|
علاوة سمعة
مالوم ابو رغيف
الحوار المتمدن-العدد: 4222 - 2013 / 9 / 21 - 14:17
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في اليمن الديمقراطية الشعبية وقبل ان يحتلها الزندانيون المثقلون باحلام النكاح، قبل ان يطفأ جذوتها الوهابيون بفتاوى البغض والاحقاد والتخلف، وقبل ان يؤسس الاسلاميون صناعة الموت، كان يوجد معمل لصناعة البيرة، بيرة صيرة. وصيرة اسم لجزيرة ولقلعة تاريخية تقع على مقربة من مدينة عدن الجميلة البيرة ماء شعير، تخمر ولا تقطر، والاسلام يحرم ما قطرغليا فقط ( كالعرق) ويحلل ما سواه، الا ان المسلمين، وخاصة رجال الدين منهم، يميلون الى ما غلظ من الفتوى وما قسى من الاحكام، على اعتقاد خاطيء منهم، بان الطريق الى الله معبد بالصعاب والآلام والاوجاع وتعذيب الجسد، وليس مزدهرا بالحب والرحمة والجمال والنشوة، فحشروا البيرة عن جهل مركب مع ما قُطر من الخمر، وحرموا ما حلله الله. كان مصنع بيرة صيرة يوفر مردودا مربحا لخزينة الدولة الديمقراطية، فمهما زاد حجم انتاج المصنع وعظم، يبقى قاصرا عن سد احتياجات السوق اليمنية. اليمنيون الجنوبيون كانوا شعبا منفتحا على الحضارة، متسامحا مع نفسه، لا يعرف حروب الطوائف ولا غثاثات الدين، فتراهم يحتسون البيرة حتى في الاصقاع البعيدة والمناطق المنعزلة. بيرة صيرة اضافة الى انها صناعة فاخرة وبامتياز الماني وتجد ذلك مطبوعا على ماركتها:ـ Brewed and bottled under AMS Hamburg Management ، فأنها ايضا لا تبقى بائرة في الاسواق فتقدم وتعتق وتقل جودتها، فقد تطلبها فلا تحصل عليها لكثرة طلبها، كانت دائما طازجة، طيبة الطعم والمذاق، يشربها الجنوبيون بلذة متناهية وتأم جموع الشماليين عاصمتها المباركة عدن كما يأم الحجيج الكعبة لاحتساء على لارض ما وعد الله عباده المؤمنين في الجنة وعد الله للمؤمنين معلن ومعروف، انهارا من الخمرة الصافية يشبه طعم العسل مذاقهاـ وتشبه احلام العذارى نشوتها، الا ان رجال الدين نسوا وعد الله، ونعقوا بحديث يدعي بان الله يلعن شاربها وحاملها وبائعها، ورغم ان الحديث لم يشمل صانع الخمرة باللعن، الا ان كهنوت الاسلام حشروا الصانع ايضا على عمد منهم ضمن ثلة الملعونين السعداء. فتردد بأن هناك اشاعات، لا يعرف نسبتها من الصدق، تقول بان العوائل لا تزوج بناتها بمن يعمل في مصنع البيرة، واخرون يدعون بوجود فتوى تقول بان ثياب عامل البيرة لا تنظف من دنس الشيطان مهما غسلها، لكن هذه الاقاويل بقيت محصورة في حلقات مغلقة ولم تكن يوما حديث الشارع.
ربما لهذه الاشاعات، ولأن الذهنية العربية لا تلخوا من شوائب الدين حتى وان كانت اشتراكية، خصصت الحكومة اليمنية الديمقراطية الشعبية علاوة خاصة لعمال وعاملات مصنع بيرة صيرة اسمتها علاوة السمعة. وهو امر لا يخلوا من غرابة، اذ ان اليمني الجنوبي كان صريحا شجاعا بطبعه، اكان في تصرفاته او في عرض افكاره، كان محبا للحرية بفطرته، فليس من الدهشة ان تجد جمهور حاشد من الناس على مختلف الاعمار وهم ينتظمون في طابور شراء البيرة، وعندما يشترونها لا يخفونها عن الاعين كما يفعل بعض العرب الاسلاميون حتى وهم يعيشون في الدول الغربية. في سنة 1990 اتفق قادة اليمنان، الجنوبي والشمالي للدخول في وحدة عض الجنوبيون اصابعهم ندما فيما بعد على الوقوع في فخ مغرياتها الكاذبة، اذ انهم قد وبعد ان سبق السيف العذل، قد وجدو انفسهم غرباء في ارضهم التي سلبت منهم، وانهم قد خسروا جمهوريتهم واستقلالهم اللتان غنوا ورقصوا لهما فخرا واعتزازا وصودرت منهم حريتهم. ثم جائهم الاسلاميون الزندايون محملون بافكار الاستباد والاستعباد الديني، ونشر الوهابيون فكر التطرف الاصولي والظلام الرجعي. بعد ان سقطت الجميلة عدن في 7.7.1994 بيد جيش الغزاة الشمالي وغزتها مليشيات القاعدة والافغان العرب المتحدة مع جيش المحروق علي عبد الله صالح، انشب جمع متحش سكاكينه في خاصرة المدينة وقطعوا شرايين حياتها وهدموا معمل بيرة صيرة ورقصوا على اشلاء آلاته. الذهنية التي اعتقدت بان العمل في مصنع البيرة فيه ما يعيب وعوضت العاملين عن ضرر قد يلحق بسمعتهم بعلاوة مادية، هي نفس الذهنية التي كانت حاضرة في تفكير بريمر اول حاكم امريكي للعراق في زمن الاحتلال، فهو كان واثقا، بان العمل تحت امرته فيه الكثير مما يعيب وما يسيء، ولكي يغري بالعمل تحت ادراته، خصص للموافقين بالانظمام الى ادارته كرؤساء ووزارء وسفراء ونواب، رواتبا وامتيازات ومُنحا ضخمة جدا لا يحلم بها احد. كانت ضخامة عطايا بريمر تعويضا ماديا للاضرار التي تلحق بالسمعة. لكن عندما انتهى زمن الاحتلال ورحل بريمر، ثم رحلت القوات الاجنبية، ابقى الفاسدون الاغرائات والتعويضات وعلاوات السمعة كما كانت في زمن بريمر، بل انهم ازادوها. فقد ادركوا بان رهطهم الحاكم غير قابل للاصلاح، وان شرفهم الوطني غير مرتجع حتى بميثاق مثل ذلك الاخير الذي اتفقوا عليه فيما بينهم مؤخرا. انهم متاكدين بندرة وجود سمعة اكثر تلويثا من سمعة النواب والمسؤولين العراقيين.؟
#مالوم_ابو_رغيف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف تشخص مازوخيا يساريا؟
-
سوريا عروس عروبتكم فلماذا ادخلتم كل زناة الليل.
-
سوريا: من يملك رخصة استخدام غاز السارين
-
التطرف في لغة العنف عند الاخوان المسلمين
-
ثوار احرار حنكًمل المشوار
-
مليونيات الاحرار ومليونيات العبيد.
-
الدين والزمن الجميل
-
البعدين الطبقي والجنسي لنِكاحيً المتعة والمسيار
-
ثورة ميدان التحرير وردة ميدان رابعة العدوية
-
النقيض الاسلامي الكلي للديمقراطية!
-
الثورة المصرية: التناقض بين الديمقراطية وبين الاسلام السياسي
-
مع الدكتور جعفر المظفر: هل يخلع حسن نصر صاحبه مثلما يخلع الخ
...
-
السعار الاسلامي في مصر ونموذج الثورة السورية
-
اللهم اعز الاسلام بصوت المغنية احلام
-
سوريا: ثورة ام حرب اجرامية؟!
-
القرضاوي في اخر مراحله
-
القواعد اللاتي لا يرجون نكاحا
-
البحث عن جثة صحابي
-
الاسلاميون اذا دخلوا ثورة افسدوها!!
-
الدول الغربية ترفع شعار الاسلام هو الحل.
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|