أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نور الدين بدران - بانوراما الأكاذيب الاستبدادية














المزيد.....

بانوراما الأكاذيب الاستبدادية


نور الدين بدران

الحوار المتمدن-العدد: 1208 - 2005 / 5 / 25 - 11:58
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


في تلاقي مذهل بين ذروة الكوميديا والتراجيديا في الواقع ، لم نألفه إلا في النصوص الإبداعية الساخرة أو السوداء كما لدى غوغول والماغوط وأمثالهما، تأتي هذه الأيام على سوريا محملة بأخبار لا تكاد أن تصدق ، ففي الوقت الذي تعلن فيه الحكومة السورية ، عن عفو عن المبعدين ، وموافقتها على تجديد جوازات سفرهم بشكل رسمي عبر سفاراتها في الخارج ، ويصدق هؤلاء ، ويعودون بجوازات رسمية ونظامية، ونار الشوق لوطنهم وأهلهم تشب في قلوبهم وأكبادهم ، يجدون في استقبالهم عناصر المخابرات ، وهي الأخرى في شوق أشد ناراً واضطراماً ، لقنص ضحاياها ، وهكذا يتم الترحيب بهم في أقبية فروا من لقائها عقوداً، وتحملوا ما تحملوا من مآسي الغربة والملاحقة ، ولا يوصف شعور من يقرأ الخبر ، فكيف من يعيشه ؟ إنه مفارقة مذهلة تجمع النقائض القصوى ، من أعالي الفرح والبهجة والأمل إلى هاويات الإحباط والكآبة والخيبة.
وفي الوقت الذي تتقيأ المطابع يومياً آلاف الصحف التي تتكلم على الإنجازات المرتقبة عن المؤتمر القطري العتيد ، في الاقتصاد والسياسة وحقوق الانسان ، وربما في الصحيفة نفسها والصفحة عينها ، تجد أخباراً عن اعتقال هذا أو ذاك ، وموت آخر في أقبية التعذيب ، أو بعيد الخروج منها كقصة المواطن الفقيد أحمد المسالمة الذي عاد بعد منفى دام ستة وعشرين عاماً ، ليُستقبل شهراً أو أكثر في أحد فروع الأمن ، ومن ثم ُيخرج إلى العناية المشددة فالأعمال الجراحية التي كان آخرها عملية القلب المفتوح ، ثم ليستقبله بعد ذلك عزرائيل ، ولعله أرحم من كل من سبقوه.
وفي الوقت الذي يستمني السفير رياض نعسان آغا أن تمنحه حكومته شرف الحوار مع الأخوان المسلمين ، يفاجأ السيد السفير (ونفاجأ معه أو بدونه) بأن حكومته ليست في وارد الحوار وإنما في وارد الاعتقال ، حيث اعتقلت الكاتب علي العبد الله لأنه قرأ في أحد أماكن الحوار الوطني (منتدى جمال الأتاسي) كلمة المرشد العام للإخوان المسلمين السيد علي البيانوني ، وباعتبار السيد الآغا موظفاً ، فما عليه إلا أن يستمني لاحقاً شرفاً آخر أكثر منطقية وانسجاماً ، ويقوم بنوع آخر من المشاركة لحكومته الرشيدة ، " كلو شغل" ، التي تجرأ في الفترة الأخيرة بعض النواب (أعضاء في مجلس الشعب) وقالوا :"إلى متى سنظل نكذب على الناس ، بسبب أكاذيب الحكومة".
ولكن صباح يوم الأحد 22/5/2005م نقلت الأخبار مفارقة قصوى جديدة ، وهي اعتقال المحامي السيد محمد رعدون رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان ، المقيم في مدينة اللاذقية ، والرجل معروف في مدينته ووطنه وأبعد من ذلك بكثير ، لهيئات إعلامية عالمية (إذاعتي مونتي كارلو ولندن مثلاً) بأنه حقوقي عربي سوري لا يعمل في الظلام ، ومشهود له بموضوعيته وجرأته وشهامته وكل هذه المناقبية الشخصية ، يكرسها الأستاذ رعدون في الدفاع عن حقوق الإنسان والقضايا الوطنية كما يراها، ولكن من الصعب التكهن لماذا تعتقل السلطة السورية هذا الشخص أو ذاك ، وفي هذا الوقت أو ذاك ، فقد مر زمن على نشاط المنظمة العربية لحقوق الإنسان برئاسة الأستاذ رعدون ، ولم تتجاهل هذه المنظمة حدثاً واحداً يتعلق برسالتها الوطنية والإنسانية ، ولكن لماذا اليوم ؟ لا أظن أن هذه إحدى الخطوات التحضيرية للمؤتمر القطري العاشر.
ولكن الجواب الصحيح يبقى سراً كغيره من الأسرار الكثيرة للحكومة التي لا تتوقف عن الثرثرة بالشفافية، حتى كدت أكره هذه الكلمة التي فرطت لكثرة ما بُريت وابتذلت ، فمن يستطيع الإجابة : لماذا اعتقلت البروفيسور عارف دليلة والنائب رياض سيف ومازالت تعتقلهما ورفاقهما وغيرهم ، وهذا مثال فقط؟
في المسرحية الشهيرة "مدرسة المشاغبين " يقوم المشاغب بهجت الأباصيري (عادل إمام) بسرقة سيارة رئيس مكافحة سرقة السيارات
ألم أقل لكم أن ما يحدث في سوريا يندر أن نجده إلا في أعمال حلق الخيال فيها إلى أقاصي قباب الكوميديا السوداء ؟ لكن اعتقال الأستاذ رعدون ، ليس سوى تراجيديا صرفة و سوداء صرفة بل بالغة القتامة ، ووصمة عار على جبين الفاعلين والساكتين.
آه يا سوريا التي لن يرهبك أعداؤك ، ما دام فيك من يقتل و يعتقل مبدعيك ومتنوريك.



#نور_الدين_بدران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التدنيس الشكلي والتدنيس الفعلي للقرآن
- أيها السوريون الجهلة ......أقيموا تمثالاً لحكمت الشهابي !!!
- سيدتي الأنيقة
- الحب
- أفنان بهجتي
- قوة سوريا بحرية أبنائها
- حرباء الروح
- المعارضة السورية واللا شائعات
- شرف التقليد وعار الإبداع /تحية إلى الكاتب إحسان طالب
- الدولة الدينية والدولة الحديثة
- الإصلاح في المملكة العربية السعودية
- أصغوا إلى الأغنية البحرينية
- نبيل فياض يهجر
- قاصمة الظهر
- شادي سلامتك ... ويا سيادة الرئيس
- كون آخر
- العلاقة بالآخر مرآة الذات
- النهر الهادر أصم
- الفأس والرأس
- الولايات المتحدة ليست فوق التاريخ


المزيد.....




- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نور الدين بدران - بانوراما الأكاذيب الاستبدادية