أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيهانوك ديبو - استحقاق جنيف2 بين واقع النظرة الدولية والمتوقع المحلي والإقليمي (دراسة تحليلية ) سيهانوك ديبو*















المزيد.....


استحقاق جنيف2 بين واقع النظرة الدولية والمتوقع المحلي والإقليمي (دراسة تحليلية ) سيهانوك ديبو*


سيهانوك ديبو

الحوار المتمدن-العدد: 4226 - 2013 / 9 / 25 - 17:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


استحقاق جنيف2 بين واقع النظرة الدولية والمتوقع المحلي والإقليمي (دراسة تحليلية )
سيهانوك ديبو*

كثرت التحليلات والتخمينات والرؤى حول جنيف2 سليلة جنيف1 و ما بعدها و كل ما هو متعلق بالمشهد السوري المتغير و التي انتقلت إلى حالات متقدمة بالعنف ، و تتوجت تلك الحالات بالهجوم الكيماوي على الغوطة الشرقية . و التوجه إلى جنيف2 المزمع عقده في أكتوبر من العام الحالي 2013 لن تكون نزهة التائب في بلاد العجائب و إنما بداية الحل و انهاء المَحْل ،والحصول على اعتراف أممي وبمشاركتها يتم إنهاء الأزمة السورية ( أُريدت لها أن تكون أزمة ) ، و تسوية الأزمة سياسيا بعد أعداد هائلة من الضحايا قاربت أكثر من مئتي ألف شهيد . وستُعْتبر جنيف 2 انفراجا في المأزق السوري بعد انهاك سوريا : اجتماعيا و اقتصاديا .
دول الغرب لم تعد تضمن صيرورة إدارة الأزمة السورية في سوريا فقط ،فبدت كأنها تخشى تعقيدات الأوضاع و تفريخاتها المستجدة ، و بدأت تخشى نتائج الطريقة التي تدار فيها الأزمة و الخوف من عدم السيطرة على هذه النتائج . فالمخاوف بدأت تتزايد سيّما ما يخص الممكن جدا و المتنبئ به أكثر بدخول منطقة الشرق الأوسط في حرب جديدة و بأضداد جاهزة على الدوام ، فالشروخ و الثقوب في البنية الشرقية كثيرة منها القومية و منها الطائفية و منها ما هو بدأ ينخر ليفضي إلى التشكيلات العصبوية الأكثر خطورة كالعشائرية و المناطقية و الطُرقية .
التطمينات التي تَرِدُ عن احتمالية مشاركة الكُرد كوفد مستقل في جنيف 2 تعدّ بالغة الأهمية تفوقها التحضيرات المسبقة ل جنيف 2 ذاتها و من عدة جوانب و الامتثال إلى " ورقة " موحدة ضامنة للمشروع الكردي الحضاري و الديمقراطي في سوريا المستقبلية و أساس هذه الورقة التشاركية ب : الرؤية ، المنهج ، السلوك . تَعُدّ و تتحول فيما بعد إلى ضامن قانوني – سياسي للشعب الكردي في احقاق جزء من حقوقه التاريخية المشروعة من ناحية ، وتحقيقاً لتفعيل رؤية الجزء الكردي – السوري و المنسجم مع الرؤية الوطنية في سوريا المستقبلية و المشاركة الفعلية بهذه الرؤية بعد المشاركة الفعلية في مأسسة الدولة السورية الحديثة .
إن التحرك الكردي الرشيد سورياً في هذا المنحى سيحول جنيف2 إلى أن يكون بمثابة استحقاق تاريخي ، قد يُعرف فيما بعد ب (استحقاق جنيف2) ولابد هنا لإيجاد تعريف لهذا المصطلح – الطموح :
استحقاق جنيف 2 : هو تسمية إعلامية للتشارك الفعلي من كل المكونات السورية و المشاركة الكردية الحقيقية و باعتراف و مشاركة دولية لصناعة السلام في سوريا كوطن لكل مكوناتها بدأ من القوميتين الرئيستين : العربية و الكردية وانتهاء بالأقليات القومية الأخرى. فالتصنيف على أساس قومي يضمن تعريفا حضاريا تكون أقل وطأة من تعاريف تتضمن بقائها و تتضمن من حدية التعريف الإجرائي للمصطلح نفسه و أقصد مأزق التعريف السوري على أساس المذهبية – الطائفية .

جنيف 2 سوريا":‏
نتجت بطبيعة الحال عن حالة شهدتها الساحة السورية و هي في بائس وضعها و المشهد الدموي اليومي و العنف المجتمعي و التخلخل البنيوي كانت كلها عناوين رئيسية أنتجتها عنف النظام و العنف المضاد له و الأخيرة كانت مُذيلة ( بالوساطة ) تداخلات و صراع عسكري- سياسي يبين نظرتين متناقضين لكل منهما أهدافه الخاصة منه ، مرة باسم الممانعة و مرة باسم المعارضة
الأول :نتيجة التدويل في الأزمة السورية ظهر محوران و من أجل الحشد كانت لزاما عليها شعائر و أيديولوجيات تفي لهذا الموضوع ، و من أبرز الصراعات الأيديولوجية الحاشدة للجماعات و التي اتخذت من الأراض السورية ساحة ميدان للتحارب ؛ الصراع بين السني برأس حربة تركية و جسم خليجي و أجنحة أمرو- أوربية ، و بين الشيعي برأس حربة إيرانية و جسم اقليمي مُخصصٌ بالعراق المالكي و بالنظام السوري وحزب الله اللبناني و أجنحة رو- صينية .
والثاني : الصراع على أساس الطائفية غير موجودة في المجتمع الكردي – و إن بُدِأ بنثر بذورها لكنها غير مؤدية النتائج – على الأقل هذه الأيام -، ربما لأن الدور المنوط بها لم يتبلور بعد ، و المشاهدات المعلنة لبعض من الأفراد و ربما بعض من المجموعات و التي تنحو منحى الطائفية هي غير مؤدية للمعنى بسبب محدودية الهدف وانعدام التحرك الميداني و الافتقاد شبه التام إلى الأُس الشعبي و الحاضنة المجتمعية ، لأجل ذلك التزم الكرد في سوريا بالثورة منذ أيامها الأولى لكنهم انقطعوا عنها ، ليس بسبب أنهم انسحبوا منها ، و لكن بسبب أن الحراك الثوري أُبتلع من قبل من ركبوها ، و بعد فترة وجيزة بسبب ادراكهم في الغالبية أنه لا أماكن للكرد في ثنايا الطائفية فهم غرباء عنها و هي غريبة عنهم ؛ فبدأوا بنهج طريق مغاير و مخصوص بهم نتيجة ، الطريق الثالث الكردي ، و رغم أن بعض الشخصيات و بعض الأحزاب لا تحبذ النظرة القائلة أن الكرد مصائرهم متعلقة بالمعارضة الحالية ، علما أن الأخيرة لم تختلف عن النظام بخصوص القضية الكردية فبدأ أبرز أجسام المعارضة ( قوى الائتلاف ) بصك بنود اتفاقيته المخجلة و غير المعبرة مع الكرد و هي أشبه باتفاقية مكتوبة بنودها على رمال بحر هائج .

لا ننكر كسوريين متابعين و مازلنا في أماكننا متموجدين بشكل استقرائي اجرائي أن استحقاق جنيف 2 سيشكل ظاهرة سوسيوثقافية بسبب تمثيلها إلى أهم مكونات المشهد السياسي السوري في النقطة الصائرة إليها مع أخذ العلم أن كل نقطة صائرة في الحدث السوري تختزل المشاهد السابقة و تتضمنها ، فلا يمكن في هذه الحالة الرجوع إلى مربع قديم أو نقطة قديمة من أجل الانطلاق , من مبدأ نضوج مستوجبات جنيف 2 و خلق حالة من التوازن بين المتعارضين الأساسيين و بين معارضاتهما المتجددة كنتيجة حتمية للتدويل و أهواء و متبدلات التدويل ذاته ، فسيتم حسب المعتقد الاشارة إلى موضوع السيادة و قدرة الإدارة المرحلية المتكونة من المعارضة و النظام و الكرد كطرف ثالث على ادارة الشؤون السورية الداخلية و الخارجية ، و هنا لا بد من التنويه أن هناك من يسن أسنانه لنيل الحصة الكبرى من اللحمة "عملية البناء " والمقدرة حسب الاحصائيات الأخيرة إلى 200 مليار دولار كتكلفة أولية لإعادة الاعمار و البناء ، ناهيكم عن التكلفة الباهظة و المخصوصة بالبنية التحتية و الدمار الهائل الذي لحق بها ازاء العنف الجنوني في المشهد السوري .
تداعيات جنيف 2 كرديا" :
شهد الموقف الكردي بشكل عام تضارب بردود الأفعال والتوقعات من استحقاق جنيف2 ناتج بالطبع عن الحيز الكمي للخبرات بالنسبة لحوامل الهم الكردي في سورية ، فعلى سبيل المثال التصريحات غير المسؤولة لبعض الشخصيات الحزبية و التي تصر على اقحام الكرد كوفد ملحق بالمعارضة ، و هذا يشبه و يتشابه مع نقيضه و الذي يأتي و يحاول اقناع بعض من الأحزاب الكردية دون ضرورة مشاركة الكرد في قمة جنيف كلها بسبب الوعود التي يطلقها النظام السوري من أجل حل مناسب لهم . إن ادعاءات كلا الطرفين لا تؤدي بأي معنى من التمثيل و الوجود الطبيعي و الرشيد للكرد في سوريا كسوريين أولا و ككرد مرة ثانية .
موقف مجلس غرب كردستان : اعتبر مجلس غرب كردستان في بيان واضح أصدرتها مؤخراً ، و ركزت على ضرورة تسوية سياسية للأزمة السورية على أساس التشارك الفعلي ، و ما يخص الوضع الكردي اعتبروا أن الكرد هم أنسب من يمثلون أنفسهم و شرح قضيتهم و شرح مطالبهم ، و عليه يكون من المهم الحضور الكردي في جنيف 2 كوفد مستقل أو وفد خاص ضمن وفود المعارضة السورية ، تعتبر هذه النظرة إيجابية بمزدوج النتيجة أي ما يخص سورية كوطن و لكل السوريين – على الأقل لوقف حمام الدم و الحد من التجويع الجمعي كخطوة عاجلة اجرائية تتبعه خطوات أكثر حسما من أجل بناء سوريا عصرية ديمقراطية تعددية . إن هذا التوجه الذي يتبناه الكرد المعارضون في مجلس غربي كردستان يعتبر بحد ذاته استحقاقا وطنيا ومعركة وطنية يجب الحشد لها دوليا ومحليا ، لأنها الخطوة التي ستؤدى إلى الاعتراف بالدولة السورية الحديثة – التعددية و الضامنة لكل المكونات على قدم و ساق القانون الوضعي و بالاستناد الكلي إلى العقد الاجتماعي كأساس و كبنية و كبناء ، وتتوقع بمنظور ايجابي إلى ما سيليها من خطوات تحقق الحلم الكردي في إدارة ذاتية ديمقراطية كمضمون للصيغة و ليست كصيغة فلسفية و مطلبية فقط ، معتمدة على الظروف الدقيقة التي تمر بها سورية وروج آفا و خاصة بعد الهجومات الظلامية من قبل الحركات المتشددة و المرتبطة بتنظيم القاعدة ، و معتمدة و في الوقت نفسه بالتأييد والإجماع الدولي لهذه الخطوة ، و الخطوات الديبلوماسية الكردية في هذا المجال بدت تطفو و تتكاثر من خلال التركيز المستمر أن التزام الكرد بخيار الادارة الذاتية الانتقالية هي رسالة سلام على المستوى السوري و الاقليمي و الدولي ، وضرورة تهافت كل المقولات و الآراء بتوصيف الكرد على أنه شعب إرهابي و حركاته التحررية حركات ارهابية لا تؤمن بالسلام وتتعاشَ على التناقضات بين الدول المقتسمة لكردستان .

موقف المجلس الوطني الكردي : المجلس الوطني الكردي و المتكون سابقا من ستة عشر حزبا و حاليا من اربعة عشر بعد انسحاب الحزبين الديمقراطي البارتي و اليساري ، الأزمة العميقة الذي يتصف به المجلس ليست وليدة اليوم و إنما رافقتها كجزئيات فكأن أزمات الأحزاب المنضوية تحت خيمة المجلس اتحدت قبل أن تنجز أية خطوة عملية إذا ما استثنينا الاتفاق بينها و بين قوى الائتلاف المعارض على أساس مسودة لم ترتقي إلى مستوى الطموح لشعب روج آفا ، رغم أن المطالب بدت متقدمة بالنسبة إلى زمن سابق ، لكنها تبدو غير مسندة إلى رؤية مستقبلية بل مرتهنة بشكل كامل على الأحداث في المستقبل و خاصة ما يتعلق بالبند الذي يؤكد أن كافة العهود ستتثبت أو ستلغى باعتراف برلماني حقيقي مستقبلي ، و هذا و في اعتقادي و في أحسن أحواله ضرب بالمندل ، غير ذلك فإن بعض من أحزاب المجلس الوطني الكردي تنظر كعادتها إلى أي عمل يقوم به مجلس غرب كردستان و بكل مكوناتها و فصائلها بعين الشك والريبة ، لاعتباراتها وتقديراتها الذاتية والشخصية ، و المعتمدة على أساس تفكيرها أن الأمر قد يسحب البساط من تحت مشروعها المعتمد والمنتظر لسحابة التغير في الربيع العربي و احتمالية سيطرة قوى الائتلاف على مقاليد السلطة في دمشق ، مُحركها يستند على وعي زائف مفادها : أن شرط الوطنية الخالص هو معاداة النظام الاستبدادي ، لذا تتناقض تصريحات قيادتها بين الحين والآخر و تتغازل مع بعض قياديي الائتلاف ذاتهم الذين هم أيضا في أزمة عميقة و خاصة بعد تنصل أغلبية كتائب الجيش الحر من الاعتراف بالائتلاف كقوة سياسية ممثلة لهم ، و هذا و حسب اعتقادي بمثابة زرع الأسافين من أجل تأجيل و تأخير و ربما لنسف جنيف2 من أساسه ، وتروج أن جنيف 2 هو طريق تقديم تنازلات جديدة كما تزعم , وهناك اتجاه آخر في المجلس الوطني ( أحزاب الاتحاد السياسي ) يبرر الأمر من خلال تحليلهم للمواقف السابقة ويأكدون على فشل هذا الاستحقاق .

موقف باقي الأحزاب و الهيئات و التنسيقيات الكردية :
يتمحور موقفها من خلال الرؤى التالية:
في الوقت الذي وصلت عدد التنسيقيات إلى أكثر من أربعين تنسيقية لم تجد أغلبية التنسيقيات و بعض من الشخصيات و بعض من الأحزاب الكردية لها محلا لها بين المجلسين الكرديين و المشكلين للهيئة الكردية العليا و الذي يمثل الشعب الكردي في سوريا و بنسبة تفوق 70% من مجموع الشعب الكردي – رغم عدم وجود احصائيات دقيقة – لكن الدلائل تشير إلى صحة ما تقدمنا به .
هذه المجاميع أيضا لم تعد تتوسم بتلك القوة و الاتزان لضعف وجودها على الأرض ، و طيلة الثلاثة أعوام المنصرمة من عمر الحراك الثوري السوري لم تقدم برامجا وطنيا شاملا و كل ما تتقدم به هو ذاتي التوجه منفعي الرؤى تصب في ترجمة متوحدة و هو الالحاق القسري للكرد بالمعارضة و بأيدولوجية ثأرية تكاد تكون منفصلة عن ألف باء الثورة و المقاومة .
ما هي مطالب الكرد المتدرجة في جنيف 2 حتى تتحول من مؤتمر إلى استحقاق ؟
ربما الأجدى للوفد المشارك المقاربة من أي توافق يضمن المطاليب الشرعية التالية :
1ـ خلق رؤية سياسية مسؤولة و ضامنة لوقف فوري لعمليات العنف الممنهجة من قبل الاطراف المتحاربة .
2ـ الافراج الفوري عن كل المعتقلين السياسيين في أقبية نظام الاستبداد .
3ـ تتعرض مناطق روج آفا إلى سياسات قاهرة من أشدها الحصار الاقتصادي المفروض على هذه المناطق و من كل الجهات و المتزامنة مع الهجمات الظلامية. مما أدى إلى الهجرة الألفية و المقدرة بأكثر من مئتان و خمسين ألفا نازحا و مهجرا من روج آفا و خاصة بعد الحملات الجينوسايدية التي ارتكبت بحق الكرد بالتلال الثلاثة المنكوبة (عرن و حاصل و أبيض ).
لا بد من العمل الفوري و المؤدي بفكفكة هذا الحصار و تأمين كل الاحتياجات اليومية لمواطني روج آفا
4 ـ التأكيد على ضرورة شرعية الادارة الانتقالية في روج آفا و المتكونة من كل المكونات .
5- الادارة الانتقالية المتكونة ستكون بمثابة حكومة انتقالية تتشارك مع الشعب في روج آفا لاختيار شكل و مضمون و صيغة التمثيل الكردي في سوريا : الحكم الذاتي أو الفيدرالي أو الادارة الذاتية الانتقالية .
هذا ما يمكن الحديث به كنقاط محددة و اجرائية عاجلة .

لماذا جنيف 2 ؟
أعتقد أن جنيف 2 هي آخر الخيارات الحالية من أجل أي عملية أو تسوية للوضع السوري ، و حينما نؤكد ذلك ليس حبا أو كرها ، و إنما ندرة الخيارات أمام الشعب السوري يؤكد و بعد التدويل و تداعيات التدويل أننا لم نعد نملك كسوريين المزيد من الخيارات ، و على أساسه فإن لم يكن في القريب العاجل جنيف 2 سيكون كذلك و في بعيده الآجل ، فنهاية الحروب و الصراعات و الاقتتالات و التناحرات لا بد أن تفضي إلى السلام ، و السلام سيكون مفهوما أو اصطلاحا لا يقرره الشعب السوري وحده و إنما الدول العالمية التي ساهبت في اضفاء و توقد جذوة المآسي ؛ فالسلام الصائر قد يكون غير معبرا للبعض و قد يكون غير مؤديا للبعض الآخر ، لكن دوامة العنف لا بد أن تتوقف ، و أن السياسة الغربية و فشل السياسة الغربية الغريبة شرقيّا و من الناحية الشكلية الظاهرية ، فالأزمة السورية من الوجهة الغربية تنحى في استمرار العنف السوري و (بالوساطة ) من ناحية ، و من أُخراها ( ابقاء الأزمة مشتعلة ) دون أن يتكبد هذا الغرب خسائر في الموارد البشرية و المالية .فثمن السلاح الضامن لاستمرار الحرب في سوريا تُقَدّر بحوالي اثنتي عشر مليار دولار منها عشرة مليارات مصدرها " الخليج وحده " و مليار و 200 مليون دولار مصدرها تركيا .و دول الغرب لم تعد تضمن صيرورة إدارة الأزمة السورية في سوريا فقط ،فبدت كأنها تخشى تعقيدات الأوضاع و تفريخاتها المستجدة ، و بدأت تخشى نتائج الطريقة التي تدار فيها الأزمة و الخوف من عدم السيطرة على هذه النتائج . فمن الممكن جدا أن تؤدي إلى دخول منطقة الشرق الأوسط في حرب جديدة و بأضداد جاهزة على الدوام ، سيّما أن الشروخ و الثقوب في البنية الشرقية كثيرة منها القومية و منها الطائفية .
و ذات الدول رفعت قبل شهر أو يزيد شعارا طريفا مفاده أن على المعارضة السورية أن ترتقي إلى مرحلة النضج السياسي لأن الأزمة السورية تحل بالطرق السياسية لا العسكرية.
وعن الامتثال الكردي إلى " ورقة " موحدة ضامنة للمشروع الكردي الحضاري و الديمقراطي في سوريا المستقبلية : الرؤية ، المنهج ، السلوك . يكون بمثابة بداية الاستحقاق الفعلي .
و جدية الموقف الوطني في جنيف 2 يستند إلى مرتكزات ثلاثة :
الأول : التوافق الدولي ( الأمرو- روسي ) في صياغة و صناعة جنيف 2
الثاني :الانحسار الداخلي في اقتناع الأطراف المتنازعة في سورية إلى تصفية و انهاء أحدهما للآخر .
الثالث : جنيف 1 الأساس المعلن في جنيف 2 ، ربما أصبحت بالفعل ناضجة لتأسيس جنيف 2..

نجاح جنيف2 دبلوماسيا بوضوح خياراتها :
الخيار الأول : لا يمكن بأي حال من الأحوال إلّا بالمراهنة العالمية على نجاح جنيف 2 بسبب تبعيات الحرب الدائرة في سوريا و خوف القوى العظمى من أن تخرج إلى دول الشرق كلها و كما أشرنا سابقا ، و على كل الأطراف التي ستشارك في المؤتمر أن تعي المسؤولية الملقى على عواتقها أو التي تنطحت بها ، لأن التكلفة كانت حتى اللحظة من دماء الشعب السوري و على حساب تدمير الدولة السورية و تدمير بنيتها الاجتماعية و الاقتصادية . و اعتبار أن جنيف 2 و البدء في العملية التفاوضية تصحيح أخير لمسار التغيير المنفلت عقاله .
الخيار الثاني : التحذير من العواقب الخطيرة المتوقعة في حال فشل جنيف 2, لأن هذا الخيار يعتبر بمثابة ديمومة اراقة الدماء السورية و توجيه الأزمة إلى حالات متقدمة من الصراع و التحارب و في كل الشرق الأوسط ، فالمنطقة مليئة بالبارود و مليئة بصواعق الأزمة و من أبرزها : ارتفاع منسوب الطائفية إلى حالات متقدمة و خطيرة تهدد البنية المجتمعية في سورية .
المواقف الدولية تجاه جنيف 2 :
أولا - الأزمة السورية في عامها الثالث تشير إلى أن الكثير من القرارات الدولية و المؤتمرات التي تمخضت منها و عنها القرارات و آلاف اللقاءات و التي تناولت سراً وعلناً المشكلة السورية و لكنها لم تتمخض بحل و على نحو درامي بدأ الكثير من يشك بأن ما تم كان متفقاً عليه و مرسوم له إلى أن يُصار على ما آلت إليه الأمور ، و محافل و محاضر الأمم المتحدة تشهد و تزخر بهذه السيناريوهات بدأ من اجتماعها الأول و بعد مضي فقط ستة أشهر و انتهاءً بالضربة المقررة والمؤجلة أمريكيا .
ثانيا - الموقف الأمريكي :
" ..أمريكا لن تقف مكتوفة الأيدي عندما يتجاوز النظام السوري الخطوط الحمراء ..."ثمان و عشرون مرة قالها الرئيس الأمريكي باراك أوباما ، و عندما اُستعمل السلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية في أغسطس الماضي و راح ضحيتها أكثر من 1400 شخص وفق مصادر الأمم المتحدة نفسها، استبدلت التدخل بضربة عقابية و استبدلتها أيضا بنتيجة الضربة دون الضربة ذاتها ، و كان الاقتراح الروسي بمثابة " المدد الغيبي " و الذي مفاده ضمان بقاء السلاح الكيماوي تحت تصرف و رعاية المجتمع الدولي و تفكيكه . و بدأت أمريكا ذاتها تدعو من أجل جنيف 2 بعد أن أحست بخسارة واضحة أمام الدور الروسي ونفوذه التي بدأت تزداد في منطقة الشرق الأوسط . و يتمحور التوجه العام في أمريكا في المرحلة الانتقالية الى سيناريو " اللبننة " و تطبيق المحاصصة التوافقية ربما تكون مقدمة لسيناريو آخر أشد وطأة .

ثالثا - الموقف الأوروبي :
القارة العجوز والمتعبة اقتصاديا والتي ترزخ تحت ضربات الأزمة الاقتصادية العالمية و منذ العام 2008 و حتى الآن ، يبدو أنها لم تطابق بين ما قالته و ما تفعله أو تتجه إليه الآن ، فالملاحظ أن الدور الأوربي بدأ بالانحسار من مركزي إلى ثانوي على غرار الدور العربي من ثانوي إلى أكثر تهميشا و استغيابا في أية تسوية محتملة سواء في جنيف2 أو غيرها ، رغم أنها تكفلت بالعموم بكل تكاليف المساعدات العسكرية التي أوصلتها إلى كتائب جيش الحر و النصرة و حتى كتائب دولة الاسلام في العراق و الشام (داعش ).

رابعا - الموقف العربي :
بدأت قسما من الحكومات العربية بشن هجوما دبلوماسيا واسع النطاق على النظام السوري و منذ البدايات و تحولت هذه الهجومات الديبلوماسية إلى تدخلا سافرا في الحراك الثوري و أردته عنفا طائفيا مقيتا و بحجة المساعدات و الإغاثات و انهمار دموع تماسيح لم تهمها مصالح الشعوب ، و أنوه هنا إلى الدور السعودي و القطري السلبي في الأزمة السورية و التي كانت مرهونة بدورهما إلى التطمينات الأمريكية وبعض الدول الأوربية و التي خذلتها تماما في الاطاحة بنظام الاستبداد في دمشق .
خطوات النظام المتوقعة على الأرض
1- القيام بإجراءات أحادية الجانب على الأرض مثل ( استرجاع بعض من المناطق التي أصبحت الآن تحت سيطرة بعض الأجسام الغريبة سورياً – محافظة الرقة مثلا – و هي بمثابة النفخ في القراب الوطني لاستعادة مكانته التي فقدها في الأيام السابقة ، مع المتوقع أن غالبية الحركات الجهادية الراديكالية تعمل بخطوط دقيقة مسيّرة من قبل استخبارات النظام نفسه أو استخبارات دولية متوافقة معه )
2- قيام نظام الأسد بمبادرة التفافية و خطوات استباقية من جانبه تتضمن بقائه في السلطة و اجراء تعديلات حكومية مؤقتة, تحاصر مقررات جنيف2 و يتم تسويفها . طبعا بالاتفاق مع الروس
3-ربما حان وفق مخططات النظام أن يتم تسوية للوضع السوري – الاسرائيلي ، و الاستفادة من هذا المنوال للدعم الدولي .
4- لبنان لن تكون بمعزل عن المفاجئات فهي حتى اللحظة المكان الأنسب لتصدير أزمتها .

رغم كل تلك المعترضات و العوائق التي قد تعيق من انعقاد و تفعيل جنيف 2 ، إلّا أنه و حسب المتغيرات و حسب المعطيات العامة أعتقد أننا بدأنا كسوريين أن نقترب من بداية النهاية ، و بات من المتحتم في نهاية المطاف أن تُعْقد لأنها الخطوة الأهم حتى اللحظة في الاتجاه المناسب، وعليه المطلوب سوريا و عالميا من المؤتمرين أن يتوقف العنف المجتمعي و التناحر الطائفي و أن تطرد خارجاً كل المجاميع الغريبة عن ثقافة سوريا المجتمعية الطبيعية ، وان نعمل بجدية أكثر كسوريين و ككُرد على تحقيق مصالحتنا مع ذاتنا أولا و مع المختلفين ثانيا لأن قادمات الأيام ستمثل المعركة الحقيقية من أجل التغيير . يقينية انعقاد جنيف 2 مستمدة من الواقع ، و حتى لو تم تأجيل أو إلغاء المؤتمر ، لن يكون في نهاية المطاف ( قَصُر أو طال ) مؤتمر للسلام ، لن يهم المكان و المسمى فقط المهم السلام ، و حينها سنكون أمام التحول الأبرز في التاريخ السوري ، استحقاق السلام ، قد يكون نفسه استحقاق جنيف 2 .



* عضو الهيئة الإدارية في المركز الكردي للدراسات و البحوث الاستراتيجية



#سيهانوك_ديبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكرد بين اتفاقية لوزان 2 و جنيف 2
- الحرب و السلام .....سورياً
- لماذا نتبنى مفهوم الإدارة الديمقراطية ؟
- لماذا قتل الشيخ معشوق الخزنوي ؟
- في التناحر و التنافر الكردي - الكردي أسباب التناحر وعلتها
- كيف نفهم انتفاضة قامشلو 2004 ؟


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيهانوك ديبو - استحقاق جنيف2 بين واقع النظرة الدولية والمتوقع المحلي والإقليمي (دراسة تحليلية ) سيهانوك ديبو*