أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم جركس - الإسلام قارورة محكمة الإغلاق [1]... الدكتورة وفاء سلطان















المزيد.....

الإسلام قارورة محكمة الإغلاق [1]... الدكتورة وفاء سلطان


إبراهيم جركس

الحوار المتمدن-العدد: 4227 - 2013 / 9 / 26 - 13:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الإسلام قارورة محكمة الإغلاق [1]... الدكتورة وفاء سلطان
ترجمة إبراهيم جركس
=======================
هذا هو الفصل التاسع من كتاب الدكتورة وفاء سلطان ((الإله الذي يكره)) نرجو أن تستمتعوا بقراءته

الإسلام قارورة محكمة الإغلاق. وسُدادَته لاتسمح بمرور الهواء للتهوية. ومن أجل حماية نفسه وصيانة بقائه واستمراريته عمل نظامه الإيديولوجي على سجن أتباعه داخل قبضة حديدية، وخلق علاقة استبدادية-قمعية بين الفرد والمجتمع. فالفرد لايمتلك أي نوع من الحريات داخل المجتمع، ولاخصوصية. بل عليه الخضوع لمجتمعه، وبذلك فقد محُرِمَ من قدرته على التعبير عن رأيه، وخصوصاً عندما يكون رأيه مخالفاً للرأي السائد في المجتمع. لقد حرم الإسلام أتباعه من أبسط أشكال الحرية _حرية التعبير عن الذات. وقتل فيهم الرغبة بالتمتّع بهذه الحرية. ومن أجل ضمان استمرار سيطرته على أفراد المجتمع، فقد تدخّل في مختلف جوانب حياتهم وتفاصيلها، كبيرها وصغيرها، ونظّمها لهم بشكل دقيق ومحدّد. لقد نظّم للفرد كل نشاطاته وكل لحظات حياته _لدرجة أنّه فرض عليه أن يضع رجله اليسرى قبل اليمنى عندما يريد دخول المرحاض. [وهناك عادة إسلامية شائعة وهي أنّ تدخل أيّ غرفة برجل اليمين، باستثناء المرحاض فإنّك تدخله برجلك اليسرى لأنّه يعتبر مكاناً دنِساً وقذراً]
إنّ العلاقات بين الأفراد داخل هذا المجتمع يتمّ تنظيمها بهذا الشكل لجعل كل فرد فيه عبداً وسيداً في نفس الوقت. فنرى الفرد يتصرّف خلال علاقته من الأفراد الأضعف منه كسيّد، وعندما يكون الآخر هو الأقوى نراه وقد انقلب عبداً ذليلاً. إنّ طبيعة العلاقة بين الله والإنسان في الإسلام لاتختلف كثيراً عن العلاقة بين الحاكم وشعبه، بين الرجل وزوجته، بين الأب وابنه، وبين السيد والمسود. إنّها علاقة تعسّفية لاتسمح بتجاوز أي حد من الحدود التي فرضتها السلطة العليا: المرأة ملكٌ للرجل، الطفل ملك أبيه، العبد ملك سيّده، والعامل ملك مديره ورئيسه في العمل... وجميع هؤلاء ملك الحاكم، الذي يحكم ويأمر بسلطة إلهية. طالما أنّ العبد يستمرّ في الاعتراف بحقوق سيّده ويرفض انتهاك حرمتها، فإنّ نظام التدرّج الاجتماعي الاستبدادي سيبقى قائماً وسيستمرّ في وجوده. جميع المؤسّسات الاجتماعية في المجتمع الإسلامي قائمة على أساس العلاقات التملّكية القمعية-الاستبدادية. لقد كان المجتمع الإسلامي مجتمعاً عبودياً منذ نشأته الأولى، وبقي كذلك على حاله حتى يومنا هذا. لايحتاج أي ناشط في مجال حقوق الإنسان سوى أن يمضي فترة زمنية قصيرة في أي مجتمع إسلامي ليقتنع بحقيقة ما أقوله. وإن قام بذلك فعلاً، فإنّه سيختبر يشكلٍ كامل طبيعة العلاقات التي تصنع نسيج ذلك المجتمع. وعندما نقارن علاقات الناس ببعضها ضمن المجتمع الإسلامي _وحتى علاقة أي فرد بفرد آخر_ ستجد فيها السيّد والعبد. ملاحظة بسيطة ستمكّنك من ملاحظة ما الذي يحدث بالفعل بين الطرفين...
يتّبع....
*************************************
إنّ العقل البشري مبرمج على الشعور بالدونية أو التفوّق حسب حالة ووضع كل إنسان. فعندما يلتقي شخصان،، فإنّ كل طرف منهما يدرك بطريقة لاشعورية أيّهما الأقوى وأيّهما الأضعف. فالطرف الأضعف يرمي بكل أوراقه، في حين أنّ الطرف الأقوى يفرض سيطرته ويبدأ بفرض شروطه. في المجتمع الإسلامي لانجد سوى القليل من العلاقات التي تقوم على الاحترام المتبادل. وخصوصاً على مستوى علاقات الصداقة الشخصية، فكل طرف مدرك بشكل جيد نقاط ضعف الآخر ونقاط قوّته، عندما يلتقي إنسانان فإنّ كل واحدٍ منهما يدرك من خلال عملية حسابية بسيطة أيّهما الأقوى. وكلّ واحدٍ منهما سيميل إلى لعب دوره الذي يبرع فيه، إمّا السيد أو المسود. حتى أني لاحظت ذلك عندما راقبت سلوك الناس وتصرّفهم في اللقاءات الاجتماعية. فلان التقى بفلان وفلان التقى بفلان، كل واحدٍ منهم يدرك خلال اللحظات الأولى من اللقاء نمط الشخص الآخر وطبيعته، عائلته، صحّته وحالته النفسية والمادية، بالإضافة إلى الطائفة أو المذهب الذي ينتمي إليه. هذا اللقاء المبدئي هو الذي يحدّد الطريقة التي سيتصرّف فيها أحدهما تجاه الآخر. ومهما كان الفارق والاختلاف ضئيلاً بين الطرفين، فسيسود أحدهما في حين سيخضع الآخر، ومن دون إجراءات وسطية.
وقد يكون الشخص سيداً في علاقة، وعبداً أو تابعاً في علاقة أخرى. إنّ قوّة الطرف الآخر في العلاقة هي التي تحدّد أيّ الدورين سيلعب. كان أحد أقابي يعمل مساعداً لأحد الضبّاط الكبار في جهاز الاستخبارات السورية. وعندما ذهبت لأزوره في مكتبه كنت قادرةً على ملاحظة سلوكه مباشرةً. وخلال فترة زمنية قصيرة لاتتجاوز عدّة دقائق وجدته يلعب دور القائد الأعلى أو السيد تارةً، والعبد أو التابع الذليل تارةً أخرى. فعندما رنّ هاتفه وعرف أنّ الضابط الأعلى منه رتبةً هو الذي كان يحدّثه على الهاتف، وقف باستعداد وأشار إلى الأشخاص الموجودين في الغرفة بالسكوت والتزام الصمت. بدأ العرق يتصبّب من جبينه وهو يقول: ((حاضر سيدي، طلباتك أوامر... أنت تأمر ونحن ننفّذ... سأرسل اوامرك وأعلمك بالمستجدّات على الفور)). وعندما أغلق السمّاعة التفت إلى العنصر الواقف بالقرب من باب مكتبه وصرخ فيه قائلاً: ((اسمع يا ابن القحبة، سأرسلك في مهمّة عاجلة، وستسلّم الأوامر... وإن لم تفعل، سيكون يومك أسوداً!)). أجاب العنصر: ((حاضر سيدي... طلباتك أوامر!)). وفي الوقت الذي يتصوّر فيه أحدنا أنّ هذه الحادثة قد تحدث داخل أي مبنى للاستخبارات في العالم، فهي في حقيقة الأمر تمثّل واقع الحال في المجتمعات الإسلامية. فأي إنسان يطّلع على التاريخ الإسلامي والمتعلّق بتاريخ العرب سيدرك طبيعة العلاقة القمعية_الاستبدادية بين أي طرفين في ذلك المجتمع.
****************************************
خلال الأشهر التي عقبت احتلال الجيش الأمريكي للعراق كنت أتابع الأخبار والتقارير الإخبارية والصحفية عبر كل من الصحافتين العربية والأمريكية. وفي إحدى التقارير حول الوضع في العراق قرأت مقالة في صحيفة اللوس أنجلوس تايمز أوردت فييها مقابلة مع أحد الجنود الأمريكيين حيث قال: (( أنا لاأفهم هؤلاء العراقيين على الإطلاق، كان الناس يأتون لملء طلبات العمل، وكنت أفعل ما بوسعي لمساعدتهم في الوقوف بالدور، لكنهم كانوا يخالفون وينتهكون الدور في كل مرة ويبدأون بالتدافع والفوضى واللامبالاة بالتعليمات والأوامر. لكن عندما كان يقترب جندي عراقي ويضربهم بعصاه، كانوا يقفون بالدور بشكل مناسب. لا أفهم حقاً الطريقة التي يفكّرون بها! اللغة الوحيدة التي يفهمونها على الأرجح هي لغة القوّة والعصا!)). نعم بالتأكيد، فكل تفاعل بحاجة إلى طرف قوي وآخر ضعيف لتنظيم العلاقة.
عندما تتحدّث بهدوء إلى مسلم، فإنّه يستجيب لك بوصفك سخصاً ضعيفاً. إنّ القول الأمريكي المأثور ((تكلّم بلطف... واحمل عصا غليظة)) للأسف لافائدة ترجى منه عند التعامل مع المسلمين. وسيكون من الأنسب القول _حتى نتمكّن من تغيير هذا النمط من التفكير_((تكلّم بغلظة... واحمل عصا غليظة))، وإلا فإنّك ستكون الطرف الأضعف والخاسر الوحيد. لايمكن للديمقراطية أن تنتشر في مجتمعات كهذه حتى تتمّ إعادة تأهيل وتثقيف الناس الذين يحيون وفقها، حيث أنّهم لن يكونوا ذوو فائدة أو فعالية إلا إذا كانوا يلعبون دور السيد أو العبد. إنّ البشر في هذه المجتمعات، الذين هم مستعدّون دوماً لافتراض أحد الأدوار أو الآخر، يجب أن يتعلّموا كيف يكونون فعّالين كبشر وبدون استعباد أو أي أحد غيرهم. عليهم أن يتعلّموا أنّ كل طرف يجب أم يحترم الطرف الآخر لكي تنشأ بينهما علاقة مستقرّة وراسخة، وعلى كل فرد أن يعترف بحقوق الآخر ومسؤولياته، ويكفّ عن انتهاك حقوق ذلك الآخر، وألا يحاول التملّص من المسؤوليات والواجيات المتبادلة.
ولكي يتمكّن محمّد من فرض سيطرته وتعزيز سلطته زرع الشّكّ والقلق في قلوب أتباعه عن طريق الربط بين طاعة الله وطاعته هو. ثمّ أضاف طرفاً ثالثاً لهذا "الثنائي المقدّس" الذي تمثّل في الحاكم الذي يتمّ السيطرة على القطيع البشري من خلاله.
فهم محمد أنّ الحاكم كان هو الرابط بينه وبين الشعب، لذلك ركّز على ضرورة إطاعة الحاكم طاعة عمياء من خلال حديثه ((من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصا الله... ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصا أميري فقد عصاني)). وللتأكيد على ذلك، انزل آية من قمّة الجبل جاء فيها {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} [النساء: 59]، و"أولي الأمر منكم" تعني حسب جميع التفاسير والمصادر الإسلامية ((حكّامكم)).
ومن أجل ضمان طاعة المسلمين لحكّامهم طاعة عمياء وبدون تردّد أو مُساءَلة، اخبرهم محمد في حديثه ((أطيعوا وليّ الأمر وإن جلدكم أو أخذ مالكم)) مخافة أن يثور بعض المسلمين ضدّ الحكم المطلق، فقد برّرها بالقول في حديث آخر ((سيليكم بعدُ ولاة، فيليكم البُرّ ببرّه والفاجر بفجوره، فاسمعوا لهم وأطيعوا في كل ما وافق الحقّ وصلّوا ورائهم، فإن أحسنوا فلكم ولهم، وإن أساؤوا فلكم وعليهم)). وفي حديث آخر ((إذا حكم الحاكم ثمّ اجتهد ثمّ أصاب فله أجران، وإن حكم فاجتهد ثمّ أخطأ فله أجر)).
*****************************************
كان محمد يحاول إقناع المسلمين بأنّ الحاكم قد أمضى وقتاً في التشاور والتداول ولم يتوصّل إلى اتخاذ رأيه إلا بعد تفكير عميق ومتعقّل. قد يكون رأيه صحيحاً أو خاطئاً، لكنّ الله _سواءٌ أكان رأيه صائباً أو خاطئاً_ سيكافيه، لأنّه اجتهد وتوصّل إلى رأيه استناداً على قناعة راسخة بأنّه يصبّ في مصلحة المسلمين. وعندما يكون رأيه صائباً، فإنّ الله يكافئه بشكل منصف، وعندما يخطئ، فإنّه يكافئه مرة واحدة فقط.
عندما قصف صدام حسين الأكراد شمال العراق بالقنابل الكيماوية وأباد الشيعة في الجنوب، فإنّه بذلك لم يرتكب جريمة حسب عرف المسلمين وشريعتهم الدينية. فوفق الشريعة الإسلامية، فإنّه _بصفته حاكماً_ قد أخطأ بقراره عندما حرق البشر وابادهم. وعقوبته الوحيدة التي يستحقّها في ظلّ الشريعة المحمدية السمحاء هي أنّ الله سيكافيه مرة واحدة. من ذا الذي سيعرف إذا ما كان قراره خاطئاً أو مصيباً؟ ربّما كان قراره يصبّ في مصلحة الإسلام والمسلمين. لم يسبق في تاريخ الإسلام أن قام رجل دين مسلم أو مُلاّ باستنكار جرائم الحاكم والاحتجاج أو الاعتراض على ممارساته، وذلك انطلاقاً من إيمانه الكلي بأنّ طاعة الحاكم هي في المقابل طاعة لله والرسول. وقد يكون هناك استثناء واحد على الأقل: وهو أن يحتجّ رجل دين من طائفة معيّنة على أعمال وجرائم حاكم ينتمي لطائفة أخرى مختلفة. كيف يستطيع المسلم الإفلات من قبضة هذا الحاكم عندما يكون مقتنع تماماً بضرورة إطاعته؟ كيف يمكن الاحتجاج على هذه الطاعة، التي تمثّل طاعة الله ورسوله؟... إنّه لا يستطيع... فالإسلام ببساطة شديدة نظام استبدادي شمولي. زكان كذلك منذ نشأته الأولى، وظلّ كذلك حتى يومنا هذا.
هل هناك علاقة تجسّد أبشع أشكال الاستعباد والرّقّ اكثر من العلاقة التي تربط بين الحاكم والمحكومين الذين يجلد ظهورهم بالسياط ويسرق أموالهم، في حين أنّهم لايملكون أدنى حق في الاعتراض أو الاحتجاج على هذا السلوك؟ إنّ الحاكم يتصرّف وفق تفويض إلهي. الولايات المتحدة لم تخلق دكتاتوريات في العالم الإسلامي. لاشكّ أنّها قد ساندت ودعمت بعض الأنظمة الاستبدادية الإسلاموية كنظام صدّام حسين، لكنها لم تضعه أو تخلقه. لقد نشأ صدام حسين في رحم الثقافة الإسلامية، لقد نشأ بين أناس مسلمين، هم الذين يخلقون رؤساؤهم وزعماؤهم حسب الشريعة الإسلامية وحسب معايير القائد الذي يحتاجون إليه.
لايمكن لأي حاكم في العالم أن يقمع شعبه إلا إذا كان ذلك الشعب مهيّأ ثقافياً، وتربوياً، وعقلياً، وسيكولوجيا لِيُقمَع ويُسْتَبَدُ به. يبدأ القمع في البيت المسلم في اللحظة التي يرى فيها الطفل النور، وتستمرّ عملية الاستيعاب الثقافي خلال جميع مراحل حياته حتى يجد نفسه في مواجهة مع حاكمه، وعندئذٍ سيبدو مغموراً ونكرة لدرجة العجز والشلل التامّين.
***************************************
الأولاد في الإسلام هم مجرّد ملكية، وليسوا مسؤولية. فالإسلام يحدّد العلاقة بين الطفل ووالديه ويؤكّد على وجوب طاعتهما طاعة عمياء.
إنّ علاقة الولد بأبيه تنعكس على علاقته بكافة البالغين من حوله. فهو يأخذ علاقته معه من بيته إلى الشارع،، إلى المسجد، إلى مدرسته، وإلى جميع المؤسّسات في مجتمعه ويستخدمها لبناء علاقات مماثلة حيث يعتبر نفسه ملزماً بإطاعة أي شخص أكبر منه في العمر أو أعلى منه مكانة.
الولد تراه قد أصبح عبدأ لأستاذه، لجاره، ولأقرباءه _وعندما يكبر نراه قد أصبح عبداً لرئيسه وكل شخصية ذات سلطة أعلى منه في محيطه. نراه يتقبّل عبوديته بشكلٍ واعٍ وغير واع، فهي تمثّل طاعته لله ولرسوله ولأولياء أمره. الطفل يغادر البيت ويذهب للمدرسة مقموعاً ومحروماً من قدرته على الاعتراض والاحتجاج، أن أن يقول "كلا". إنّه يسمع في المدرسة ما كان يسمعه في المنزل بشكل يومي: أنّ الله قد فوّض والديه وأولي الأمر ذوي السلطة عليه، ويجب عليه طاعتهم، وأن يتصرّف كما تعلّم أن يتصرّف في المنزل. كل شيء تعلّمه كان قد انغرس فيه بطريقة عميقة تمنعه من طرح أي سؤال يتضمّن تشكيكاً أو تهديداً لسلطة أولياء الأمر وشرعيتها مهما كان ضئيلاً. الإسلام يهتمّ كثيراً بمسؤولية الآباء عن سلوك أبنائهم فقد عندما يتعلّق الأمر بالالتزامات والواجيات الدينية. يقول محمد في حديث له:((مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرّقوا بينهم في المضاجع)).
************************************
نلاحظ هنا إذن، مرةً أخرى، العلاقة القمعية-الاستبدادية تظهر نفسها بين الإنسان والله حتى: فإذا لم يصلّي الإنسان لله رغبةً وطواعية، فإنّه سيجبر على ذلك رغماً عنه! كان لديّ صديق إيراني يعيش في الولايات المتحدة. كان يعاني اكتئاباً حاداً ومجموعة من المشاكل النفسية التي يصعب ويطول علاجها. وفي إحدى المرّات فاتحني بهذه المسائل وأخبرني: (((طفولتي تطاردني كالكابوس. عندما كنت ما أزال صبياً صغيراً في سنّ السابعة، كان يوقظني أبي من نومي في الساعة الخامسة صباحاً لأداء صلاة الفجر. لم يكن لدينا حمّام آنذاك، وكان يجبرن على الذهاب معه إلى الخارج عندما تكون درجة الحرارة ما دون الصفر للتوضؤ بماء بئر قريبة من منزلنا. أتذكّر في إحدى المرّات بأنّي انزلت يديّ في دلو الماء الذي سحبته من البئر المتجمّدة تقريباً ثمّ هرعت إلى المنزل محاولاً إقناع والدي بأني قد اغتسلت وتوضّأت، لكنه كان يراقبني من النافذة. سحب حزامه الجلدي وضربني به بلا رحمة، حتى أمي كانت تبكي مشيحةً ناظريها بعيداً عني، لأني كنت أصرخ وأبكي بشدّة من الألم))
تابع صديقي الإيراني قائلاً: ((أنا أكره "الله" أكثر ممّا أكره والدي، فأنا ووالدي ضحيتان من ضحايا ذلك الإله الذي يسمّونه "الله"))
صدام حسين كان ضحيةً لذلك الإله أيضاً.
هل كان لدى صدّام حسين أدنى شكّ بأنّه ظلّ الله ووكيله وممثّله هو ونبيّه على الأرض؟ ألم يكن على قناعة راسخة بأنّ الأكراد والشيعة يجب ذبحهم وإبادتهم لأنّهم لم يطيعوه، مع أنّ الله قد امرهم بطاعة وليّهم وحاكمهم؟ لماذا علينا محاكمة صدّام حسين قبل محاكمة ذلك الإله؟ لماذا يجب أن يعاني صدّام في السجن في حين أنّ ذلك الإله يتمتّع بالحرية وهو جالس على عرشه على قمّة جبل القرية منتظراً الانقضاض على ضحيّته التالية؟ لقد اتّهم المسلمون الولايات المتحدة بأنّها هي التي تدعم الأنظمة الدكتاتورية في بلدانهم، ولم تسقط التهمة عنها عندما أسقطت حكم صدّام حسين، إذ أنّ أهداف سقوط هذا النظام لم تتحقّق، وبقي الشعب العراقي يرزح تحت ثقل هذا الكابوس الذي يسمّى "الله"، الذي أمرهم بإطاعة حكّامهم طاعة عمياء.

يتّبع في الجزء الثاني....



#إبراهيم_جركس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد: سيرة ذاتية_سيكولوجية (5)
- محمد: سيرة ذاتية_سيكولوجية (4)
- محمد: سيرة ذاتية_سيكولوجية (3)
- محمد: سيرة ذاتية_سيكولوجية (2)
- محمد: سيرة ذاتية_سيكولوجية (1)
- حياة حرّة من قيود الدين...[3]... تنوّع... تعدّد... وخصوصية
- طبيعة الإله في الإسلام... الدكتور وفاء سلطان
- تفنيد منطقي لمفهوم العذاب الإلهي
- إله الفجوات: هل يظهر الكون أي دليل على التصميم؟.
- حياة حرة من قيود الدين [2]... المعنى، السعادة، والحقيقة
- حياة حرة من قيود الدين [1]... المعنى من الحياة
- مأزق المؤمن: الكوارث الطبيعية
- خمسون وهماً للإيمان بالله [13]
- خمسون وهماً للإيمان بالله [12]
- خمسون وهماً للإيمان بالله [11]
- خمسون وهماً للإيمان بالله [10]
- خمسون وهماً للإيمان بالله [9]
- خمسون وهماً للإيمان بالله [8]
- خمسون وهماً للإيمان بالله [7]
- خمسون وهماً للإيمان بالله [6]


المزيد.....




- هكذا أعادت المقاومة الإسلامية الوحش الصهيوني الى حظيرته
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة-إيفن مناحم-بصلية ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تعلن استهداف مستوطنة كتسرين بصلية ...
- المواجهات الطائفية تتجدد في شمال غربي باكستان بعد انهيار اله ...
- الإمارات تشكر دولة ساعدتها على توقيف -قتلة الحاخام اليهودي- ...
- أحمد التوفيق: وزير الأوقاف المغربي يثير الجدل بتصريح حول الإ ...
- -حباد- حركة يهودية نشأت بروسيا البيضاء وتحولت إلى حركة عالمي ...
- شاهد.. جنود إسرائيليون يسخرون من تقاليد مسيحية داخل كنيسة بل ...
- -المغرب بلد علماني-.. تصريح لوزير الشؤون الإسلامية يثير جدلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف حيفا ومحيطها برشقة صاروخي ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم جركس - الإسلام قارورة محكمة الإغلاق [1]... الدكتورة وفاء سلطان