|
فيدراليةجنوب العراق..السمات والخصائص
اسعد الامارة
الحوار المتمدن-العدد: 1206 - 2005 / 5 / 23 - 08:36
المحور:
المجتمع المدني
تتميز المدن والاقاليم بسمات وخصائص متنوعة كما هو حال الافراد والشعوب والمجتمعات،فحينما نتحدث عن سمة البساطة والطيبة والانتماء الى لون الارض السمراء يتبادر الى اذهاننا فوراً سحنة اهل الجنوب السمراء وكانها اقترنت بلون ارضهم وحينما يخطر ببال احد ما في العراق في شماله او في وسطه،شرقه او غربه،تلك السمات واللهجة المميزة لهذا الشخص او ذاك،يمكن معرفته في الحال انه ينتمي الى ذلك الهور او الى مضارب الصحراء وامتداداتها في الناصرية او بساطة الانسان المتفتح على الدوام عبر التاريخ في البصرة الفيحاء،فهل كان هذا الانفتاح وتلك البساطة لانسان الجنوب نقمة عليه حتى باتت عار يوصف به وتتعارض مع قيم التعقيد السائدة في بعض المجتمعات الاخرى ،اليس السلوك الاخلاقي الذي يعرف به اهل جنوب العراق عد سمة وخصيصة به تميزه،لا سيما ان السلوك الاخلاقي يشير علمياً الى السلوك الذي ينسجم مع المعايير الاجتماعية السائدة في مجتمع ما بحيث لا يظهر السلوك شاذاً او غريباً في ذلك المجتمع وهو سلوك ارادي ينبع من داخل الفرد ليراعى مصالح الاخرين عند التفاعل معهم،اليست الثقافة هي انماط السلوك غير الملموسة والتي تتمثل في المعايير والمعتقدات والقيم والحاجات وهي الانتظام في السلوك الملاحظ وطرق الحياة المختلفة وطرق الاتصال بين الناس ،اليست الثقافة هي معرفة كل شئ عن ثقافة الاخرين وعن المجتمعات والتقاليد الاخرى،اليست الثقافة الحقة ان اتقبل الآخر بدون حساسية البداوة المظلمة وتعصبها؟ وهي بنفس الوقت انماط السلوك غير الملموسة والتي تتمثل في المعايير والمعتقدات والقيم والحاجات وتعكس الثقافة لدى ابناء جنوب العراق في المواقف الاجتماعية،كم حاولت الانظمة السابقة واللاحقة في عصور التاريخ القديم والحديث ان تطمس سمات الاصالة والتنوع الثقافي لابناء الجنوب وتجعل من هذه السمات والخصائص عار على عقول ساسة التخلف عبر التاريخ في عصورالحكم الملكي والجمهوري والدكتاتوري البدوي المتخلف،فكم وصف ابن الجنوب"شروكي"متخلف بسبب ثقافته العالية والمتميزة،بالله عليكم،هل الذي يغني بصوت ارق من هدير المياه في الاهوار ، متخلف،وهل الذي يكتب القصيدة وينشد الشعر ببلاغة عالية وطلاقة متخلف؟وهل الذي يحل اكبر مشكلة اجتماعية –شرعية –قانونية استعصت على القضاة في المحاكم وعلى رجال الدين في التشريع وعلى الاجتماعيين الاكاديميين،هو تخلف حتى وضع اولئك الرجال الذين بدوا وكأنهم بازياءهم التقليدية لا يحملون اية ابعاد للثقافة ولكن حينما جد الجد وضعوا الحلول والتفاسير المبدعة لقضايا استعصت على الكبار حتى غدت معايير تعارف عليها الاخرون من بعدهم واصبحت حجج في المجالس وفي التداول الاجتماعي هل تعد هذه السمات الابداعية احدى سمات التخلف،ان كان الأمر كذلك فأن في التخلف كما يدعون ابداع،وفي الابداع نضج،وفي النضج قدرة عقلية فائقة لا يدرك كنهها الا ابن جنوب العراق،الا يتفق معنا من سكن ارض العراق سواءاً اكان مهاجراً للدراسة والتعلم واستوطن فيه،ام من اهله الاصليون،ان عبق الجنوب به من الخصائص التي تميزه عن الموصل وكركوك والرمادي بشكل واضح ليس في الملبس فحسب،بل في التفكير والادراك،هذا الادراك الواسع يعد بحد ذاته ثقافة ومعبر للانفتاح على الاخر وبه من البساطة حتى تميز بها ابناء الجنوب في العراق عبر العصور عن غيرهم من ابناء بلاد ما بين النهرين،اليست خصائص اهل السليمانية واربيل ودهوك تتميز بلغة خاصة وملبس خاص وعادات وتقاليد تختلف عن البصرة والعمارة والناصرية،الايتفق معنا اهل سامراء وبعقوبة وتكريت ان نخيل البصرة واسماك العمارة في اهوارها ونبرات الاحساس في ثقافة الناصرية لها وقع مختلف في الابداع والاصالة والتكوين متميز عن الاخرين ، لم يعترف به حكام العراق عبر العصور بل اراد منهم الطغاة الباس العراق جميعاً زياً موحداً في الملبس والمأكل والمشرب والثقافة والقيم والسلوك ،فكانت حيرة الحزب الاوحد حيرة لا مثيل لها في محاولته جعل الاكراد ذو الثقافة واللغة والتاريخ المختلف وحتى العادات في التعامل وفي السلوك ، ان يجعلوه بعثيا عربيا،كيف يصبح الكردي عربي ويقول امة عربية واحدة،وهو كردي.. هذه الاشكالية وغيرها احاطت بمزج السمات والخصائص للشعوب والاقوام والاعراق والملل التي ضمت العراق وشملت جميع سكانه حتى غدت خليط غير متجانس ونسيج متناثر ومبعثر،بسبب سياسة الدولة المركزية التي لا تراعي الخصائص والانتماءات لكل البشر في العراق الموحد قسرا تارة وبالود تارة اخرى،ولكن لا تستقيم الامور على المدى الطويل بهذه الصورة اذا لم تضع الحكومة المركزية في بغداد خصوصيات الكردي والبصري والموصلي بالاعتبار الصحيح على وفق سماته الاجتماعية وقيمه وخصائصه النوعية لكي لا يتحول جسد بلا روح كما فعلتها الانظمة السابقة ووقعت في اخطاء عبر التاريخ،فمن جبُل على الاهوار والانهار والمدن المنفتحة على العالم غير الذي عاش وترعرع في محيطه الضيق ورضا بالموجود دون قبول الاخر باوسع مفاهيمه،لان مدركاته من الصعب تغييرها وخصائصه النفسية من الصعب تعديلها لا سيما ان السمات والخصائص تتداخل مع المعتقد وتتشابك مع الثقافة ، وتبقى الحقيقة الاعظم في هذا الوطن هي الانتماء المطلق رغم ظروف التفرقة الواضحة التي عاشها العراقيين في ازمان مختلفة ، الكل ينتمي الى العراق ويحاول ان يحافظ على خصوصيته وسماته التي تميزه عن الاخرين ،فالصابئي المندائي الذي عاش وترعرع في العمارة وتنقل بين البصرة والناصرية ، يعد هذه المنطقة مهبط رسالته وامتداد تاريخه ،فهو يمتلك ثقافة خاصة وقيماُ خاصة وسمات خاصة ومعتقد خاص حتى رسمت بيئته له معايير اجتماعية خاصة به ، ولهم الحق ان يكونوا احرار في معتقداتهم وسماتهم وخصائصهم الذاتية ويحصلوا على الحرية المطلقة في حياتهم ومعتقداتهم دون الرجوع لاخذ الموافقة من سلطة الفرعون القابع في بغداد ،لكن بغداد ملزمة في الدفاع عنهم وفي تمثيلهم خارجيا وبمشاركتهم في ادارة شؤون الدولة ابتداءاً من خصوصيتهم في مجالس المحافظات الجنوبية صعودا الى الادارة المركزية وحسب حجم سكان كل اقليم او فدرالية مع الاخذ بنظر الاعتبار ثقلها الاقتصادي وحجم قوة تاثير ذلك على كل العراق سياسيا ودوليا، فالامر لم يعد امر مكرمة من الرفيق القائد او الدجال السياسي الثعلب الذي يسير الامور كما يشتهي ويمرر مايراه هو شخصيا مناسب او غير مناسب ، يجب الاخذ بالاعتبار مشاعر الجميع في العراق الجديد لا على اساس الدين او المذهب فحسب بل على اساس القوة الفاعلة في ادارة الدولة وهو الاقتصاد والثروة المتحققة والسكان وخصائص المجتمع وسمات اهله لا سمات القادة السياسيين ونزواتهم الانية في الادارة والتلاعب بالثروات وحرمان الاغلبية حتى ولو كانت من الجنوب الغني وهم فقراء ماليا وماديا،الان جاء الوقت الذي يجب ان تلعبه الاقليات والاغلبية في جنوب العراق في ادارة المحافظات والمشاركة في ادارة الدولة سياسيا وماليا وترسيخ قيم جديدة غير قيم الادارة المركزية في التسلط وقبول الاوامر والخنوع للقوة . ان السمة كما يقول علماء النفس تقود السلوك،والخصيصة تدفع الى ان يكون هو،وليس غيره حتى وان اجبر لفترة طويلة ،فهي دافع بمعنى ادق وهي حافز للتميز عن الاخرين في الاتفاق والاختلاف.في الاتفاق مع الاخرين حينما يكون الانتماء للوطن امراً لابد منه وفي الاختلاف حينما يكون الحفاظ على القيم والمعايير الاجتماعية السائدة في كل فدرالية في العراق الجديد..فالسمة تميز الايزيدي الذي يقطن الموصل منذ عشرات المئات من السنين،وهو ليس الصابئي المندائي الذي عاش في العمارة او البصرة ،انه هو هو العراقي الذي ينتمي الى الوطن العراقي في اشمله وهو هو نفسه الذي ينتمي الى خصائص معتقده وسماته الاجتماعية المميزة وبيئته الخاصة ، ولابد الاخذ بنظر الاعتبار حقوق الجميع في الشمال وحقوق الجميع في الجنوب الاجتماعية والخصوصية فضلا عن المادية والسياسية وادارة الدولة ، ولكي لا نبدأ من الصفر في المعالجة ، ولكي لا تتكرر نفس المأساة في ادارة الدولة،ويكون السادة العظماء من تكريت حصرا واليوم من؟ حصرا و من منطقة واحدة كما حدث امس في زمن الدكتاتوريةحينما تسلط التكارتة والاخرين على السلطة، واليوم زمن ما بعد الدكتاتورية ، حيث يتكرر المشهد مرة اخرى تحظى مدن بكل السلطة والثقل، اما في الجنوب فقط للتشجيع وتقديم الشهداء والضحايا وتلقي مدافع ايران في حرب صدام ضدها وانواع الاسلحة المحرمة دوليا التي ترمي مدن البصرة والناصرية في ام الفجائع في حرب الخليج الثانية ولا ننسى التحرير الذي بدأ من فوهة اول نار على النظام المنهار السابق حيث بدأ من مدينة(الفاو) وهي مدينة لا ندري تقع في هذا العراق العظيم ام في مدن رجال السلطة الجدد، وربما لا يعرفها الساسة الجدد ثم امتد الى مدن العراق الاخرى،او المقولة الهزيلة التي تنم عن غباء البعض من الساسة، ان ابناء الجنوب بسطاء والحاجة اليهم عند التصويت للانتخابات واستخدامهم لاستثارة المشاعر، فهم شعوب لها التأثير على مشاعر ابناءها (بهوساتهم) واشعارهم ولا نريد ان نقول مرة اخرى، ان لله في خلقه شؤون ولكن نقول البادي اظلم.
#اسعد_الامارة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اطفال العراق بين المدرسة والكفن
-
التعصب .. تعزيز لصورة الذات السلبية
-
الشخصية المتزنة
-
العراق..الوضوء بالدم
-
الشخصية المبدعة-الابتكارية-
-
اضواء على فيدرالية الجنوب في العراق الجديد!!
-
اسقاط المشاعر..هل يعيد الاتزان ام يكشفها؟
-
الشخصية الانطوائية
-
العقدة النفسية.. حقيقة ام وهم
-
الالتزام الديني ..بين الطاعة والطاعة العمياء
-
الدافعية واستجابة الانجاز
-
!!نحن .. بين السواء والسواء النسبي
-
الشخصية ..ما هي؟
-
الطبقة العاملة وهوية المجتمع الانساني
-
الدين ..عامل حسم ام صراع في النفس!!
-
العنف ...سرطان الحضارة المعاصرة
-
السلوك غير الاجتماعي لدى الاطفال
-
الشخصية الاعتمادية Dependent Personlity
-
التدين الجديد..التدين الوسواسي
-
العلاقة الزوجية ..اللذة وعبث الخلاص
المزيد.....
-
منظمة حقوقية تشيد بمذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائي
...
-
بايدن يعلق على إصدار الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتني
...
-
وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وجالانت لأ
...
-
كندا تؤكد التزامها بقرار الجنائية الدولية بخصوص اعتقال نتنيا
...
-
بايدن يصدر بيانا بشأن مذكرات اعتقال نتانياهو وغالانت
-
تغطية ميدانية: قوات الاحتلال تواصل قصف المنازل وارتكاب جرائم
...
-
الأمم المتحدة تحذر: توقف شبه كامل لتوصيل الغذاء في غزة
-
أوامر اعتقال من الجنائية الدولية بحق نتانياهو
-
معتقلا ببذلة السجن البرتقالية: كيف صور مستخدمون نتنياهو معد
...
-
منظمة التعاون الإسلامي ترحب بإصدار المحكمة الجنائية الدولية
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|