|
في سبيل مشروع وطني ديمقراطي لإنقاذ سورية
منذر خدام
الحوار المتمدن-العدد: 1206 - 2005 / 5 / 23 - 11:37
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
في سبيل مشروع وطني ديمقراطي لإنقاذ سورية (كلمة ألقيت في ملتقى الحوار الوطني الديمقراطي في دير الزور بتاريخ 20/5/2005) د. منذر خدام أيتها الأخوات أيها الأخوة... يسعدني ويشرفني أن أتحدث إليكم بصفتي ناشط في لجنة العمل الوطني الديمقراطي في محافظة اللاذقية. تكثر هذه الأيام اللقاءات الحوارية بين القوى السياسية، والمدنية، والفعاليات والشخصيات العامة، للبحث عن مخارج ممكنة ومحتملة، لإنقاذ سورية مما هي فيه من ضائقة. في السابق لبينا الدعوة إلى مثل هذه اللقاءات الوطنية، التي بادر إلى عقدها الأخوة العاملون على وحدة الشيوعين السوريين، واليوم نحن مجتمعون هنا بدعوة كريمة من لجنة العمل الوطني الديمقراطي في دير الزور، وغدا نحن مدعوون أيضا إلى لقاء وطني للحوار من قبل لجنة المبادرة الوطنية، التي يشارك في عضويتها ممثلون عن الطيف الوطني الديمقراطي المعارض، إلى جانب ممثلي السلطة، وفي ذلك تطور هام جداً. وربما في الغد القريب سوف نجتمع في اللاذقية، أو حلب، أو طرطوس، أو أية مدينة سورية أخرى بدعوة من لجانها للعمل الوطني الديمقراطي، أو من قبل القوى السياسية فيها، أو من قبل فعالياتها العامة أو الشخصيات الوطنية الديمقراطية فيها. وفي القريب سوف نلتقي جميعا في مؤتمر وطني للمعارضة السورية الوطنية الديمقراطية. إن ذلك يؤشر بوضوح لا لبس فيه أن شعبنا في سورية بدأ يخرج من وضعية الثبات، التي أرغمه عليها نظام الاستبداد خلال العقود الماضية، متحسسا هول المخاطر التي تلم بالوطن من الداخل والخارج، باحثا عن مخارج ممكنة ومحتملة منها. لقد بدأ الشعب من خلال قواه الوطنية الديمقراطية، رغم الوهن الذي هو فيه، يفكر بصوت مسموع، داعيا ومستنهضا القوى والهمم، لإنقاذ الوطن. سورية أيها الأخوة في خطر حقيقي، لنستجب إلى ندائها وننقذها. أيتها الأخوات أيها الأخوة.... يعلمنا التاريخ أنه لا يطرح على نفسه إلا القضايا التي يستطيع الإجابة عن أسئلتها، وكما يبدو لي فإن قضايا سورية الراهنة تبحث عن أجوبة عن تساؤلاتها من خلالكم، من خلال هذا الحراك المجتمعي الآخذ بالتوسع، والتنسيق، والتحول إلى قوة جارفة. فإلى مزيد من الحوارات الوطنية الديمقراطية، وإلى مزيد من تنسيق القوى والجهود واستنهاضها على امتداد جغرافيا الوطن، لنعمل في سبيل تحالف وطني ديمقراطي عريض، ينقذ سورية من إكراهات نظام الاستبداد، ودولته الأمنية، إلى فضاءات الحرية والديمقراطية، ودولة الحق والقانون. إن سورية حقيقة في خطر، وهذا هو الطريق الوحيد لإنقاذها، فهل نتحمل جميع مسؤولياتنا؟!!
أيها الأخوة والأخوات... ما انفكت بعض القوى والدوائر الخارجية، وفي مقدمتها الدوائر الصهيونية المدعومة أمريكيا تتآمر على سورية، وعلى بقية الدول العربية منذ زمن بعيد، منذ عصر النهضة الأولى، بل ويمتد ذلك إلى إلا ما قبلها، وكان من أبرز محطاته، القضاء على ثورة محمد على باشا النهضوية، وكذلك اتفاقات سايكس بيكو التي جزأت وطننا العربي إلى دويلات ضعيفة ومتناحرة، ليأخذ التآمر أبشع صوره في زرع الكيان الصهيوني في فلسطين، في القلب منه..الخ. ولم ينقطع التآمر بعد نيل الدول العربية لاستقلالها، غير أنه بدأ يأخذ أشكالا جديدة. ففي مرحلة ما قبل الحادي عشر من أيلول تجلى ذلك، بصورة رئيسة، في دعم وتمكين الكيان الصهيوني في فلسطين، وفي دعم الأنظمة الاستبدادية في الدول العربية، وفي نهب الثروات العربية..الخ. أما بعد الحادي عشر من أيلول فقد أصبح التآمر سياسة مكشوفة، ومعلنة للإدارة الأمريكية، وغيرها من الحكومات والدوائر الغربية، والصهيونية، لها فلسفتها( الفوضى الخلاقة؟)، ولها مشاريعها التنفيذية(الشرق الوسط الكبير)، وهي بمجملها تهدف إلى إعادة صوغ المنطقة وترتيبها من منظور المصالح الأمريكية والصهيونية بالدرجة الأولى. لا نغالي إذا قلنا أن مصير سورية، والدول العربية الأخرى، قد خرج من نطاق البحث على الطاولة، في الدوائر المغلقة لصنع القرارات الغربية، وخصوصا في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي الكيان الصهيوني، إلى حيز التنفيذ، وإن ما جرى في العراق ليس سوى البداية. هنا لا بد من التساؤل: هل علينا أن نلوم الآخرين عندما يسعون في سبيل تحقيق مصالحهم، وهل يلام العدو؟ أم علينا أن نتساءل ماذا فعلنا نحن، للدفاع عن وجودنا، وعن مصالحنا، ماذا فعلنا لمقاومة الأعداء ودحرهم؟! للجواب على ذلك، دعونا ننظر في الجانب الآخر من المشهد، وهو في الحقيقة الوجه الأقرب لنا، إنه الواقع الذي نعيش، الذي تعود البعض منا أن لا ينظر فيه، سواء بإرادته، أو بغير إرادته، تحت دعوى الخطر الخارجي الداهم. دعونا ننظر فيه بكل جدية ومسؤولية، باحثين عن ممكنات المقاومة والممانعة فيه، بعد أن تم تخريبه وتهديمه إلى حد بعيد. إن عقودا طويلة من الاستبداد، والديماغوجيا، وتعميم العلاقات الشخصانية، وانتشار الفساد في المجتمع..الخ، عمقت كثيرا من اغتراب المواطنين عن وطنهم، وزادت في سلبيتهم، وفي المحصلة قضت على مبادراتهم وإبداعاتهم. إن استمرار ضغط السلطة على المجتمع، وتعميم القمع، وتزييف إرادة الناس، وتفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، والقضاء على الحريات، وتخريب القضاء...، كل ذلك أنعش موضوعيا وبصورة مباشرة كل ما هو دون المستوى الوطني، من أطر عائلية وطائفية ومذهبية وعشائرية وإثنية وجهوية، باعتبارها ملاذا للمواطنين، يتوهمون أن بإمكانهم أن يحققوا من خلالها أمنهم وحضورهم. إن سياسة الفساد والإفساد، وإنعاش البنى الاجتماعية ما قبل الوطنية، قد دمرت القوى المجتمعية إلى حد بعيد. كيف يمكن استنهاض قوى المجتمع لمقاومة الخطر الخارجي، وقد أنهكتها قوى الفساد واللصوصية. إن أقل من عشرة بالمئة من السكان يستهلك ويتصرف بأكثر من 70% من الناتج المحلي، في حين يعيش أكثر من ثمانين بالمئة من الشعب السوري بأقل من ثلاث دولارات في اليوم. إن هذا السؤال الجدي والخطير أضعه برسم الأخوة البعثيين، على أبواب مؤتمرهم العاشر، للإجابة عليه. في أية غفلة منهم حدث هذا الاستقطاب الحاد في المجتمع، وهذا الإفقار المعمم، أم هي السياسة والنهج؟!! كيف يمكن استنهاض قوى المجتمع، والخوف الذي زرعه نظامنا العتيد، ورعته سلطته على مدى العقود الماضية بكل عناية واهتمام، يشل إرادتها. اعتقد جازما، مع كل التراجع الملحوظ في مستوى أمنية السلطة في سورية، وهذا شيء إيجابي نثمنة، أن لا أحد منا يستطيع أن يكون واثقا تماما، من أن خفافيش الظلام لن تخطفه في أية لحظة. إن سورية، أيها الأخوة والأخوات، بحاجة ماسة وتاريخية إلى التغيير من وضعية نظام الاستبداد، وسلطته الأمنية، إلى نظام وطني ديمقراطي، إلى دولة الحق والقانون، نظام يعيد الناس إلى السياسة، إلى الاشتغال في الحقل العام، نظام يحترم التعدد والتنوع في المجتمع، يعيد بعث روح المواطنة والوطنية في أبنائه، يتيح للمجتمع بالتفتح والازدهار، حر في إرادته، وفي خياراته... إن الوحدة الوطنية التي ينبغي أن نعمل عليها، أيها الأخوة والأخوات، هي على الضد من "الوحدة" في الخوف والسلبية، التي فرضها الاستبداد بالقمع، إنها وحدة قائمة على التعدد والتنوع والاختلاف، إنها وحدة إيجابية فاعلة بين إرادات حرة ومتحررة، تعيد المجتمع إلى السياسة، تعيد هيكلته في منظمات مدنية وأهلية، وفي أحزاب سياسية، وفي نقابات حرة..الخ. إن إبراز المشروع الوطني للتغير باتجاه الحرية والديمقراطية، الذي أرجو أن يأتي (إعلان دير الزور)، المتوقع أن يصدر عن لقائنا اليوم، على أغلب عناصره، أقول إن إبراز هذا المشروع، لا يمكن تمييزه عن المشاريع الخارجية، التي يروج لها تحت راية الحرية والديمقراطية، إلا من خلال التركيز على فكرة المصالحة الوطنية، وعقد مؤتمر وطني شامل لجميع القوى السياسية السورية، والفعاليات الاجتماعية الغيورة على وطنها. ومما يجعل هكذا مؤتمرا ممكنا زيادة الضغط على السلطة من اجل رفع حالة الطوارئ، ورد المظالم إلى أهلها، وتحرير السجناء السياسيين، وسجناء الرأي، وإغلاق ملف السجن السياسي نهائيا، واستصدار قوانين عصرية للأحزاب، والمنظمات النقابية، والمدنية الأهلية، وتعديل قوانين المطبوعات، والإعلام، في ضوء احترام حقوق الإنسان ومبادئ الحرية والمسؤولية. إنه لمن الأهمية بمكان أن يتحمل الأخوة في حزب البعث مسؤولياتهم، وهم على أبواب مؤتمرهم القطري العاشر، وأن يرفعوا الصوت عاليا في وجه قوى الفساد والنهب والقمع، فهم وحدهم من يتحمل المسؤولية عما وصلت إليه البلاد من ضعف ووهن. غير إن جهودنا الرئيسة، أيها الأخوة، يجب أن لا تقف عند حدود الرهان على ما يمكن أن تقدم السلطة عليه، بل ينبغي أن تنصب بصورة رئيسة على استنهاض قوى المجتمع، وتمتين ممانعاتها ومقاومتها لأي خطر يهدد الوطن من أي مصدر خارجي، أو داخلي جاء، وذلك من خلال الحوار الشامل مع جميع تعبيرات المجتمع السياسية والمدنية والأهلية، مع الاحترام التام لمبدأ التعددية والاختلاف، وتكريس العمل السلمي، ونبذ العنف وإدانته والوقوف ضده، وتكريس مبادئ الديمقراطية والعقلانية، في جميع مجالات حياتنا، في ضوء العلانية والشفافية الكاملة. إننا على قناعة راسخة بأن النهج التدرجي، السلمي، والآمن، هو النهج الملائم للانتقال بالمجتمع، والدولة، من إكراهات نظام الاستبداد، وما تركه من أثار سلبية عميقة في بنية المجتمع، والدولة، والمواطن، إلى فضاءات الحرية والديمقراطية، فضاءات التقدم الاجتماعي والعدالة الاجتماعية. أيها الأخوة والأخوات، لنرفع الصوت عاليا في وجه التدخلات الخارجية التي تهدد وجودنا ومصالحنا، لنقل لا لاستقواء بالقوى بالخارجية، التي لا تريد بنا خيرا، بل تريد إعادة تكييفنا دولا ومجتمعات، مع المصالح الإمبريالية والصهيونية. وفي الوقت ذاته، وبالقوة والوضوح نفسهما، لنقل لا لقوى الاستبداد، والفساد، والنهب، التي أوصلت بلدنا ومجتمعنا، إلى ما نحن عليه من ضعف، ووهن، واغتراب. لتحيا سورية، حرة، ديمقراطية، قوية، ومزدهرة. شكرا لإصغائكم
#منذر_خدام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحو حزب سياسي منفتح على المستقبل
-
مساهمة في نقد العقلية البعثية
-
الليبرالية وحذلقة المثقفين
-
بحث في طبيعة السلطة في سورية واحتمالات انفتاحها على العصر
-
حتى لا يخطئ أحد في قراءة التحركات الشعبية
-
نحو حزب بلا تاريخ-ضروراته وهويته
-
مبروك للشعب المصري
-
حرية المرأة من حرية الرجل
-
اغتيال الحريري:اغنيال لمشروع العلاقات المميزة
-
حول محاضرة نائب رئيس الجمهورية العربية السورية السيد عبد الح
...
-
كيف ستبدو سورية بعد الانسحاب من لبنان
-
مستقبل العلاقات السورية اللبنانية
-
ملاحظات على البرنامج السياسي للحزب الديمقراطي الاجتماعي السو
...
-
ملاحظات حوا البرنامج السياسي للحزب الديمقراطي الاجتماعي 2
-
ملاحظات على مشروع البرنامج السياسي للحزب الديمقراطي الاجتماع
...
-
حول الإصلاح في سورية: رؤية من الداخل
-
الديمقراطية ذات اللون الواحد
-
هواجس لتطوير التعليم العالي والبحث العلمي في سورية
-
القوانين الاستثنائية في سورية
-
نحو وحدة وطنية قائمة على التنوع
المزيد.....
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
-
عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا
...
-
إعلام: الجنود الأوكرانيون مستعدون لتقديم تنازلات إقليمية لوق
...
-
مصر.. حبس الداعية محمد أبو بكر وغرامة للإعلامية ميار الببلاو
...
-
وسائل إعلام: هوكشتاين هدد إسرائيل بانهاء جهود الوساطة
-
شهيدان بجنين والاحتلال يقتحم عدة بلدات بالضفة
-
فيديو اشتعال النيران في طائرة ركاب روسية بمطار تركي
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|