أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ليديا يؤانس - دين الدولة!















المزيد.....

دين الدولة!


ليديا يؤانس

الحوار المتمدن-العدد: 4215 - 2013 / 9 / 14 - 01:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إنتَ صَحْ وأنا صَحْ ولكن مَنْ أَصَحْ!
كان زمان وأصبح زمان ولكن أنتَ في أي زمان!

في معظم بلاد الغرب كانت المدارس تبدأ اليوم الدراسي بأن الطلبة وهيئة التدريس يقرأون الصلاة المسيحية "أبانا الذي في السموات" ويُقدمون الشُكر لله قبل بداية يومهم. في الآونة الأخيرة حينما بدأت الديانات والمُعتقدات الأُخري تتزايد، إختلف الأمر وأصبحت تتعالي الأصوات بأن قِراءة "أبانا الذي في السموات" تؤذي مشاعر الغير مسيحيين، وأن الأولاد تختلط عليهم المفاهيم وتتعارض مع ما نشأوا عليه من إعتقادات دينية!
في معظم بلاد الغرب نسبة عدد المسيحيين يفوق بكثير جداً نسبة عدد السكان من الديانات الأخري، وبالمقارنة بنسبة عدد المسلمين أيضاً هناك فرق شاسع، فعدد المسيحيين أضعاف عدد المسلمين بهذة الدول. ولكن بالرغم من ذلك لم تقل هذة الدول أننا دول مسيحية! بل تقول نحن دول مدنية مُتعددة الجنسيات والعبادات، وكل مواطنينا لهُم نفس الحقوق والمساواه أمام قانون الدولة. هذة الدول تحترم الأقليات حتى وإن كانوا لا يؤمنون بأى دين أو عقيدة.
ولكننا الآن نجد أن مُسلمي الدول الغربية بالرغم مِنْ قلة عددهُم يقولون نحن أيضاً نُريد أن المدارس تبدأ اليوم الدراسي بقراءة "الفاتحة" وأن نخصص مكان كمسجد للصلاة داخل المدرسة، وأنهُ عندما يحين وقت صلاة الظُهر أو العصر، نُريد أن التلاميذ يخرجون مِنْ الفصول الدراسية للصلاة!
اليهود لم يدخلوا في هذا السِباق بل إلتزموا بتعاليم التوراة وطبقوا الآيات التى تقول "إسمع يا إسرائيل الرب إلهُنا ربُ واحد. فتُحِبْ الرب إلهك مِنْ كُل قلبك ومِنْ كُل نفسك ومِنْ كُل قوتك. ولتكُنْ هذة الكلمات التي أنا أوصيك بها اليوم على قلبك. وقُُصها على أولادك وتكَلم بها حين تجلِس في بيتك وحين تمشي في الطريق وحين تنام وحين تقوم. وأربُطها علامة على يديك ولتكُن عصائب بين عينيك وأكتُبها على قوائم أبواب بيتك وعلى أبوابك" (تثنية 6: 4-9). اليهود لم يطلُبوا مثلاً قراءة "الوصايا العشر" قبل بدء يومهُم الدراسي بل هُمْ عَلمُوا أولادهُم وقصُوا عليهم شريعة الله وربطوها على أيديهم ووضعوها عصائب بين عيونهم حتي لا يتيهوا بين العالم.
أيضاً البوذيين قالوا نعم! نحن أقلية ولسنا مما يفرضون أنفسهم بالقوة، لأننا بصراحه عبادتنا أساسها الحب، ولكن هل تسمحُون لنا بأن كُل تلميذ مِنْ أولادنا يصطحِبْ معهُ بوذا (إلهه) الخاص به، أنهُ فقط تمثال صغير مُمكن أن يضعه الشخص في جيبه، وسوف لا نفرض عليكُم مكان أو وقت لِممُارسة العبادة، فقط أثناء فترة الغذاء كل واحد مِنْ أولادنا سيأخذ لهُ مكاناً على جنب للعبادة ويعمل شانتنج "Chanting"!

أنا لستُ هُنا بصدد المُقارنة بين سلوكيات عبدة الديانات الإبراهيمية (اليهودية والمسيحية والإسلام)، أو أي عقيدة أخري. ولكنني أتساءل لماذا كُلْ هذا الصُداع؟
لماذا يفترض الشخص المُتدين أن ديانتهُ هي الصَحْ وما عدا ذلك فَهوّ غير صحيحاً؟
لماذا يفرض الشخص المُتدين هويتهُ على الآخرين وكأنهُ ليس هوية في الكون إلا هويته؟
لماذا يُصِرْ الشخص المُتدين على أن يُصبِغ المكان الذى يعيش فيه بصبغة ديانتهِ؟
لماذا تُريدون أن الدولة التى تعيشون بها تتدين بديانتكُم حتى ولو كُنتم أغلبية؟

ماهو مفهوم الدولة؟
الدولة هي عبارة عن مجموعة المواطنين (الأفراد) الذين يعيشون على إقليم جغرافي مُحدد ويخضعون لنظام سياسي معين يتولي الإشراف على جميع أنشطة الدولة سياسياً وإجتماعياً وإقتصادياً بهدف تقدم وإزدهار المجتمع ورفع مستوى المواطنين.
ما هو مفهوم الدين؟
مفهوم الدين مُحدد بمجموعة مِنْ الأفكار والمُعتقدات التى تُحدد سلوكيات الإنسان وعلاقتة بالإلهيات أو بالكون أو ما وراء الكون وأيضاً علاقته بالآخرين.

ليس بالضرورة أن كُل إنسان يؤمن بديانة ما! ولكن مِنْ حق كُل إنسان أن يتساوي مع أبناء الوطن الواحد في الحقوق والواجبات حتي وإن كان بلا دين!

هل الدولة كمؤسسة سياسية وإجتماعية وإقتصادية تُمارس العبادة لله أو لغيره وبالتالي نقول أن هذة الدولة مسلمة أو مسيحية أو ملحدة أو .. أو ..؟ ولا المقصود بتدين الدولة هُوّ فرض عادات وتقاليد وأيدولوجيات مَنْ يُروجون لهذة الفكرة إستناداً على القوة وكثرة عدد أصحاب هذة الديانة.

مصر الآن بصدد وضع دستورها الذى سيُحدد سياستها وكينونتها بين دول العالم. عظيم جداً أن نؤكد على أن الدولة سياستها تقوم على النظام الديمُقراطي أو الرأسمالي أو .. أو .. ولكن ليس منطقياً أن نؤكد على ديانة الدولة، وتقوم الدنيا وتقعد وتتعالي الأصوات والتشنجات والتعصُبات والإصرار علي تَديُنْ الدولة!

لابُد مِنْ وضع بند أن الدولة إسلامية في الدستور! .. لماذا؟ هل لأن الأغلبية مُسلمين؟ عظيم! ولكن ما الحل لو قرر مثلاً المسيحيين المُهاجرين بالخارج في العودة إلى بلدهُم مصر وتغيرت النِسب، وأصبحت الغالبية مسيحيين! هل ستقومون بتغيير الدستور وتقولون أن "المسيحية دين الدولة" أم ستتمسكون بكُل وسائل القوة والإرهاب بنص الدستور "الإسلام دين الدولة!"

لابُد مِنْ وضع بند أن الدولة إسلامية في الدستور! .. لماذا؟ هل يتفق ذلك مع التقدم والتطور الفكري للمصريين؟ في إعتقادي أن هذا في حد ذاته يتنافي مع فكرة الديمقراطية والحرية والعدالة التي يطالب بها الشعب الآن، لأنك ببساطة تفرض عادات وسلوكيات الغالبية مِنْ الناس وتعتبرها هي الأساس للتعامُل وسن القوانين وإذا كُنت غير مُسلم إذن لا يحق لك!
لابُد مِنْ وضع بند أن الدولة إسلامية في الدستور! .. لماذا؟ هل وضع كلمة دولة إسلامية في الدستور يعني أن الدولة أصبحت مؤمنة وكل سكانها ماشيين على الصراط المستقيم!
على حسب معلوماتي أنه بدأت رحلة مصر مع الدساتير منذ عام 1882 وأستمر توالي إلغاء وإصدار الدساتير بناءاً على التغُيرات والأوضاع السياسية للدولة إلى أن جاء دستور 1971 ليُقِرْ في المادة الثانية منه على أن "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر التشريع." أنا شخصياً ليس لدي مشكله بالنسبة لهذا البند، ولكن على قدر معرفتي بتاريخ مصر أن الإسلام دخل مصر في عهد الخليفة عمر بن الخطاب وبقيادة عمرو بن العاص عام 641 ميلادية، ومنذ ذلك التاريخ وحتى صدور دستور 1971 والإسلام موجود بمصر وفي إزدهار والدولة تطبق الشريعة الإسلامية سواء ذكرت أن الدولة إسلامية أم لا! بل بالعكس وضع البلد ومواطنيها بمُختلف دياناتهم كان أفضل من قبل أن توضع هذة المادة في الدستور. بصراحة لم أجد هناك ضرورة للتأكيد عليها لإن التأكيد عليها يوحي بأن هناك خوفاً على الإسلام وبالتالى يجب وضعها بالدستور!

لابُد مِنْ وضع بند أن الدولة إسلامية في الدستور! .. ولذلك كان من الضرورة وضع مُمثلين مِنْ المؤسسات الدينية ضِمن لجنة الخمسين القائمة بإعداد الدستور .. لماذا؟ هل لكي يكون قرار تَديُنْ الدولة تَمْ بموافقة المُسلميين والمسيحيين؟ إذا كان هكذا فذلك هُوّ الظُلم بعينة للذين يُدينون بديانات أُخري غير الإسلام والمسيحية وأيضاً للذين لا يُدينون بأي ديانة.

لابُد مِنْ وضع بند أن الدولة إسلامية في الدستور! قالوا لي تعرفي ليه! قُلْتْ لهُم قولوا لي ليه! قالوا: لكي تسير الدولة على منهج واحد في قيادتها للجميع. عظيم! ولكن أنتُمْ تعلمُون جيداً أن أصحاب الديانات الغير مُسلمين سوف لا يقبلون ولا يخضعون للقوانين الإسلامية في بعض المسائل المرتبطة بشرائعهُم. وعلى سبيل المثال قوانين الأحوال الشخصية ونظام التوريث والتبني وغيرهم. ماذا ستقولون؟ أعلم جيداً ردكُمْ! ستقولون أن هُناك محاكم ومؤسسات خاصة بالمواطنين الغير مُسلمين ستتولى هذة الأمور. عظيم جداً وكرم مِنْ السادة المسئولين عن الدولة! إذن ما الحكمة مِنْ إصراركم على تديُنْ الدولة؟

بالتأكيد أنا لستُ ضد الإسلام أو أي ديانة أو عقيدة أو فكر، وأيضاً لا يُضيرني شيئاً ان تتدين الدولة بأي دين إذا كان من المنطقي أن تتدين الدولة! ولكنني كنت أتمني أن تكون مُمارساتنا السياسية على مستوى أعلى وأعمق مِنْ مُجرد التمسُك بكلمات وأفكار حتى وإن كانت مُنبثقة مِنْ مفهوم ديني.
حقيقي أتمني أن أجد إجابة منطقية ومُقنعة لماذا الإصرار على دين الدولة!



#ليديا_يؤانس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أَنا لست قديسة!
- قالها السيسي: مصر لن تركع !!!
- بيلعبوا دور ربنا !!!
- سلم من سبع درجات
- أنا بحلم !!!
- لا مُصالحة مع الإرهاب!
- مَنْ هُوّ الله حتى أُطيعه؟ (04) إثبات وجود الله - 2
- النبي المُنتظر
- سر أوباما
- ملحمة الإنتصار
- أنين شعبِي
- روح الزعيم جمال عبد الناصر
- ليس لي أب!
- مَنْ هُوّ الله حتى أُطيعه؟ (03) إثبات وجود الله - 1
- أنا
- مَنْ هُوّ الله حتى أُطيعه؟ (02) هل حقاً موجود؟
- باباً مفتوحاً
- مَنْ هُوّ الله حتى أُطيعه؟ (01) تساؤلات وإستفسارات
- تمرد أصحاب الحق
- عايزين نِفرَح!


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ليديا يؤانس - دين الدولة!