايتنافى وأيّ تغيير جوهري متوخّى ،إنه استبدا ل مجوّع متخم لايشبع ، بمجوّع نهم لا يشبع ، الأمر الذي يدعو المعارضة – أو أية آلة تغيير لاستبيان هوّيتها ،واعتماداً على- البدء الفوريّ - بإشراك الآخر في ممارسة حقّه- دون جدول زماني مديد مخادع- ودون أيّ إبطاء ،لاسيما و أ ن حذف بعض الأطراف- في العراق -أثناء قسم الحكومة الجديدة الفقر المتعلقة باستحقاقات الكرد ذات دلالات مروعةحقا ً.؟
و أعتقد أنّ الكرديّ السوريّ – الذ ي طالما كان من رادة مؤسسي الوطنية- سوريا ً- لم يعد يحتاج إلى أيّ تطويب وطنيّ من أيّ" دكان" سياسيّ شعاراتيّ ،معتمدا ً بذلك على ضريبة الدم التي قدّمها ، على امتداد سنوات طويلة في الذود عن تراب آبائه وجدوده، ضمن خريطة الأمر الواقع..
ولعل ّالاجتماع التداولي الذي أتيح لي حضوره في دمشق 21-5-2005في مكتب جريدة قاسيون ، بعد أن كان مقررا ً انعقاده في – فندق البلازا- وطلب ممثلو حزب البعث تأجيله إلى مابعد انعقاد المؤتمر القطري العاشر ، ولم توافق على ذلك اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين– كجهة داعية – فتغيب عنه ممثلو حزب البعث ، وحضره عدد من ممثلي الطيف السياسي في سوريا من بينهم من الجانب الكردي: نذير مصطفى – اسماعيل عمر – محمد موسى وتغيّب عنه لأساب" فنية" الأستاذ فيصل يوسف عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا
إن هذا الاجتماع التداولي ، دعاني إلى عدم الطمأنينة من العديدين من هؤلاءالحضور ، حيث وقفت -مندهشاً -ً أمام طروحات هؤلاء – والمتخلفة جدا ً عن طروحات السيد رئيس الجمهورية د. بشار الأسد بخصوص الموقف من الكرد في لقاء فضائية الجزيرة 1 أيار 2004- رغم عدم ترجمة ولو جزء ضئيل من هذا الاعتراف المهمّ وطنيا من قبل السلطة ً ، حيث استغربت العقلية الوصائية الاستعلائية والإلغائية بحقّ حقّ الكرد ،عند أكثرهم ، في هذا الاجتماع التداولي( وهو ما سأفرد له أكثر من وقفة مقبلةإن شاء الله ؟)
عموما ً ،إن الدكتاتور في مفهومه الاستبدادي ، الإلغائي ، المجوّع ، يحاول أن يستعيد هيبته في أشكال " بعبعية "عديدة منها :ذاتية و ذلك من خلال الضرب المبرّح بالقبضة الحديدية , وبلا رحمة , وبلا وازع من أخلاق , أوخارجية من خلال الاستعانة بالآخر البعيد ،أو المبعد، المنشطر، المغيّب، أو المبيّت، أو الأداة، أو القبضاي ، وهو وراء الممارسة التي شهدها المواطن السوري من خلال جملة الاعتقالات الظالمة، أو الاختطافات الأخيرة المشينة- الخزنوي – الرستناوي - أسرة منتدى الأتاسي إلخ....-و فحيح الوعيد الذي يهّدد - أحياناً – بظلامية قبضائية قابضة، أدهى , لن تنسجم البتة مع حلم المواطن السوري الذي صام ......طويلاً ..عن الديمقراطية و الهواء و الرغيف ، و آن ...آن... له أن ينعم بكل استحقاقت المواطن الكريم ....بعد طول هوان وانخداع وانسراق واسترقاق!
# اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين أولى من قامت باجراء أول لقاء وطني بعيد أحداث 12 آذار2004في قامشلي ....
وذلك في نيسان 2004
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟