الرد على مقالة هشام آدم المعنونة قراءة في سفر الوثنية

خلدون طارق ياسين

الحوار المتمدن-العدد: 4222 - 2013 / 9 / 21 - 22:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

نجاسة الوثنية لا تليق بالأنبياء

خرج الينا صاحبنا هشام آدم بمقالته محاولا إثبات ان الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام كان وثنيا ويحتج بذلك بآيات من القران الكريم مستغلا اراءاً ضعيفة لبعض المفسرين والفهم السطحي لبعض ايات القران الكريم ومن اجل هذا عمدنا بتوفيق من الله للرد على هذا المقال وتفنيد المزاعم التي اتى بها المحترم هشام لنضع امام الناس الحجة بدلا من الادعاء واليقين بدلا من الظن .
يقول الكاتب في مقالته بان الرسول الكريم كان على الضلالة فهو يقول قد ورد في صحيح البخاري (عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال: كان النبي (ص) بارزًا يومًا للناس فأتاه جبريل، فقال: ما الإيمان؟ قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه وبلقائه ورسله وتؤمن بالبعث) وأبدأ بهذا الحديث الصَّحيح لأنَّ فيه تعريف الرَّسول للإيمان. فإذا ما قارنَّا هذا التعريف النبوي بالآية القرآنية التي تقول: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ)(الشُّورى: 52)
( ممكن اضافة انه نزل بهيئة رجل حسن المظهر اعرابي يشبة الصحابي دحية الكلبي )
التعليق :
يا سادتي الكرام نود ان نلفت انتباهكم الى امر مهم لماذا أتى الوحي هذه المرة على شاكلة رجل يراه الصحابة في حين ان الاخبار الواردة في الصحاح وكتب الحديث الاخرى كانت تنقل لنا حالات الرسول عند نزول الوحي وتغير وجهه وقد كان الصحابة يعرفون بان الوحي قد نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الامارات , حتى سئل مرة عن الوحي فقال لهم رسول الله واصفا هيئات الوحي فقد ورد في سنن الترمذي ما نصه (حدثنا إسحق بن موسى الأنصاري حدثنا معن حدثنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن الحارث بن هشام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يأتيك الوحي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني في مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول قالت عائشة فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل عليه الوحي في اليوم ذي البرد الشديد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح) ومن خلال هذا الحديث يتبين ان الوحي كان ينزل على رسول الله بشكل خفي لا يراه فيه احد من البشر الا في هذه الواقعة التي أشار اليها المحترم هشام آدم ويبدو ان الامر كان فيه حكمة إلهيـة ! ولكن إستنباط هذه الحكمة لا يحتاج الى تمعن وتحليل واستنباط بل بمجرد اكمال الحديث سنعرف ما هي الحكمة الالهية من وراء بعث الوحي على شكل رجل يراه الصحابة فقد ورد في صحيح البخاري الحديث بالكامل وهذا نصه حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِىُّ عَنْ أَبِى
زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ -;- بَارِزًا يَوْماً لِلنَّاسِ ، فَأَتَاهُ
جِبْرِيلُ فَقَالَ مَا الإِيمَانُ قَالَ « الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَبِلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ » . قَالَ مَا الإِسْلاَمُ قَالَ « الإِسْلاَمُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكَ بِهِ ، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ ، وَتُؤَدِّىَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ » . قَالَ مَا الإِحْسَانُ قَالَ « أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ » . قَالَ مَتَى السَّاعَةُ قَالَ « مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ ، وَسَأُخْبِرُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا إِذَا وَلَدَتِ الأَمَةُ رَبَّتــــــهَا ، وَإِذَا تَطَاوَلَ رُعَاةُ الإِبِلِ الْبُهْمُ فِى الْبُنْيَانِ ، فِى خَمْسٍ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ اللَّهُ » . ثُمَّ تَلاَ النَّبِىُّ -;-
( إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ) الآيَةَ . ثُمَّ أَدْبَرَ فَقَالَ « رُدُّوهُ » . فَلَمْ يَرَوْا شَيْئاً . فَقَالَ
« هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ يُعَلِّمُ النَّاسَ دِينَهُمْ »
وقد ورد هذا الحديث باسناد اخر عن عمر بن الخطاب في صحيح مسلم اذ ورد والحديث رواه الإمام مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم , إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب , شديد سواد الشعر , لا يُرى عليه أثر السفر , ولا يعرفه منا أحد , حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فأسند ركبتيه إلى ركبتيه , ووضع كفيه على فخذيه.
وقال: يا محمد , أخبرني عن الإسلام ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله , وتقيم الصلاة , وتؤتي الزكاة , وتصوم رمضان , وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ) . قال : صدقتَ , قال : فعجبنا له يسأله ويصدقه . قال : فأخبرني عن الإيمان ؟ قال : ( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر , وتؤمن بالقدر خيره وشره ) . قال : صدقت . قال فأخبرني عن الإحسان ؟ قال : ( أن تعبد الله كأنك تراه , فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) . قال : فأخبرني عن الساعة ؟ قال : ( ما المسئول عنها بأعلم من السائل ) . قال : فأخبرني عن أمارتها ؟ قال : ( أن تلد الأمة ربَّتها , وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاءَ الشاء يتطاولون في البنيان ) . قال : ثم انطلق , فلبثتُ ملِيَّا , ثم قال لي : ( يا عمر , أتدري من السائل ؟ ) . قلت : الله ورسوله أعلم . قال : ( فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم( .

فقد كان مجيء جبريل عليه السلام الى النبي الاكرم محمد عليه الصلاة والسلام كان لغرض تعليم الصحابة وتفهيمهم في دينهم وهذا ليس استنتاجا انما نصا ورد عن (النبي) المعصوم في آخر الحديث (فانه جبريل أتاكم ليعلمكم دينكم) .
العلة من هذه الحادثة بائنة في افهام الصحابة والعلة ذكرت في الحديثين الواردين بسندين مختلفين ولكن لماذا أغفل المحترم هشام من إكمال هذا الحديث هل هذا جاء من اجل اخفاء هذا العلة عن العوام ولكن يا سيد هشام ما هكذا تورد الأبل .
والان لننتقل الى الشبهة التي اوردها الكاتب هشام آدم فيما ورد في سورة الشورى {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }الشورى52 ورغم ان المقصد واضح من هذه الاية في ان الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام كان لا يعرف الاسلام كدين وكشرائع الا بعد نزول الوحي فهو بشر أوحى اليه ولكن يريد ان يستدل الكاتب على ان النبي كان وثنيا وهنا اريد ان اشير الكاتب الى ما ورد في التفسير الكبير للامام الرازي حول هذه الاية اذ ورد فيه
(ثم قال تعالى: { مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱ-;-لْكِتَـٰ-;-بُ وَلاَ ٱ-;-لإِيمَـٰ-;-نُ } واختلف العلماء في هذه الآية مع الإجماع على أنه لا يجوز أن يقال الرسل كانوا قبل الوحي على الكفر، وذكروا في الجواب وجوهاً الأول: { مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱ-;-لْكِتَـٰ-;-بُ } أي القرآن { وَلاَ ٱ-;-لإِيمَـٰ-;-نُ } أي الصلاة، لقوله تعالى ( وَمَا كَانَ ٱ-;-للَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَـٰ-;-نَكُمْ ( انتهى قول الامام الرازي
وهنا اريد ان اؤكد على اجماع الائمة الذي اورده الامام الرازي على انه لا يجوز ان يقال الرسل كانوا قبل الوحي على الكفر وهذا الاجماع باي حال من الاحوال لن ينفضه هشام آدم !!!!
أما إن كنت تتحدث عن الإيمان الوارد في هذه الاية وتحاول ان تنسبه الى ان الرسول كان وثنيا فنقول لك ما قاله الرازي ان الايمان هنا هو الصلاة يا صديقي الباحث الكريم

ويرجع الكاتب ليبين للقارئ عدم اطمئنانه لهذه الادلة في اثبات ضلال النبي قبل البعثة (رغم بطلانها كما تقدم) لذلك يقول في الحقيقة، لم أجد نفسي مُرتاحًا لهذه النتيجة المنطقية، لأنَّ ثمَّة عددًا من الآثار تدل على عكس ذلك، ولكن دعونا نستدعي آيةً ثانيةً، لإجلاء الصُّورة أكثر، ولنُحاول ربط كُل هذه المُعطياتِ ببعضها لنفهم الأمر على وجهه الأقرب إلى الصِّحة، تقول الآية: (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى)(سورة الضُّحى: 7) فما المقصود بهذه الآية؟ وقبل الرُّجوع إلى التفاسير دعونا نُراجع قواميس اللغة العربية، ونستفهم عن معنى كلمة (ضَلَّ) لنجد أنَّها تأتي بمعنى ضياع الشَّيء في غير حقِّه، والضَّلال والضَّلالة ضد الهُدى والرَّشاد، وضللتُ الطَّريق أي أضعتُ الطَّريق إذا سرتُ في الطريق الخطأ، فما كانت ضلالة محمدٍ قبل بعثته؟ وماذا يعني أن يكون نبيٌ ضالًا قبل بعثته؟
التعليق :
اورد الكاتب من غرائب التفسير ما أورده الطبري في ان النبي كان على امر قومه اربعين عاما الا ان صاحب المقال كالعادة لا يكمل الرأي الوارد في الطبري بل يقتطع ما يهمه ويترك الاخر الذي يناقض كلامه وتعالوا لنقرأ ما ورد في الطبري عن هذا الموضوع حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مِهْران، عن السديّ { وَوَجَدَكَ ضَالاً } قال: كان على أمر قومه أربعين عاماً. وقيل: عُنِي بذلك: ووجدك في قوم ضُلاَّل فهداك.) فلماذا يا سيدي الكاتب استقطعت انه كان في قوم ضلال وليس هو بالضال وجئت بالمقدمة فقط وحتى لا نترك الامر هكذا لا بد ان نبين بان هناك قاعدة اصولية لا بد من التذكير بها بشان القران الكريم وتفسيره وهي ان القران الكريم قطعي الثبوت ظني الدلالة ولذلك يعمد المفسرون الى تفسيره بحسب اجتهاداتهم وليست كل اجتهاداتهم صحيحة بل ليس المفسرون فقط حتى آراء الصحابة واكابر الصحابة لا يركن الى تفسيرهم البتة بل من المحتمل ان يضم القرآن الكريم معان اخرى لم يفهمها الصحابة الكرام ولذك ما ورد في تفسير الطبري بأنه كان على امر قومه اربعين عاما قول مردود وذلك بسبب اجماع الائمة على ان الانبياء كلهم لم يكونوا على الكفر قبل الايمان واجماع العلماء كما تعرفون ارجح في الرأي من التفسير الاحادي خاصة وانه لم يكن رأيا لصحابي او تفسيرا مأثورا عن النبي فحجية هذا التفسير غير مقبولة وان اوردها الطبري الذي عودنا انه كان ينقل في كتبه الغث والسمين من الروايات بدون تمحيص او تدقيق وهذا نهج الطبري ويترك الامر للمحققين في تمحيص تلك الروايات فالطبري كان جامعا لا محققا وكما عودناكم الا نترك الامر معلقا نأتي لتفسير هذه الاية المنطقي والعلمي فنقول ان معاني الضلال في قواميس اللغة عديدة وليس كما اوردها الكاتب فهي تحتمل ضلال الدين او ضلال الطريق اي تاه في السفر وضل الرجل اي مات وصار ترابا وضل الماء في اللبن خفي وغاب ومن معاني الضلال الانهماك في العمل لقوله تعالى (ضل سعيهم في الحياة الدنيا) اي انهم صرفوا جهودهم كلها في اعمال الحياة الدنيا كما ان الضلال يعني الحب الشديد لقوله تعالى حيث يقول صاحب المفردات ان قول أبناء يعقوب له (إن أبانا لفي ضلال مبين) إشارة الى شغفه بيوسف وشوقه إليه وكذلك ورد الضلال بمعنى الحب الشديد اذ قال الله تعالى {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } يوسف30 لذلك ان تفسير الضلال هنا يحتمل معان عديدة لا مجال لذكرها ولكن لنأتي الى المعنى الذي قال به الكاتب في انه الضلال الديني لنرى هل كان فعلا على امر قومه , تروي كتب السيرة النبوية ويروي كذلك المستشرقون ومضات من حياة الرسول الكريم قبل البعثة ومنها تعبده في غار حراء حيث كان يصعد الجبل ويتأمل في هذا العالم وصنعه وكان يبتغي بهذا القرب الى الله فهذه من عادة الموحدين من الاحناف الا وهي الانقطاع الى الله والخلوة والى اليوم يقوم الصوفية بهذا الامر ويسمونها بالخلوات والرياضات الروحية , ان التعبد في الجبال والانقطاع الى الله كان من بقايا دين ابراهيم الحنيف وقد كان في قريش القليل منهم الذين كانوا على ملة ابراهيم عليه السلام وقد كانوا يتعبدون الله ويرفضون امر قومهم من وأد البنات والخمر والميسر وغيرها وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام من القلائل في مكة من التزم بدين الحنفية وانقطاعه عن عادات قومه وضلالهم وقد كان ينقطع في الجبال الى الله تاركا اصنام قومه التي تحيط بالكعبة وبداخلها فاذا كان النبي يعتبد الأصنام لما كان ينقطع الى الجبال وهل كان قومه الذي كان على أمرهم كما ادعى البعض يتعبدون الله في الجبال يا سيدي الكريم ان قولك هذا من الاقوال غير العلمية والتي تثير السخرية لذلك يا سيدي الكريم ان الضلال المقصود به في هذه الاية الكريمة هو انك يا محمد لم تكن تعرف طريقنا ولا شريعتنا ولا سبل وصالنا فأنزلنا عليك شريعتنا اما باقي المعاني للضلال وتأويلها لهذه الاية فلا يهمنا لاننا هنا في معرض الرد على الضلال الديني الذي اوردته .

ويرجع الكاتب ليحاول ان يثبت تهم وثنية الرسول بايراده الى قصة الغرانيق التي تشبث بها بعض الملحدين والمنكرين ولنستمر مع الكاتب في سرده فيقول ان اهل التفسير مجموعون (والصواب مجمعون) ان قصة الغرانيق كانت السبب في نزول اية {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }الحج52

التعليق :
سنأتي على بطلان إدعاء قوله وقد أجمع المفسرون على ان سبب نزول الاية (52) من سورة الحج كانت بسبب حادثة الغرانيق وسنأتي على بطلان ذلك الادعاء من وجهين
1- ابطال الاجماع المزعوم
2- واهم شيء التفسير اللفظـــــي للاية
ان قصة الغرانيق وردت عند (بعض كبار) المفسرين باسانيد صحيحة ولكن الاجماع لم يتحقق كما زعم الكاتب لان الاجماع انتقض برفض كثير من العلماء لهذه الرواية وأشهرهم اكبر مفسر في التاريخ الاسلامي الا وهو الامام الرازي رفض هذه القصة رفضا قاطعا فقال (هذا رواية عامة المفسرين الظاهريين، أما أهل التحقيق فقد قالوا هذه الرواية باطلة موضوعة واحتجوا عليه بالقرآن والسنة والمعقول. أما القرآن فوجوه: أحدها: قوله تعالى:
وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ{44} لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ{45} ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ{46} الحاقة: 44 ـ 46]،
وثانيها:قوله: (قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) يونس:15]
وثالثها:قوله:{ وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱ-;-لْهَوَىٰ-;- إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ-;- }النجم 3)
فبطل الاجماع يا صديقي الكاتب بأمرين أولهما رفض الإمام الرازي لها وثاينا رفض أهل التحقيق لهذه الرواية فأين الإجماع المزعوم
وقد رفض ايضا ابن كثير في تفسيره الشهير (تفسير القرآن الكريم) هذه الرواية المكذوبة فقد أورد ما نصه (قد ذكر كثير من المفسرين قصة الغرانيق، وما كان من رجوع كثير من المهاجرة إلى أرض الحبشة؛ ظناً منهم أن مشركي قريش قد أسلموا، ولكنها من طرق كلها مرسلة، ولم أرها مسندة من وجه صحيح، والله أعلم.)
أما الإمام البيضاوي رحمه الله في تفسيره الشهير (أنوار التنزيل وأسرار التأويل) فلم يشر الى هذه القصة ابدا في تفسيره لهذه الاية
وقد أورد الامام الشوكاني رحمه الله هذه الرواية في كتابه الفتح القدير في معرض اسراد الروايات ولكنه عقب عليها بالقول ولم يصح شيء من هذا، ولا ثبت بوجه من الوجوه، ومع عدم صحته بل بطلانه فقد دفعه المحققون بكتاب الله سبحانه، واورد الايات التي احتج بها الامام الرازي لانكاره هذه الرواية
وقد أورد الامام الصوفي ابن عجيبة في كتابه تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد انكار الامام القشيري لرواية الغرانيق فقد قال قال القشيري: كانت لنبينا صلى الله عليه وسلم سكتات، في خلال قراءته عند قراءة القرآن، عند انقضاء كل آية، فتلفظ الشيطان ببعض الألفاظ، فمن لم يكن له تحصيل توهم أنه من ألفاظ الرسول. هـ. وقال ابن البنا: التمني هو التلاوة التي يُتمنى فيها، فيتلو النبي وهو يريد أن يفهم عنه معناها، فيلقي الشيطان في فهوم السامعين غير المعنى المراد، وما قال الزمخشري: قرأ تلك الغرانيق العلى، على جهة السهو والغلط، فباطل ,
علما ان تلك الرواية لم ترد في تفاسير كبيرة معتمدة لدى المسلمين اوردها على سبيل المثال لا الحصر (تفسير ابن عربي , تفسير التستري , تفسير السامي , تفسير القشيري (علما بانه رفض تلك القصة في كتبه الاخرى كما اورد ذلك الامام ابن عجيبة) , تفسير الامام الصوفي احمد بن عمر (تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي ,وغيرها كثير )
وبهذا يسقط الاجماع المزعوم ونثبت ان كبار المفسرين والمحققين قد رفضوا تلك الرواية رفضا قاطعا رغم كونها مذكورة في كتب البعض من المفسرين وهذا يثبت امرين أولهما فليس كل ما تحتويه بطون الكتب يقول به أهل العلم ويأخذونه على عوانه بل العبرة في التحقيق والقياس الى كتاب الله القويم فهو الاجدى والأمر الثاني بطلان تلك الرواية
فآية سورة الحج قد وردت كالاتي {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }الحج52 وهنا الاية واضحة وهو ان الشيطان يلقي في تمني النبي لا في وحي الله العزيز الجبار ولم يصرف معنى التمني الى الوحي الا من قال برواية الغرانيق تنطعا في كتاب الله وتجاوزا على معاني مفردات اللغة العربية
ولعل من المضحك ان لو قبلنا هذه الرواية السخيفة كيف للمشركين ان يؤمنوا بوحي الشيطان المزعوم هذا اذ لو راجعت سورة النجم لرأيتها تشبب بالشرك وبالأصنام فالرواية تقول ان الرسول تلى سورة النجم وسورة النجم التي ضمت ذكر اللات والعزى اتت على هذه الصورة في هذه الايام في حال تصديقنا لرواية الغرانيق (َقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى{18} أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى{19} وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى{20} أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى{21} تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى{22} إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى{23} ) ولكن ان صدقنا رواية اهل مكة بان النبي قال عن اللات والعزى بانها الغرانيق العلى فتكون السورة التي قالها الرسول الكريم كالاتي (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى{19} وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى{20} تلك الغرانيق العلى التي شفاعتهن ترتجى ومن ثم يكمل الى أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى{21} تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى{22} إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى{23} والان اعيروني عقلكم ايها القراء الكرام وتعالوا وقولوا لي أي غبي من المشركين تفوت عليه هذه الجملة فكيف يرضى ان يقول النبي عن اصنامه تلك اسماء سميتموها ما انزل الله بها من سلطان بحجة انه قال قبلها انها الغرانيق العلى لماذا لم يستوقفه المشركون ليقولوا له ما هذه الخلطة العجيبة او لربما إستهزأوا به وقالوا بأن محمدا عليه الصلاة والسلام قد جن او ذهب عقله كلا تجاوزوا كل ذلك وسجدوا !!!! أعطوني يا مفسرين ويا ملحدين تفسيرا لهذا التصرف الغريب من اهل مكة الا ان يكون خدعة وتآمر على الرسول الكريم وعلى الصحابة للاسف وجدت اثارها في كتب المسلمين الا ان الله قد هيأ للقران من المفسرين العظام والمحققين الأكفاء الذين دافعوا عنه وكافحوا ونافحوا في سبيله وسبيل اثبات علوه وطهره , وهكذا إنتهت حجة هذا الكاتب في مسألة الغرانيق ولننتقل الى شبهة اخرى أوردها في مقاله (المنيف)

يورد الكاتب بشأن حادثة مروية في كتاب الأصنام (كانت أعظم الأصنام عند قريش. وكانوا يزورونها ويهدون لها ويتقربون عندها بالذبح. وقد بلغنا أن رسول الله " صلى الله عليه وسلم " ذكرها يوما، فقال: لقد أهديت للعزى شاةً عفراء، وأنا على دين قومي)(كتاب (الأصنام) لابن الكلبي، تحقيق أ. أحمد زكي باشا ص19) و يسترسل الكاتب بالقول فإنَّ أهل الحديث طعنوا في هذا الحديث ورفضوه، ولكن لماذا؟ حِجة هؤلاء أنَّ مؤلف كتاب الأصنام (وهو أَبُو المُنْذِرِ هِشَامُ بنُ مُحَمَّدِ الكَلْبِيِّ) متروك الحديث، فلماذا هو متروك الحديث يا ترى؟ هل هو ليس من الثقات أو من الحُفَّاظ أو من قليلي العلم؟ لقد تركوا حديثه والنقل عنه فقط لأنَّه شيعي ويزعم بان هذا الرجل من الثقات وروى عنه كثير وكثير
التعليق
ان رأي العلـــماء السنة في الكلبي رحمه الله ليس فيها مما يذكره صاحب كاتب المقال
فقط نريد الاستشهاد ببعض اراثهم ونلخصه بالاتي
ال أبو مخنف الأزدي: كان هشام بن الكلبي علامة نسابة وراوية للمثالب وبلغت كتبه كما عدّها ابن النديم في الفهرست مائة وأربعة وأربعين كتاباً.[12]
قال ابن خلكان : عن هشاماً يعد في الحفاظ المشاهير، وأنه أعلم الناس بعلم الأنساب.[13]
قال ابن أبي الحديد المعتزلي: هو هشام بن محمد بن السائب الكلبي نسابة ابن نسابة عالم بأيام العرب وأخبارها، وأبوه أعلم منه، وهو يروي عن أبيه.[14]
قال محمد بن سعد البغدادي: هشام بن محمد ابن السائب الكلبي عالم بأنساب وأخبار العرب وأيامها ومثالبها ووقائعها.
قال إسحق الموصلي : كنت إذا رأيت ثلاثة يرون ثلاثة يدنون ( يذوبون خجلاً ). إذا رأى الهيثم بن عدي هشام الكلبي، وعلوية إذا رأى مخارقاًُ، وأبو نواس إذا رأى أبا العتاهية.[15]
قال ياقوت الحموي: كان عالماً بالنسب وأخبار العرب وأيامها ووقائعها ومثالبها، أخذ عن أبيه أبي النضر بن محمد المفسّر وعن مجاهد وعن محمد بن أبي السري البغدادي ومحمد بن سعد البغدادي كاتب الواقدي وأبي الأشعث أحمد بن المقدام وغيرهم.[16]
قال الذهبي: أبو المنذر الكلبي النسّابة العلامة الإخباري الحافظ.[17]
قال محمد بن عطية العطوي لإسحق الموصلي يوم ادعى معرفته بالعلوم قائلاً: ءأنت كالفراء والأخفش في النحو؟ فقال: لا ، قال: وأنت في اللغة كأبي عبيدة والأصمعي؟ قال: لا ، قلت: فأنت في الأنساب كالكلبي؟ قال: لا .
قال الخطيب البغدادي في تأريخ بغداد أن هشاما كان يقول: حفظت ما لم يحفظه أحد ونسيت ما لم ينسه أحد، كان لي عم يعاتبني على حفظ القرآن، فدخلت بيتا وحلفت لا أخرج حتى أحفظ القرآن فحفظته في ثلاثة أيام.ال أبو مخنف الأزدي: كان هشام بن الكلبي علامة نسابة وراوية للمثالب وبلغت كتبه كما عدّها ابن النديم في الفهرست مائة وأربعة وأربعين كتاباً.[12]
ولكن رغم اطراء العلماء فيه الا ان هذا لا يبرر عندهم البتة لزوم ما قاله وما اورده من روايات بدون تمحيص وتحقيق خصوصا اننا قد رأينا ان المحققين قد ردوا رواية الغرانيق رغم ان ما قالها من اهو اعلى قدرا من الكلبي رحمه الله ولكن المسألة تمكن أيها القراء الكرام بان اهل الحديث يتوقفون عند روايات الاخباريين كلهم وليس فقط ابن الكلبي رحمه الله لأنهم تعرضوا لروايات الآثار دون أن تتوافر فيهم الشروط اللازمة فيمن يتصدر لإملاء الحديث فلا عجب أن رأيا هذا الفريق من العلماء يخرجون اولئك المؤلفين , ويحطون من أقدارهم , لأنهم أقدموا على تدوين الآثار الممزوجة ببعض الأساطير والقصص (هذا ما ذكره الاستاذ المحقق أحمد زكي باشا) في مقدمته عن الطبعة الثالثة لكتاب الاصنام ص 13)
والان تعالوا الى الفرية الأكبر التي أوردها الكاتب بان الكلبي ردت احدايثه لانه شيعي وتعالوا لنرى رأي العلماء الشيعة فيه ومنهم ابي الفرج الاصفهـــــــــــــاني صاحب كتاب الاغاني المشهور الاموي النسب الشيعي المشرب ماذا يقول عن الكلبي رحمه الله تعالى فقد أورد الاصفهاني ما نصه ( ان الاخبار التي ذكرها عن دريد بن الصمة موضوعة كلها والتوليد بين (من الابانة) فيها وبين أشعاره ثم قال (هذا من أكاذيب الكلبي ) انظر كتاب الاغاني الجزء التاسع ص 19-20 وقد ذكرها المحقق في مقدمته عن كتاب الاصنام في ص 15 منه فلماذا هذا التدليس على القراء يا سيدي الكاتب
والان تعالوا لنقرأ كيف وردت هذه الرواية في كتاب الاصنام (وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَهَا يَوْمًا فَقَالَ : “ لَقَدْ أَهْدَيْتُ لِلْعُزَّى شَاةً عَفْرَاءَ وَأَنَا عَلَى دِينِ قَوْمِي “.) وهنا أضع أكثر من علامة استفهام حول كلمة بلغنا التي سبقت الحديث ونريد أن نسأل الكاتب الجهبذ هل يقبل أهل الحديث هذا السند (قد وردنا) وهل تقبل ان اتيك انا بسند (قد بلغنا) قل لي بربك يا صاحب المقال المنيف كيف يقيم اهل الجرح والتعديل هذا السند الرهيب هل إذا رد أهل السنة هذا الحديث ردوه لتشيع الكلبي وهو المقدوح عند الشيعة أنفسهم ام ردوه لغياب السند وتعالوا لتروا بأم أعينكم كيف وردت هذه الرواية في الصورة المحملة على الرابط أدناه لتلبغوا مني القارئ السلام على عقله ان رضي بهذا السند
, جئت لكم بصورة الصفحة من الكتاب قبل التي ورد فيها ذكر الحديث والصفحة التي بعدها والتي ورد ذكر الحديث فيها لتعرفوا اني لم اقتطعها من السياق ابدا
http://im35.gulfup.com/eXHzp.jpg
http://im37.gulfup.com/sNf4S.jpg
والان لننتقل الى الشبهة الأخرى التي أوردها هذا الكاتب فهو يقول
ان هناك اورده ابن اسحاق في سيرته يروي ان النبي كان على دين قومه والحديث بسنده هو (عن نافع بن جبير بن مطعم قال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو على دين قومه، وهو يقف على بعير له بعرفات، من بين قومه حتى يدفع معهم توفيقاً من الله عز وجل له)

التعليق
هذا الحديث صححه الالباني وقد ذكره غيره من العلماء وقد قالوا ويفهم من قوله هذا أيضا أنه كان يقف ب ( عرفات ) قبل أن يوحى إليه وهذا توفيق من الله له ورواه الإمام أحمد والطبراني ( 1577 ) عن محمد بن إسحاق ولفظه : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم - قبل أن ينزل عليه - وإنه لو اقف على بعير له مع الناس ب ( عرفات ) حتى يدفع معهم توفيقا من الله وله شاهد من حديث ربيعة بن عباد رواه الطبراني ( 4592 والان تعالوا سادتي الكرام الى عبارة على دين قومه التي اوردها الراوي ما تعني انها رأي الراوي في دين النبي لا دين النبي المقرر في كتب السيرة وهذا يحتمل امورا منها ان الراوي قصد بان النبي لم يكن مفارقا لملة قومه في حجه هذا اي قبل بعثته وهذا هو الأرجح , وان المقطوع بصحته في هذا الحديث هو ركوب النبي على البعير في عرفات وكان يدفع معهم بتوفيق من الله وهنا نسأل كيف يوفق الله رجلا كان على دين الوثنية اما غير المقطوع به هو (كان على دين قومه) فهو رأي الراوي التي تسقطه الاسانيد الأقوى والأبلغ التي تثبت ان الرسول لم يسجد الى صنم البتة في حياته ومن تلك الاحاديث
وهنا نورد مقولة لبعض العلماء في دين النبي قبل بعثته التي تغافل عنها الكاتب والتي ترد اي رأي في ان النبي كان على دين قومه قال العلامة السفاريني في لوامع الأنوار البهية 2/305
لم يكن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قبل البعثة على دين قومه، بل ولد مسلماً مؤمناً، كما قال ابن عقيل وغيره، قال في نهاية المبتدئين: قال ابن عقيل: لم يكن صلى الله عليه وسلم على دين سوى الإسلام ولا كان على دين قومه قط، بل ولد نبينا مؤمناً صالحاً على ما كتبه الله وعلمه من حاله.اهـ.
وقال الحافظ ابن رجب في كتابه لطائف المعارف: وقد استدل الإمام أحمد رضي الله عنه بحديث العرباض بن سارية السلمي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيين، وإن آدم عليه السلام لمنجدل في طينته.رواه الإمام أحمد، وروي معناه من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، ومن وجوه أخر مرسلة، وخرج الحاكم أيضاً حديث العرباض، وقال: صحيح الإسناد - على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل على التوحيد مذ نشأ وردَّ بذلك على من زعم غير ذلك. قال الحافظ: بل يستدل بذلك على أنه صلى الله عليه وسلم ولد نبياً، فإن نبوته وجبت له من حين أخذ الميثاق، حيث استخرج من صُلب آدم فكان نبياً من حينئذ، لكن كانت مدة خروجه إلى الدنيا متأخرة عن ذلك، وذلك لا يمنع كونه نبياً قبل خروجه كمن يولى ولاية ويؤمر بالتصرف فيها في زمن مستقبل فحكم الولاية ثابت له من حين ولايته وإن كان تصرفه متأخراً إلى حين مجيء الوقت.
قال الحافظ: قال حنبل: قلت لأبي عبد الله - يعني الإمام أحمد رضي الله عنه - : من زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان على دين قومه قبل أن يبعث ؟ قال: هذا قول سوء، ينبغي لصاحب هذه المقالة أن يحذر كلامه ولا يجالس. قلت: إن جارنا الناقد أبا العباس يقول هذه المقالة. قال: قاتله الله، وأي شيء أبقى إذا زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على دين قومه وهم يعبدون الأصنام ؟ قال الله تعالى مخبراً عن عيسى عليه السلام: وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ [الصف:6]. ثم قال الإمام أحمد رضي الله عنه: ماذا يحدث الناس من الكلام، هؤلاء أصحاب الكلام من أحب الكلام لم يفلح، سبحان الله لهذا القول، واحتج الإمام أحمد برؤيا أمه النور عند ولادته حتى أضاءت له قصور الشام، قال: وليس ذلك عندما ولدت رأت ذلك. وقيل: وقبل أن يبعث كان طاهراً مطهراً من الأوثان، ثم قال الإمام أحمد: احذروا الكلام فإن أصحاب الكلام لا يؤول أمرهم إلى خير. أخرجه أبو بكر عبد العزيز في كتاب السنة.
قال الحافظ ابن رجب : ومراد الإمام أحمد الاستدلال بتقديم البشارة بنبوته من الأنبياء من قبل خروجه إلى الدنيا وولادته، وهذا هو الذي يدل عليه حديث العرباض. انتهى كلام الحافظ ابن رجب ملخصاً. وقد صرح فيه بنص الإمام أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد على الإسلام. والله أعلم.
راي العلماء مقتبس من موقع الاسلام سؤال وجواب
اما بخصوص ديانات الرسل جميعا قبل بعثتهم ومنهم النبي فقد قال العلماء فيها ما نصه
يقول الامام الرازي : ( مع الإجماع على أنه لا يجوز أن يقال الرسل كانوا قبل الوحي على الكفر)
اما الزمخشري في تفسيره الكشاف فهو يقول (والأنبياء لا يجوز عليهم إذا عقلوا وتمكنوا من النظر والاستدلال أن يخطئهم الإيمان بالله وتوحيده، ويجب أن يكونوا معصومين من ارتكاب الكبائر ومن الصغائر التي فيها تنفير قبل المبعث وبعده، فكيف لا يعصمون من الكفر؟)
وقد أورد العلامة القرطبي في تفسيره نقلا عن علماء عصره وما قبله ما نصه بشأن عصمة الانبياء كلهم قبل البعثة ما نصه (قال القُشَيري: وهو من مجوّزات العقول، والذي صار إليه المعظم أن الله ما بعث نبياً إلا كان مؤمناً به قبل البعثة. وفيه تحكّم، إلا أن يثبت ذلك بتوقيف مقطوع به. قال القاضي أبو الفضل عياض: وأما عصمتهم من هذا الفن قبل النبوّة فالناس فيه خلاف؛ والصواب أنهم معصومون قبل النبوّة من الجهل بالله وصفاته والتشكك في شيء من ذلك. وقد تعاضدت الأخبار والآثار عن الأنبياء بتنزيههم عن هذه النقيصة منذ ولدوا؛ ونشأتهم على التوحيد والإيمان، بل على إشراق أنوار المعارف ونفحات ألطاف السعادة، ومن طالع سيرهم منذ صباهم إلى مبعثهم حقق ذلك؛ كما عُرف من حال موسى وعيسى ويحيى وسليمان وغيرهم عليهم السلام.)
ويورد الكاتب شبهة أخرى حول كون النبي كان صلى الى الكعبة وفيها أصناما وان هذا يعني كما كان يستنتج انه كان يصلي الى الاصنام
التعليق
ان هذا الاستنتاج المضحك يدل مع اعتذاري للكاتب عن جهل مدقع في ابسط تعاليم الاسلام والتاريخ فلو كان النبي يتجه الى الاصنام في صلاته لما قارعه عتاة قريش اذا , وانت تعلم كل العلم انه لم يكن بامكانه ان يطهر الكعبة في تلك الايام من الأصنام فقد كان مامورا للصلاة الى الكعبة لانها بيت الله الذي وضعه ابراهيم الموحد عليه السلام وان اصل الكعبة هو التوحيد وقد طرأت عليها الأصنام وكان أول فعل فعله النبي عليه الصلاة والسلام بعد ان دخل مكة فاتحا هو تطهير البيت من الاصنام والاوثان امتثالا لامر الله الى جده ابرهيم {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ }البقرة125
والان لنسألك يا سيدي الكاتب ان كان محمدا يعبد الاصنام في الفترة المكية من اظهار دعوته لما اورد في قرآنه تعالى الايات التالية
{ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَاأَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ }
وهذه الاية مكية نزلت بعد سورة الماعون
ومن هي الاسماء التي سموها وعبدوها المذكورة في سورة النجم المكية {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى }النجم23

ومن هو الذي له الدين الخالص الذي يعبده محمد وما الذين كانوا يعبدونهم قريشا من دون الله الواردين في هذه الاية المكية (لَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ{3} (سورة الزمر – مكية)

بصراحة لا أريد أن أطيل فالسور المكية وكما يعرف اي طالب في الابتدائية نزلت لتقرير عقيدة التوحيد ونبذ عبادة الأصنام ولا أدري كيف تعامى الكاتب الى هذا الحد وأستغبى الناس الى هذه الدرجة وانا أقول للقراء بصراحة ان كان هذا حال طبقة المثقفين اليوم الذي ينتمي اليهم هذا الكاتب المغوار فأقرأوا على المثقفين الف سلام وسلام

#خلدون_طارق_ياسين (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات