أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - سعيد الكحل - عبد الكبير العلوي المدغري والشرخ الغائر بين الروائي المتحرر والفقيه المتحجر















المزيد.....

عبد الكبير العلوي المدغري والشرخ الغائر بين الروائي المتحرر والفقيه المتحجر


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 1206 - 2005 / 5 / 23 - 11:38
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    



أصدر وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية السابق د. العلوي المدغري ، روايته تحت عنوان "ثورة زنّو" ، ضمنها آراءه ومواقفه من كثير من القضايا السياسية والاجتماعية والتاريخية . ويهمنا ، هنا ، الوقوف عند انشطار المدغري بين منطقين : منطق الروائي والكاتب الذي يتفاعل مع الواقع في حركيته ، ويسعى إلى فهم الأحداث والوقائع التي يمور بها المجتمع خلال فترة زمنية معينة ، وبين منطق الفقيه أسير الوثوقية /الدوغمائية التي أنتجها فقه البداوة وتحكّم ، من خلالها ، في ذهنية الفقهاء لما نصّبهم مالكي الحقيقة الدينية والمُشَرِّعين دون سواهم باسم الله تعالى ونيابة عنه . والفرق بين المنطقين جوهري وممتد على مدى المسافة الفاصلة بين السماء والأرض . ذلك أن منطق الكاتب/الروائي يظل يقظا يلتقط نبضات الواقع ويجاري حركية المجتمع . فيكون ، بالتالي ،الكاتب/الروائي متعطشا إلى علوم عصره كأدوات ومناهج تساعد على تحليل الوقائع وتتبع مسارها وتوقع خواتمها . من هنا يصير الكاتب/الروائي بمثابة مؤرخ وعالم السياسة وعالم الاجتماع . لأجل ذلك لا يفقد حواسه كما لا يفقد إحساسه إزاء انسياب الزمن وجريان الأحداث وتدفقها نحو المستقبل / الآتي . إن ميزة هذا المنطق تجعل الكاتب/الروائي يستبق الزمن ، لكن يبقى محكوما بقواعده ، ليعيد تشكيل واقع لم يقم له وجود بعد . واقع هو بمثابة "المدينة الفاضلة" ، يفرض على الروائي نفسِه أن يتحرر من شرور ذاته ليكون المواطن المناسب لتلك "المدينة الفاضلة" . إن هذا المنطق لا يضع الروائي في مواجهة المجتمع ، أي في وضعية الرافض المدمر لكل إنجاز ينقل المجتمع إلى مرحلة متقدمة إن لم تكن أرقى . بل يجعله "دليل"guide" هذا المجتمع في تلمس قسمات المستقبل إن لم يكن أحد مهندسيها . في هذا السياق تأتي آراء الأستاذ المدغري ، من حيث هو "روائي" ينشد الأفضل ويطرد الشر من داخله ومن المجتمع . وبفعل ما يقتضيه الانتماء إلى "المدينة الفاضلة" من تطهر وشفافية ، فإن الأستاذ المدغري سيرمي بجلباب الفقيه وجبته وما فيها من أدران ليقول بلسان الروائي ما لم يستطعه بلسان الفقيه . وكان مما قاله وأفصح عنه في الحوار الذي أجرته معه أسبوعية "الأيام" عدد 157 بتاريخ 11 ـ 17 نونبر 2004 ، أن المرأة تملك الفطرة النقية ( "زنو" هي تعبير عن الفطرة النقية عندما تتفاعل مع الطبيعة البكر ، فتتشبع بما تفرضه الطبيعة من قواعد ومبادئ ، وتندفع اندفاعا تلقائيا نحو إخراج ما هو كامن فيها إلى حيز الوجود بشكل من الأشكال ، فهي تثور على الظلم لأن الطبيعة ثائرة على الظلم ، تثور على العدوان ، تثور على بعض الأوضاع الاجتماعية مثل وضعية المرأة في المجتمع ) . لقد جعل المدغري من "زنو" المرأة تجسيدا للفطرة السليمة ونموذجا لما ينبغي أن تكون عليه المرأة في رفضها للظلم والقهر والتهميش . فلم تعد المرأة "أخت الشيطان" وصانعة الفتنة والمسئولة عن شرور المجتمع والمتسببة في غضب الله على خلقه . بل رفعها الأستاذ المدغري إلى مقام الإصلاح والقدوة والفاعلية حين علق عليها كل الأمل في قوله ( "زنو " كما يلمس في الرواية تؤكد ما أعلق على المرأة من آمال ، لأن الله وهب المرأة الذكاء والفطنة وصفات رائعة جدا ، لو استطعنا توظيفها ولو سهرنا على تعليم المرأة وتربيتها لرأينا العجب . فزنو مادة خام ، بنت بدوية بسيطة ، رباها والدها وعلمها القرآن وأضيف ذلك إلى مواهبها وذكائها الطبيعي الفطري الموجود في المرأة ففعلت العجب . الحقيقة هي التي صنعت الحدث . وهذا رد على من يقول بتهميش المرأة ) . وباعتبار الأمر كذلك ـ تقدير المرأة وإقرار بكفاءتها ـ فإن الأستاذ المدغري تمرَّد على الفقيه الذي بداخله وتحرر من الأغلال التي تشل حرية الفكر وحركة اللسان ، عندما أظهر "قناعته" التي يعترف أنها كانت دوما عنده ، بتفضيله حكم المرأة على حكم الرجل . إن الحرية التي يتمتع بها المدغري الروائي سمحت له ، ليس فقط بالإقرار بحق المرأة في أن تتولى منصب الحاكم ، بل وأساسا بأفضليتها على الرجل في ممارسة الحكم . يقول الأستاذ المدغري ( هذه الفكرة كانت عندي دائما ، وليس في الرواية فحسب ، أنا دائما أقول كيف سيكون العالم لو حكمه النساء ، على الأقل سيكون أقل دموية وأبعد من الحروب وأكثر توجها نحو الجوانب التربوية وجوانب الخير والتعايش . فالمرأة دائما تهتم بالأشياء الجميلة فتشيع فيها نور الجمال . قد لا يعجب هذا السياسيين الذكور ولكنها الحقيقة ) . هذه فعلا هي الحقيقة ، حقيقة الدكتور المدغري الذي عجز عن الحسم في أيهما يتجسد هذا المدغري : هل في الكاتب المتحرر أم في الفقيه المتحجر ؟ حسبنا ، في هذا المقام ، أن نذكّر بما خطه قلم الدكتور الفقيه في كتابه "المرأة بين أحكام الفقه والدعوة إلى التغيير" ، وما ضمّنه من مواقف وفتاوى تجرد المرأة ، ليس فقط من حقوقها ، بل وأساسا من كرامتها الآدمية . فهل من الصدق أن يقول الأستاذ المدغري أن له قناعة دائمة بأن المرأة من حقها أن تكون حاكمة ، وأن ذلك ( لا يتنافى مع معتقداتنا الدينية وتراثنا الإسلامي ) ؟ أليس الفقيه المدغري هو من خصص فصلا بكامله على مدى 30 صفحة بالتمام والكمال ، تحت عنوان : المرأة والولاية العامة ( لن يفلح قوم ولو أمرهم إمرأة ) يفتي بتحريم أن تتولى المرأة منصب الحاكم أو الرئيس ؟ فأين المدغري الروائي من فتاوى المدغري الفقيه التي نقتبس منها الفقرات التالية :( في الدرس الحسني الذي القيناه بين يدي جلالة الملك في شهر رمضان من عام " 1410 ـ 1990" تحت عنوان "مبادئ القانون الدستوري في الإسلام" كان مما أنكرته علينا بعض الأحزاب تقرير أن المرأة لا تتولى الولاية العامة ، واستشهدنا على ذلك بالحديث الصحيح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ) .. وإنا نريد في هذا الفصل ، أن نعود إلى الموضوع دفاعا عن سنة رسول الله (ص) وصونا لشريعة الله من عبث هؤلاء جميعا ) . قبل الاستطراد في الاقتباس يكون من الضروري الإشارة إلى ملاحظتين هامتين : الأولى أن الأستاذ المدغري سبق وأفتى بتحريم تولية المرأة الولاية العامة منذ 1990 ، مما يعني أن قناعته الحقيقة كانت هي التحريم وليس التأييد كما زعم في روايته . الملاحظة الثانية اعتباره كل تحريم لولاية المرأة "صونا" لشريعة الله ، مما يجعل بالضرورة كل إباحة لها هي "عبث" بالشريعة . وكون الأستاذ المدغري يدافع عن أهلية المرأة وحقها في الحكم والرئاسة ، كما في روايته "ثورة زنو" ، فهذا "عبث" ما بعده "عبث" إذا أخذنا منطقه في الاعتبار . وكان مما ركز عليه الفقيه المدغري ، محاولته إثبات صحة الحديث المعتمد في تحريم ولاية المرأة بقوله ( فهو حديث شريف يرشد إلى أن الولاية العامة في الإسلام لا تتولاها النساء ، وقد جرى العمل على ذلك على مدى تاريخ الدولة الإسلامية وفي مختلف الأمصار .. وجاء الإسلام في العبادات بمبدأ ينسجم مع هذا الاختيار ، وذلك عندما منع أن تتولى المرأة إمامة الصلاة ، لأن إمامة الصلاة فرع من الإمامة العظمى . وعلى كل حال فهذا اختيار اختاره الإسلام ، وجعله قاعدة عامة في بناء المجتمع الإسلامي . وإذا كان بعض الدارسين يعتبرون حديث " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " لا يقصد إلى تكريس هذه القاعدة أو تأصيل أي اختيار في هذا الشأن فإننا نجيب بأن العمل جرى باستبعاد المرأة من الولاية العامة على مدى تاريخ الإسلام ، وهذا لا يكون بمجرد الرأي ، وأنه لا بد له من أصل يعتمد عليه ويستند إليه ، وأن هذا الأصل هو الحديث المذكور ، والذي يشير السياق الذي ورد فيه إلى كونه يتعلق فعلا بالولاية العامة ، لأن النبي (ص) نطق به عندما أخبروه أن الفرس ولوا ابنة كسرى مكانه عند موته . فقال(ص) ( لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ) . ولسنا هنا بصدد تفنيد ما ادعاه الفقيه المدغري من تحريم الولاية العامة على المرأة وكذا خلو التاريخ الإسلامي من نساء حاكمات ، فقد سبق أن تصدت له هذه الزاوية المتواضعة في مناسبة سابقة . بل يهمنا هنا الوقوف على فظاعة التناقض الذي يوجد بين موقف المدغري الروائي الذي يبيح الولاية العامة للمرأة ، وموقفه كفقيه يُحرِّم عليها تلك الولاية .فماذا يهم الآن رأي المدغري الروائي وانفتاحه وتحرره بعد أن تصدى المدغري الفقيه لنضال المرأة وبخس حقوقها وسفَّه مطالبها وجنّد ضدها كل ذي نفس مريضة أو عُقَد مكبوتة ؟ أكيد ستظل فتاوى الفقيه المدغري وصمة عار في جبينه ، كما ستظل مخطوطاته شاهد إثبات على انفصامه وتحجره .



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإرهاب يتقوى وخطره يزداد
- منتدى المستقبل- أو الغريب الذي تحالف ضده أبناء العم
- العنف لدى الجماعات الإسلامية بين الشرعنة والإدانة 2
- العنف لدى الجماعات الإسلامية بين الشرعنة والإدانة -1
- الإرهاب إن لم يكن له وطن فله دين
- هل أدركت السعودية أن وضعية المرأة تحكمها الأعراف والتقاليد و ...
- عمر خالد وخلفيات الانتقال بالمرأة من صانعة الفتنة إلى صانعة ...
- هل السعودية جادة في أن تصير مقبرة للإرهابيين بعد أن كانت حاض ...
- ليس في الإسلام ما يحرم على المرأة إمامة المصلين رجالا ونساء
- العلمانية في الوطن العربي
- حزب العدالة والتنمية المغربي مواقفه وقناعاته تناقض شعاراته
- ليس في الإسلام ما يحرم على المرأة المشي في الجنازة
- الإسلاميون يصرون على بدْوَنة الإسلام ومناهضة الحداثة - 3
- الإسلاميون يصرون على َبـْدوَنَـة الإسلام ومناهضة الحداثة - 2
- الإسلاميون يصرون على بَدْوَنَة الإسلام ومناهضة الحداثة
- الإسلاميون والدولة الديمقراطية
- السعودية بين مطالب الإصلاحيين ومخالب الإرهابيين
- ليس في الإسلام ما يحرم ولاية المرأة
- ارتباط السياسة بالدين أصل الفتنة وعلّة دوامها
- العنف ضد النساء ثقافة قبل أن يكون ممارسة


المزيد.....




- روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة. ...
- مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
- مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ ...
- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - سعيد الكحل - عبد الكبير العلوي المدغري والشرخ الغائر بين الروائي المتحرر والفقيه المتحجر