أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نور الدين بدران - التدنيس الشكلي والتدنيس الفعلي للقرآن















المزيد.....

التدنيس الشكلي والتدنيس الفعلي للقرآن


نور الدين بدران

الحوار المتمدن-العدد: 1207 - 2005 / 5 / 24 - 10:58
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


في معتقل غوانتانامو قام بعض الجنود الأمريكان ، بسلوك مشين ، وهو ما سمي بتدنيس القرآن ، وهو ليس الفعل الوحيد القذر والمستنكر، ولكنهم هؤلاء هم العسكر في كل مكان، ولا سيما إذا كانوا من حرس السجون والجلادين ، ورغم أهمية الحدث ، لكن الضجة حوله ، تفوح برائحة الأكاذيب العربية والاسلاموية، فالحادثة تسربت في بعض الوسائل الإعلامية قبل سنة تقريباً، ولم ينتعظ أعضاء الغيرة على كتاب الله ،هذا الانتعاظ حتى اليوم ، وأخص بالذكر ، جماعة الأخوان المسلمين في سوريا ، التي استيقظت في بيانها ، روح السيلان الدموية والاستنفار العنيف ، ومرة أخرى أؤكد أن الحادثة مقرفة ومدانة ، ولكن بالنسبة لي هناك ما هو أهم وأخطر، كتعذيب سجين في زنزانة مثلاً أو قتل بريء ، ولي عدة ملاحظات حول ذلك:
1- :" إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " فهذا كتاب الله أولاً ، والله لو شاء قادر على الدفاع عن كتابه ، وعلى كل حال، لا يحدث شيء إلا بإرادته، ولا نعرف حكمته من عدم الرد على الفاعلين ومحقهم محقاً، لكن هذا يذكرنا بموقف عبد المطلب جد النبي حين غزا الأحباش مكة ، وها جموا الكعبة أو بيت الله ، فقال عبد المطلب :" للبيت رب يحميه" ومضى يبحث عما هو أهم في نظره أي حماية قومه وأطفالهم ، وبذلك قدم عبد المطلب درساً بليغاً وعبر عن حصافة سياسية ، برزت جلية وعميقة في شخصية حفيده ، النبي محمد.
2- هؤلاء الأوغاد الأمريكان ، لم يأتوا بجديد ، فالقرآن تعرض مرات ومرات لأنواع لا تعد ولا تحصى ، من التدنيس ويمكن دمجها في نوعين : التدنيس الشكلي والتدنيس الفعلي أو الجوهري ، وفعل هؤلاء من النوع الشكلي ، وهم غرباء ، وحسب الشاعر الأسطورة طرفة بن العبد فإن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة ، لذلك لا يقاس فعلهم هذا بما أنجزه الخليفة الأموي الوليد بن يزيد الذي مزق كتاب الله ورماه بين أرجل جواريه، وهو يقول:
أتهدد كل جبار عنيد ها أنا ذا جبار عنيد
إذا جئت ربك يوم حشرٍ فقل يا رب مزقني الوليد.
وعبر تاريخه الطويل تعرض كتاب الله لكثير من الإهانات الشكلية والجوهرية على أيدي عرب ومسلمين وولاة ، حيث كان الحجاج بن يوسف الثقفي ، عندما يواجهه أحد بأن أفعاله تتنافى مع القرآن ، كان يرد ساخراً:" وأنا أيضاً يأتيني الوحي " بل يقال أنه فعلاً غير في بعض الآيات، والقرامطة حولوا الكعبة إسطبلا لخيولهم ، وكانت المصاحف بين الروث ، وأبو الطاهر يصرخ ويقول :
أنا بالله وبالله أنا يخلق الخلق وأفنيهم أنا
فالذي اقترفه هؤلاء الأوباش الأمريكان ليس بجديد، لا على الكتاب ولا على تاريخنا التليد ، ولأن الشيء بالشيء يذكر، فالأمر أقل أهمية من أحداث سجن أبو غريب ، ولكن ثمة ما يجمعها من تشابهات ، على الضفتين الأميركية (كلاهما أعمال قذرة ومدانة) والعربية/الاسلاموية، حيث الزعيق والاستنكار (للشكلي مقابل الصمت على الجوهري ) وكأننا أمام سابقة خطيرة ، لم نعرفها في حياتنا، مع أن كلا الحالتين من صلب حياتنا اليومية ومن صميم تاريخنا التليد ، من الوليد إلى الرشيد عبر سعد وسعيد وخالد بن الوليد، وكل فاتح عنيد في أرض القبط والنبط والفرس والروم وغيرها ، حيث باسم الكتاب إياه ودين التوحيد، جرت فظائع وويلات من سبي ونخس ودمار شديد ، لخصها المعري البصير:
إن الديانات ألقت بيننا إحناً وعلمتنا أفانين العداوات
وهل أبيحت نساء الروم للعــــــــرب إلا بأحكام الديانات
لكن سنابك الأكاذيب والنفاق العربية والاسلاموية ، ثارت يوم أبو غريب، كما اليوم!!! ومن هؤلاء ؟ الأنظمة العربية الأمنية التي كانت مخابراتها تخوزق سجناءها وتغتصبهم وتغتصب نساءهم أمامهم ، وربما لم تتوقف حتى اليوم ، إلا خوفاً من الأمريكان والغرب ، بل إن إدانة هذه الأنظمة ومتاجرتها بالحكاية المنفردة والعابرة والتي لدى أنظمتنا بلا استثناء أبشع منها بكثير ، وكحالة دائمة ، هذا النفاق سحب من داخلي جزءاً كبيراً من شحنة القرف من مرتكبي جرائم أبو غريب.
3- اليوم تأتي هذه الحادثة الحمقاء على يد جاهلين ،(مع أن البنتاغون في وقت لاحق نفى الحادثة برمتها) لا يعرفون ماذا يحوي هذا الكتاب ، ولأن النتائج العملية لسلوكهم هذا لا يترك آثاراً إلا ضدهم وضد حكومتهم وسياستها في ذلك المعتقل، فلم تستطع أن تطغى في داخلي على الأحداث الأهم والأكثر خطورة ، وبصراحة فإن حالة أي سجين أو معذب في الأرض، ولا سيما إذا كان في سجن عربي ، تعنيني أكثر ، فالقرآن ، كما أفهمه، فكر ورؤى وتعاليم ، وليس حبراً على ورق، ولذلك فهؤلاء الحمقى في غوانتانامو ، لم يدنسوا سوى بعض الورق ، وهو ما أسميه التدنيس الشكلي أوالرمزي، ربما لذلك لم يكترث صاحب الكتاب بفعلتهم السيئة، لكن ما يجري في العراق وغيره باسم هذا الكتاب، هو التدنيس الحقيقي والفعلي والجوهري ، فالمدنسون الفعليون له هم أسامة بن لادن وأتباعه أمثالهم ، الذين يقتلون النفوس البريئة، وحسب القرآن:" من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا"(سورة المائدة32) وشتان بين التدنيسين!!
4- أصل الآن إلى البيان الذي أصدرته جماعة الأخوان المسلمين في سوريا، فقد أرعبتني اللهجة والعنف الذي تدخره في كل كلمة ، وطريقة النداء الموجهة للشعب السوري أو لمدنه، وكأنها أوامر للطليعة المقاتلة، فتلك الصرخات العنيفة ، تهيب بالمدن السورية للهبة والنهضة ، نعم شممت رائحة قديمة فاسدة ، أعادت إلي رائحة خطاب الشيخ الإرهابي مروان حديد ، والفترة السوداء التي حاكت لسوريا أبشع حللها الدموية ، حيث بسنارتي الإخوان والسلطة ، انفتح النزيف السوري كنوع خاص من الحرب الأهلية، لها قتلى وأسرى ومفقودين حتى اليوم.
هذا الخطاب مازال على حاله رغم الأحاديث التي أطلقتها الجماعة عن الدولة العصرية ، وسأوضح ذلك حالاً.
إن المدن السورية اليوم ومنذ عقود لديها ما هو أهم بكثير لتفكر فيه ولتفعله ، فلدى شعبنا أطفاله وحياته ، وعليه أن يؤمن لهم ولنفسه اللقمة الكريمة ، وشعبنا أو أبناء المدن السورية ، ليسوا أمة القرآن ولا أمة الإنجيل ، ولا أمة المنطلقات النظرية ولا أمة كتاب من الكتب أو دين من الأديان ،إنهم أمة هؤلاء جميعاً ومعاً، فالمدن السورية تحترم كل الكتب المقدسة وجميع الأديان ، بروحيتها وليس بنسخها الورقية، وتسعى وتعمل وتحلم بالوصول إلى دستور علماني ودولة حديثة تحترم المعتقدات جميعاً، وأول مبادئ الاحترام هذه ، هو فصلها عن الدولة والمدرسة ، ووضعها على مسافة واحدة منها جميعاً، وعلى قدم المساواة أمام القانون الذي لا ينظر إلى أي مواطن من زاوية دينه أو مذهبه، وإنما من كونه مواطناً سورياً، ولا يمكن لهذه الصرخات النشاز : أمة القرآن /أمة الإنجيل/ أو مثيلاتها إلا أن تؤدي (بوعي أو بمخدر) إلى دعوة مشبوهة قديمة ومتحزبة وتاريخها ومراميها السياسية إرهابية ولا شيء آخر ، وهي مسيئة للأديان جميعاً وللوطن برمته ، وقد آن الأوان ، بل منذ عقود أن يبقى كل دين في صدر، المؤمن به كعلاقة خاصة ، بينه وبين إلهه، وأن ينأى به عن السوق والسياسة ، فلهذين قوانينهما وعلومهما التي تتضمنها الدساتير والقوانين والأنظمة الناظمة لجميع المواطنين ، للدولة والمجتمع والأفراد بمعزل عن انتماءاتهم الفكرية والروحانية، ورغم ما تحمله تلك القوانين والدساتير من شحنات روحانية وإلهية ، لا يجوز أن تظهر على أنها من هنا أو هناك، بل يجب أن تبقى في صورتها المدنية والعصرية ، فمن الساذج الذي صدق أنكم تغيرتم؟؟؟؟

ليست مهمتي أن أقدم الشواهد والبراهين من القرآن نفسه ، على أن هذا الكتاب يربأ بنفسه عن زجه في سوق السياسة وسياسة السوق ، لكن أكتفي ببعض الآيات التي لا تطلب حتى من النبي أن يتجاوز دور المبلغ والداعي بالحسنى ، ومعلوم أنكم كغيركم من معظم الجماعات الإسلامية ، ولا أقول كلها ، دنستم هذا الكتاب ، جوهرياً ، حين التزمتم الإرهاب ، لنشر دعوتكم ، وكنت أود عدم العودة إلى الماضي ونكأ الجراح ، وكنت أتمنى أن تكونوا هجرتم ماضيكم فعلاً ، ولكن تلك الرائحة في ذلك الخطاب ، محقت كل هذه الأمنيات التي كنت أعرف أنها أمانٍ مستحيلة.
1- "ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين"(سورة يونس 99)
2- "فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظاً إن عليك إلا البلاغ" (الشورى 48)
3- "فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين" (النحل82)
4- "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" (الكهف29)
إذن القرآن يعطي الناس حق الكفر !!! فهل تمنعونهم أنتم من ذلك؟ أم أنكم تقتلونهم وتنتهون من القضية؟ هنا يكمن التدنيس الفعلي للقرآن ، وبل الشرك الكامل بالله ، حين ينصب شخص أو حزب أو جماعة نفسها، لإجبار الناس وبالقوة بل بالإرهاب على الإيمان بمعتقدات تزعم أنها إلهية ، بل حتى لو كانت إلهية فعلاً ، فالله لو شاء لآمن من في الأرض جميعاً ، ولكنها على ما يبدو إرادته ألا يؤمن الجميع.

5- وفق إحصاء أجرته صحيفة الشرق الأوسط : في العراق خلال الأسبوعين الأخيرين ، كل ساعة يموت عراقي بفعل العمليات الإرهابية ، أطفال ، مدنيون ، عراقيون فقراء يذهبون للتطوع في جيش بلدهم وشرطه، بحثاً عن عمل ووظيفة، هذه هي الأهداف التي تتهاوى باسم الكتاب(القرآن) ، وهذا هو التدنيس الفعلي لهذا الكتاب،أين صراخكم على من يقطع الرؤوس ويفخخ الشوارع بالأبرياء، وبين كل مائة عراقي يجرح جندي أمريكي أو لا أحد ، أم أن هذا يعيد للشيوخ ذكريات الشباب ويدغدغ الخيال ويغذي الشهوة الباقية ولكن بآلة متعطلة؟
6- أخيراً...... كان الصوت الأول المسموع رسمياً الذي أدان فعل الجنود الجهلة والأوغاد ، واعتذر عنه بشكل رسمي هو صوت وزيرة الخارجية الأميركية، أما نحن الذين عانى شعبنا من قتل واغتيال وتفجيرات باسم "القرآن دستورنا" ومن قمع وسجون وتشرد وملاحقات وبطالة وفقر وتخلف ، باسم الحرية والاشتراكية، لم نسمع من عنصر من الإخوان كلمة اعتذار، ولا من رقيب في المخابرات كلمة أسف ، نعم الجميع عسكر وهمج ، ولكن ثمة فارقاً حضارياً بين دولة ودولة، وبين همجية وهمجية.





#نور_الدين_بدران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيها السوريون الجهلة ......أقيموا تمثالاً لحكمت الشهابي !!!
- سيدتي الأنيقة
- الحب
- أفنان بهجتي
- قوة سوريا بحرية أبنائها
- حرباء الروح
- المعارضة السورية واللا شائعات
- شرف التقليد وعار الإبداع /تحية إلى الكاتب إحسان طالب
- الدولة الدينية والدولة الحديثة
- الإصلاح في المملكة العربية السعودية
- أصغوا إلى الأغنية البحرينية
- نبيل فياض يهجر
- قاصمة الظهر
- شادي سلامتك ... ويا سيادة الرئيس
- كون آخر
- العلاقة بالآخر مرآة الذات
- النهر الهادر أصم
- الفأس والرأس
- الولايات المتحدة ليست فوق التاريخ
- انتظري


المزيد.....




- الحوثيون يزعمون استهداف قاعدة جوية إسرائيلية بصاروخ باليستي ...
- إسرائيل.. تصعيد بلبنان عقب قرار الجنايات
- طهران تشغل المزيد من أجهزة الطرد المركزي
- صاروخ -أوريشنيك-: من الإنذار إلى الردع
- هولندا.. قضية قانونية ضد دعم إسرائيل
- وزيرة الخارجية الألمانية وزوجها ينفصلان بعد زواج دام 17 عاما ...
- حزب الله وإسرائيل.. تصعيد يؤجل الهدنة
- مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين مقاتلي -حزب الله- والقوات الإسر ...
- صافرات الانذار تدوي بشكل متواصل في نهاريا وعكا وحيفا ومناطق ...
- يديعوت أحرونوت: انتحار 6 جنود إسرائيليين والجيش يرفض إعلان ا ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نور الدين بدران - التدنيس الشكلي والتدنيس الفعلي للقرآن