|
لينين-تروتسكي...العلاقة والخلاف/الارشيف الملعون!!!(7)
ماجد الشمري
الحوار المتمدن-العدد: 4218 - 2013 / 9 / 17 - 17:47
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
عاد لينين الى روسيا قبل شهر من عودة تروتسكي،فتروتسكي الذي كان اول الواصلين من المهاجرين الثوريين في ثورة1905،كان اخرهم في عام1917،وماكاد يضع قدمه في بتروغراد،حتى هرع لمعهد سمولني،مركز سوفييت بتروغراد.كان المناشفة،والاشتراكيون الثوريون،يشكلون اغلبية السوفييت.وقد اثار ظهور تروتسكي بين البلاشفة والمناشفة،مزيج من الامتعاض والكره،وكان تقسير ذلك جزئيا،لخشيتهم من منافسته.كانت الاحزاب التي شكلت اول حكومة،للامير لفوف،تحاول ان تجعل من غاية الثورة،هو مجرد الاطاحة بالقيصر نيقولا الثاني،وانقاذ الملكية،وكانت تدعو باصرار لمواصلة الحرب،واعادة التحكم اجتماعيا وعسكريا.اما العمال والجنود،فكانوا يطمحون على العكس من ذلك،اي: المضي في الثورة وتعميقها،وعقد(صلح ديمقراطي)دون ضم او الحاق او تعويضات،وكان الاشتراكيون المعتدلون،يحاولون الامساك بالعصا من الوسط،والجمع بين تلك الاهداف والسياسات المحددة،ومطالب العمال والجنود المختلفة،فكيف السبيل للتوفيق بين:مواصلة الحرب،والرغبة الشعبية الجارفة بالسلام؟!وكان الامير لفوف عازما على اعادة الادارة البيروقراطية القديمة،والموروثة من القيصرية،ولكن العمال والجنود كانوا يتطلعون لترسيخ السوفييتات،كشكل للادارة الجديدة،وممثلا عنهم،اما المناشفة والاشتراكيون الثوريون،فكانوا يرغبون بالجمع بين السوفييت والادارة القديمة.كان الجيش في حالة فوضى،فلم يعد الجنود يصغون الا للجانهم التي انتخبوها،وتبدد الانضباط العسكري داخل الجيش،فغوتشكول الذي عجز عن السيطرة على العسكر،قدم استقالته كوزيرا للحرب في نيسان/ابريل،وحين الزم ميليوكوف الحكومة علنا بمتابعة الاهداف القيصرية للحرب،طالبت الاغلبية الاشتراكية المعتدلة داخل السوفييتات باستقالته،لكي لايجرفها السيل الثوري للجماهير.فالكاديت استفادوا من الثورة ولكنهم لم يصنعوها،لذلك عقدوا تحالفا تساوميا مع الاشتراكيين المعتدلين.في15ايار/مايو تحدث تروتسكي امام السوفييت قائلا:"اعتقد ان العمل القادم الذي ينبغي ان نبادر اليه هو نقل السلطة الى ايدي السوفييت،ان سلطة موحدة هي وحدها التي يمكن ان تنقذ روسيا".كانت تلك الكلمات المدوية،هي شعارا للينين،وختم مداخلته وهو يهتف:"عاشت الثورة الروسية فاتحة الثورة العالمية".كانت المجوعة التي حيت تروتسكي كقائد لها هي:منظمة مابين المقاطعات،والتي كان تروتسكي يحركها من الخارج منذ عام1913،ولم تكن تلك المجموعة تسعى لتشكيل حزب،بل كانت مجرد تجمع لمناضلين،لاهم بلاشفة،ولامناشفة،ولكن كانوا معارضين للحرب،وللامير لفوف،وللاشتراكيين الوطنيين،وكان تاثيرهم محدودا على جزء من عمال بتروغراد،وقد تجاوزهم البلاشفة في التاثير.ولكن تلك المجموعة كانت تضم نخبة لامعة ممن كانوا في السابق بلاشفة او مناشفة،وكانت لهم ادوار مهمة فيمابعد مثل:لوناتشارسكي،وريازانوف،ومانويلسكي،وسوكروفسكي،ويوفي،واورويتسكي،وفولودارسكي،ومعظمهم كان قد كتب في صحف تروتسكي،واصبح قسم منهم مثل:كارخان،ويورنييف،دبلوماسيون مرموقين لدولة السوفييتات.وحين وصل تروتسكي الى روسيا كانت تلك المجموعة ،تسعى للانظمام الى البلاشفة.في7ايار/مايو نظم البلاشفة،ومنظمة مابين المقاطعات،حفلا لاستقبال تروتسكي،وفي 10/منه،اجتمعوا لدراسة مشروع الاندماج،وصل لينين يرافقه زينوفييف،وكامينيف،وكانت تلك المرة الاولى التي يراه فيها لينين،منذ لقاءهما غير الودي في زيمرفالد،وقد تحرر تروتسكي من ماضيه،ومما قاله:انه يخطيء موقفه السابق،ولم يعد يدافع عن الوحدة بين البلاشفة والمناشفة،فهو يعتقد ان الذين قطعوا صلتهم بالاشتراكية الوطنية،هم وحدهم من ينبغي ان يصطفوا تحت راية اممية جديدة.ثم سأل لينين،عما اذا كان لازال يؤكد:ان الثورة الروسية هي من حيث الجوهر،هي ثورة من النموذج البرجوازي،مؤداها"ديكتاتورية ديمقراطية للعمال والفلاحين"لا"دكتاتورية البروليتاريا"؟.ويبدو ان تروتسكي كان يجهل مافعله لينين خلال الشهر الذي سبقه فيه الى روسيا،من تبديل جذري في الحزب البلشفي،وخوضه سجالا حادا،مع الجناح اليميني في حزبه،والذي كان يقوده كامينيف،واقنع الحزب بالتخلي عن اطروحته"البلشفية القديمة"حول آفاق الثورة.ان البلاشفة من خصوم لينين،وبالذات(كامينيف) اخذوا على لينين تبنيه الكامل لنظرية "الثورة الدائمة"وتخلى عن البلشفية لصالح التروتسكية!وفي الحقيقة فأن دروب لينين وتروتسكي التي تباعدت جدا،وتنافرت،عادت من جديد لتلتقي وتستقيم،فوصل كلامنهما الى قناعات،كان الاخر قد وصل اليها قبله بزمن طويل.قنعات واستنتاجات،طالما عارضها الاخر بحدة،الا ان لاهذا ولاذاك،ادرك بوضوح انه تبنى وجهة نظر الاخر،فقد سلم تروتسكي بخطأه الكبير عن الوحدة،واستحالة اعادتها الى الحركة العمالية،وان واجب الامميين هو:تشكيل احزاب جديدة.اما لينين فكان قد توصل الى ذلك قبل الحرب بزمن طويل.ان الاختلاف في طرائقهما،والتماثل في الاستنتاجات،يطبعان كل تقويماتهما للمنظورات الثورية.ففي عام1905-1906توقع تروتسكي دمج الثورتين:المعادية للاقطاع،والمعادية للرأسمالية في روسيا،وتصور الانتفاضة الروسية كمقدمة لثورة عالمية،اما لينين فقد رفض يومذاك ان يرى في روسيا رائدة للاشتراكية الجماعية،بسبب بنيتها،والتي يغلب عليها الطابع الفلاحي الفردي،الا انه توصل في فترة الحرب،بان اخذ في الحسبان، الثورة الاشتراكية في بلدان اوربا المتقدمة،وحدد للثورة الروسية موقعا ضمن هذا المنظور الاممي،ان ماكان حاسما بالنسبة اليه:ليس كون روسيا لم تصبح ناضجة للاشتراكية،بل كونها جزءا من اوربا،وينبغي ان تعد نفسها من اجل الاشتراكية،فلم يعد يرى مبررا ان تقتصر الثورة الروسية على مهامها البرجوازية.وهذا مابرهنت عليه،ثورة شباط /فبراير من استحالة تحطيم قدرة كبار الملاكين من دون تحطيم البرجوازية،ونزع ملكيتها نهائيا،وكان هذا يعني بالضبط"الطرح التروتسكي":دكتاتورية البروليتاريا.زالت الخلافات القديمة في اجتماع10ايار/مايو.طلب لينين من تروتسكي واصدقاءه الدخول فورا الى الحزب البلشفي،دون شروط،وعرض عليهم مواقع في القيادة،وفي هيئة تحرير البرافدا،لم يطلب من تروتسكي ان يتنكر لماضيه،او ينتقده،بل لم يشر الى الخلافات او الجدالات او الخصومات القديمة،فتلك صفحة طويت،وطردها لينين من فكره ومن ذاكرته،وكان يتوقع من تروتسكي ان يحذو حذوه،وكذلك فعل تروتسكي المثل-الا ان من سيعقب لينين في الحزب سيعيد انتاج الماضي،ويجسده في لابلشفية تروتسكي الدائمة!!-..كان لينين مصرا على الاتحاد،مع كل من يساعد في انتصار القضية المشتركة،بل كان يأمل بالتعاون حتى مع مارتوف،الذي انفصل عن المناشفة،وبقى مخلصا لبرنامج زيمرفالد،ومعارضا لحكومة التحالف.لم يكن تروتسكي بحاجة للتردد في قبول مقترحات لينين فورا،رغم اعتراضات البعض من رفاقه،ومخاوفهم من غياب الديمقراطية في حزب لينين،و"الممارسات العصبوية"في اللجان والفروع البلشفية،اما تروتسكي فاعتبر هذه المخاوف دون اساس.وفي رده على لينين،الح على التحول الحديث في الحزب البلشفي،بعد التخلي عن السرية،واكتساب الحزب حسبما قال:"منظورا امميا"و"تخلص من تبلشفه"..وجد تروتسكي نفسه متفقا تمام الاتفاق مع لينين على المستوى السياسي،ووافق على السعي من اجل تعاون فوري.وحين سئل لينين في تلك الفترة،عن السبب الذي يجعله يبقى منفصلا عن تروتسكي رغم اتفاقهما الكامل؟اجاب:"حقا الا تعرفون؟!انه الطموح،الطموح،الطموح"كان اعتبار تروتسكي نفسه "بلشفيا"سيظهره،وكأنه استسلم لا للينين الحالي،لينين الماضي،لينين المهاجر،وهو الان مهندس الحزب،حزب الثورة،وايضا ان البرنامج الحالي للحزب،كان يجسد افكار تروتسكي اكثر مما يجسد افكار لينين،وقد حيا لينين،تروتسكي بعد فترة وجيزة من ذلك العام،ومن دون مرارة اونفاق قائلا:"انه لما كان قطع اي علاقة مع المناشفة-يقصد تروتسكي-فليس هناك بلشفي افضل منه"اما تروتسكي،فقد كانت تهمه الانجازات السياسية للثورة،اكثر من التشخيصات النظرية،ومنذ تلك اللحظة،لم يعد تروتسكي معارضا او منتقدا لينين حتى وفاة هذا الاخيرفيعام1923 فتحت صفحة جديدة من التعاون والانسجام والتناغم،ولن تهدم تلك العلاقة التاريخية ،الا بأثر رجعي،من مزيفي التاريخ و المنقبين في ارض بائدةومهجورة!!!!................... ................................................................................................................................. يتبع... وعلى الاخاء نلتقي.... ......................................................................................................
#ماجد_الشمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لينين-تروتسكي...العلاقة والخلاف/الارشيف الملعون!!!(6)
-
لينين-تروتسكي...العلاقة والخلاف/ الارشيف الملعون!!!(5)
-
لينين-تروتسكي...العلاقة والخلاف/ الارشيف الملعون!!!(4)
-
لينين-تروتسكي..العلاقة والخلاف/ الارشيف الملعون!!!(3)
-
لينين-تروتسكي..العلاقة والخلاف/الارشيف الملعون!!!(2)
-
لينين-تروتسكي..العلاقة والخلاف/ الارشيف الملعون!!!(1)
-
اللومبنبروليتاريا/ مقاربة اجتماعية اولية للمفهوم..(الاخير)
-
اللومبنبروليتاريا/ مقاربة اجتماعية اولية للمفهوم..(3)
-
اللومبنبروليتاريا/ مقاربة اجتماعية اولية للمفهوم..(2)
-
اللومبنبروليتاريا / مقاربةاجتماعية اولية للمفهوم..
-
المرأة وخيوط ارديان!/المتاهة والوعي...(3)
-
كل عام وانتم بأنتظار الخير!!ويأس مديد!!
-
المرأة وخيوط ارديان!/المتاهة والوعي...(2)
-
المرأة وخيوط ادريان!/المتاهة والوعي...
-
الدوغما القهري/صورة دوريان جراي السياسية!!!
-
تروتسكي والثقافة/قراءة في الادب والثورة..(الاخير)
-
البروليتاريا..الحاضرة في الاذهان والغائبة عن الاعيان!!!
-
تروتسكي والثقافة/قراءة في الادب والثورة..(2)
-
تروتسكي والثقافة/قراءة في الادب والثورة..(1)
-
بورتريه ميكروسكوبي لوطن مابين القهرين!!!
المزيد.....
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|