|
سلسلة في نقد العقل القبطي المسيحي – 7 – أصل الإيمان الخرافي بالإله والملائكة والقديسين!!
توماس برنابا
الحوار المتمدن-العدد: 4216 - 2013 / 9 / 15 - 00:03
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يعيش الاطفال الصغار في عالم خيالي يحسدهم عليه الكبار! فعالمهم ملئ بالمخلوقات الخرافية الجميلة منها الجنيات الخيرةfairies ومنها جنية الاسنان وهناك الارانب الطائرة وهناك الاسماك البرية منها والبحرية والطائرة، وتجد سانتا كلوز ( أو بابا نويل ) في أعياد الميلاد! والارنب الخاص بعيد الفصح. وكل أطفال العالم يشتركون في ميزة بأن خيالهم واسع ولكنهم يختلفون في أيمانهم بشخصيات خرافية مغايرة من بلد لأخر.
ولكن الاطفال جميعهم يشتركون في أنهم بسبب الحاجة الاجتماعية لأن يكون لهم أصدقاء وخاصة أطفال ما تحت الخامسة الذين لا أخوة صغار لهم ؛ فهم غالباً ما يختلقون أصدقاء خياليين خاصين بهم، ربما يكون لهم وجود مادي على هيئة عروسة doll أو لا وجود مادي لهم. ولكن الاطفال يرونهم كأشخاص حقيقيين وليس خياليين، يتحدثون معهم ويلعبون معهم، يحكون لهم مشاكلهم وأتراحهم وأحزانهم. ويصبحون أقرب لنفوسهم من حتى الوالدين!
والوالد الناجح لا بد أن يتفهم هذه المرحلة بأنها مؤقتة ولا بد منها حتى يدخل الطفل المدرسة أوالى أن يرزق بأخ أخر، حينئذ تزول هذه الرؤى والهلوسات الطبيعية لدى الطفل بل وينساها الى الابد وإن تذكرها يضحك على نفسه أنه كان يحادث ويحاجج الهواء والوهم!!! فأحياناً تدعو الام طفلها بأن يأتي ليتناول الغداء ليرد الطفل بأنه قد تناوله مع ( زقلط) ؛ فترتعد الام من هو زقلط هذا ، أنا لم أرك تتناول شئ من الصباح! فيندهش الطفل أمعقول أن أمه لم ترى زقلط صديقه العزيز الذي لا يمكن أن يتناول الغداء الا معه؟! فيزداد عناد الطفل وتزداد الفجوة النفسية بينه وما بين أمه وأحيانا أيضا أبيه! ولكن المربي الناجح يكون متوقع ومنتظر هذه المرحلة ومستعد لها وحينما يصبح للطفل أصدقاء خياليين يرحب بهم بل ويترك مكانا على المائدة لهم ، ويسأل الطفل عن أحوالهم، وحينما يقول طفل أنه تناول الغداء مع صديقه زقلط ولا يريد أي طعام؛ يرد الاب الحكيم ، هل تحب زقلط أكثر مني لتتناول الغداء معه بدوني؟! فيشعر الطفل بالخجل ويذهب ليتناول الطعام مع أبيه وهو فرح مغتبط لأن أبيه مصدق بوجود زقلط بعكس أمه التى لا يستطيع أن يفهم لماذا لا تستطيع رؤية زقلط بينما هو يلاعبه ويحادثه وينام معه يومياً!!
وحينما ينتهي الطفل من هذه المرحلة Preschool stage، يبقى خياله متقداً بالرغم من زوال رؤية زقلط أو غيره؛ وتتسامى هذه الامكانية للأيمان بوجود كائنات تساعده وترعاه وتفهمه وتسمعه مثل البابا نويل Santa Clause وغيرها من الشخصيات الملائكية الحارسة! ويكون مقتنع تماماً بأنه لا يمكن رؤيتهم ولكنهم حقيقيين ولا يمكن الشك فيهم! وحينما يجد أحد الكبار يشككه في وجودهم يعارضهم بشدة ويتعارك معهم بل أحياناً يخاصمهم لانهم يكرهون البابا نويل لأنهم حينما كانوا صغاراً كانوا مشاكسين ولذلك لم يرسل لهم بابا نويل الهدايا ولذلك يريدون الانتقام من بابا نويل!!! هكذا يشعر الاطفال حينما تشكك في وجود بابا نويل لديهم ( اتحدث عن أطفال في بيئة أوروبية يؤمنون بقصة سانتا كلوز وليس أطفال الوطن العربي الذين يؤمنون بأشياء أخرى مثل الجن والعفاريت وأبو رجل مسلوخة وأمنا الغولة ... الخ!)!!!
وحينما يكبر الطفل ويصبح شاباً ويقتنع بأن الجنيات وسانتا كلوز وغيرها من الشخصيات التي كان يؤمن بوجودها صغيراً، هي مجرد وهم وخرافات يتضح له جلياً كيف كان يعيش في الوهم! ولكن تلك القدرة على التخيل والحياة في الوهم لم تبرح ذهن الشاب بل تنكرت كالحرباء في رداء أخر ديني!! فهناك في السماء من يراه ويحادثه ويسمعه ويستجيبه بل ويرعاه ولا يمكن أن يحدث له مكروه الا بأذنه! وبالرغم من أنه لا يتلقى أي أصوات ترد على حديثه ( صلاته أو دعائه) مع هذا الكائن ؛ ذلك الصديق الخيالي الأكبر! الا أنه متأكد أنه سمعه يرد عليه، ويجيب تساؤلاته ويطمئنه ويعزيه!! وأنا لا أُكذب من يمروا بهذه الخبرة، فهذا أمر طبيعي منذ الطفولة، حيث يتنكر اللاشعور في هيئة شخصية ما يتنسم بل ويأمل الانسان أن يحادثها، واللاشعور أو العقل الباطن يظهر للأنسان في المنام أو في حلم يقظة على هيئة هذا الكائن الذي يريد محادثته حتى تتحقق أمنيته التى لا يستطيع تحقيقها في الواقع!! هذا الامر يحدث مع الاطفال الصغار الذين يتمنون صديقاً يشاركهم حياتهم الاجتماعية فيختلقون صديقاً خيالياً Imaginary friend من العروسة الخاصة بهم أو شخصيات أخرى لا وجود لها سوى في عقولهم! وفي فترة المرحلة الابتدائية تتسامي المقدرة التخيلية الى الايمان بشخصيات خرافية كالبابا نويل وهنا نجد الكثير من الاطفال يشاركونه في هذا الامر! وعند الكبر تتحور هذه المقدرة ، بأن تتخذ شكل ديني يحفزه أيمان الجميع بأن هناك الراعي الاكبر، أو الصديق الاعظم للجميع! وخبرات الكثيرين الى تتلى أمامه تؤكد بل وتستحث هذه المقدرة عند الصلاة والتشفع بقديسين! فنجد الكثيرين من يؤكدون ظهور قديس أو ولي أو نبي أو الله لهم! مع أن هذا لم يحدث أبداً ولكنها تلك المقدرة على الاختلاق التخيلي الذي أرتداه العقل الباطن وتمثل في ذهن المصلي على هيئة قديس أو ولي أو نبي أو الله! ليدخل في حوار هو من إبتداع عقل الانسان الباطن وفي الواقع لم يحدث قط!!!
يا صديقي العزيز تأكد أنه لا وجود للعالم الخرافي المعجزي أيّ كان شكله أو هيئته وكل شئ في هذه الحياة لا بد وأن يكون له تفسير علمي؛ أما أن يكون قد توصل اليه الانسان أو لم يتوصل اليه بعد!!! وحينما يحرر الانسان عقله من دائرة الخرافات والاعجازات ، فتلك الامور الخرافية ومنها التصور بأن هناك كأئن من عالم أخر حادثك أو تحدث مع الاخرين لا يمكن أن يحدث لك بعد الخروج من إطار هذا الفكر الخرافي الدائري المغلق Closed circular superstitious thinking!! وكل ما هو مكتوب في كتب مقدسة عبارة عن رؤى لأناس توهموا بأنه تم أختيارهم من الله لتبليغ رسالته للبشر وهذا لم يحدث قط!! ويا ليت تكون هذه المقالة قد أزاحت الغبار ولو بالقدر اليسير لنفهم هذه العملية Process في عقل الانسان !!!
مقالات سابقة من نفس السلسلة:
1- سلسلة في نقد العقل القبطي المسيحي – 1 – منع أبن الزوجة الثانية من الكهنوت! .... الرابط : ( http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=376580 ) 2- سلسلة في نقد العقل القبطي المسيحي – 2 – شفاعة القديسين! .... الرابط : http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=377452 ) 3- سلسلة في نقد العقل القبطي المسيحي – 3 – قديسي الواقع أفضل من قديسي الخيال! ..... الرابط: ( http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=377455 ) 4- سلسلة في نقد العقل القبطي المسيحي – 4 – قصص القديسين الوهمية كوسيلة تسلب أذهان الأقباط لتقبل الإضطهاد!! ... الرابط : ( http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=377462 ) 5- سلسلة في نقد العقل القبطي المسيحي – 5 – وسائط النعمة في كنيسة بلا جدران!! ... الرابط: ( http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=377591 ) 6- سلسلة في نقد العقل القبطي المسيحي – 6 – سياسة ترغيب الفقراء في المسيحية!! ... الرابط: ( http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=377747 )
#توماس_برنابا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سلسلة في نقد العقل المصري – 3 – فصامية السلوك المصري!
-
سلسلة في نقد العقل القبطي المسيحي – 6 – سياسة ترغيب الفقراء
...
-
سلسلة في نقد العقل القبطي المسيحي – 5 – وسائط النعمة في كنيس
...
-
سلسلة في نقد العقل القبطي المسيحي – 4– قصص القديسين الوهمية
...
-
سلسلة في نقد العقل القبطي المسيحي – 3 – قديسي الواقع أفضل من
...
-
سلسلة في نقد العقل القبطي المسيحي – 2 – شفاعة القديسين!
-
شفاعة القديسين!
-
كيف تنمي ذكاؤك للدرجة التي تقودك الى النجاح في كافة أوجه حيا
...
-
العلاقات والدلالات الضمنية لفترات الصمت المطولة في حياة بولس
...
-
سلسلة في نقد العقل المصري – 2 – الإغتصاب والتحرش الجنسي!
-
سلسلة في نقد العقل المصري – 1 – مروءة الرجال مع النساء!
-
سلسلة في نقد العقل القبطي المسيحي – 1 – منع أبن الزوجة الثان
...
-
العرب والشعر ... في مقابل ... الغرب والعلم!!!
-
مهلاً أيها العلمانيون... فلم نتهيأ بعد!!!
-
فلسفة إنكار الجميل المسيحية!!!
-
مواجهة مشاعر الفقدان والحرمان ( من ضياع ويتم و ثُكل و ترمل و
...
-
علاقة بولس ( الرسول) بأستاذه برنابا... هل هي علاقة عرفان أم
...
-
يا ليت داروين يكون على حق؛ فسأحزن جداً إن كان على باطل!!!
-
( باراباس أم يسوع؟)... سؤال أولوياتي يميز الخائن من الوطني!!
...
-
حينما تتبع الراعي بثقة عمياء، فلن تعلم أبداً هل سيقودك نحو ا
...
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|