أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - معركة -جريبيعات 1910- بقيادة السعدون: رسم حدود العراق الجنوبية بالسيوف! ج1 من 2ج















المزيد.....

معركة -جريبيعات 1910- بقيادة السعدون: رسم حدود العراق الجنوبية بالسيوف! ج1 من 2ج


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 4218 - 2013 / 9 / 17 - 01:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كنت قد كتبت قبل أكثر من عشرة أعوام دراسة موسعة حول أوضاع إقليم المنتفك (المنتفق، بالقاف الحميرية أو الجيم القاهرية، نسبةً إلى المنتفق بن عامر بن صعصعة، يُنسب إليه بطن من قبيلة عدنانية معروفة ويشكل الإقليم عماد محافظة ذي قار حاليا) في بدايات القرن الماضي، ومررت في تضاعيفها على معركة "جريبيعات الطوال" التي دارت رحاها على أرض الإقليم، بتاريخ 13 آذار / مارس 1910، ونشرت في عدد من الصحف والدوريات ولم احتفظ بنسخة منها بعد نشرها ولم أجد لها أثرا في الأرشيف للأسف.

وحين بدأت قبل أيام حملة التصفيات والتهجير الطائفي التي تقوم بها المليشيات الطائفية وحلفاء إيران في البصرة والناصرية ضد العرب السنة ومن بينهم عوائل من عشيرة السعدون، ثأراً أو رداً على عمليات القتل والتهجير التي يقوم بها تنظيم القاعدة التكفيري وحلفاؤه ضد عوائل من التركمان الشيعة في طوزخرماتو وأقلية الشبك في الموصل ومحيط بغداد وارتكبت ضدهم مجازر بشعة كمجزرتي اللطيفية واليوسفية، شعرتُ بضرورة وواجب الدفاع عن ضحايا هذه الحملات الدموية المتبادلة للتطهير الطائفي والعرقي والذين لا ذنب لهم سوى أنهم عراقيون ولدوا في هذه الطائفة أو تلك، والتعريف بهذه العشيرة ودورها الكبير في تاريخ العراق وجنوبه تحديدا كمثال صلب وباهر على التعايش والوحدة المجتمعية العميقة التي تربط العراقيين قبل أكثر من قرن. وقد تذكرت تلك الدراسة عن المنتفك ومعركة "جريبيعات" التي قاتلت فيها أغلب قبائل وعشائر الجنوب "الشيعية" تحت قيادة آل السعدون وشيخهم سعدون المنصور السعدون وشعرت بالحاجة إلى إعادة كتابتها لأهميتها في استعادة صفحة ناصعة من صفحات الوحدة العراقية التي جعلت العراقيين بغض النظر عن هوياتهم الفرعية الطائفية أو العرقية يتحدون في مواجهة الخطر الخارجي الذي يتهددهم ويتهدد بلادهم فيقاتلونه في جيش واحد ويهزمونه شر هزيمة.
في سنة 1910 كان العراق يغط في سبات وظلمة العهد العثماني. وكان الوجود العثماني / المملوكي محصوراً في الثكنات العسكرية في بغداد وبعض المدن الكبيرة كالبصرة، فيما كان إقليم الجنوب والفرات كسائر أقاليم وألوية العراق يتمتع بنوع من الاستقلال الذاتي الفعلي مع وجود رمزي للدولة. ولكن القوات العسكرية التي حولت بغداد أو البصرة إلى ثكنة عسكرية لها تنطلق باتجاه هذه الأقاليم بشكل موسمي لشن حملات تدعى "تأديبية"، الهدفُ منها جباية الضرائب والغرامات الفادحة من الفلاحين والقبائل والعشائر العربية.

كان إقليم الجنوب والفرات يعيش ما سمّاه الباحث حنا بطاطو "نمط اقتصاد الديرة المشاعي" وكانت هناك في واقع الأمر دولة عراقية أخرى على الأرض، منفصلة ومستقلة عن الدولة الفوقانية العثمانية/المملوكية، وقد فصّل القول في هذا الموضوع الصديق الباحث عبد الأمير الركابي في أكثر من نص له وخصوصا في كتابه المهم "أرضوتوبيا العراق" وأطلق عليها "الدولة الجوانية" التي عاشت في مواجهة مستمرة مع الدولة الفوقانية المفروضة من الغزاة الأجانب أو حلفائهم. كانت الاتحادات العشائرية في الجنوب والفرات تدير مجتمعاً مشاعياً وقبلياً ناضجاً ومستقراً في الآن ذاته، وكان مجتمعاً له مؤسسته القيادية المعبر عنها بالمضيف وكان له "جيش شعبي" فعال وتحت الطلب عند الطوارئ، وله قواته المتخصصة كالفرسان والمشاة. كانت هذه القوات هي التي خاضت معركة "جريبيعات الطوال" وانتصرت فيها انتصارا حاسما على قوات التحالف السعودي الكويتي المدعوم بريطانيا والذي كان يفوقها عدداً وعدة.
في تلك السنة، 1910، كان يحكم بغداد الوالي ناظم باشا الذي عزل في الشهر الذي حدثت فيه معركة "جريبيعات الطوال" دون أن يكون لعزله علاقة بها، إذ لا توجد أية إشارة إلى ذلك في سجلات الحكم أو في كتابات المؤرخين والمهتمين. وتولى الحكم بعده، في شهر مايس/أيار، الوالي حسين ناظم باشا، المعروف شعبيا بجزار الكلاب، لأنه بدأ عهده بمجزرة ضد الكلاب السائبة قام بها البغداديون مقابل أموال تمنح لهم مقابل كل جثة كلب يحضرونها! وكان الوالي غارقاً آنذاك بقصة حبه الشهيرة لفتاة بغدادية هي سارة الأرمنية، وقد عزل من منصبه في نهاية السنة دون توضيح الأسباب. وكما أشرنا قبل قليل، فقد اقتصرت علاقة مركز الحكم في بغداد مع الأقاليم الأخرى على جباية أموال الضرائب والغرامات الثقيلة وإيصالها إلى إسطنبول وهذه الأخيرة هي التي تصدر فرمانات التعيينان والإقالات. وفي تلك السنة أيضا، خُلِع السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، ونُصب أخوه محمد رشاد بدلا منه وقد كان لهذه الحادثة وقعها الخاص والفريد في بغداد التي شعر أهلها بالفخر والابتهاج لأن قائد عملية خلع السلطان العثماني قادها الضابط البغدادي محمود شوكت باشا حفيد الحاج طالب الكهية "أسرة بغدادية معروفة من أصل شيشاني". وكان محمود شوكت قد زحف من مدينة سلانيك إلى استانبول تأييداً للدستور الجديد "المشروطية" واحتل القصر السلطاني وأجبر السلطان عبد الحميد الثاني على التنازل عن العرش، وأصبح وزيراً للحربية العام 1910، في وزارة حقي باشا.

لكن هذه التطورات، ووصول ضابط بغدادي إلى وزارة الحربية العثمانية لم يكن لها أثر يذكر على الوضع الجيوسياسي في جنوب العراق آنذاك. ولم تكن حكومة بغداد تهتم في كثير أو قليل بهذا الأمر إلا بمقدار تعلق الأمر بإخضاع الدولة السعودية والإمارات الصغيرة المتناثرة لسلطة إسطنبول، التي كانت قد أرسلت عدة حملات عسكرية ضدها، ولكن الأمر لم يكن يتعلق أساسا بالدفاع عن العراق. كانت أطماع آل سعود بضم نهايات نجد "الجزء العراقي من نجد ويسمى نجد السفلى" والمنتفك والوصول إلى شواطئ الفرات أو السيطرة على البصرة حلماً كبيراً يراود قادة الدولة السعودية الجديدة "الثالثة" بقيادة زعيمها الداهية والشجاع عبد العزيز بن سعود، والذي استفاد جيداً من دروس إخفاق وتدمير الدولتين السعوديتين السابقتين. وحين انكسرت محاولات التحالف السعودي الكويتي السيطرة على البصرة، اتجهت أنظارهم شمالا نحو المنتفك المتعاطف تقليدياً مع إمارة آل الرشيد أعداء آل سعود في حائل.
كانت خصوصية إقليم المنتفك، تكمن في كونه إقليماً زراعياً يخضع لدورات ومواسم الجني والحصاد تجعله مختلفا بعض الشيء عن الأقاليم الصحراوية والرعوية الأخرى لذلك كان السعوديون وغيرهم يأخذون بنظر الاعتبار انشغال العراقيين بموسم جني التمور أو حصاد الحبوب ليقوموا بغاراتهم وقد نجحوا في ذلك أحيانا. الخصوصية الثانية هي أن العراقيين في الجنوب كانوا فرسانا على الخيول السريعة وذوي دربة ومراس جيد فيها، أما القوات الغازية فكان فيها إلى جانب قطعات من الخيالة فرسان على الجمال "الهجن" قدرهم أحد المؤرخين في تلك الفترة لكثرتهم "بعدد ذرات الرمل".

كان مبارك الصباح، شيخ الكويت القوي والدموي، قد انفرد بحكم الكويت بعد أن ذبح شقيقيه محمد وجراح. وقد خرج أبناء القتيلين يحاولون استرداد السلطة، وإدراك الثأر، والمطالبة بحقوقهم في الوراثة التي غمطها إياهم عمهم. وراحوا في سبيل ذلك يستعينون بالعثمانيين وولاتهم في البصرة ولكن دون جدوى. كان مبارك متحالفاً بعمق ورغم عداوات ومواجهات عديدة مع ابن سعود، وهذا الأخير كان قد استولى على مناطق القبائل المتاخمة للكويت وحصر مبارك وأنصاره في دائرة ضيقة. و(لم يكن مبارك يريد لعبد العزيز أن يتّصل بالعثمانيين أو البريطانيين ليفاوضهم إلا عن طريقه لأنه يخشى أن يضعف وضع الكويت أو يزداد ضعفها في الظهير إذا انحاز عبد العزيز إلى العثمانيين أو ارتبط بالبريطانيين / أمراء وغزاة، د. عبد العزيز عبد الغني إبراهيم). كان الخليج في تلك الأيام يعيش السلام البريطاني، وينوء باستعمار السفن البريطانية لمياهه. ولم يكن ظهور القوة السعودية الناشئة على سواحل الخليج ممكناً إلا بالتفاهم مع الحكومة البريطانية في الهند، وكانت علاقة الشيخ مبارك بالهند وثيقة. وقد أراد مبارك أن يحقّق أمن الكويت في ظهيرها ضد القوة القبلية الأخرى في العراق العثماني، وكان أمن الكويت لازماً لإستراتيجية عبد العزيز الذي لم يضم الإحساء بعد، وعلى ذلك هبَّ عبد العزيز لمناصرة الشيخ مبارك ضد المنتفك، في سنة 1910.
يتبع



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل أنصف الشيخ السعدي تظاهرات 31 آب!
- تفكيك -منطق- العدوان على سوريا
- 31 آب:عَراضة علمانية سلمية واعدة!
- مناقشة هادئة لآخر اتهامات سعدي يوسف
- مسلسل -ميم ميم-: متعة ومسيار.. أرنب وغزال!
- التوظيف -السياسوي- للدراما التلفزيونية:من العتاك إلى شلش/ ج2
- التوظيف -السياسوي- للدراما التلفزيونية: شلش مثالا! ج1
- اعتزال الصدر و-تسييس- السيستاني
- ترويج سياحي لإسرائيل من بغداد!
- بين المالكي وداعية غزو العراق فريد زكريا!
- مواد واجبة التعديل في الدستور العراقي
- عدم استقالة الحكومة والرئاسات الثلاث فوراً جريمة كبرى!
- الأولويات في تعديل الدستور العراقي النافذ
- -وطنيون- يطالبون بإعادة احتلال العراق:
- لا فرق بين البطاط و طه الدليمي
- بين الطائفة والطائفية.. ثمة فرق هائل!
- 14 تموز.. الثورة المغدورة!
- جاء وزير الإسكان يكحلها..!
- العراق والكويت: قصة حب ملتبسة!
- مسؤولية تركيا وإيران عن كارثة التلوث البيئي في العراق


المزيد.....




- لبنان: غارة مسيّرة إسرائيلية تودي بحياة صيادين على شاطئ صور ...
- -لا تخافوا وكونوا صريحين-.. ميركل ترفع معنويات الساسة في مخا ...
- -بلومبيرغ-: إدارة بايدن مقيدة في زيادة دعم كييف رغم رغبتها ا ...
- متى تشكل حرقة المعدة خطورة؟
- العراق يخشى التعرض لمصير لبنان
- مقلوب الرهان على ATACMS وStorm Shadow
- وزارة العدل الأمريكية والبنتاغون يدمران الأدلة التي تدينهما ...
- لماذا تراجع زيلينسكي عن استعادة القرم بالقوة؟
- ليندا مكمان مديرة مصارعة رشحها ترامب لوزارة التعليم
- كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - معركة -جريبيعات 1910- بقيادة السعدون: رسم حدود العراق الجنوبية بالسيوف! ج1 من 2ج