سلسلة في نقد العقل المصري – 5 – الدستور المصري يعترف بيهود لا وجود لهم في مصر، ولا يعترف بملايين المواطنين الملحدين والبهائيين المصريين!

توماس برنابا

الحوار المتمدن-العدد: 4218 - 2013 / 9 / 17 - 23:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

ذكرت جريدة الدستور ليوم الثلاثاء 17 سبتمبر الحالي إعتراض ممثلو الأزهر الشريف بلجنة الخمسين على تعديل المادة الثالثة التي أقرتها لجنة المقومات الأساسية لتعديل الدستور، والتي أقرت باستبدال فقرة "المسيحيين واليهود" بـ"غير المسلمين"، ليصبح نص المادة " لغير المسلمين الاحتكام لشرائعهم فيما يتعلق بأحوالهم الشخصية وقياداتهم الروحية، بعدما كانت تنص فى الدستور المعطل 2012 على " مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية "، وعارض هذا الإقتراح خمسة أصوات وهم ممثلو الأزهر بالإضافة لممثل حزب النور.

و قد ذكر ممثلي الأزهر بأن لديهم الحق في المطالبة بأن تنص المادة الثالثة علي أن يكون " مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية "؛ لأن تغيرها إلى " غير المسلمين " يفتح المجال أمام المعتقدات الارضية كالبوذية وأفكار عبدة الشيطان وغيرها وهي تهدد المجتمع المصري. و أن تغيير المادة الثالثة من الدستور" لغير المسلمين" سيفتح أبوابا كثير أمام الدولة، والمصريون أغلبهم مسلمون أو مسيحيون! مؤكدين على أن هذا سيفتح الباب للكثير من المشاكل المجتمعية التي تهدد سلامتها ووحددتها. ورفض ممثل حزب النور السلفي بلجنة الخمسين تعديل المادة وحذر من أن تعديل المادة بذلك الشكل سيفتح الباب أمام أصحاب غير الديانات السماوية، مثل عبدة الشيطان ومدعى النبوة من أن يجبروا الحكومة على أن تكون شرائعهم هى القوانين التى تحكمهم وهو ما يشكل خطرًا على السلم الإجتماعى للشعب المصرى !!!!

وهذا شئ أغرب من الخيال؛ في أن الدستور المصري يعترف باليهود الذين لا وجود لهم فعلياً في المجتمع المصري، ولا يعترف بملايين المواطنين البهائيين والملحدين المصريين الذين يتغلغلون بين ثنايا هذا المجتمع المصري الأصيل في كل زاوية وحارة وشارع في قرى ومدن مصر! أليس هذا فصام ناتج من إتباع عقائد دينية تكبح التفكير المنطقي السليم؟! فكيف تعترف في الدستور باليهود الذين طردهم الشعب المصري إبان حكم جمال عبد الناصر ولا يطيقهم أبداً بين ثناياه الأن فأفراد هذا الشعب وخاصة المسلمين منهم يولدوا بل يُجبلوا على كراهية اليهود! وبطريقة فظة ترفض الإعتراف بفئات أخرى تعيش في المجتمع المصري من البهائين والملحدين وبكل جهل تدعوهم ( بوذيين وعبدة شيطان ومدعي النبوة!)؟!!


بصراحة أحيانا هذا الفصام العقلي الذي يتسم به متديني الشعب المصري، يصيبني بالغثيان والقرف والغضب في آن! فيا ذوي العقول المنفصمة هل تعترفون في دستوركم بمن تعادوهم والذين لا وجود لهم فعلياً في مصر، الا وهم اليهود! وترفضون الإعتراف بالبهائيين والملحدين الذين قد تصل أعدادهم في مصر لبضعة ملايين؟! أتعترفون بحقوق الأعداء وتنكرون حقوق الأهل والأصدقاء في دستور بلادكم؟! أي عقول هذه التي تسكن أدمغة رؤوسكم؟! هذا من جانب ومن الجانب الأخر ، أين العدالة والمساواة التي هي أساس التعايش وأين حرية الإعتقاد التي يحتفي بها الدستور كما يقال؟!!


واضح أنكم لا تعرفون الشعب المصري! فإن كانت هناك سمة يتصف بها المصري بصورة كبيرة وتميزه دون سواه فهي صفة العناد والمكابرة! فالمصري صعب المراس، صلب الرقبة، ناشف الدماغ.... لن تخيفه هذه الأمور! وستروا بأعينكم غداً ( والغد لناظره قريب!) أن الملحدين سيكثرون وستتزايد أعدادهم، ليقتحم الالحاد أغلبية العقول المفكرة في شباب مصرنا الحبيبة... رغم عدم إعترافكم بهم...! فكونوا كالنعامة التي تتغاضى عن الحقيقة وتعمي عينيها بدفن رأسها في الرمال! فهذا لن يغير من الواقع شيئاً!

وعلى الرغم من ذلك... فأنا متفائل جداً بخصوص لجنة الخمسين الحالية !!!


مقالات سابقة في نفس السلسلة:

1- سلسلة في نقد العقل المصري – 1 – مروءة الرجال مع النساء! ... الرابط: ( http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=376589 )
2- سلسلة في نقد العقل المصري – 2 – الإغتصاب والتحرش الجنسي! ... الرابط : ( http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=376654 )
3 - سلسلة في نقد العقل المصري – 3 – فصامية السلوك المصري! ... الرابط: ( http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=377859 )
4- سلسلة في نقد العقل المصري – 4 – تحذير لفاعلي الخير! ... الرابط: ( http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=378330 )

#توماس_برنابا (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات