|
الانقلاب الحكومي وغزو جيوب المغاربة
أحمد هيهات
الحوار المتمدن-العدد: 4225 - 2013 / 9 / 24 - 00:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الانقلاب الحكومي وغزو جيوب المغاربة
" حين سكت أهل الحق عن الباطل توهم أهل الباطل أنهم على حق " حكمة بالغة للإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه تصور حالة وطننا الحبيب . فبعد أن سكت الشعب توهمت الحكومة أنها على حق وقادت انقلابا حكوميا خشنا على الشعب المغربي متنكرة لكل الوعود والكلام المعسول والعهود . فتنكرت لوعودها الانتخابية التي تاهت بين مجاهل الاكراهات الاقتصادية والعواصف السياسية وأعاصير العبثية الحزبية . كما انقلبت الحكومة على الإصلاحات الطوفانية التي بشرت بها. وأصبح عظيم همها توفير الموارد المالية لسد عجز الموازنة التي أنهكها الفساد الإداري واقتصاد الريع والإعفاءات الضريبية والتملص الجبائي فشحذت الحكومة همتها ورباطة جأشها ويممت نحو جيوب المواطنين المستضعفين مستهدفة قدرتهم الشرائية الكسيحة من خلال الزيادات التي تترى وما يرافقها من موجات الغلاء وتدني الخدمات وجمود الأجور وتردي مستوى المعيشة . فانقلب وجه الحكومة إلى كابوس مرعب يراه المغاربة أيقاظا فغابت عن الحكومة لغة الفخر والحماسة والفروسية وحلت محلها لغة المهادنة والمداهنة والتزلف إلى العفاريت والتماسيح . ولغة الاستقواء والتغول والاستئساد على المستضعفين الفقراء فاستباحت جيوبهم وعصفت بوضعيتهم الهشة وكان حريا بها ومأمولا فيها الذود عنهم وحمايتهم . وقد استندت في ذلك إلى أسباب ومبررات لا تخلو من صحة ولكن فيها غلو كبير لأنه من المعلوم أن الدول المتخلفة والاستبدادية لا تحكمها ولا تؤثر فيها التغيرات الاقتصادية الكبرى والتحولات الإستراتيجية ولا اكراهات السوق الدولية . بث هذا الانقلاب الحكومي الجشع في نفوس المستضعفين من المغاربة الانقباض والكآبة وجعلهم يضعون باستمرار أياديهم على قلوبهم وجيوبهم خشية أن تمتد إليها يد الحكومة بزيادة جديدة . ويدل التوجه إلى تجفيف جيوب المغاربة على إيثار حزب المصباح النفعية السياسية الحزبية على المبادئ السياسية العامة المنحازة إلى الشعب التي تغنى بها قياديو الحزب حينا غير يسير من الدهر. كما يبرهن هذا الغزو لجيوب المغاربة على وهن الكفاءة التدبيرية والعجزعن إيجاد الحلول الحقيقية وان كانت صعبة. ولكن الحكومة اختارت الأسهل وهو لقمة عيش المغاربة فانكشف غياب الإستراتيجية الواضحة والرؤية المستقبلية وطول النفس واستقلالية القرار والانهيار السريع أمام صمود وتغول الفساد والريع . من أجل كل ما سبق جنحت الحكومة كرها أو طوعا إلى فرض هذه الإجراءات المهددة للسلم الاجتماعي التي لم تجرؤ الحكومات السابقة ولا حتى الحكام الفعليون على تطبيقها وأشفقت منها وحملتها الحكومة الحالية ظلما للشعب المغربي المفقر وجهلا بآثارها على الحزب نفسه وعلى الطبقات الفقيرة البائسة التي عاقبها حزب المصباح على الثقة التي منحته إياها . ومن الملاحظات التي لا تخطئها العين أن حزب العدالة والتنمية وبعيد قيادته للحكومة أضحى مزاجيا ومتقلبا في أحكامه يعيب ما كان قبلا في نظره من المحامد كالدخول في معارك خاسرة ضد العفاريت وفتح ملفات الفساد في غياب الأدلة والوثائق الكافية وتقديم الاستقالة إذا صودرت الوسائل والسلطات اللازمة وفرض ضرائب مناسبة على أصحاب الثروة وعدم الاقتراض اتقاء لاملاءات صندوق النقد الدولي . كما أصبح الحزب يمدح ما كان قبلا من المخازي لا يتحكم في ذلك إلا ميل اللحظة ووحي الأوضاع المتقلبة فاستحسن الحزب استهداف القدرة الشرائية للمواطنين البسطاء والتحالف مع رموز "العهد السابق" الذي وصف بالفاسد ممثلا في حزب الحمامة وخصوصا وزير المالية السابق الذي اتهمه حزب المصباح في ما مضى بالاختلاس والحصول على تعويضات غير قانونية فاستبدل حزب المصباح الذي هو أدنى وهو التطبيع مع الفساد والاستبداد بالذي هو خير وهو فتح تحقيق في الاتهامات الموجهة إلى وزير المالية إعمالا لمضامين الدستور الجديد التي تشدد على ربط المسؤولية بالمحاسبة ومحاربة سياسة الإفلات من العقاب. على الرغم من هذا الوضع يبدو أن المغاربة لا يفكرون بعد في الردة عن دين الانقياد والكف عن إعطاء الدنية في حياتهم وكرامتهم وما تزال نفوسهم متثاقلة إلى الأرض وقد صارت أبصارهم اليوم حديد مما تفعله الحكومة واتضح صدق ما رميت به من عدم قدرتها على إصلاح ولو النزر اليسير من مظاهر الفساد والاستبداد الذي أرخى سدوله على المجتمع المغربي والأنكى من ذلك أنها تتجه إلى التطبيع مع المفسدين والإعراض عن الشعب والنأي عن همومه وأحزانه التي لا بد أن تسبب في يوم من الأيام زفرات تعقبها أنات تتبعها صرخات تولد طوفانا من الغضب في وجه الظلمة المفسدين . أحمد هيهات 23-09-2013
#أحمد_هيهات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثورة الانقلاب العسكري
-
-حكومة قيصرية برداء بلشفي-
المزيد.....
-
-حالة تدمير شامل-.. مشتبه به -يحوّل مركبته إلى سلاح- في محاو
...
-
الداخلية الإماراتية: القبض على الجناة في حادثة مقتل المواطن
...
-
مسؤول إسرائيلي لـCNN: نتنياهو يعقد مشاورات بشأن وقف إطلاق ال
...
-
مشاهد توثق قصف -حزب الله- الضخم لإسرائيل.. هجوم صاروخي غير م
...
-
مصر.. الإعلان عن حصيلة كبرى للمخالفات المرورية في يوم واحد
-
هنغاريا.. مسيرة ضد تصعيد النزاع بأوكرانيا
-
مصر والكويت يطالبان بالوقف الفوري للنار في غزة ولبنان
-
بوشكوف يستنكر تصريحات وزير خارجية فرنسا بشأن دعم باريس المطل
...
-
-التايمز-: الفساد المستشري في أوكرانيا يحول دون بناء تحصينات
...
-
القوات الروسية تلقي القبض على مرتزق بريطاني في كورسك (فيديو)
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|