|
جدلية الزعيم عبد الكريم قاسم
محمد فريق الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 4226 - 2013 / 9 / 25 - 08:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في 14 تموز 1958 استيقظ العراقيين على نبأ تأريخي و هو اعلان العراق كجمهوريه و اسقاط الحكم الملكي بعد قتل العائله المالكه انذاك على ايدي عدداً من ظباط و جنود الجيش العراقي الثائر و ما تلته من احداث كان ابرزها قتل السياسي العراقي المخضرم العقيد نوري باشا السعيد لتبدأ مرحله تاريخيه فاصل في تأريخ العراق الحديث المعاصر و لاشك ان العراقيين قد تلقوا هذا النبأ بفرحاً و ابتهاجاً شديدين لانهم نقموا من نظاماً كانت تدعمه بريطانيا العظمي و وجود ملك رمزي و اخر حقيقي و اقصد بالاول الملك فيصل الثاني و الاخير الامير عبداله الحاكم الحقيقي للعراق انذاك و وصي العرش و غيرها من المناصب التي كانت تحت يدي الوصي ذو العلاقه القويه بحكومة ملك بريطانيا العظمي و الذي كانت احد قتلى ثورة 14 تموز 1958 و الذي عبر العراقيين عن استيائهم من سياسته الفاسده و الفاشله و التي كان تجعل العراق تابعاً لبريطانيا و طمس سيادته و استقلاله.
كان قائد هذه الثوره هو عبدالكريم قاسم و الذي اطلق عليه لقب الزعيم فيما بعد رجل متواضع الملبس لم يغير بدلته العسكريه من توليه الحكم و حتى رحيله منه لم يشيد قصوراً بل لم يسكن في القصور المشيده اصلاً و اكتفى بوزارة الدفاع مسكنا و مكانا للعمل و قد اثر ذلك في العراقيين اللذين تعودوا على رؤيه الملك من شرفة قصره محاطاً بحرسه و هو ما كان سبب لحب العراقيين انذاك له لانه كان بسيطاً كبساطه الجندي على الرغم من انه في ذلك الوقت رئيساً لجمهورية العراق و القائد العام للقوات المسلحه العراقيه ان الحركه التي قام بها قسم كانت ثوره حقيقيه في بدايتها حيث اعلن عن الكثير من المشاريع التي حقق عدداً منها كتأميم الاراضي الزراعيه التي كانت مملوكه للاقطاعيين في ذلك الوقت و توزيع اغلبها الى الفلاحين و تشيييد العديد من المناطق السكنيه و توزيعها على المواطنين العراقيين البسطاء و غيرها من المشاريع التي لم تكن موجوده في العهد الملكي حيث كان الباشوات و الباكوات يملكون كل شئ حتى البشر اللذين يعملون تحت ايديهم.
ان الحركه العسكريه التي قام بها قاسم لم تأتي فجاءه او دون مقدمات بل جائت بعد قيام العديد من الحركات الانقلابيه و السياسيه التي نقمت من النظام الملكي و سياسته التي كانت تملى عليه من الخارج لكن الحظ لم يكن يحالف اياً منها و ايضا نفور الشارع العراقي الذي كان يسمع عبر المذياع ما يحدث في البلدان العربيه من تطورات سياسيه غيرت و بشكلاً كبير من واقعها و تأريخها و لعل الانقلاب الذي قام به الرئيس الراحل جمال عبدالناصر زعيم الامه العربيه كما اطلق عليه في ذلك الحين على النظام الملكي الذي كان يحكم مصر و نفي الملك فاروق خارجها و ما احدثه في مصر كان له الوقع الكبير في نفوس العراقيين جعلهم يتمنون لو ان ثوره مشابه للثوره المصريه تحدث في العراق و تخلصهم من ملكيتهم.
ان الايام او الاشهر او حتى السنوات الاولى لثورة 14 تموز كانت مهتمه بالواقع العراقي اكثر من أي اموراً اخرى و قد شهد العراق فعلاً تطوراً ملحوظاً في لكن سرعان ما اصبح صراعاً سياسياً هو الشغل الشاغل للزعيم فمن الطبيعي ان يكون هناك مؤيدين و معارضين لثورته بحكم الطبيعه الانسانيه و ايضا كان للزعيم حركته العسكريه مؤيدين و معارضين في الداخل الخارج.
فعلى المستوى الداخلي فان مؤيدوا الزعيم كانوا من البسطاء اللذين كان لهم نصيب الاسد من تفكير و مشاريع الزعيم اللذين لم يجدوا في العهد الملكي من يلبي مطالبهم و يشملهم برعايته و عطفه لكن في الوقت نفسه كان للزعيم معارضين انتقدوا طريقة حكمه للعراق و قد وصفه البعض بالزعيم الاوحد في اشاره الى تفرده في الحكم و لاشك ان انشقاق عبد السلام عارف عن رفيقه قاسم كان بمثبة هدماً لركن من اركان الثوره فعبدالسلام عارف كان احد ابرز معاوني قاسم و رحيله عنه فسره البعض على انه معارضه من عارف لقاسم في ادارة شؤون البلاد حتى تطور الامر لتكون نهاية الزعيم قائد الثوره و العراق على يد رفيقه عارف و قد اوجد العراقيين فيما بعد تعليقا على هذا الحدث مقوله (( جاء قاسم بالثوره و جلب معه عنصر فنائها)) في اشاره الى عبدالسلام عارف. اما على المستوى الخارجي فقد شهدت العلاقات العراقيه ابان حكم قاسم جمودا شديداً مع جيرانه العرب حتى انتهى بالغاء عضوية العراق من جامعة الدول العربيه ليزيد هذا القرار من عزلة العراق مع محيطه العربي و كان العراق في عهد قاسم حليفاً للمعسكر الشيوعي الذي كان في صراع دائم مع الدول الغربيه حول امكانية فرض السيطره على الشرق الاوسط علماً ان هذا الصراع لم ينتهي حتى اللحظه على الرغم من انتهاء وجود الاتحاد السوفييتي و تفككه الا ان روسيا تسير في المنهج ذاته الذي سار عليه الاخير و ايضاً اوجد الزعيم تقارباً مع النظام الايراني لانه (قاسم) لم يكن يرى فائده من تقارب العراق مع الدول العربيه و شهد العراق ابان حكمه صراعاً شديداً مع مصر التي كانت تحت قيادة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الذي كان يسعى لاقامة دوله عربيه واحده و قد نجح فعلاً في اقامة الجمهوريه العربيه المتحده بعد اتحاد مصر و سوريا في جمهوريه واحده قادها الراحل جمال عبد الناصر.
ان الزعيم عبد الكريم لاشك في انه وطني و كان يشعر بالفقراء اللذين اولاهم برعايته و كانت قراراته و مشاريعه مصممه لهم الا انه في الوقت نفسه كان ضعيفاً في قيادة الدوله في ظل وجود معارضين ينتظرون الفرصه للاجهاز عليه خصوصاً و انه تعرض لاكثر من محاولة اغتيال بائت بالفشل و اعتقل منفذيها الا انه صفح عن بعضهم و ايضاً فهو تهاون مع رفيقه المنشق عارف تقديراً للصداقه لكن في عالم السياسه لا يوجد شئ اسمه صداقه خصوصاً و ان تعلق الامر بمستقبل نظام و بلد و هو امراً كان يدركه عبدالسلام عارف و طبقه فعلاً على رفيقه الذي صفح عنه (قاسم) عندما قاد الانقلاب بمساعدة عدداً من الاحزاب المعارضه له لوضع حدا لحكم قاسم لتبدأ مرحله جديده من تأريخ العراق لكن لم يكن لقاسم دوراً فيها.
ان الزعيم عبدالكريم قاسم الذي رحل منذ ما يقارب خمسون عاماً الا انه كان و لازال مثار جدلاً في تأريخ العراق الحديث فاليوم اعلن انه (قاسم) شهيد على الرغم من العراقيين اعتبروه و منذ اللحظه الاولى لوفاته شهيداً علماً ان العائله المالكه التي قتلت برصاص القوات المسلحه لم يعتبرهم العراقيين شهداء و لكن لا يوجد وجه مقارنه بين الحالتين لكن في يومنا هذا اعتقد ان الزعيم اصبح محلاً للمزايدات السياسيه و ان اعتباره شهيد ليس لما قام به بل من اجل غاية في نفس يعقوب فقد تعود العراقيين على ان التشبه او الاحسان لشخصيه سياسيه عراقيه راحله يعني محاوله للتقرب من مناصريها او مريديها اذ ربما يأتي يوما تعتبر فيه العائله المالكه في العراق سابقاً شهداء و يلعن فيه الزعيم عبدالكريم قاسم لنفس السبب!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!.
#محمد_فريق_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من هم خلفاء الامريكان في العراق ؟!
-
الضربه الامريكيه ... اُجلت و لم تلغى
-
ايهما الذي تطور الاسلام ام المجتمع ؟
-
مبادرة العراق بين ازمته الداخليه و الازمه السوريه
-
مبادرة روسيا .. طوق نجاة و هزيمه ضمنيه
-
عدوى المفخخات تنتقل الى مصر
-
مظاهرات الشعب العراقي و الحملات الانتخابيه المبكره !!!!!!!
-
اوباما و الضربه العسكريه و النتائج.
-
اكذوبة الشعب الموحد
-
نحن نعاني من صراعات التأريخ الاسلامي
-
انت من انصار و ازلام النظام السابق ؟!
-
الاخوان من التأسيس الى الاعدام في الميدان
-
تركيا سلاح ذو حدين
-
الشعبيه للاحزاب ام لزعمائها ؟؟؟؟؟
-
في العراق...الديمقراطيه و الفيدراليه قطبين متنافرين
-
الطائفيه...و تدمير المجتمع العراقي
-
العراق ... بين الجيش و الشعب جدار الثأر
-
مرسي و الاخوان .... و الاتجاه شرقا !!!
-
القضيه الطائفيه في العراق.... اسبابها و نتائجها
-
الاحزاب الاسلاميه تسعى لتكون دول !!!!!!
المزيد.....
-
آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد
...
-
الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي
...
-
فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
-
آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
-
حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن
...
-
مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
-
رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار
...
-
وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع
...
-
-أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال
...
-
رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|