أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي الأمين السويد - التدين قبل و أثناء الثورة السورية














المزيد.....

التدين قبل و أثناء الثورة السورية


علي الأمين السويد

الحوار المتمدن-العدد: 4216 - 2013 / 9 / 15 - 12:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يمثل الإلتزام بتعاليم الأديان و مقاصد الشرائع السماوية صمام أمان الانضباط الذاتي في الدنيا و جواز عبور للجنة و النجاة من النار في الآخرة. وقد جُبل الإنسان على إتخاذ مرجعية روحية في الحياة يعود اليها كلما راق له ذلك بحيث يتدرج مابين عدم مفارقته لدور العبادة و عدم تذكره أو حتى إكتراثه لحقيقة أنه مخلوق و أن عليه واجب العبادة.

و مجتمعنا السوري ذوالأغلبية المسلمة السنية ينطبق على أفراده ما ينطبق على الناس أجمعين من درجات التزام بتعاليم الدين من الشدة الى التفلت، وهذا أمر طبيعي علماً أن المكلفين بالعبادة يعلمون تبعات التزامهم أو عدم التزامهم بتعاليم دينهم.

قام النظام الأسدي بإغتصاب السلطة في سوريا واجتهد في تقمص دور الحرباء في تغيير لون جلده حين يتعلق الأمر بصبغته هو حفاظاً على وجوده. فعندما ادعى العلمانية قام بمضايقات للمتدينين الاسلاميين فمنع اقامة بعض الشعائر الرئيسية في مؤسساته الحكومية، بينما سمح لباقي المتدينين بالديانات الأخرى كالمسيحية و الشيعية و العلوية و غيرها من ممارسة شعائرهم دون أية منغصات. فكيف يكون علمانيا وهو لا يضايق إقامة شعائر الدين اليهودي و المسيحي مثلا و يرفض التعايش مع الدين الإسلامي؟

وعندما استتبت الأمور لحافظ الأسد واصبح المسيطر المطلق على سوريا مدَّ بصره الى سوق التدين وقرر أن يبتاع لنفسه مُقدِّسين منه، فقام بالسماح لشعائر "يقال عنها اسلامية" بالانتشار تحت مسمى الطرق و المدارس الصوفية ، فكان النجاح الباهر له حين أوجد مطبلين و مزمرين و مسبحين بحمد السلطة يلتحفون الدين مما زاد في ابتعاد المجتمع السوري في المحصلة عن أصول التدين و عن مقاصد الشريعة المفترضة.

ونتيجة لطبيعة المجتمع السوري المكون من موزاييك ثقافات و تقاليد متنوعة تنوع الورود في بستان دمشقي عريق، و بسبب انتاج النظام الأسدي لـ "اسلام" بميزات بعثية، ونتيجة لحربه الخفية على الإسلوب السلفي في التدين الإسلامي اصطبغ المجتمع السوري بلون باهت دينياً لا يميز كثيراً بين الدين أياً كان وبين اللادين.

تماهت المعتقدات الايمانية في المجتمع السوري حتى وصل الأمر ببعض ما يسمى بــ "المتدينين" لاعتماد اقصر طرق للوصول الى الله بواسطة حب الاولياء الصالحين من الأحياء أو الأموات، و اقامة الموالد بمناسبة و بدون مناسبة حيث تجري بعض الطقوس التي تشابه طقوسا أخرى في ديانات أخرى كالشيعية و البوذية من رقص و "ضرب الشيش"، و لطميات، واناشيد وغيرها من تقبيل للرؤوس و للأيادي مما أوصل المجتمع الى حالة من التميع الديني الذي أوصل بـ "السنة" في مرحلة من المراحل يقدسون "عدوهم" العقدي حسن نصر الله.

قامت الثورة السورية طلباً للحرية من الظلم و العبودية التي أبقت سوريا في قعر الدول المتخلفة وبجدارة. ومن جملة من ثار الشعب عليه هو هذا الوضع الديني الأشبه باللاديني، فكانت الثورة على كل من يساند النظام الأسدي، فانضوى تحت قبة المنافحين عنه شخصيات دينية ذات مراتب رفيعة عند السوريين كالراحل محمد سعيد رمضان البوطي و مفتي الجمهورية أحمد حسون و أصحاب الطريقة النقشبندية و جماعة القبيسات اللواتي كنّ يقفن يساندن الشبيحة على بعض الحواجز في مدينة دمشق وغيرها.

بحث الثائرون عن كل ما يغيظ النظام مهما كانت. فمن تطهير الشعارات بتنقيحها لتبتعد عما يبثه النظام، الى تحطيم تماثيل الأسد والكفر بكل ما كان يؤمن به. و من جملة ما كان يغيظ الأسد، أو هكذا اعتقد الشعب السوري، كان اظهار التدين بالفكر السلفي في مواجهة التدين البعثي والطرقي المدعومين من النظام حتى النخاع. فوصل الأمر بإغاظة مشايخ النظام بإظهار الحب والاحترام لمشايخ السلفية فهتف أهل حماة يوماً " يا بوطي ... قول الحق ... العرعور شقك ولا ... لأ." فتولد شعور بالحاجة إلى الانقلاب على الموروث الديني المدجن من قبل النظام لصالح ما كان يرفضه النظام ويقمع الناس لاجله.

استخدم "بعض" الثوار الفكر السفلي "لفظاً " و "اقتداءاً" ببعض من وفد إلى سوريا ممن يدعون بأنهم حملة لهذا الفكر الديني إمعاناً في غيظ الأسد و من لفّ لفه. فتم التعامل مع تلك الجماعات المقاتلة على أنها مجاهدة و مخلصة بغض النظر عن عشرات المخالفات الشرعية لتصرفاتهم و التي أساسها عدم أهلية من يحمل السلاح فيها للتفسير القرآني و لا للفتوى التي صارت حق مكتسب بحكم فوهة البندقية المسلطة على رأس من يعترض.

فوقع بعض السوريون في ورطة اعتماد مالم ينتجوه بأنفسهم و هم اهل العلم الشرعي بشهادة نبي الاسلام عليه الصلاة والسلام. قد تخلصوا من مياعة الصوفية و بعثية المشايخ فابتلوا بتطرف الجهَّال للدين الذين يحفظون بعض الأيات القرآنية على اطراف لسانهم ولا يفقهون منها الا بقدر ما يفقه الببغاء مما يقول. فانطبق على بعض السوريين المثل الذي يصف حالهم بأنهم انتقلوا من تحت "الدلف الى تحت المزراب."

إن الكثيرين في سوريا من بينهم كاتب السطور هذه و بصفة شخصية يرحبون بالمنهج الاسلامي السلفي بوصفه اسلوباً علمياً يمثل ما عليه الاسلام و يبرز ماهية مقاصد الشريعة الحميدة، وندعو اهل الاختصاص لفعل كل ماهو لازم لايصال رسالة الاسلام بهذا الشأن وفق هذا المنهج الى أبناء هذا المجتمع الذين خنقتهم كثرة الهرطقات و الأيديولوجيات التي أفرزت أناساً انتقلوا من استسهال كل ذنب الى المبالغة في العقوبة على أتفه تصرف بالذبح و القتل .

فلينظر كل مسلم ما قدم لغده هو وليبتعد عن حلم حرق المراحل بتقديم عبادات يبتدعها هو نتيجة لجهله على العبادات الاساسية قبل أن تحرقه هو في نار جهنم قبل غيره. و ليعلم المسلمون بأن الاسلام ماض الى يوم القيامة لا يضره متآمر أو "حاقد" مهما علا شأنه أو صغُر. والله خالق كل شيء يرزق من يشاء بغير حساب، ويرزق المشرك والكافر كما يرزق المسلم الفاسق و المسلم المؤمن ويتقبل ما يشاء ممن يشاء. فإن أراد الله إدخال ابا لهب الجنة ما كان لبشر الاعتراض ولا يملك أحد القدرة على ذلك حتى لو أراد.



#علي_الأمين_السويد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإستراتيجيات العشرة لبثِّ الإشاعات
- أهلاً و سهلاً بكل منشق جديد
- تطبيقات القمع الإيراني عند الأسد و الأخوان المسلمين
- من طال لسانه ...!
- الارهاب بعيداً عن تجاذبات المصالح
- خنادق الثورة مصانع الشرف
- الأسد و الإئتلاف الوطني يخشيان حكومة كاملة الصلاحيات
- المجلس الوطني في الائتلاف الوطني السوري حزب الله في لبنان
- يا ثائر- لا تنه عن خلق و تأتي بمثله
- التوابيت المأهولة
- الحكومات السورية الباراشوتية
- الهيكل التنظيمي لدولةٍ ثوريةٍ مؤقتة
- مستنقع أحلام الثورة السورية
- مناف طلاس فقاعة الشبيح الأكبر
- الدولة العلوية خيارُ ما قبل الانتحار
- عقد مصيرية في مسار الثورة السورية
- الفرق بين المعارض و الثائر السوري
- براقش تقتل أهلها بعد موتها
- هل بات قيام الدولة العلوية وشيكاً؟
- المخاض المرتبك للثورة السورية


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي الأمين السويد - التدين قبل و أثناء الثورة السورية