عبدالسلام سامي محمد
الحوار المتمدن-العدد: 4219 - 2013 / 9 / 18 - 23:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
النفط و الكباب !!!!
كما هو معلوم فاءن الدولة العراقية تاءتي في المرتبة الرابعة من حيث اءمتلاكها للاحتياطيات النفطية الهائلة جدا و من النوع الممتاز , ليس فقط على مستوى منطقة الشرق الاءوسط او قارة اسيا و انما على مستوى الكرة الارضية برمتها ,حيث تقدر ثرواتها النفطية ب 115 مليار برميل تقريبا حسب الاحصائيات القديمة , ناهيك عن الثروات الطائلة الغازية و المعدنية و الزراعية و الحيوانية و غيرها !! , و كما هو معلوم ايضا فاءن استخراج النفط من قبل الشركات الاجنبية كان اءولها في بداية القرن الماضي , اي قبل حوالي 100 عام او اقل بقليل تقريبا , اي قبل جيلين و نصف , و حسب تقارير منظمة الصحة العالمية فاءن معدل متوسط الاعمار في العراق تتراوح بين 50 الى 60 سنة بالنسبة للجنسين , ( ان لم تكن اقل بكثير من ذلك ) , و هذا يعني اءن متوسط عمر المواطن العراقي هو قصير مقارنة بمتوسط الاعمار للدول المتقدمة , و السبب من وراء ذلك هو مرور البلد في الكثير من الكوارث و المحن غير الطبيعية ( اي المصطنعة ) كالحروب الدائمية المدمرة التي شهدها العراق عبر تاريخه الدموي المرير , كما ان الاوضاع السياسية و الاقتصادية الصعبة لهذا البلد لم تتحسن بعد تاءسيس وولادة الدولة العراقية الحديثة عام 1921 , فالحالة النفسية غيرة المستقرة و ظاهرة الفقر المدقع و الحرمان المتواصل الذي عكر من صفوة حياة اءهل هذا البلد النفطي الثري , و النظام الغذائي و الصحي المتدني جدا و غير المتكافيء مقارنة بدول الجوار او الدول الاخرى , الى جانب الانقلابات و الاعدامات اليومية و الاعتقالات المستمرة و حملات الانفال و الابادة الجماعية و التطيهر العرقي و المذهبي و القتل الجماعي و الذبح المستمر و على ايدي جلاوزة الانظمة المتعاقبة على سدة الحكم في العراق , و اخيرا و ليس اخرا جراء نزوله في مستنقع حرب طائفية دموية كارثية , كل هذه الامور والاسباب و غيرها جعل من معدل مستويات الاعمار في العراق تتدنى و تتراجع و بشكل ملحوظ . فالعراق الذي عرف نفسها كدولة مصدرة للنفط منذ جيلين و اءكثر , فاءن كان الجيل الاءول عاش تحت مستوى خط الفقر و عان الكثير و رحل دون ان يكون محظوظا لبناء حياة سعيدة و مستقرة من عائدات ارضه الغنية بالنفط و المواد المعدنية و لاءسباب كثيرة و معروفة , فاءن الجيل الثاني ايضا و الذي راءت انظاره نور الشمس في مطلع العقدين السادس و السابع من القرن المنصرم اي اذبان تاءسيس شركة النفط العراقية الوطنية عام 1964 و شركة نفط الجنوب عام 1969 و بعدها تاءميم النفط عام 1972 فكان من المفروض ان يكون هذا الجيل اكثر حظا من سابقه في العيش بسعادة و رفاهية و كرامة بسبب الواردات النفطية الكبيرة التي كانت تجنيها دولة العراق , و ليس هذا فقط و انما كان من المفروض ايضا ان يتقدم البلد و يتطور بشكل اكبر و بوتيرة اسرع من ذي قبل , الا ان هذا لم يحدث ايضا و انما حدث العكس تماما , فالمواطن العراقي لم يرى شيئا من تلك الواردات المالية التي كانت تضخ في خزينة الدولة بشكل خيالي كبير و هائل و كذلك من جميع الشعارات الوطنية و القومية البراقة التي كانت ترفعها الانظمة في العهود السابقة و خاصة في عهد الطاغية المقبور الذي حكم العراق بقضبة فولاذية اكثر من عقدين و نيف فشعار ,, نفطنا لنا ,, و النفط في خدمة الانسان و التنمية ,, و النفط في خدمة المعارك المصيرية !!! ,, و النفط في خدمة قضايا الاءمة المجيدة !!! ,, و النفط في خدمة رفع مستويات التربية و التعليم ,, و النفط في خدمة الارتقاء بالبنية الزراعية و الصناعية و الخدمية و السياحية و العمرانية و التحتية للدولة , كانت مجرد شعارات وهمية كاذبة و عارية من الصحة , فالنفط لم يكن يوما الا في خدمة القائد المغوار الواحد الاءحد و ابناءه و ابناء عمومته و عشيرته و زبانيته و في خدمة بناء عرشه الالهي و تشييد قصوره و قلاعه المحصنة و في خدمة استهتار جلاوزة النظام و في خدمة بناء و تطوير الته العسكرية الحربية المدمرة و في خدمة بناء المفاعل النووي الذي تم تدميره من الاساس قبل اكتماله بوقت قصير و في خدمة بناء معامل الاسلحة الجرثومية الخبيثة و الاسلحة الكيماوية و غاز الخردل و الاعصاب لضرب شعبه و الشعوب المجاورة و في خدمة تقوية اجهزة الاءمن و المخابرات و الاءستخبارات العسكرية و المدنية و الجيش الشعبي و المرتزقة و في خدمة تقوية اعلام النظام الداخلي و الخارجي و في خدمة تقوية تنظيمات الحزب و خلاياه التجسسية القمعية الداخلية و الخارجية و في خدمة جلاوزة و عصابات السفارات العراقية في الخارج و في خدمة التخطيط لتنفيذ عمليات ارهابية في الداخل و الخارج و في خدمة دعم الارهاب و الارهابيين و في خدمة محاولة قلب الانظمة في المنطقة و في خدمة تكريس المزيد من سياسة و نهج القمع و التعسف و الملاحقات و المداهمات و في خدمة قمع و كبت الحريات العامة و الخاصة و في خدمة بناء السجون و المعتقلات الوحشية و في خدمة تدريب الحرس الجمهوري الخاص و في خدمة تدريب قوات الامن في الخارج و تاءهيلهم على اساليب لتعذيب االحديثة الوحشية و في خدمة تعذيب المواطنين و الوطنيين الشرفاء و تجهيز صالات التعذيب بالات و ادوات التعذيب العصرية الحديثة و في خدمة قادسية المقبور و في خدمة غزو و احتلال الكويت و حرب الخليج و في خدمة الاعلام المزيف و الاناشيد الوطنية الثورية المزيفة و المحفزة على القتل و الدمار و الارهاب و في خدمة مظاهرات التاءييد المليونية اليومية و في خدمة الرقص و الطبل للقائد الاعظم و في خدمة ,,بالروح و بالدم ,,و غالي صدام غالي,, و صدام حسين يلوكلنا ,, و في خدمة المزيد من القتل و الدمار و الهلاك و في خدمة التبرع للوفود اليومية الوافدة من ارتيريا و جيبوتي و الصومال و في خدمة الاردن و المنظمات الارهابية و منظمة مجهادي خلق و منظمة تحرير فلسطين و منظمات تحرير ارتيريا و عربستان و في خدمة ياسر عرفات و شيخ نصرالله و اسامة بن لادن و الاخرين و في خدمة قناة الجزيرة و العربية و القنوات الفضائية الاخرى التي كانت تطبل و تزمر ليل نهار لجرائم النظام , و بعد رحيل النظام المقبور الى مزبلة التاريخ , تفائل العراقيون كثيرا باءن اوضاعهم المعيشية و الحياتية ستتغير نحو الافضل و الاءحسن و بشكل سريع و بداءوا يحلمون بالمستقبل الزاهر و المنشود لهم و لاءبنائهم , الا انهم كانوا في غفلة من امرهم و تجاهلوا باءن وضعهم الجديد سيكون اقرب او مثيلا الى وضعي السابق عندما كنت صغيرا في العراق و كان والدي المرحوم يبعثني او يبعث احدا من اخواني ليجلب له وجبة او نفر كباب من المطعم القريب المشهور ,, حيث كنا حينها نتخاصم جميعا على القيام باءداء تلك المهمة ، ليس طمعا في الحصول على قطعة او شيش كباب اكراما منه على الجهد المبذول , لاءن ذلك الامر لم يكن واردا في حساباته الدقيقة و لا في توقعاتنا الصحيحة , الا اننا و رغما على ذلك كنا نلبي طلبه برحابة صدر حيث كنا نتوجه دوما و بسرعة الصاروخ الى الكبابجي ,ليس طمعا في الشيش الخيالي المفترض كما اءسلفت , و انما شوقا لاءستنشاق رائحة الدخان المتصاعدة من المنقل او المشواية ،اي ان التلذذ و الاستمتاع باءكل الكباب كان من نصيب الوالد , و الاستمتاع برائحة الدخان المتصاعدة كان من نصيبنا الدائمي !!! و هذا هو حال و قدر العراقيين مع ثرواتهم الهائلة ايضا ومع سياسة و نهج حكوماتهم و حكامهم و مسؤوليهم و انظمتهم الاءجرامية السابقة و الحالية ايضا , لكن الفرق الكبير يبقى هنا بين رائحة الكباب الشهية الصاعدة من دخان المنقل الذي كنا نشمه و نستنشقه بقوة و تلهف, و بين رائحة الادخنة السامة النتنة القوية المتصاعدة من معامل الزفت التي يشمها العراقيون جميعهم جراء عملية استخراج و تصفية و نقل و بيع و تصدير و احراق النفط و في النهاية توديع تلك المبالغ الهائلة الطائلة جميعها في جيوب الحكام و المسؤولين و على ارصدتهم الخيالية في البنوك الاءجنبية لتطبيق شعارهم الخبيث نفطنا لنا و بشكل حرفي دقيق !!!!!
#عبدالسلام_سامي_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟