أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - محمود جلبوط - لماذا لا يتركون أهلي فرصة لمبادراتي...؟؟














المزيد.....

لماذا لا يتركون أهلي فرصة لمبادراتي...؟؟


محمود جلبوط

الحوار المتمدن-العدد: 1206 - 2005 / 5 / 23 - 08:33
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


يعتقد الكثير من الأهل أن نجاح أولادهم في المدرسة سيؤمن للأولاد النجاح الدائم فيبذلون كل الجهود ليحصل أولادهم أعلى العلامات في المواد وأعلى مرتبة في آخر السنة. فعلى الأولاد تحقيق الدرجة الأولى لكي يفرح الأهل ويتباهون بهذا أمام الآخرين, وتتكرر عبارة :أنا ابني طلع الأول على رفقاته,أنا إبني الأول على المدرسة, أنا.......,وأنا........وهكذا. و ترى الأهل يستنفرون أثناء فترة التحضير للامتحانات وخلالها وكأنهم في حالة حرب وما أن تنتهي حالة الحرب هذه حتى تشعر العائلة بالإنهاك كحالة الخروج من الحرب غير ملتفتين لشخصية الولد ولا امكانياته ولا مؤهلاته ولا ميوله ولا حتى صحته النفسية, وعليه أن يتحول فقط إلى آلة حفظ وقراءة, وفي آخر المرحلة الدراسية على الأولاد الحصول على الشهادة, لأن الشهادة ستؤمن لهم مستقبلهم وستعوض الأهل والأولاد معا عن التفارق الإجتماعي وتؤكد مرتبة اجتماعية لهم وستفتح للأولاد آفاق العمل, فلا يمكن لأطفال الفئات الكادحة أن يرتفعوا إلى مصاف البورجوازية الصغيرة إلاّ عن طريق النجاحات المدرسية, وأيضا تبذل أبناء فئة البورجوازية الصغيرة بدورها نفس الجهود لترقى إلى صفوف البورجوازية, فيصبح ابن الفلاح معلما, وابن المستخدم طبيبا, وابن البورجوازي الصغير خريج تجارة,وهكذا, ونتيجة لهذا يصبح حاملي البكالوريات غير مجدين وحاملي الشهادات الجامعية عاطلين عن العمل.
إن تجربة الحياة العملية أثبتت أن الشهادة لا تكفي أبدا للحصول على عمل, والتعويض النفسي عن طريقها وهمي, وعلى الأطفال إثبات مهارات وكفاءات أخرى في البحث عن العمل والنجاح فيه, عليهم إثبات إمكانات المهارة والكفاءة في أسلوب التكيف فيه, والاقتباس ومن ثم الإبداع فيه ومن خلاله, وهذه الأشياء لا تدرس في المدرسة بل تحصّل من خلال التربية النفسية والإجتماعية الصحيحة في كنف الأهل, ومن أجل النجاح في الحياة علينا تعليم أطفالنا قبل تحصيل العلامات التامة والدرجة الأولى كيفية الإتصال مع الآخرين, وطريقة العمل مع الآخرين بروح جماعية لتشكل فريق عمل, وكل هذا لا يأتي من المدرسة بل من الحياة التي علينا السماح لأطفالنا أن يعيشوها, فالمدرسة لا تعلم الطفل إلا أن يكون الأول ضد الآخرين كخصوم لا كفريق عمل واحد .
إن من واجبنا ألا نطوق خيارات أولادنا برغباتنا , ولا نحبس مستقبلهم برؤيتنا الشخصية أو الإيديولوجية للمستقبل, فنحن غير قادرين على تصور ما سيكون عليه العالم بعد عشرين سنة,ولا يمكننا التنبؤ أي من المهن ستكون ذات حظوة. من الضروري إذاَ تهيئة أولادنا لا بحسب رغباتنا أو تبعاَ لتنبؤاتنا المشكوك بها, بل تبعاَ لأذواقهم ورغباتهم وميولهم ومؤهلاتهم, إن من يحب اختصاصه ومهنته يؤديها على أكمل وجه,ومن الخطأ دفع الطفل إلى طريق يرفضها,لأنه سيصطدم ويواجه صعوبات ولن يتقدم.
و الطفل في طريق نموه يحتاج نظاما أخلاقيا يستند إليه في بناء ثوابته وخياراته ومناوراته , فما هي تلك المنظومة من الأخلاق التي علينا أن نساعد أطفالنا على تخزينها لديهم في عقولهم وقلوبهم و تكون بالنسبة إليهم البوصلة ؟
ما الأخلاق بالنسبة للطفل ؟ إنها المذهب الذي يقدم لهم قواعد في السلوك ترتكز على مفاهيم الخير والشر, وفي كثير من الكتابات الإجتماعية يرد تعريف الأخلاق على أنها علم الحقوق والواجبات, ولكن الأخلاق السائدة أيامنا هذه تدين بوجودها إلى مكيافيللي, , إنها أخلاق العلاقات الرأسمالية التي تسلع كل شيء في الحياة حتى العواطف والفن والجسد وتربطها بالسوق, صحيح أن الإنسان حر في إختياره ولكن لرأس المال في هذا الإختيار حصة الأسد, والنتائج الكارثية لهذه العلاقات السوقية من بطالة وحروب تؤدي إلى اضمحلال المبادرات الشخصية فالكارتيلات ابتلعت كل أنواع المبادرات وركزتها في خيار واحد وحيد هو الربح المالي , ولأن الأولاد عبر نموهم يحتاجون إلى مثل لهم لبناء شخصيتهم وتكوين وجدانيتهم , فيتم هذا من خلال رؤية الأهل وظروفهم المحيطة بهم وردود أفعالهم ومبادراتهم لمواجهة هذه الظروف, لكن ما العمل في مجتمع تضمحل فيه المبادرات الشخصية وينتشر فيه أكثر وأكثر إلقاء المسؤولية على الدولة . من الصعوبة بمكان بالنسبة للأهل تقديم مثالا متوازنا للطفل بين السلوك والقول في مثل هذه الظروف, ولكن على الأهل أن يوفروا لطفلهم نموذجا واقعيا دون أن نسجنهم في إطار قسري لا حيلة فيه, فالطفل لا ينتظر منا محاضرات فارغة ولا حرية كاملة يشعرون بها وكأنها نوع من الهروب من مسؤوليتنا اتجاه مستقبلهم واستسلاما لظروفنا السيئة. ولا ننسى أن الثمن الذي يشعر به الطفل أكثر من المال هو الحب الذي نكنه له , لأن نمو الطفل يتأثر وينفعل بأقل لفتة منا أو ابتسامة أو قبلة صادقة والطريق سالكة في دروب الحب, ولكن بالابتعاد عن الإفراط في الإستهلاك.
إذا كان من المبرر أن يكون الطفل تابعا لأهله حتى سن الثامنة فهل من الطبيعي أن يخضع للنظام ذاته في الخامسة عشرة ؟
من الأفضل للطفل أن نبكر في إطلاق مبادراته , ومن المستحسن أن يقوم الطفل بأشياء تقريبية النجاح تبعا لمبادراته الخاصة , وهذا أفضل من أن يعمل الأهل بدلا منه ولو كان عملهم كاملاَ , ومن المؤكد أنهم يقومون بذلك لأنهم يحبوه ولصغر سنه , أو أنه لا يعرف , أو أنهم متعجلون , أو ..إلخ..غير أنهم في كل مرة يؤدون عملا عوضا عنه يمنعونه من أن يتعلم القيام به بنفسه.
ليس المقصود من إطلاق مبادرة الطفل أن نضعه مبكرا أمام مهام ليس باستطاعته القيام بها بل على العكس تماما , فالمقصود مساعدته في تطوير روح المبادرة لديه , فترك الطفل أن يقوم بإنجاز بعض المهمات المتناسبة مع قدراته تنمي فيه ثقته بنفسه , ويجب أن تكون الثقة متبادلة وتحظى بقبول الطرفين , الأهل والطفل.



#محمود_جلبوط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل نصغي بما يكفي لأطفالنا ؟؟
- ما أشبه المشهد السوري بالمشهد العراقي
- قصة قصيرة جدا...
- شعر....وبالذاكرة نقاوم
- من ذاكرة معتقل سابق 21
- زمن العولمة........زمن الكوليرا
- رسالة إلى صديق..
- حول مصافحة الأسد الابن مع رئيس الكيان الصهيوني
- قصة قصيرة - شعور الغربة والوحدة
- حوارية
- قصة قصيرة
- سفر التغريبة في ظلال الوجه الذي لم تكتمل ملامحه بعد
- المرأة في سورية والإعتقال والقهر السياسي
- رأي حول خطاب الرئيس السوري أمام ما يسمى مجلس الشعب
- رسالة تضامن مع المتحدث الرسمي لحزب الحداثة والديموقراطية لسو ...
- معلمتي الصغيرة ...دعاء الفلسطينية
- كابوس......
- قصة قصيرة جدا.......
- من ذاكرة معتقل سابق20
- يا يا يا سيزيف


المزيد.....




- الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح في العالم
- هآرتس: ربع الأسرى الفلسطينيين في سجون -اسرائيل- اصيبوا بمرض ...
- اللاجئون السودانيون في تشاد ـ إرادة البقاء في ظل البؤس
- الأونروا: أكثر من مليوني نازح في غزة يحاصرهم الجوع والعطش
- الأونروا: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال ...
- الاونروا: الحصول على وجبات طعام أصبح مهمة مستحيلة للعائلات ف ...
- الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح في العالم
- منظمة حقوقية يمنية بريطانيا تحمل سلطات التحالف السعودي الإما ...
- غرق خيام النازحين على شاطئ دير البلح وخان يونس (فيديو)
- الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - محمود جلبوط - لماذا لا يتركون أهلي فرصة لمبادراتي...؟؟