|
قناة الجزيرة والوعى المتأخر
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 4214 - 2013 / 9 / 13 - 23:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بعد 30يونيو2013 اكتشف متعلمون مصريون محسوبون على الثقافة المصرية السائدة البائسة والمنحطة، أنّ قناة الجزيرة تـُروّج للمخطط الأمريكى/ الإسرائيلى/ الإسلامى، رغم أنها منذ إنشائها وهى تعمل لخدمة هذا المُخطط ، وحذر أصحاب العقول الحرة من التعامل معها مثل المرحوم بيومى قنديل، بحكم عمله فى صحيفة الأخبار المصرية فى قسم الترجمة، نظرًا لما كان يتلقاه من وكالات الأنباء العالمية من أخبار. ولم يُصدّقه أحد من العروبيين والإسلاميين الذين دافعوا عن (التقنية العالية) لتلك القناة، وكأنّ (التقنية) تغفر لها خدمة المخطط المعادى لشعوب المنطقة. وتغاضى المؤيدون لتلك القناة عن المعلومات المؤكدة عن التمويل الإسرائيلى والخبراء الأمريكان فى نشأتها. وتغاضوا عن أنّ أكبر قاعدة أمريكية فى الخليج على بُعد عدة أمتار منها. وبعد أنْ قرأتُ وسمعتُ ضيوف الفضائيات المصرية الدائمين وهجومهم على تلك القناة ، وكأنهم كانوا فى غيبوبة coma لعدة سنوات ثم عادوا لوعيهم ولكن بأثر رجعى ، نشطتْ خلايا مخى فتذكرتُ أننى قرأتُ مقالا للكاتب صاحب المصير المجهول والمعلوم لنظام مبارك (رضا هلال) انتقد فيه قناة الجزيرة. لم أستطع مقاومة الرغبة فى البحث عن المقال فى أرشيفى الخاص. تفرّغتُ للبحث عنه رغم مشاغلى العديدة ومشروعات الكتب فى رأسى وأتمنى إنجازها. بعد عدة أيام عثرتُ على المقال ، ففرحتُ كطفل حقق له أبوه رغبته بعد طول مراوغة وتأجيل. مقال أ. رضا هلال بعنوان (جنرالات الجزيرة وتحالف المتطرفين- أهرام 28 أكتوبر2000) ونظرًا لأهمية المقال وكذا صعوبة تلخيصه، فإننى (عملا بالأمانة العلمية) سأنقل للقارىء أهم الفقرات بنصها وفاءً لذكرى رضا هلال الذى كتب ((قبل عدة أشهر دعتنى قناة الجزيرة فى قطر للمشاركة فى برنامج حوارى حول الحرب والسلام . أبلغنى مذيع البرنامج أنّ محاورى سيكون أمين عام تنظيم الجهاد الإسلامى فى فلسطين . وألقى فى روعى أنه قد حان وقت الجهاد . وأنّ الأمة على موعد مع الناصر صلاح الدين . ولما نزلتُ الدوحة كنتُ أتوقع حشدًا من الدبابات والطائرات والرجال من أجل الجهاد. ولكننى وجدتُ العاصمة القطرية هادئة تمر من على طرقها الحريرية السيارات الأمريكية الفارهة. ولكننى عندما وصلتُ إلى مقر قناة الجزيرة ، أدركتُ أنه المقر العام (للجهاد) ضد إسرائيل وأمريكا والصهيونية والامبريالية ومصر(العربية) أيضًا فهناك مقر المجاهد الأكبر فيصل الحسينى الذى جمع بين (البعثية) كمواطن سورى والستالينية بعد أنْ منحه الاتحاد السوفيتى السابق درجة الدكتوراه. وهناك (المجاهد) أحمد منصور(مصرى الجنسية والعضو التائب فى الجماعات الإسلامية والمتطوع السابق مع "المجاهدين" فى أفغانستان) وكذا (المجاهد) جميل عازر الذى ما أنْ تراه حتى تأخذك رهبة أنّ حرب يأجوج ومأجوج قد اندلعتْ ، وأنّ يوم القيامة غدًا. وعبْر الأثير يطالعك من لندن (المجاهد) سامى حداد الذى ينفث سمًا وحقدًا على مصر ودورها وكل من هومصرى وما هو مصرى بينما يتدله حبًا فى كل من هو إسرائيلى. بيد أنّ الجنرالات (المجاهدين) فى قناة الجزيرة يرتبطون بتحالف مع المتطرفين العرب . وفى مصر للجزيرة حلفاء قليلون ، لكنهم متطرفون دينيون وقوميون يتقافزون على شاشتها لإتهام رفقائهم من الكتاب والمثقفين المصريين بالكفر والخيانة ، ليتخيّل المشاهد وكأنّ كل مثقفى مصر متطرفون . كما أنّ للجزيرة حلفاء من جنرالات المنظمات الراديكالية الفلسطينية والعربية والجماعات الإسلامية. وقد دأب جنرالات الجزيرة منذ بدء إرسالها فى نوفمبر96على الغمز واللمز ضد مصر، ثم تحوّلوا إلى التجريح فى مصر وقيادتها عام 97بسبب المعارضة المصرية لإنعقاد مؤتمر الدوحة الاقتصادى للشرق الأوسط وشمال إفريقيا ردًا على تجميد رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق نيتانياهو لعملية السلام . ومع اندلاع انتفاضة الأقصى فى 28سبتمبر2000 أصبحتْ مصر مرمى النار لجنرالات الجزيرة فى برامجهم الصفراء. أما ذريعة الحرب كما يقول الجنرالات ، أنّ مصر لم تقطع علاقتها الدبلوماسية مع إسرائيل . فلم يخجل جنرالات الجزيرة ومحطتهم تتلقى التمويل الإسرائيلى الذى كانت آخر دفعة مليون شيكل بعد الانتفاضة. بل إنّ جنرالات الجزيرة كانوا من تبارى فى استضافة المسئولين والمعلقين الإسرائيليين فى برامجهم الصفراء. ولا اعتراض لدينا على التحاور مع الإسرائيليين ، ولكن اعتراضنا على تناقض جنرالات الجزيرة الذين يُهاجمون مصر لأنّ لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ولأنها لم تـُعلن الحرب على الصهاينة. إنّ مضمون رسالة البرامج الصفراء التى يُطلقها الجنرالات هو الإلحاح على أنّ : 1- حرب أكتوبر كانت تمثيلية 2- السادات خائن 3- مصر لم تنتقم لأسراها فى حربىْ 67، 73. وتـُلمّح البرامج الصفراء للجزيرة على مشهد عجوز مصرية تقول ((ح نعمل إيه إحنا غلابه. ربنا ما يجيب حرب تانى)) وليت الجزيرة ترجع إلى مقال الكاتب الإسرائيلى إيهود يانكرى فى صحيفة جيروزاليم بوست الذى فضح فيه العلاقة بين الجزيرة وإسرائيل والمنظمات اليهودية الأمريكية وأجهزة المخابرات بما فيها الموساد ، حتى إنه وصف جنرالات الجزيرة ب ((جامعى معلومات وكاتبى تقارير للمخابرات)) وأصبح جنرالات الجزيرة يتهمون القيادة المصرية بأنها لا تقف مع الحق الفلسطينى ويستدعون حلفاءهم لحث مبارك على إعلان الحرب. فجاء الشيخ يوسف القرضاوى داعيًا للجهاد. وجاء المفتى العقيد نادر التميمى صارخًا : إننا نضع أكباد الأطفال وأشلاء النساء والرجال أمام حكامنا ونقول لهم حى على الجهاد. وليتَ جنرالات الجزيرة يتذكرون أنّ القيادة المصرية كانت قبل أسابيع موضوع تهجمات وسخائم توماس فريدمان وجيم هوجلاند فى الصحافة الأمريكية بزعم أنّ مصر تحث الفلسطينيين على التشدد فى مسألة القدس . وليتهم يُدركون أنهم ببرامجهم الصفراء وصراخهم يدخلون فى تحالف مع المتطرفين الإسرائيليين والعرب الذين يُريدون تحويل المنطقة إلى جحيم . وعليهم أنْ يتذكروا أنّ مصر سحبت سفيرها فى إسرائيل أثناء الغزو الإسرائيلى على لبنان عام 82)) هذا ما كتبه رضا هلال عام 2000. بجوار مقال رضا هلال مقال للدكتور عبدالعاطى محمد ذكر فيه أنّ قناة الجزيرة عميلة لإسرائيل فكيف ((تـُفسّر ظهور مسئولين وخبراء إسرائيليين بشكل مكثف طيلة العقد الماضى على شاشتها؟)) إنّ الهدف هو((إعطاء الفرصة لهؤلاء المسئولين الإسرائيليين لكى يُجهضوا الموقف العربى العام من الصراع العربى الإسرائيلى . وكيف تـُفسّر الجزيرة استعانتها بواحد من عتاة الإسرائيليين المُخضرمين يعمل كمستشار لها وهو المعروف عنه أنه ممن يتزعمون تيار التطبيع والتعايش بين العرب وإسرائيل ، بينما هى تصرخ كل يوم : لا للتطبيع . لا لدعاة السلام الإسرائيلى . وكيف تـُفسّر الجزيرة استقبال أكبر المنظمات اليهودية فى الولايات المتحدة (إيباك) لمالك هذه القناة كصديق والاحتفاء به وجَمْعْ التبرعات لقناته؟)) مضى على هذيْن المقاليْن 13سنة. والدرس هو أنّ الكاتبيْن لم يفقدا وعيهما ولم يدخلا فى coma مُتعمّدة مثل غيرهما. ورغم جرائم الجزيرة منذ إنشائها ضد مصر، لازال (مصريون) يذهبون إليها وحجتهم سابقة التجهيز هى : نذهب لنقول الرأى الآخر المضاد للجزيرة. مع أننى رأيتهم فى أشد حالات الضعف والانكسار. يقولون كلامًا إنشائيًا لإرضاء كل الأطراف. فهم مع ثورة 30يونيو. ولكنهم ضد (الإنقلاب العسكرى) ورغم أنّ بعضهم يحمل الدكتوراه فى العلوم السياسية فإنه غالط ما درسه. إذْ أنّ من ينوى الانقلاب لا يعطى لخصمه مهلة لمدة أسبوع ثم مهلة أخيرة 48ساعة كما فعل الفريق أول السيسى . لذا كان (شكل) المصريين على شاشة الجزيرة ينطبق عليهم المثل المصرى العبقرى ((إطعم الفم تستحى العين)) مع ملاحظة أنّ الذهاب للجزيرة ليس من أجل (الطعام) وإنما من أجل المظروف المُتخم بالدولارات ، ومن هنا كان الانكسار فى العيون . ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
متى تتحقق الحرية والعدالة ؟
-
هل تلتقى المذهبية مع التحضر ؟
-
العلاقة بين الخرافة والأسطورة والدين
-
إيزيس / مريم / زينب
-
موسى بين التراث العبرى ولغة العلم
-
التعريف العلمى لثورات الشعوب
-
يوسف بين التراث العبرى ولغة العلم والفلوكلور
-
الإبداع والأيديولوجيا : أولاد حارتنا نموذجًا
-
إبراهيم بين التراث العبرى ولغة العلم
-
امبراطورية الشر الأمريكية
-
قصة الخلق فى تراث بعض الشعوب
-
القرآن بين النص الإلهى والبصمة البشرية
-
المثالية تعترض على بتر العضو الفاسد
-
التشابه والاختلافات بين ثقافات الشعوب
-
معبد إدفو : بناؤه وأساطيره
-
لبننة مصر مشروع أمريكى / صهيونى / إسلامى
-
سهير القلماوى وألف ليلة وليلة
-
ألف ليلة والليالى المصرية
-
السندباد البحرى والملاح التائه
-
فهمى هويدى يعترف بأصوليته
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|