|
الكرد بين اتفاقية لوزان 2 و جنيف 2
سيهانوك ديبو
الحوار المتمدن-العدد: 4215 - 2013 / 9 / 14 - 20:31
المحور:
القضية الكردية
ليس بخاف على أي متابع أو مُعَقِّب أو باحث في الشؤون الشرقية ، الحيز الضخم لقضية ذو التأثير و التأثر بحجم القضية الكردية المتصدرة لقضايا الشرق و العالم و خاصة بعد محاولة ابتلاعها كجغرافية و انزياحها بفعل المؤثر الأخير ، و عودتها في الآونة الأخيرة كمتصدر لجداول الأعمال و بالأخص في النصف الثاني من القرن المنصرم . المصادر التاريخية و الأبحاث التي شُيّئَت بخصوصها كثيرة و كبيرة و كلها دالة على تاريخية الكرد في البوتقة التي يسكنوها ، فهم الساكنون الأولوّن و على كل أشكال التجمع الديمغرافي الحضاري بدءا من حضارة المجتمع الزراعي في سومر و ميتان و انتهاء بالذي لن ينتهي . الامبراطورية الهوريية و عاصمتها " واشو كاني – رأس العين –" و الامبراطورية الميدية الأولى و الإمارات التي نشأت في القرن الوسيط و الدول ذات الصبغة الدينية ( المروانيين - الأيوبيين ) و الحكم الذاتي للكرد في كردستانهم الحمراء من 1924 و حتى 1929 و جمهورية مهاباد 1945 و الحكم الذاتي للكرد في باشور و اقليمهم الفيدرالي ( المتأسس على المنحى القومي ) . هذا السرد السريع الموجز و غير المنته في تاريخ التكون القومي الكردي كان لزاما لتوضيح ما يثيره بعض من العروبيين الجدد كسلسة لن تنتهي من هذا الرهط الرافض و على اعتباراتهم أن الكرد مارقون آبقون هراطقة ، و جماعات مرتعبة من الحق الكردي القيّم . لا شك و ليست صدمة نبتلي بها و نتفاجأ منها ما يخص المطلب الكردي في عموم وجوده و بالأخص سورياً ، نرى أن هناك أمور عديدة انزلق إليها المطلب الكردي و على يد محاوريه الجدد و الممتثلون في المجلس الوطني الكردي و الذي يشك بعض من شركائه (الجدد) أيضا في قوى الائتلاف – اللبواني مثلا : عندما يريد حذف كلمة الوطني من المجلس الكردي وفقه ، و وفق حجته : أنه لا وطن للكرد حتى يلبسون كلمة " الوطني " على عمامة مجلسهم . و الآن و المطلوب ؟أن يتخلص الكرد و عبر هيئتهم العليا فقط من هذه الأمور واحدة تلو الأخرى ، فالقضية الكردية ( شعب و أرض ) و ليست فقط ( هوية و مواطنة ) ، بدأت تطفو على السطح الدولي و بدأ التبني للاستعداد من أجل الحل الدولي بشكل مخصوص له في نهاية السبعينيات من القرن الماضي و ظهور الكرد على أنهم مدافعون أشداء عن حقوقهم في وجه طغاة استثنائيين و في الأجزاء الأربعة و المُقتسمة عليها كردستان ؛ حيث أن الرغبة الدولية و في عشرينيات القرن العشرين أراد ابتلاع هذه الخارطة و كان ( عصمت إينونو ) الليبرو في اتفاقية لوزان الثانية في 24 تموز 1923 حيث تؤكد مجريات اتفاقية لوزان الأولى أن المفاوضات التي مثل الجانب الكردي حينها يوسف ضياء باشا ممثل الحكومة العثمانية في السويد آنذاك و الذي دعى في الجولات الأولى إلى الحقوق الكاملة للكرد . لكن المفاوضات باءت بالفشل مما أدى إلى تبعثر و وقف عملية التفاوض ، مما حذا بأتاتورك أن يعيد عناصر طبخة لوزان الثانية و بأسلوب جديد و بعناصر جديدة من بينهم كرد ( يستسيغهم ) القوميين الجدد للترك و من بين المفاوضين الكرد آنذاك" برنج زاده فوزي بك و زولفو زاده زولفو " ، و اللذان دعيا أن يمثل المكونات التركية إينونو نفسه ، و الأخير لم يترك شائبة لتقويض و الاجهار الكامل على الحلم الكردي ، و تُذْكَرُ محاضر الجلسات النهائية أن الممثل الكردي لم يكمل الجلسات النهائية بل قبل مجيئهما إلى أنقرة أشارا أكثر من مرة أن الكرد و الترك أخوة لا خلاف بينهم و عليه سيكون ممثلهم في التوقيع النهائي عصمت إينونو نفسه ، و هو نفسه الذي ضغط على ستالين ( تقاطع المصالح الدولية ) من أجل زعزعة و من ثم القضاء على الحكم الذاتي الأحمر عام 1929 و توزع الكرد السوفييت إثرها على أكثر من عشرة جمهوريات سوفيتية بعد الاعتقالات الألفية و المجازر الألفية أيضا بحقهم . تسعون عام على اتفاقية لوزان و اللعبة ذاتها و المنزلق ذاته و لكن من جهة أخرى ؛ قوى الائتلاف تريد ( و بُعجالة فائقة ) ضم المجلس الوطني الكردي ( بعض منهم يمثلون دور فوزي بك و زولفو ) دون الهيئة الكردية العليا و زجهم في صفوف المعارضة ذات التناقض و الأزمة العميقتين . لئلا يكون لهم أي حاضر و ممثل مستقل في أية تسوية دولية للوضع السوري ، فالكثير الكثير من المعارضة تريد جنيف 2 على شاكلة لوزان 2 . ثلاث منزلقات و فخ يتربض بالمحاورين الكرد و هم على أعقاب انعقاد جنيف 2 : 1- المنزلق الأول : الهوية و المواطنة بدلا من القضية المستوفى شروطها ضمن زاويتين محددتين ثابتتين : الأرض و الشعب . 2- المنزلق الثاني : السلطات المحلية و اللامركزية بدلا من الحكم الذاتي أو الفيدرالي أو الحل الشامل وفق معتقدنا : الإدارة الذاتية الديمقراطية . 3- المنزلق الثالث : التمثيل السيادي ( نائب الرئيس ) و التمثيل الديموغرافي كمكون 10% ، بدلا من التمثيل السيادي الأول كرئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء و التمثيل الديموغرافي كشعب و بنسبة 18% . و الفخ الوطني السوري متمثل بهوية سورية المدنية بدلا من سورية كوطن علماني و العلمانية مستوجبة بسبب المكونات القومية ، و المذهبية و التي تؤلف مجموعها سورية . إن المطلب الدستوري الشفاف و ليس الفضفاض " حمّال الأوجه " ، و عدم الاستدراج إلى مساومات سياسية و بتركيبات متناقضة من أجل بناء تركيبة مقابل إلغاء أخرى : محو العربية من الجمهورية ، مقابل الهوية والحقوق الثقافية . يمثلان الحاجة الكبرى و تفعيل " المبادرة الكبرى " لسورية الكبرى . و غير ذلك هو ابتزاز و سقوط إثر تلك المنزلقات و ذلك الفخ . اليوم و الإنقاذ الوحيد للقضية الكردية الرسمي و الشعبي هو في العودة إلى تطابق الرؤيتين الشرعيتين ، أي التزام المطلب الدستوري الحقيقي و الانتقال إلى احكام الرؤية الدولية الشرعية باعتبارنا كَكُرد و كَسوريين جزء من الأسرة الدولية و جزء من مستقبلها و حساباتها و خاصة بعد التطور الحاصل في الميزان الدولي الحاكم للشرق الأوسط و فرط النظام العالمي الذي تحكمه جهة معينة صرفة ؛ التغيير الحاصل ان مسألة الشرق الاوسط لم تعد حكرًا على الولايات المتحدة الاميركية وحدها، او مع حلفائها، اصبحت روسيا الآن شريكًا في تقرير سياسة شرق اوسطية، على الاقل بالنسبة للملف السوري. ان هذه التركيبة الجديدة هي نظام متعدد القواعد، اي الاقطاب المشاركين كُثُر لكن الزعامة تبدو حتى اللحظة أحادية الرأس و بصبغة أمريكية . بالرجوع الى السيد اللبواني : القلق جدا ، و الذي يسهب مع أقرانه و بعروبية مدقعة ، و يشهر على الملأ أنه لا وطن للأكراد بالرغم من وجود قومية كردية ، و لا وجود لشعب كردي بسبب التداخل و الهجرات و على الرغم من وجودهم في منطقة معينة من الشرق الأوسط ( لسان حاله ) ، و لسان حاله أيضا : حل القضية الكردية المركزية (كقضية شعب وأرض ) فيتم على المستوى الدولي و بالتعاون الإقليمي ..السيد لبواني مثله مثل غيره من شخصيات قوى الائتلاف مصر على عدم حل وطني سوري للقضية الكردية على شاكلة الكرد في العراق مثلا . و من ثم بعد أن يصل ضجيجيه و صراخه إلى الأعليين ينادي بأن يكون هنالك شعب درزي و شعب اسماعيلي ..الخ ، الخلط الذي يبديه بين مفهومي القومية و مفهوم الطائفية غير مجد و ضار للوطن بأجمعه ، الحل الممكن أن نقول : أن سوريا تتألف من قوميتين رئيستين : العربية و الكردية ؛ و من قوميات و طوائف متعددة ؛ هذا هو التعريف المدني في سوريا العلمانية . وعن استبكائه لمصير المكونات الأخرى في روج آفا ؛ أقول له و كل من على شاكلته : الإدارة الانتقالية الديمقراطية في غرب كردستان ستكون ممثلة لكل المكونات و ستكون بمثابة بناء عصري ديمقراطي ، و الدستور سيكون فوق الجميع و بالتماثل و نفس التناظر ؛ هي مسألة حقوق و واجبات و انتماء لغرب كردستان ، و وفق الدستور ( العقد الاجتماعي) في غرب كردستان ) لشعبه فقط أن يحدد كل أولوياته و أساسياته بدءا من نشيد و رمز و علم غرب كردستان و انتهاء بالاقتصاد التشاركي و الديمقراطية السياسية في الادارة و في حكم الشعب لنفسه و للمجتمع الذي يوجد فيه عبر مجالسه وضمان حق المرأة و كل هذا ضمن إدارة المجتمع التشاركية وفق التوازن الأيكولوجي . هذه هي الإدارة الذاتية كصيغة إدارة و ليست شكل من أشكال التمثيل ؛ أي من الممكن أن تكون سوريا اتحادية و صيغة ادارتها : الادارة الذاتية الديمقراطية . جنيف 2 لا يمكن أن تكون صيغة مكررة عن لوزان 2 ، الزمن مختلف و المكان مختلف و المعطيات مختلفة و الحامل للهم الوطني السوري و في غرب كردستان أيضا مختلفة . يقول هيغل في تفسير بحث الإنسان عن الحقيقة: ” وسوف يظل البحث عن الحقيقة يوقظ حماسة الإنسان ونشاطه ما بقي فيه عرق ينبض وروح تشعر…” فما بالنا حين تكون عملية البحث المخصوصة عن حقيقة الحرية ؟ لعل ذلك يختزل في الكثير من ثناياه فكرة العدالة الاجتماعية و استقدامها كنهج و كطريقة في دروب الحرية ، و الحرية : مجالٌ خيِّرٌ تتموجد فيه العدالة ونطاق ولادتها المنتظرة و المنتصرة تتسع أكثر . إنّ شعبا في حوزته العديد من الشهداء ( باحثو حقيقة الحرية المتكونة ) ؛ لا يمكن طمس حقيقته مُطلقاً .
#سيهانوك_ديبو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحرب و السلام .....سورياً
-
لماذا نتبنى مفهوم الإدارة الديمقراطية ؟
-
لماذا قتل الشيخ معشوق الخزنوي ؟
-
في التناحر و التنافر الكردي - الكردي أسباب التناحر وعلتها
-
كيف نفهم انتفاضة قامشلو 2004 ؟
المزيد.....
-
كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
-
اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
-
السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في
...
-
ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
-
السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير
...
-
غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا
...
-
شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
-
هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و
...
-
ممثل حقوق الإنسان الأممي يتهرب من التعليق على الطبيعة الإرها
...
-
العراق.. ناشطون من الناصرية بين الترغيب بالمكاسب والترهيب با
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|