|
اسدال الستارعلى قوى اليسار الفلسطيني!!
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 1209 - 2005 / 5 / 26 - 10:32
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
حالة من التراجع الكبير التنظيمي والجماهيري، تعيشها قوى اليسار الفلسطيني، وهي المكون الأساسي لقوى الحاله الديمقراطيه الفلسطينيه، وقد بدا هذا واضحا وجليا من خلال المعارك الإنتخابية الأخيرة: الجولة الثانية من الإنتخابات البلدية والمحلية، وإنتخابات الجامعات والمعاهد التعليمية، بحيث ظهرت قوى اليسار الفلسطيني على هامش الخارطه السياسية الفلسطينية.
واذا ما إستمرت هذه القوى في حالتها الراهنة، فإن ذلك سيدفع بها الى الموت والإندثار، وقد دخل بعضها في حاله من الموت السريري، فهي لم تتجاوز نسبة الحسم في أغلب إنتخابات مجالس الطلبة في المعاهد والجامعات، في حين حققت نتائج متدنيه في الجوله الثانيه من إنتخابات المجالس البلدية والقروية.
وهذه القوى تعيش سلسله من الأزمات المركبة والمترابطه، هذه الأزمات نتج عنها إصابت الحلقه المركزية في فعل وحركة هذه القوى، الحلقة التنظيمية، وهذا بدوره أدى الى جعل قوى اليسار الفلسطيني تعيش حالة واسعة من الترهل والتفكك التنظيمي، وضاعت الضوابط والفواصل، وتولدت حالة عميقة من عدم الثقة بين قيادات هذه التنظيمات وقواعدها.
كما أن قنوات الوصل والإتصال صدأت وتكلست وأصبحت عاجزة عن الفعل، وفي أحيان كثيره حلت القرارات المحلية بدل القرارات المركزية، وغدت أغلب الأحيان هذه القوى عدا عن نخبويتها أكثر نخبوية، وتمارس السياسة في الغرف المغلقة والمكاتب.
وحتى نكون موضوعيين فإن قسما من اليسار أزمته في هذا الجانب مردها الى الممارسات الإحتلالية بحقه، حيث أعتقل عدد كبير من أعضائه، والتي طالت عدداً لا بأس من قياداته وكوادره وعلى رأسهم الأمين العام ونائبه.
إذا حالة التبعثر التنظيمي والسياسي لهذه القوى ، تجعل الساحة الفلسطينية تتجاذبها قوتان رئيسيتان، هما السلطة وحزبها الحاكم فتح، وقوى الإسلام السياسي حماس والجهاد، وهذا لا يعني بالمطلق أنه لاتوجد قوى أخرى في الساحة الفلسطينية، تشكل جزء ا من مكونات الخريطة السياسية الفلسطينية، وخصوصا أن حزب السلطة الحاكم يشهد حاله من التراجع، وهذا يجعل الساحة الفلسطينية عرضه لإصطفافات جديده، وتغيرات واسعه تطال مجمل الخريطة الساسية الفلسطينية.
واليسار الفلسطيني يمكن له أن يتبوأ مكانة هامة في هذه الخارطة، إذا ما تخلى عن ضيق أفقه ونظرته الفئوية، بالإضافة للقدرة على تجديد رؤاه وبناه السياسية والتنظيمية، بحيث تستجيب لتطلعات الجماهير، ويمكنه الإستفادة من حالة التراجع التي تعيشها حركة فتح، نتيجة خلافاتها وصراعاتها الداخلية، والتي أضحت من العمق والتأزم بما يهدد وحدة الحركة.
واليسار الفلسطيني يشكل حالة موضوعية للمجتمع الفلسطيني رغم صعوبة الواقع المعاش وما يسيطر عليه من فكر ديني كمجتمع شرقي، وهو يعبر عن أماني وتطلعات فئات وقطاعات إجتماعية واسعة في المجتمع الفلسطيني، هذه الأمور مجتمعة تشكل عوامل نهوض، يمكن لليسار الفلسطيني أن يستغلها، ولكن ماذا تشير الحالة الراهنة لليسار الفلسطيني، فهي تشير الى أنه غير قادر على لملمة صفوفه وتوحيد جهوده وطاقاته وصهرها في بوتقه واحده.
والخلافات بين أطرافه ليست في الرؤى والمناهج والمبادىء التنظيمية والسياسية والفكرية ، فهناك توافق فوق جيد بينها في كل هذه الجوانب، ولكن ما يسعر هذه الخلافات ويفاقمها ، هو التربية الداخلية وشخصنة للإمور، وسوف أسوق مثالا حيا وبسيطا في هذا الجانب يكشف خللا عميقا في عقلية ومنهجية القائمين على قيادة الأطر الجماهيرية لهذه الفصائل، ففي إنتخابات جامعة القدس الأخيرة، جرى نقاش بيزنطي حاد بين كتلة جبهة العمل الطلابي وكتلة الوحدة الطلابية حول أحقية كل منهما بتسمية كتلته باسم القطب اليساري الديمقراطي، بدلا من النزول معا في كتله واحدة، وصهر جهودهما وطاقاتهما معا، والنتيجه عدد قليل جدا من المقاعد، لا يبررها جهد ضائع في السفسطائية.
ومن هنا وبما أن إنتخابات المرحلة الثانية من البلديات والمجالس المحلية، وإنتخابات الجامعات والمعاهد، قد كشفت أن قوى اليسار تحتل مكانة هامشية في الخارطة السياسية الفلسطينية، وهذه المكانة مرشحة إن تصبح أكثر تهميشا، اذا ما إستمرت قوى اليسار الفلسطيني تحكمها نفس العقليات والتي يبدو أنها أصبحت مصابة بعمى ألوان عن الواقع، والتي تعيش على الأمجاد والتراث السابق.
ولكن هذه القوى تمتلك من مقومات النهوض والتجديد، وبما يمكنها أن تتبوأمكانة جيدة في الخارطة السياسية الفلسطينية، فقط اذا ما إبتعدت عن شخصنة الأمور، وركزت على هموم الناس اليومية والإقتصادية والإجتماعية، وصاغت برامج تلامس الواقع، وأقرنت القول بالفعل، وأبتعدت عن الشعارات التي تحلق في الفضاء.
* كاتب وناشط سياسي فلسطيني.
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مرحلة العري العربي!!!
-
عفوا نانسي عجرم..!
المزيد.....
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|