|
اللي بني مصر كان في الأصل حلواني
أسعد أسعد
الحوار المتمدن-العدد: 1206 - 2005 / 5 / 23 - 08:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
و أنا أتعجب إذا ظهر جدّي هذا الحلواني المُبدع في يوم من الأيام كيف ستكون انفعالاته حين يري ماذا فعل الفسخاني بما بناه الحلواني؟ ... يقول المثل المصري عن الإنسان المُبدع إنه قادر أن يعمل من الفسيخ شربات لكن الفسخاني هذا أخذ شربات مصر و حلويات مصر و أنتنها و عفّنها و جعل من الجنة التي قال عنها واحد من القدماء في الكتاب المقدس و هو يصف إحدي البلاد أنها كجنة الرب كأرض مصر لكن جعل الفسخاني من هذه الجنة مزبلة و صيّرها جُهنم الحمراء و أنا أذكر النكته المصرية القديمة التي قيلت أيام عبد الناصر الله يرحمه حين نجح الاتحاد السوفييتي و أمريكا و مصر بعمل اتصال تلفوني مع جهنّم فجاءت فاتورة تليفون موسكو بعشرة مليون دولار و فاتورة تليفون واشنطن بمائة مليون دولار و فاتورة تليفون القاهرة بعشره سنت و لما استقصي عبد الناصر عن السبب قالوا أصل دي مكالمه داخلية ياريس. و اذا بدأنا البكاء علي مصر و رحلنا في التاريخ بالمعكوس لِنجد أين بدأ العطب و أين نخر السوس و لماذا قد أخذ المرض ينخع في أرضنا الجنة اللي كانت مزروعه ورد و حِنّه لطال بنا المشوار و لتركنا خلفنا الثورة المباركة و أسرة محمد علي باشا الكبير و الإنجليز و الفرنسيين و العثمانيين و المماليك و الدويلات العربية التي توارثتنا كلها حتي عمرو بن العاص إلي بيظنطه و روما حتي يقف بنا الزمن عند الإسكندر الأكبر الذي استعبط الحلواني ففتح له الباب وأدخله إلي معابد سيوه و هناك أعلنه ابنا للآلهة المصرية فلما أتي وريثه بطليموس مع كيليوباتراته سلّمنا لهم الزرع و الضرع و صارت مصر تكية تتوارث من إمبراطورية إلي إمبراطورية و فقدت مصر الهويه هل هي عربية أم قبطية أم رومانية أم يونانيه هيلينية أم فرعونية؟ و تحوّل الحلواني إلي فسخاني. و أرجع و أقول كما علمتني جدتي رحمها الله "العايد في الفايت نقصان من العقل" لأنه الآن المصري هو العربي القبطي الروماني اليوناني الفرعوني و هذا يجعل من نصيبه في الحضارة ناطحة سحاب لآنه شرب من التاريخ أعرق حضارات الأمم و بقي هو المصري. نعم أن الإنسان المصري هو الحلواني الذي لن يبكي علي اللبن المسكوب و لا علي الايام اللي راحت بل سيتطلع إلي المستقبل و سيجعل مصر بتخطيطه و علمه و حساباته و قدرته علي استيعاب العالم و حضارة الأمم المتقدمة من حوله سيجعل جنة الرب في كل أرض مصر من أجل نفسه و من أجل أولاده و من أجل كل شعب مصر. و أريد أن اقول للمصري الحلواني إننا يجب ان نبدأ من الآن بتغيير نظام إدارة البلاد فإن مركزية الحكم نظام فاشل و تركيز مسؤليات المأكل و الملبس و المسكن و العمل و التعليم و الصحة و البيئة و الإتصالات و الطرق و المياة و المجاري و البوليس و النيابة و القضاء في يد الحكومة المركزية هو إحتلال لأرض مصر و تحكُّم في لقمة عيش المواطن و حياته تحت رحمة فرد واحد إن النظم العالمية تنقسم اليوم إلي نظامين لا ثالث لهما أما ديكتاتورية أيا كان النظام فيها ملكيا أم جمهوريا مثل كل بلادنا العربية أو ديموقراطية مثل معظم بلاد أوروبا و أمريكا وكندا و حتي الهند سواء كانت هذه الدول جمهورية أو ملكية و كل هذه النظم الديموقراطية لها أساليب متشابهة في إدارة الدولة فلا تتركز المسؤلية في يد الحكومة المركزية بل تملك الحكومات المحلية قراراتها و إداراتها بنفسها و لا سلطة للحكومة المركزية علي الحكومات المحلية إلا في نطاق الدستور العام للبلاد و كل الحكومات المركزية و مناصبها الرئيسية بالإنتخاب المباشر و كل الحكومات المحلية لها مجالس محلية منتخبة بالإنتخاب المباشر. في الحكومات الديكتاتورية الحكومة تملك كل شئ المأكل و الملبس و المسكن في الحكومات الديموقراطية الحكومة لا تملك شئ لكن كل شئ تحت رقابه الحكومة المنتخبة فيجب أن يكون التركيز في المطالبة بالتعديل علي تحرير الشعب من قبضة الحكومة المركزية الدكتاتورية و إذا ابتدانا بالغاء قانون الطوارئ ثم بهيكلة الدولة و انتخاب الحكومات المحلية بالانتخاب المباشر كانت هذه خطوة أوّلية علي الطريق الصحيح . إننا نحتاج اليوم إلي أن ننظر إلي العالم حولنا لنتعلم كيف تملك الشعوب المتقدمة دُوَلها و كيفية تركيب أنظمتها و كيف تُدار هذه الدول الناجحة بكل مقاييس الحضارة و التقدم أن المبادئ و الشعارات مهما كانت جميلة و مشرقة و ملهبة للعواطف فهي في النهاية مجرد شعارات و ستبقي الكلمات مجرد كلمات حتي تصمت الكلمات و نبتدئ في الدراسات و التخطيطات و التنفيذات لقد استوردنا لبلادنا تكنولوجيا الإتصالات و المعلومات فلماذا لا نستورد تكنولوجيا تركيب و ادارة الدولة فان مبدأ النظر إلي الداخل لحل مشاكلنا من واقعنا سيقودنا إلي الدوران في حلقة مفرغة و اليوم تقف أمريكا علي رأس الدول المتقدمة فهلا نظرنا و درسنا ما هي امريكا هذه ما هي تركيبة هذا البلد العظيم و كيف يُدار و كيف يُمارِس الناس فيه حياتهم؟ لماذا نستورد من امريكا السيارات و التلفزيونات و الكمبيوتر و حتي السلاح و لا نستورد تكنولوجيا تركيب و ادارة الدولة؟ و لماذا نرسل أطباءنا و مهندسينا و علماءنا و أساتذتنا ليتعلموا و ينقلوا لنا العلم من أمريكا لنحشوا به رؤس التلاميذ في المدارس و الجامعات ثم نصدّرهم عماله رخيصة للبلاد العربية و مع ذلك لا نريد أن نُرتب دولتنا و نديرها علي الطريقة الأمريكية إلي متي ستظل أمريكا بالنسبة لنا هي هوليوود و الفديو كليب و الروك و ميكل جاكسون و مادونا و ليست هي البيت الابيض و الكونجرس و المحكمة الدستورية إلي جانب الولايات و اتحادها و نُظُمَها الداخلية لماذا لا ننقل عن أمريكا نظام الضرائب و التامينات الصحية و حماية البيئة؟ و لماذا لا ننقل القوانين التي يتعامل بها البوليس و النيابة و المحاكم مع الشعب؟ لماذا كُلّما جاء ذكر أمريكا هبّ الإسلاميون الذين صنعتهم أمريكا ليتهمونا بالكفر و الزندقة و يتهددونا بالويل و الثبور و أعاظم الأمور؟ و لماذا يتهمنا الشيوعيون بالإقطاعية و مص دم الفقراء و استغلال العمال الكادحين؟ و كأن أكثر من ثلاثة أرباع عمال أمريكا لا يركبون الكاديلاك و يقضون أجازاتهم علي الشواطئ و يملكون بيوتهم المؤسسة بأحدث الأثاث و الباقي يعيشون في أرقي المستويات التي لا يحلم بها ولا حتي وكلاء وزارت دولتنا إن أمريكا لا تهبط عليها الدولارات من السماء و لا تنموا علي الأشجار لكن في أمريكا نظام يفتح المجال للتقدم و النمو و للتكسب و للمعيشه في حرية مرفوعة الرأس فلماذا ننظر إلي مظاهر الحياة في أمريكا و نقول مع قاسم السِّماوي جتنا نيله في حظنا الهباب؟ لقد كتبت في مقاله سابقة تعليق علي حركات المعارضه في مصر فانبري لي من بين الصفوف فتي مغوار جال و صال و اتهمني انني أسعد التعيس السعيد باغترابه و لقد أصاب الفتي في تقديره لسعادتي و أخطأ و لم يعرف إن سبب تعاستي هم المفكّرون المُهمِلون القابعون المتقوقعون الذين يرسمون صورة أمريكا في خيالهم من ميثاق عبد الناصر و ثورجية أحمد سعيد إن مصر اليوم تحتاج إلي الحلواني الذي يراها بعين التكنولوجي الذي ينقل الحضارة و لا يخترعها لأنك أيها الحلواني المصري العظيم متي نقلت تكنولوجيا الحضارة و طبقتها ستكتشف اكتشافا مذهلا أن هذه النظم المتقدمة مكتوب في أعماقها و في داخلها عبارة لا يراها الساسة العميان و لا صبيان السياسة الذين يكرهون الأمريكان و هي مكتوبة بزُبَد الفكر و عصير الإرادة كتبها الحلواني القديم علي كل حضارات العالم الحديثه و هي عبارة صُنِعَ في مصر .
#أسعد_أسعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النكسة القادمة علي مصر
-
رد علي ... الإسلام دين التسامح و المحبة ... بيع الميّه في حا
...
-
الصراع العظيم ... متي سيبني اليهود هيكلهم الثالث في مدينة ال
...
-
هكذا احب الله العالم اغنية اهديها الي كل عمال العالم
المزيد.....
-
شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا
...
-
جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
-
زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
-
كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
-
مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
-
ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
-
مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
-
جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|