أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عليان - توظيف الدين و التدين















المزيد.....


توظيف الدين و التدين


أحمد عليان

الحوار المتمدن-العدد: 4229 - 2013 / 9 / 28 - 00:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ان الاستماع العقلاني للأحاديث في المسائل الدينية عندنا لا يمكنه تجنب الاصطدام بكثير من ملامح الخواء الفكري و التمييع الأخلاقي و ذلك لما يحمله من ضبابية و خلط بين المفاهيم والتصورات التي يتناولها الخطباء و الوعاظ عبر وسائل الاعلام و في خطب الجمع و الأعياد مؤكدين بساطتها و وضوحها و صدق أحكامهم فيها بلغة فضفاضة ، و أسلوب وثوقي لا يترك منفذا لتساؤل المستمعين الذين لا يجدون بدا من التقبل السلبي جهلا أو مجاملة أو مسايرة للتقبل العام الذي يفرضه طابع القداسة الممازج للخطاب الديني..و الا كيف نفسر حدة النقاش الذي يمكن أن ينشأ بين جماعة قليلة العدد تتحدث في شأن معرفي أو سياسي أو أخلاقي بينما يلتزم الصمت آلاف المستمعين و هم يستمعون لامام يخوض في عشرات القضايا الشائكة معرفيا و انسانيا و واقعيا من غير أن يناقشه أحد ..؟ فمثلا ؛ تناول واعظ في درس الجمعة شرح الحديث ؛ "خياركم في الجاهلية خياركم في الاسلام" ، حيث اتضح من قوله في سياق الشرح و التحليل تأكيد التمايز و التصنيف القبلي . و سواء قصد أو لم يقصد فان تحليله يرسخ فكرة التفاوت الطبقي داخل المجتمع الواحد. فعراقة النسب من هذا المنظور و امتلاك أسباب النفوذ المتوارثة بين أبناء فئة من الناس تجعلهم خيارا مهما كانت توجهاتهم العقائدية و مداركهم المعرفية و مهاراتهم اليدوية ، و التزاماتهم الأخلاقية .. الخ
و لا أدري لماذا يتحمس رجال الدين عندنا لمضمون هذا الحديث مع أنه لا يخدم عقيدة الاسلام ؟ لأن القول بأن الخيّر قبل الاسلام خيّر بعد الاسلام يتضمن القول بأن الشرير قبل الاسلام شرير بعد الاسلام ، و حتى لو فهمت الخيرية بمعنى السجية الفطرية المحمودة التي يتمايز بها الناس فهذ ا يجرد الاسلام من مفعول تغيير موجهات السلوك ، و بالتالي يكون عاطلا عن التأثير الأخلاقي حسب منطق التصنيف المشار اليه ، و هو لا ينسجم مع ما يقال عن دور الايمان في تهذيب النفوس و ترشيد السلوك..و بناء على هذه المفارقة فالمرجح أن الترويج لمثل هذا الحديث يندرج ضمن حملات توظيف الدين لتبرير التفاوت الطبقي و تسويغ ما يترتب عن ذلك من آفات الطبقية ..
و الواقع ان توظيف الخطاب الديني في عمومه يستهدف بعث وتدعيم القيم التي تعزز خطاب السلطة القائمة حتى تستمر في تطويع الجماهير ، و مصادرة تطلعاتها المشروعة أخلاقيا و روحيا و انسانيا . فعند استقلال الجزائر مثلا ساير الخطاب الديني خطاب السلطة التي قررت انتهاج النظام الاشتراكي كنظام سياسي يستهدف رد الاعتبار للجماهير الشعبية التي حرمها الاستعمار من حق المساواة في دنيا المواطنة ، و حق الانتفاع بخيرات الأرض بشكل يضمن العدل بين الناس .. و رغم أن هذا النهج كان في صالح الأغلبية الا أن بوادر الاعتراض عليه كانت متغلغلة في ثنايا النسيج الفكري من ثقافة المجتمع . الأمر الذي جعل أنصار التفاوت الطبقي يبذلون أقصى ما يمكن في سبيل افشال النهج الاشتراكي بما في ذلك الخطاب الديني التابع لسلطة المال و الأعمال التي كانت في يد الأقلية الطامعة في استرداد ما افتقدته جراء سياسة التسيير الاشتراكي ..فجندت لذلك حشدا من وسائل الدعم الديني ..و نجح مشروع الطبقية بتوظيف "الصحوة الاسلامية" التي اجتهدت في تطويع الجماهير، و قدمتها لقمة سائغة للأقلية من ذوي التوجه الطبقي الذي لا يتردد في تسخير الدين لمآربه بأية طريقة كانت و يبقى رجال الدين منادين بفضائل الاسلام السياسي حسب السلطة القائمة التي قد تحسن مرة و قد تسيء مرات في تسيير شؤون المجتمع . أما اذا اتخذ الخطاب الديني موقف المعارضة فكثير من دعاته لا يتورعون في توظيف الدين طلبا للسلطة السياسية بمبررات لا تخلو من من القفز على كثير من قيم الوضوح و الشفافية في التعبير عن العلاقة بين الحاكم و المحكومين كلجوئهم لأشهر مغالطة في مشروعية " الحاكمية" بطرحهم السؤال الاستنكاري الموجه للعامة بالصيغة التالية : أيهما أصلح للمؤمنين في تسيير شؤونهم ؛ شرع الله خالقهم ؟ أم شرع العباد المخلوقين مثلهم ؟
أقول مغالطة ، لأن واقع الحال يؤكد أن ما يعتبر" شرع الله " لا يمكن وضعه حيز التنفيذ الا وفق قراءة معينة على أسس فقهية متنوعة تتم صياغتها بشكل أو بآخر لصالح جهة نافذة قادرة على تنفيذ الأحكام عمليا .
وبالتالي تؤول عملية التشريع الفعلي و تنفيذه في الواقع الى اجتهاد عباد غير معصومين . وما مصطلح " شرع الله" في السياسة غير شعار يستعمل لتطويع الناس لسلطة بشرية بشرعية غير بشرية سواء أكان ذلك بحسن نية أو بسوئها ، النتيجةواحدة ؛ سهولة تملص الحكام من المسؤولية ازاء المحكومين المشكلين للرعية . بخلاف الشرعية البشرية التي يتحمل فيها الحاكم المسؤولية أمام مواطنين مشاركين في الحكم وفق آليات و قنوات متفق على و ظائفها و قواعد سيرها ، وتسييرها . وما وما يشبه المغالطة كذلك في توظيف الدين ؛ اقحام الثوابت في التغيرات .
فالواقع أن أي خطاب سياسي يعمد الى تكرار لفظ " الثوابت " فانه غالبا ما يتجه الى ترسيخ فكرة أو أفكار ذات توجه رجعي .. لأن البحت في مدلول الثبات الملطلق لن يصل الا لفكرة الله تعالى المنزه عن النسبيات ، و ما عداه يصعب البت في أمر ثباته الا بنسب محدودة و متفاوتة حسب مجال الفكر و حيويته ..
و المعروف أن أبعد مجال معرفي و أعقده هو المتعلق بحياة الانسان ، و أقرب مجال معرفي للثبات هو مجال المنطق و الرياضيات ، و يليه مجال قوانين العلم التجريبي . أما ما يخص الانسان فان أقرب مجال يحظى بقسط من الثبات انما هو المتعلق بتعريفه ، و حاجاته الضرورية أي الجانب الأقرب الى العلوم الطبيعية ، أو ما يلزم عن الحيوانية و النطق كضرورة الاجتماع الذي يتطلب جملة من ضوابط السلوك وفق دوافع و قيم يتخذها منهجا لتحقيق حسن التكيف في محيط آمن يوفر قسطا من رغد العيش.. ، و ما عدا هذه الثوابت من الدوافع و الأغراض المشتركة بين بني الانسان لا يعدو أن يكون الا ضمن المتغيرات التي تزخر بها ظواهر الوجود الانساني التي تشكل مادة التعاطي السياسي الذي لا تخرج مهمته عن التحكم في المتغيرات لتحقيق البرنامج المسطر لخدمة الصالح العام .



#أحمد_عليان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكريات من عمق البداوة في التعليم .
- أفكار في أسباب التخوف من العلمانية.
- الثقافة و الخطاب الديني
- ثقافة الخطف.
- التخلف و الثقافة النرجسية.
- -إضاءات حول رواية جنة الجحيم -
- رحلة لم تنته بعد
- وأخيرا وجدت ضالتي
- وأخيرا وجدت ما يستحق القراءة
- سلمان ناطور وأدب الذاكرة الفلسطينية
- شباب غزة حاجة للترفيه والترويح النفسي أكثر من أطفال الإمارات
- دور الاحزاب في تفكيك الترابط الاجتماعي


المزيد.....




- بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران ...
- 40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- 40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
- حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق ...
- أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة ...
- لأول مرة خارج المسجد الحرام.. السعودية تعرض كسوة الكعبة في م ...
- فرحي أطفالك.. أجدد تردد قناة طيور الجنة على القمر نايل سات ب ...
- ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال ...
- الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عليان - توظيف الدين و التدين