أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - كلام على غائب في ذكرى إنشتاين ونظرية النسبية














المزيد.....

كلام على غائب في ذكرى إنشتاين ونظرية النسبية


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 1206 - 2005 / 5 / 23 - 11:37
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


لا يشغل إنشتاين موقعا ذا بال في الثقافة العربية المعاصرة. لا إنشتاين ولا غيره. الكلام على ذكرى إنشتاين ونظرية النسبية هو كلام على غائب: على العلم الغائب، على التأمل الفلسفي الغائب (كان إنشتاين يصر على أن كل النظريات تأمل)، على المنهج التجريبي الغائب.
إنشتاين الصهيوني أيضا غائب. يحضر منه فقط أنه رفض ان يكون رئيسا لدولة إسرائيل حين عرض عليه المنصب عام 1952. الغياب هنا أيضا عنصر من غياب أوسع: المسألة اليهودية والهولوكوست. إنشتاين داعية السلم غائب كذلك. بدوره يحيل هذا الغياب إلى غياب أكبر لحركة سلامية عربية ولتفكير عربي في الحرب والسلم.
تترك هذا الغيابات المجال لأشكال مشوهة من الحضور. الموقع الشاغر للعلم يمتلئ بنزعة تقنوية استهلاكية وسحرية، أو بنزعة اكتفائية راضية عن ذاتها أو خصوصية مغلقة على ذاتها. التقنوية الاستهلاكية هي تعامل مع العالم لا يمر بالرأس، ما يقود شيئا فشيئا إلى ضموره، أما الاكتفائية فيغلب ان تكون تصعيدا لعقدة نقص لا تطاق. الاهتمام المفقود بتاريخ المسألة اليهودية وبإدراك رضة المحرقة التي لا تنسى يستحيل تجاهلا لمعاناة الغير المعادي وميلا متكررا للتقليل من شأنها، أو ينقلب شعورا بالذنب حيال ما لم نقترف وشعورا بالنقص حيال اليهودي والإسرائيلي. التفكير الغائب بالحرب والسلام ينقلب استسلاما أو إرهابا.
وبمجملها تحيل هذه الغيابات إلى غياب أشمل: غياب العرب المعاصرين عن الفاعلية التاريخية، ما نسميه الوجود الوكيل او مخلع الأركان.
أعني بالوجود الوكيل افتقارنا إلى مناهج للتمثيل السياسي والمعرفي والفني في العالم الحديث. سياسيا نفتقر إلى طرائق مختبرة لنفاذ الأفراد إلى عالم الدولة والسياسة ومؤسساتها واجهزتها. معرفيا الوقائع مفقرة من اية سلطة استشارية او تعديلية حيال النظم الفكرية التي يفترض انها تمثلها. فنيا لا نشارك في ترميز العالم وتمثله بالصور ولا ننتج أساطير وملاحم جديدة. لسنا مواطنين في جمهورياتنا وممالكنا السياسية ذوات الحزب الواحد او الأسرة الواحدة؛ ولا تملك وقائع حياتنا حقوق مواطنة في جمهورية المعرفة التي ارتدت إلى نظام عقيدة واحدة؛ ولا تحوز مخيلاتنا وانفعالاتنا وأحاسيسنا وأوهامنا نفاذا إلى صنع خيال العالم وتمثيله. موجودون في العالم لكن وجودنا غير سيادي وغير اصيل. قد تعكس إيديولوجية الأصالة وكالة وجودنا أو افتقرنا للأصالة الوجودية.

غير ممثلين في العالم لأننا لا ننتج تمثيل العالم ولا نشارك في تمثيل العالم. فالتمثيل إنتاج وليس معطى أوليا او حقا بديهيا تمليه العدالة. ودون إنتاج لتمثيل الذات لا مجال للمشاركة في تمثيل العالم. فالتمثيل المعرفي والخيالي والسياسي هو الذي ينتج الواقع، وليس العكس.
الثورة التي حققها الغرب في عصر النهضة ثم في التنوير والثورات السياسية هي ثورة في المعرفة وثورة في المخيلة وثورة سياسية. ليست علما يتعرف على الواقع و"يكشف أسراره" بل إنتاج لواقع برسم العلم، أعني إنتاجا لوعي جديد وعقل جديد وتوقعات جديدة وحواس وجديدة. الغرب راسخ في العالم وفي التاريخ بفضل هذه الثورة المركبة. وجوده من الدرجة الأولى، فتْكاتُه بِكْرٌ، علمائه يقرؤون اللغة التي كتب بها الله كيان الإنسان حسبما عبر الرئيس الأميركي كلينتون عن كشف الشيفرة الوراثية الإنسانية عام 1998. إنه يشرب من رأس نبع الكائن. وهو لا يشكو من "نسيان الكينونة" إلا لأنه يلمحها وتضيع منه في سياسته وعلمه وفلسفته وفنونه.
من يضع معادلة تكافؤ المادة والطاقة، E= M C2، "يلمس" الكينونة و"يرى" الكينونة، ويصنع عقله هو، ويغير ذاته هو.
نحن لم ننس الكينونة لأننا لم نلتق بها. لا تراوغنا غزالة الكينونة في رحلة صيدنا للمعنى وسعينا للعدالة.
لسنا بصدد معايرة لحالنا بالغرب، أعني جعل الغرب مقياسا للعالم ومعيارا للكمال، المنهج الأشد تضليلا إيديولوجيا والأشد إثارة للاكتئاب وعقد النقص. نسعى إلى جلاء الأصول والمنابع. نستطيع أن نقول إننا غير ملزمين بالسير على الطريق الذي اختطه الغرب الحديث إذا، وفقط إذا، استطعنا حل مشكلات إنتاج الواقع وسكن العالم وتمثيل الناس والوقائع والرموز. الأصول هم منابع الوجود المشتركة وليست مراحل سابقة في تواريخ مختلفة.
الموقع الغائب لنظرية النسبية وإنشتاين في ثقافتنا وفكرنا تفصيل في غياب أكبر. وهذا غياب يحتاج إلى نظر يفسره ويضعه في مكانه. فالتفسير بالغياب ليس إلا غيابا للتفسير.
(المقال مساهمة نشرت في محور لجريدة الحياة في الذكرى الخمسين لوفاة إنشتاين والمئوية لنظرية النسبية)



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مبارك انتهاء الخط العسكري!
- الطائفية والطغيان: الأسفلان في لبنان وسوريا
- حزب الله والبشمركة: مشكلات السيادة والسياسة والعدالة
- على غرار ما تتغير الأنظمة يكون مستقبل البلدان
- مناقشة لتقرير -المجموعة الدولية لمقاربة الأزمات-: سوريا ما ب ...
- المسألة الأميركية والثقافة السياسية السورية
- الثقافة المنفية في سوريا البعثية
- دستور السلطة الخالدة
- الرجاء أخذ العلم: سوريا ستنسحب، وكل شيء في لبنان سيختلف!
- في أصل -السينيكية- الشعبية
- وطنية تخوينية أم خيانة وطنية؟!
- جنون الاستهداف والعقل السياسي البعثي
- في استقبال التغيير: ليس لسوريا أن تتخلف!
- ما بعد لبنان: سوريا إلى اين؟
- على شرف حالة الطوارئ: حفلة لصيد -الخونة- بين قصر العدل وساحة ...
- نحو تملك عالمي للحداثة والتغيير تأملات حول شيوعية القرن العش ...
- نقاش حول الدين والثقافة وحرية الاعتقاد
- تسييس العلاقة السورية اللبنانية
- ما بعد الحقبة السورية: تحديات الوطنية اللبنانية الجديدة
- أمام الأزمة وجهاً لوجه


المزيد.....




- سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي: ...
- أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال ...
- -أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
- متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
- الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
- الصعود النووي للصين
- الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف ...
- -وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب ...
- تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - كلام على غائب في ذكرى إنشتاين ونظرية النسبية