|
الإسلام السياسي وسيسيولوجيا الشعوب العربية
يعقوب القصاصفة
الحوار المتمدن-العدد: 4218 - 2013 / 9 / 17 - 18:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يعتبر الإسلام السياسي مصطلحاً سياسياً وإعلامياً أستخدم لوصف الحركات والأحزاب والجماعات التي تؤمن بالإسلام باعتباره نظاماً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وقانونياً يصلح للحكم ولبناء مؤسسات الدولة، تعتبر دراسة الإسلام السياسي في منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي أمر في غاية الأهمية، وقد يسهم في فهم الوضع الحالي للتركيبة السياسية في الوطن العربي، كما يمكن أن يعطي انطباعاً عن المستقبل السياسي لهذه المنطقة، وخاصة بعد ما حققته الأحزاب السياسية الإسلامية من نجاح في كل من فلسطين و تونس و مصر. هذه المقالة تعتبر محاولة لتحليل حالة الإسلام السياسي اليوم بناء على معطيات تاريخية مهمة مرتبطة بسيسيولوجية الشارع العربي، وذلك من خلال الإجابة على هذه التساؤلات : هل لغة الإسلام هي اللغة التي يستخدمها القادة في نداءاتهم للجماهير؟ وهل جاذبية الإسلام أقوى من جاذبية القومية العربية؟ وهل سيظل الإسلام السياسي مهماً في صياغة الأيدولوجية العربية؟ وهل تستطيع هذه الأحزاب أن تحافظ على وجودها لفترة طويلة من الزمن ؟ للإجابة على هذه التساؤلات كان لابد من العودة إلى الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي في هذه الفترة كانت هنالك رغبات في التغيير من قبل الشعوب العربية بشكل وصورة مرتبطة بالإسلام، فظهرت محاولات واعية لبلورة الفكر الإسلامي بحيث يتناسب مع روح العصر ومتطلبات الحياة الحديثة، وفي هذه الفترة تعالت الأصوات التي تعتبر أنَّ العدالة الاجتماعية لا يمكن تحقيقها إلا تحت حكومة يكون الإسلام أساساً في سياستها وقوانينها، ففي الفترة ما بين عامي 1945-1952 أصبحت حركة الإخوان المسلمين من أهم الحركات السياسية وعنصراً أساسياً في النظام السياسي في كل من مصر وسوريا وبعض الأقطار العربية الأخرى، لدرجة أن حزب الإخوان المسلمين في مصر كان مستثنى من قرار حل الأحزاب السياسية، ولكن سرعان ما تغيرت الأمور وتبدّلت الأحوال وأصبحت العلاقة عدائية بعد محاولة اغتيال جمال عبد الناصر في عام 1954، على الرغم من أن لغة الإسلام هي اللغة التي استخدمها القادة والناصريين في خطاباتهم السياسية وفي نداءاتهم للجماهير، إلا انه وبعد هذه الحادثة تم إعدام واغتيال كبار قادة الإخوان المسلمين وتقويض نفوذها وخاصة في مصر، ولكن هذا القمع والفاشية في التعامل مع هذه الأحزاب جعل منها قناة سرية للمعارضة، حيث بات في اعتقاد شريحة لابأس بها من المجتمع العربي وخصوصاً في مصر على أنهم يمثلون نموجاً للعدل المجتمعي . استمرت هذه الأحزاب في نشر معتقداتها وثقافتها السياسية في الستينيات من القرن العشريين حيث ظهر كتاب ومفكرين أمثال سيّد قطب في مصر ومصطفى السّباعي في سوريا. لكن بقيت هذه الحركات مصدر قلق للحكومات المتعاقبة في كل من سوريا ومصر والعراق والعديد من الدّول العربية، إلا أن اجتاح التسونامي الشعبي الوطن العربي، الأمر الذي فتح الباب على مصرعيه أمام الأحزاب الإسلامية في تونس أولاً وفي مصر ثانياً على البروز والظّهورعلى السّاحة السّياسية بعد كبت وحرمان دام عقوداً وكأحزاب بإمكانها المنافسة والنّجاح، بالفعل كتب لهذه الأحزاب النّجاح، لأنه ومرة أخرى استخدم الخطاب الدّيني ولغة الإسلام في نداء الجماهير وهذا ما يثبت نجاح هذه الأيديولوجية في كسب رضى وثقة شريحة كبيرة من أبناء الشارع العربي، أما بالنّسبة إلى جاذبية الإسلام وقوتها بالنّسبة لجاذبية الأحزاب القوميّة يمكن القول أن الأخيرة أخذت حقّها ودورها في الحكم ولم ينتج عنها سوى الفساد والاستبداد السياسي والاقتصادي والاجتماعي ولكن بشكل مغلف بإطار من الكرم الزائف، هذا ما جعل الشّارع العربي يتجه نحو القطب أو الشّق الآخر في المعادلة السّياسية الحزبية إلا وهي الأحزاب الإسلامية والتي لازال يعتقد أنها تمثل نموذجاً للعدل المجتمعي، ولكن عدم إعطاء هذه الأحزاب فرصتها الكافية في الحكم كما هو الحال في مصر سيوقع المنطقة في أزمة سياسية ستظهر ملامحها في المستقبل القريب وقد تنذر بأخطار ومشاكل قد يكون من الصعب تفاديها، وسيكون لها عواقب وخيمة لما تنتجه من شق في الصّف والوحدة الوطنية للشارع العربي، كما هو الحال في فلسطين ومصر، أما بالنسبة للاسلام السياسي وأهميته في صياغة الايدولوجية العربية؛ بإعتقادي اذا أعطيت هذه الأحزاب حقّها في ممارسة النّشاط السّياسي ربما ستتغير نظرة الشارع العربي لهذه الأحزاب أما إيجاباً أو سلباً وذلك يرجع إلى قدرة هذه الأحزاب على صياغة ايديولوجية مرنة تتناسب مع روح المجتمع العربي و لا تعيق حياته المدنية بمفهومها العصري.
#يعقوب_القصاصفة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التدخل الروسي في الشرق الاوسط سببه وتداعياته على المشهد السي
...
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|