أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جاسم الحلوائي - منظمة راية الشغيلة وتجربتي معها 1 -5















المزيد.....

منظمة راية الشغيلة وتجربتي معها 1 -5


جاسم الحلوائي

الحوار المتمدن-العدد: 1206 - 2005 / 5 / 23 - 11:38
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


حدث هذا قبل نصف قرن ــ القسم الثاني
منظمة راية الشغيلة وتجربتي معها

( 1 ــ 5 )
في عام 1954، وقد بلغت الثانية والعشرين من عمري، أصبحت شيوعياً ومستحقاً عضوبة الحز ب بجدارة. ولكني لم اكن عضواً في الحزب الشيوعي العراقي ، بل كنت عضواً في منظمة "راية الشغيلة" ــ نسبة الى اسم الجريدة التي كانت تصدرها المنظمة ــ التي إنشقت عن الحزب في شباط 1953 . وقصة هذا الانشقاق وعواقبه وعلاجه تناولها الكثيرون، وجميع هؤلاء كانوا أما أعضاءا في الحزب أو لا علاقة لهم به؛ وهذه أول مرة يتصدى لها، حسب علمي، من كان عضواً في منظمة " راية الشغيلة" نفسها.

قبل الدخول في صلب الموضوع، بودي أن أبين متى وكيف أصبحت شيوعيا ولماذا أصبحت عضوا في منظمة منشقة وليس عضوا في الحزب، دون التطرق الى دور نشأتي والعوامل الأخرى التي عادة ما تلعب دورها في تكوين الأتجاه السياسي أو الأيديولوجي للمرء؛ فمجالها، إن سمح الوقت ، في مكان آخر.

كان محل عملنا يقع في خان يسمى (خان ابو الدهن). ويوجد في هذا الخان ورش حدادة وأخرى لصناعة الفرو للبدو الرحّل. وتعود واحدة من ورش الفرولأحد أصدقاء والدي اسمه ( رشيد فروﭼي). كان رشيد يقرأ الصحف الوطنية وخاصة جريدة (الأهالي)، لسان حال الحزب الوطني الدمقراطي بزعامة الأستاذ كامل الجادرجي، لإعجابه بكتابات الجادرجي، ولكن لم تكن له علاقة بالحزب المذكور؛ إذ لم يكن مستعداً لأدنى مضايقة من الشرطة. كنت استعير الجريدة منه واقرأها واستفسر منه احياناً عما هو غامض عليّ. ومن الأخبار التي كانت تثير الحماس والنقاش آنذاك ، هي اخبار تأميم النفط في ايران في ربيع عام 1951 وتداعيات ذلك في العراق .

كانت الجريدة تنشر سيل البرقيات الجماهيرية التي تطالب بتأميم النفط وتنشر المقالات التي تنادي بالإقتداء بالشعب الايراني وحكومـته ــ حكومة مصدّق ــ من جهة ، وتفضح محاولات الحكومة العراقية وشركات النفط الأستعماربة للالتفاف على هذا المطلب الوطني من جهة اخرى . كل ذلك كان يغذي فيّ الروح الوطنية و الغضب تجاه الحكومة العراقية الموالية للأستعمار. وكان الجو السياسي آخذاً بالتوتر جراء الأضرابات العمالية والسياسية في البلد. وانتشرت، كسرعة إنتشار النار بالهشيم، أخبارإجتماع البلاط الذي دعا اليه الوصي عبد الإله في بداية تشرين الثاني 1952؛ والذي حضره جميع رؤساء الوزراء السابقين ورؤساء الأحزاب العلنية للبحث في سبل إصلاح الوضع. وقد إنتهى الأجتماع بفضيحة سياسية، حيث وجه الوصي إهانات للجميع لاسيما لطه الهاشمي رئيس الوزراء الأسبق ورئيس "الجبهة الشعبية" وإضطر هذا، وكذلك كامل الجادرجي رئيس الحزب الوطني الديمقراطي ومحمد مهدي كبة رئيس حزب الأستقلال، لترك الأجتماع .

وفي الشهر المذكور بالذات إندلعت إنتفاضة تشرين الثاني المجيدة. وكنت متحمساً جداً للمساهمة فيها. لذلك ما أن سمعت أصوات المتظاهرين حتى تركت العمل الذي كان بيدي طالباً من والدي، الذي كان يقف ليس بعيداً عن المحل، أن يكمله ، بعد أن أخبرته بأنني ذاهب للمظاهرة. و بملابس العمل المتسخة توجهت راكضاً نحو المظاهرة، دون إنتظار جوا به . كانت المظاهرة طلابية. وما أن اصبحت في وسطها حتى هتفت (تسقط العائلة المالكة !). وكان قد وصل سمعي رفع هذا الشعار في بغداد. تفرقت المظاهرة بعد أن تعرضت لرصاص الجيش، حيث كانت الأحكام العرفية مُعلنة والجيش في شوارع المدن .وقد وقع جراء إطلاق النار ثلاثة عشر قتيلاً غالبيتهم من النساء والأطفال وجميعهم لم يكونوا من المتظاهرين !! وإثر تلك المظاهرة حصلت بعض الأعتقالات في المدينة لكنها لم تشملني .

خلال فترة الأحكام العرفية كانت الأحزاب تُعطل والصحف تغلق عادة ويخيم جو من الجمود على الحياة السياسية. وكان رشيد فروجي يتحاشى الحديث في السياسة عندما تعلن الأحكام العرفية !! شأنه في ذلك شأن الأحزاب الوطنية (البرجوازية). في حين كنت متحمسا لنشاط ثوري معارض للسلطة. وكنت أهوى ألأتصال بالشيوعيين، وقد سمعت نتفاً عن أخبارهم من هنا وهناك، ولكن لم افلح بإيجاد صلة منظمة بهم . في هذه الفترة وقعت بيدي مقاطع مختارة من قصيدة الشاعر المشهور محمد صالح بحر العلوم . لقد كان لهذه القصيدة تاثيراً كبيراً ليس على جيل الشباب في الخمسينيات حسب، بل وعلى الجيل الذي قبلنا،وهذا مطلعها:

رحت أستفسر من عقلي وهل يدرك عقلي

محنة الكون التي استعصت على العالم قبلي

الأجل الكون أسعى أنا أم يسعى لأجلي

وإذا كان لكل فيه حق

أين حقي؟

مع رحيل حكومة نورالدين محمود والغاء الأحكام العرفية ، جيئ بحكومة فاضل الجمالي في ايلول 1953 ، والتي أعتبرت بمثابة تنفيس ، ودخل الحكومة عدد من الوزراء الجدد إثنان منهم من "الجبهة الشعبية". لقد دبّ النشاط في الحياة السياسية وصدرت ، فضلا عن صحف الأحزاب المجازة ، بعض الصحف والمجلات المستقلة المعارضة وحتى اليسارية ولكن الأخيرة لم تدم طويلاً.

في نهاية عام 1953 إلتقيت بزميل الدراسة الأبتداية في مدرسة(العباسية) طاهر نسيم. لقد نشأت بيننا، و بسرعة، ثقة متبادلة بسبب المعرفة السابقة، فاخذ طاهر يزودني بالكتب الممنوعة ومن ثم بالمنشورات الشيوعية، وكانت هذه هي المرة الأولى التي أقرأ فيها الكتب السياسية وألأدبية الممنوعة في حياتي. أصبحت أقرأ الكتب بشغف . فقد قرأت الكثير لمكسيم غوركي وقد سحرتني روايته المشهورة (الأم) وأتذكر بأني لم أنم الا بعد ان انهيتها. وقرأت لخالد محمد خالد وهو كاتب إسلامى تقدمي، وقرأت "إبن الشعب" لموريس توريس، سكرتير الحزب الشيوعي الفرنسي و"الفولاذ سقيناه"لاوستروفسكي" والمادية الديالكتيكية والمادية التاريخية" لستالين، ترجمة خالد بكداش ، "وحق الأمم في تقرير مصيرها" للينين وغيرها من الكتب والكراريس الثورية. وكنت بدوري أزود بعض أصدقائي بتلك الكتب. وما عدا تلك الكتب التي كنا نتناولها سراً، أخذت استعيركتب من المكتبة العامة ؛ فقرأت الموسوعة و كتاب لعبد الفتاح إبراهيم و...الخ .

وقد نشطت آنذاك حملات جمع التواقيع حول مختلف الشؤون السياسية وبالذات ضد الأحلاف العسكرية. وكانت امريكا تسعى لتشكيل حلف في المنطقة ، تربط فيه كل دول المنطقة ويكون مركزه العراق، وكان الحلف التر كي ــ الباكستاني البداية لذلك. وكنت نشطاً في جمع التواقيع، وأخذت أشرك إخوتي الأصغر مني، قاسم ومجيد في هذه النشاطات. وفي بدء إتصالي بطاهر كنت ادفع له تبرع شهري بشكل منتظم واجمع التبرعا ت من صديقين على الأقل .

في صيف عام 1954 إنتقل طاهر نسيم الى بغداد فأرتبطت بمعلم الموسيقى عبدالأمير الصراف لفترة قصيرة. وقد حضرت معه مؤتمراً سرياً لأنصار السلام عقد في بساتين الكوفة وحضره حوالي 40 شخصا،لايوجد بينهم إمرأة واحدة، وكان من بين الحضور الشيخ الجليل محمد الشبيبي والمحامي حمزه السلمان والمحامي هاشم صاحب والوجه الأجتماعي النجفي المعروف عبد ننة والشاعر الكردي محمد توفيق ووردي وصاحب الحكيم وكاظم حبيب ... وغيرهم . القيت في الأجتماع بعض الكلمات عن الوضع الدولي والعربي وقصائد شعرية عن السلم. وقدتناولنا وجبة الغداء في البستان وتفرقنا بعد شرب الشاي. وقد اخبرني، بعد ذلك، الكادر العمالي المنسب الى منظمة كربلاء (أبو كفاح) ، بأني أصبحت عضواً في لجنة أنصار السلام! لم اسمع بعد ذلك أي شيئ لا عن اللجنة ولا عن عضويتي فيها . ولم اكن حزبيا آنذاك . وقد جاء هذا المؤتمر ردا على مؤتمر انصار السلام في العراق الذي عقد سراً في بغداد ـ كرادة مريم قي 25 تموز 1954، وكان الحزب وراء عقده .

لا يمكن مقارنة مؤتمر الكوفة بمؤتمر بغداد الذي حضره 103 مندوباً يغطون جميع محافظات العراق تقريباً. بينهم 6 نواب من المعارضة و20 نصيرة سلام وشخصيات مشهورة على نطاق العراق، مثل خدوري خدوري ونائل سمحيري وجلال الأوقاتي و...غيرهم . وكانت اللجنة التحضيرية للمؤتمر متكونة من الدكتورة نزيهة الدليمي وصلاح خالص وفاروق برتو وكمال عمر نظمي وعطشان ضيؤل وطلعت الشيباني. وإفتتح الأجتماع وإختتمه الشيخ عبد الكريم الماشطة. وكان للمؤتمر صدا واسع، حيث نشرت الصحف الكلمة الختامية والتي تتضمن أهداف حركة انصار السلام في العراق؛ في حين نشرت مجلة"الوادي" كل قرارات المؤتمرفأغلقتها الحكومة. [1]

يتبع


--------------------------------------------------------------------------------

[1] ـ انظر المزيد حول هذا المؤتمر وحركة أنصار السلام بشكل عام . ثمينة ناجي يوسف ونزار خالد "سلام عادل سيرة مناضل"الجزء الأول ، ص83.

ـ انظر ايضا عزيز سباهي "عقود من تاريخ الحزب السبوعي العراقي" الجزء الثاني، فصل بعنوان "النشاط من أجل السلام"، ص49.



#جاسم_الحلوائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حدث هذا قبل نصف قرن 4 ــ 4
- حدث هذا قبل نصف قرن 3 ــ 4
- ( حدث هذا قبل نصف قرن ( 2 ــ 4
- حدث هذا قبل نصف قرن 1ـ 4
- وقفة تأمل
- ملاحظات حول مقال الأستاذ حامد الحمداني - مسيرة نضالية شاقة.. ...
- هل فازت أم خسرت قائمة -اتحاد الشعب- ؟


المزيد.....




- مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا ...
- مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب ...
- الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن ...
- بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما ...
- على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم ...
- فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
- بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت ...
- المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري ...
- سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في ...
- خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جاسم الحلوائي - منظمة راية الشغيلة وتجربتي معها 1 -5