|
حكومة دونما حكم ودولة دونما حدود !
سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 1205 - 2005 / 5 / 22 - 11:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من ينظر الى حكومة النيابة في العراق اليوم يعرف أنها حكومة قائمة لتمضية خمسة وثلاثين اسبوعا ، هي كل المدة التي ستستغرقها في المكوث على كراسي الحكم في العراق ، وتحت حراب قوات الاحتلال الامريكي المنتشرة على طول وعرض العراق ، هذه القوات التي تمتلك الحل ، والربط في العراق ، رغم تظاهر عملاء ايران الذين وصلوا الى الحكم بانتخابات مزورة بفتوى من أنهم هم الذين يحكمون ، فحين حلت كوندليزا رايس ضيفا غير مدعوَ على العراق حطت ركابها أول ما حطتها عند الزعيم الكردي المعروف ، مسعود البرزاني ، والذي ظل طوال الوقت ، ومنذ سقوط صدام ، بعيدا عن أضواء السلطة الزائفة وزخرفها ، تلك السلطة التي يريد فرسانها أن يقنعوا شعبنا عن غباء بأنهم هم وليس غيرهم من يحكم العراق في عهده الأمريكي ، وتناسوا أن أرض العراق مثقلة اليوم بما يزيد عن مئة وخمسين ألفا من جند بوش الصناديد ! إن كل المهم عند قادة أحزاب الطوائف في العراق اليوم هو أن يظهروا أمام الشعب العراقي المغلوب على أمره أنهم يركبون حصان السلطة حتى ولو كان هذا الحصان من خشب يطير من نفخة جندي أمريكي ، وبمفهوم النفخة هذه نزلت كوندليزا رايس ، وزيرة الخارجية الامريكية أرض الرافدين في زيارتها الاخيرة للعراق ، ودونما أذن من أحد ، حتى من نائب رئيس وزراء ابراهيم الاشيقر ( الجعفري ) السيد أحمد الجلبي الذي أشهر في الآونة الاخيرة سيوف النزاهة على أعضاء حكومة علاوي المنصرفة ، وذلك حين راح راضي حمزة الراضي ، رئيس لجنة النزاهة يصول ، ويجول ، ويرعد ، ويزبد ، متذكرا ساعات السرور الخوالي ، حين وقف أمام ملك العراق السابق ، بول بريمر ، من أجل أن يتشرف مطيعا باستلام أمر تعينه كرئيس للجنة النزاهة تلك ، لكننا سرعان ما رأينا أن السيوف التي استلها راضي الراضي بأمر من الجلبي قد عادت الى اغمادها من دول صليل يسمع ، وذلك على أثر التهديد الذي أطلقه الدكتور أياد علاوي ، ومن ثم وزير داخليته فلاح النقيب ، في كشف ما حازه اعضاء في حكومة الجعفري من تركات حكومة صدام ، والتي هي جزء من ثروة العراقيين ، وليس من ثرواتهم ، وبذلك صار الجميع في الهوى سواء كما يقال ، وفي هذا السياق أذيع خبر مفاده هو أن السيد ابراهيم الجعفري مغرم بالسفر حتى أنه سافر خلال فترة عضويته في مجلس الحكم التي لم تزد على سنة واحدة ثماني مرات الى لندن من أجل زيارة أسرة التي تعيش في العاصمة البريطانية . وعلى إثر هذه النكسة التي حلت بحكومة الجعفري ، وعلى إثر الدعم الواضح الذي تلقاه الدكتور اياد علاوي من الرئيس الامريكي جورج بوش ، وذلك حين اتصل به هاتفيا وهو في زيارة الى العاصمة اللبنانية بيروت ، إذ : ( اكد الرئيس بوش في اتصاله الهاتفي مع رئيس الوزراء العراقي السابق اياد علاوي على اهمية احترام موعد الانتخابات العراقية المحددة في العراق. وقال المتحدث باسم البيت الابيض ان بوش وعلاوي اجريا محادثة هاتفية مقتضبة استمرت خمس دقائق ليلة امس " ناقشا المشروع الطموح في العراق الذي يتضمن صوغ الدستور قبل 15 آب (اغسطس) واجراء الانتخابات قبل نهاية السنة واهمية احترام هذين الاستحقاقين ". واوضح المتحدث ان " الرئيس بوش اتصل ليهنئ رئيس الوزراء السابق على قيادته وشجاعته خلال ولايته وذكر انه يستحق الثناء على التقدم الذي احرز خلال تلك الفترة ". وخلص المتحدث الى القول " انهما ناقشا التقدم الحاصل في المنطقة واعربا عن ثقتهما بتجذر الحرية والديموقراطية. وناقشا الوضع على الصعيد الامني وعزم العراقيين على التغلب على الارهاب . ) جاء هذا الاتصال في وقت كانت الحكومة العراقية فيه تستقبل وزير خارجية ايران ، الدكتور كمال خرازي ، الذي حضر للعراق من دون توجيه دعوة له من قبل حكومة الجعفري ، فقد دخل للعراق بالطريقة التي دخلت بها وزيرة خارجية امريكا ، كلوندليزا رايس ، ونسى خرازي أن العراق اليوم هو بلد محتل ، وأن قوى الاحتلال ممسكة في كل جانب من جوانب الحياة فيه ، فعلام وضع هو اللوبي الايراني في حكومة الجعفري بهذا الحرج الكبير ؟ وهل تسمح ايران ، كدولة ، لوزير خارجية حكومة الجعفري ، هويشيار زيباري ، أن يدخل أراضي الجمهورية الاسلامية الايرانية دونما دعوة مسبقة ، مثلما تقضي به الاعراف المتعارف عليها بين الدول ؟ هل تسمح حكومة طهران لزيباري أن يقابل رجل دين كردي من أكراد ايران ، وبذات الطريقة التي قابل بها وزير خارجيتها ، خرازي ، السستاني في النجف ؟ ماذا تريد ايران أن تقول للعراقيين ؟ هل تريد أن تقول لهم أننا محتلون لكم عن طريق عملائنا في الحركة الدينية الشيعية ، وعن طريق مخابراتنا التي بات تسرح وتمرح داخل العراقي ، وتحت عباءة التبليغ الديني ، هذه الكذبة التي بات مفضوحة للجميع ! لقد كان تصرف ايران الغبي هذا ، واستقبال حكومة الجعفري لخرازي دونما دعوة ، هما اللذان جعلا الادارة الامريكية أن تنظر الى حكومة الجعفري على أنها حكومة هشة ، غير قادرة على ادارة دفة الحكم في العراق ، مثلما جاء في الاخبار ، وهو الذي حدا بالرئيس الامريكي الى الاتصال بالدكتور علاوي ، والثناء عليه للانجازات الكثيرة التي أدتها حكومته المنصرفة ، والتي أراد أحمد الجلبي أن ينتقم منها بسيف لجنة النزاهة ، مع أنه يعلم أنه هو نفسه أبتر من بين بتران كثر في عراق اليوم ، مثلما يقول أهلنا في العراق ، وهو الذي جعل الحكومة الامريكية أن تغير من لهجتها مع الارهابيين في العراق ، واصبحت تشير لهم على أنهم مسلحون وليس ارهابيين ، وعليه لا يمكن وضع حد للقتال الدائر في العراق الآن من دون التحدث لهؤلاء البشر الذين كانت تطلق عليهم ، ولايام قريبة ، لفظ " الارهابيين " . فبماذا ردت حكومة الجعفري ، في حربها الخفية مع أمريكا التي اشعلها اللوبي الايراني المهيمن عليها ، تلك الحرب التي لن تخرج منها دون عقاب أمريكي صارم ؟ لقد جاء الرد خجولا على لسان ناطقها الرسمي الذي هو الدكتور ليث كبه من جماعة المؤتمر الوطني ، جماعة أحمد الجلبي ، ذلك الرد الذي اشار فيه ليث كبة الى عزم حكومة الجعفري على تأجيل الانتخابات المقبلة ، وعلى اعلان الانتهاء من كتابة الدستور الدائم للدولة العراقية في العهد الامريكي ستة اشهر عن موعدهما المقرر في قانون ادارة الدولة المشرع عهد حاكم العراق السابق ، بول بريمر ، ولكن الرد الامريكي جاء هذا المرة قاسيا ، وعلى لسان الرئيس الامريكي نفسه ، ( قال بوش إنه حض رئيس الوزراء العراقي على الالتزام بموعد الخامس عشر من أغسطس للتوصل إلى اتفاق في شأن الدستور العراقي. وجاءت مطالبة بوش هذه في أعقاب إطلاق مسؤولين عراقيين تصريحات تشير إلى رغبة في تمديد هذه المهلة لستة أشهر بسبب طول المدة التي استغرقتها عملية تشكيل الحكومة العراقية. ولاحظ المراقبون أن تصريحات بوش هذه حملت لهجة جديدة في التعامل مع الحكومة العراقية في ضوء تمنع البيت الأبيض عن التحدث علانية في الآونة الأخيرة عن تدخله في الشؤون العراقية الداخلية . ) وعلى هذا يبقى على الذين ركبوا القطار الامريكي الجديد في العراقي أن يواصلوا الركوب به ، وأن يتحملوا هزاته العنيفة ، وصراخه المدوي ، وإن لا فما عليهم الا النزول منه ، ليقابلهم زدراء العراقيين واحتقارهم ، مثلما احتقروا آخرين ركبوا من قبلهم . آملين لهم في الختام أن لا نراهم عراة كصدام !
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حرب الأحزاب الطائفية بدأت في العراق !
-
الشيعة العرب هم الخاسرون !
-
إثنتان أرعبتا صداما وواحدة أرعبت صولاغا !
-
البعثية تهمة صارت تطارد عرب العراق سنة وشيعة !
-
حلفوا بقسم مزور !
-
العراق في العهد الأمريكي !
-
مواعيد صولاغ !
-
الحكومة البتراء !
-
الموت خبط عشواء !
-
الكربلائيون يتظاهرون ضد الهيمنة الايرانية !
-
نطقت عن اليمن وصمتت عن الأحواز !
-
هكذا تكلم رامسفيلد !
-
ملا رسول : المثيولوجيا والواقع !
-
دولة على ظهر حمار !
-
اللوبي الإيراني : اجتثاث البعث أم اجتثاث العرب ! ؟
-
الأعجميان وفوضى الحكم في العراق !
-
البصرة وضراط القاضي !
-
شيوعيون في ضريح الامام الحسين !
-
الى وزير خارجية العراق ونوابه !
-
الجعفري بين الرضا الانجليزي والحذر الامريكي !
المزيد.....
-
رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق
...
-
محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا
...
-
ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة،
...
-
الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا
...
-
قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك
...
-
روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
-
بيع لحوم الحمير في ليبيا
-
توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب
...
-
بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
-
هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|