أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الهلالي - -الثورة الديمقراطية- أو كتابة تاريخ الوعي المغربي المعاصر















المزيد.....

-الثورة الديمقراطية- أو كتابة تاريخ الوعي المغربي المعاصر


محمد الهلالي
(Mohamed El Hilali)


الحوار المتمدن-العدد: 4221 - 2013 / 9 / 20 - 17:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



تخيم ظلال الفعل الإرهابي الإجرامي الذي شهدته الدار البيضاء يوم الجمعة 16 ماي 2003 على كتاب الأستاذ رضوان سليم "الثورة الديمقراطية" (الصادر عن منشورات الجدل، 2013، 213 صفحة من الحجم الكبير)، بل إن مفهوم "16 ماي" الذي بلوره الكاتب في كتابه السابق "ظلال الهباء: مقالات فلسفية في مأساة 16 ماي" (الصادر سنة 2006 عن منشورات الجدل) يعود مرة أخرى وبقوة ليتصدر الكتاب (المقدمة) ويتوسطه (فصل بعنوان "مفهوم 16 ماي" ابتداء من الصفحة 115) ولينبث في ثناياه، وذلك بسبب الارتباط الوثيق بين "الوعي الذي سقط في العدم" (ص 9) والديمقراطية كنتيجة للمأساة.
يتعلق الأمر إذن بالمغرب الذي "نشأ كفكرة ثقافية" لأنه "كان في البدء مفهوما تبلور في أذهان نخبة ثقافية وعالمة" (ص 183) وبالديمقراطية التي تشكلت في الغرب "من الشعور المأساوي بضحايا المحرقة النازية والتطهير العرقي لليهود في أوروبا" (ص 9) والتي تجدّدَ الوعيُ بها "انطلاقا من تكوين مفهوم 11 سبتمبر" لأن "الوعي الديمقراطي ينبثق من الشعور بمعاناة الضحايا وعبء المأساة" (ص 9)، وتجد لها في المغرب كأساس حرب الريف التي مكنت النخبة الثقافية المغربية من "صياغة مفهوم جديد لمقاومة الغزو الأجنبي هو النضال السياسي أي اعتماد نهج سلمي ديمقراطي" (ص 32). كما أن الثورة الريفية "لم تكن ملهمة سياسيا لجيل العشرينات والثلاثينات من القرن العشرين فقط، بل كانت أيضا منبعا لنظم الشعر وتجديد الأسلوب النثري وتحديث اللغة العربية" (ص 184).
ويؤكد الكاتب أن الوعي الديمقراطي "لا ينشأ من تمجيد العنف بل من الوفاء للضحايا" (ص 8)، وأن "الديمقراطية كنظام سياسي وُلدت من رحم الحرب" (ص 25).
وإذا كان هدف الكتاب هو "كتابة تاريخ الوعي المغربي المعاصر" (ص 11) فإن هذه العملية تمر عبر مكونات هذا الوعي الأساسية بشكل جدلي وتاريخي.
يصف الكاتب ثورة الملك والشعب بأنها "التجربة الثورية الأولى للمغرب" (ص 43) وأنها "تعتبر حدثا تاريخيا استثنائيا ذلك لأنه لأول مرة في التاريخ البشري تبلغ ثورة غايتها من خلال وحدة الملك والشعب" (ص 167) كما أنها "جسدت نهاية التاريخ المغربي، بمعنى اكتمال سيرورته وكمال سيره، ولأول مرة في تاريخ المغرب تملك الشعب مصيره، وتحرر الملك من عبء المخزن العتيق ونفض الإسلام عنه رداء الطرقية الظلامي، سقط النظام الاستعماري وتهاوى الجهاز المخزني وتلاشى النهج الطرقي" (ص 41 و42).
لكن هذه الثورة فشلت بسبب الثورة المضادة التي قام بها المغرب العتيق ضد المغرب الحديث فالمغرب العتيق "بسط هيمنته على الحقل السياسي. فخلال الخمس سنوات التي أعقبت الاستقلال، كانت الثورة المضادة تجني ثمار الثورة رغم عجزها عن امتلاك روح الثورة" (ص 43).
وهناك عائق آخر تسبب في فشل ثورة الملك والشعب وهو الثورة الجزائرية. فمن جهة، مثلت "الثورة الجزائرية حجر الزاوية في الخطاب السياسي التقدمي. فبقدر ما كانت الثورة الريفية الملهم الثوري للحركة الوطنية، بقدر ما أصبحت الثورة الجزائرية المرجع المثالي للحركة التقدمية" (ص 48)، ومن جهة أخرى، مثلت الثورة الجزائرية "عائقا أمام قيام توافق تاريخي وحالت دون تحقيق انتقال ديمقراطي مرحلي" (ص 54).
قام الأستاذ رضوان سليم في هذا الكتاب وبوضوح نظري ونزاهة فكرية نادرين في الثقافة العربية المعاصرة بمساءلة مسار تاريخ الوعي المغربي المعاصر انطلاقا من تشكل الوعي الديمقراطي ونقائضه وتناقضاته ومكوناته (الملك محمد الخامس، حزب الاستقلال وأجنحته المختلفة، الطبقة العاملة وانبثاق المقاومة المسلحة من صفوفها، الخيار الاشتراكي والرأسمالي، دور الطبقة العاملة المنظمة في إطار الاتحاد المغربي للشغل في مواجهة التهديد الداخلي والضغط الخارجي...).
ومن بين أهم مكونات الوعي المغربي المعاصر: المسألة الدينية في أبعادها المرتبطة بحيثيات تحول المذهب المالكي إلى المذهب الرسمي الوحيد في البلاد، ودور السلفية الجديدة الإيجابي، والدور السلبي للإسلاميين.
يقول الأستاذ رضوان سليم أن المغرب الأقصى تواجدت به في القرون الهجرية الأولى ثلاثة مذاهب رئيسية هي: الخوارج والشيعة والمالكية، وهي "المذاهب التي تعرضت للاضطهاد بالشرق فلجأت إلى الغرب الإسلامي" (ص 163). ثم انتقل المغرب بفضل إمارة المؤمنين من التعدد المذهبي إلى الوحدة المذهبية. ولقد تميز فقهاء المالكية في المغرب بنهج مسلك خاص "يرتكز على الأثر معتمدين مقاربة شرعية للإشكالات العملية للحياة الدينية، مبتعدين عن الخوض في قضايا النظر، مهتمين بالفروع، متجنبين الأصول. وقد ترسخ هذا المسلك الشرعي كخاصية مميزة للعقلية الدينية المذهبية المغربية" (ص 163).
وتطرق الكاتب للدور السلبي للزوايا المتمثل في منازعة السلطان وظيفته الدينية، وطموحها إلى بلوغ السلطة السياسية. ويرى أن الفضل في إسقاط النظام التديني الطرقي يعود للعقيدة السلفية الجديدة، وأن هذه الأخيرة "تعتبر أول ثورة دينية حقيقية" (ص 39).
ويؤكد على أن الإيمان الديني في المغرب لا يعتبر "مسألة خاصة" وإنما يعتبر "قضية عمومية"، ويتعرض الإيمان الديني للفتنة "عندما يتخلى السلطان عن القيام بوظيفته الروحية" أو عندما "يعجز الفقهاء عن تأطير الحياة الدينية" وهو الأمر الذي يؤدي "إلى ظهور جماعات دينية تنازع السلطان وظيفته الروحية ، وتناقض سلطة الفقهاء الشرعية" (ص 37).
ويعيد مشروع الإخوان المسلمين في المشرق وتحالفهم مع إسلاميي "العدالة والتنمية" الأتراك (هذا المشروع المتمثل في تخريب الثقافة العربية وهدم الدولة العربية) إلى الأذهان دلالة نشأة إمارة المؤمنين المغربية التي تعبر عن الاستقلال عن الهيمنة المذهبية المشرقية والتحرر من سلطة الاستبداد الشرقي.
وإذا كانت "وحدة المغرب السياسية مرتبطة بوحدته الدينية في ظل إمارة المؤمنين" (ص 161) فإن أي مساس بالوحدة الدينية يعني المساس بالوحدة الوطنية، وهذا ما يجعل "الجماعات الهرطوقية تعتقد أن هيمنتها على الحقل السياسي رهين بتفكيك مؤسسة إمارة المؤمنين بل اضمحلالها" (ص 160). ولذلك تسعى هذه الجماعات الدينية بالمغرب "إلى تملك الحقل الديني كمقدمة للهيمنة على الحقل السياسي. ويمثل استهداف إمارة المؤمنين الغاية المثلى لتحقيق الهدفين معا" (ص 160). ومن بين الأسباب التي تسمح بتشكل هذه الجماعات وتحولها إلى أدوات هدّامة يمكنُ ذكر طبيعة المذهب السني الذي "لا يتوافر على تنظيم ديني (مؤسسي)، ولا يخضع لتراتبية، ولا توجهه مرجعية. هذا الوضع يعرض أسس المذهب لفوضى خطيرة تكاد تعصف بالنسق جميعه. يظهر ذلك واضحا في التأويلات المتهافتة للآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأحكام الشرعية."
يتطرق كتاب "الثورة الديمقراطية" لإشكالات أخرى وثيقة الصلة بالديمقراطية وتشكل الوعي المغربي المعاصر مثل إشكال الإنصاف والمصالحة وإدماج الذاكرة الديمقراطية في التاريخ الوطني، ومقومات وشروط إلزامية ودمقرطة وتحديث وتأهيل التعليم، والديمقراطية الحداثية ومفارقاتها بالمغرب..
إن وضوح أطروحات الكتاب نظريا وسياسيا وانصهارها في إستراتيجية تحليلية شاملة حول الزمن والتاريخ والإصلاح والثورة والديمقراطية يجعلها مادة دسمة للنقد والتفكيك خاصة فيما يتعلق بثورية "ثورة الملك والشعب" وجدوى الديمقراطية في بلد يتسم في الحكم بالاستبداد وتبرهن فيه التيارات المنادية بالديمقراطية على كونها ديكتاتورية وتغرق العامة في كل القيم المنافية للمدنية والعقلانية.



#محمد_الهلالي (هاشتاغ)       Mohamed_El_Hilali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التمثيل اليساري الديمقراطي الثوري للشعب
- الكائن الإخواني - الجزء الثالث والأخير
- الكائن الإخواني - الجزء الثاني
- الكائن الإخواني الجزء الأول
- الكائن الإخواني
- إصلاح التعليم أو الجحيم (المؤسسة التعليمية خط أحمر)
- نشيد المناضلين
- الشيخ إمام: إمام المثقفين
- سميح القاسم أسرار الشاعر وأشعاره
- المفهوم الفلسفي
- النظرية العلمية
- من الربيع العربي إلى الثورة
- الحُبُّ عِبَادَهْ
- يَا أَنْتِ
- قالت انتظر
- في البدء كانت النساء
- صرخة عشاق
- هَكَذا أَنْتِ الآنَ
- أنا وأنتِ
- فرح عاشقين


المزيد.....




- بعد وصفه بـ-عابر للقارات-.. أمريكا تكشف نوع الصاروخ الذي أُط ...
- بوتين يُعلن نوع الصاروخ الذي أطلقته روسيا على دنيبرو الأوكرا ...
- مستشار رئيس غينيا بيساو أم محتال.. هل تعرضت حكومة شرق ليبيا ...
- كارثة في فلاديفوستوك: حافلة تسقط من من ارتفاع 12 متراً وتخلف ...
- ماذا تعرف عن الصاروخ الباليستي العابر للقارات؟ كييف تقول إن ...
- معظمها ليست عربية.. ما الدول الـ 124 التي تضع نتنياهو وغالان ...
- المؤتمر الأربعون لجمعية الصيارفة الآسيويين يلتئم في تايوان.. ...
- إطلاق نبيذ -بوجوليه نوفو- وسط احتفالات كبيرة في فرنسا وخارجه ...
- في ظل تزايد العنف في هاييتي.. روسيا والصين تعارضان تحويل جنو ...
- السعودية.. سقوط سيارة من أعلى جسر في الرياض و-المرور- يصدر ب ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الهلالي - -الثورة الديمقراطية- أو كتابة تاريخ الوعي المغربي المعاصر