|
محمد الساسي و إمكانية التحالف مع الاسلاميين ؟
محمد السلايلي
الحوار المتمدن-العدد: 4214 - 2013 / 9 / 13 - 15:12
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
محمد الساسي من ابرز الكتاب اليساريين المغاربة المواظبين على قراءة الاحداث الوطنية و العربية و تحليلها. وسواء اتفقنا مع مطارحاته او لا، لا يمكن الا لنشهد له بالجراة و الاقدام لاقترافه التفكير الجدي و التحليل الرزين لاحداث لازالت معاشة و في طور التكون بكل ما تحمله من تناقضات و مجابهات و تقدمات و تراجعات... لا يجادل احد في غمره لميدان التحليل السياسي لاحداث ساخنة بشكل حر و جريء فيما فضل الكثير الصمت او التريث لسبب او اخر. و قلم محمد الساسي واكب بشكل متميز ونضالي و ملتزم الحراك الشعبي ل 20 فبراير، وتبقى اهم ميزة لهذا الكاتب المتالق الدؤوب على التعليق و التحليل للاحداث، انه مناضل سياسي بالميدان و مشهود له بين رفاقه في الحزب الاشتراكي الموحد باخلاقه العالية و ترفعه عن التخندق او الاصطفاف او خوض الصراعات الهامشية و الجانبية التي يغرق فيها الكثير من المناضلين. ما اعيبه على الساسي، و هذا طبعا لا ينقص من مكانة هذا المناضل و الكاتب الفذ، انه لازال حبيس منطق التوافق، خاصة فيما يتعلق بالعلاقة بين مكونين اجتماعين متناقضين لا يمكن باي حال من الاحوال ان يحصل اي توافق بينهما : اليسار و اليمين، اي بين الاسلاميين و العلمانيين. مفهوم التوافق، مثله مثل العديد من المفاهيم التي تاسست عليها المعارضة الديمقراطية بمغرب التسعينات من القرن الماضي، اسقطته حركة 20 فبراير حين انتزعت شرعية الشارع و حررته من قيود الدولة الظالمة. من يقرا الاحداث التي فجرتها الثورات، سيلاحظ ان العديد من المفاهيم سقطت و على راسها مفهوم التوافق سواء بين المعارضة و السلطة او بين القوى الشعبية المتناقضة المنقسمة بين اليمين و اليسار. يقول الساسي في اخر مقالة نشرها بجريدة المساء الصادرة يوم الخميس 12 شتنبر الجاري، ان هناك ضرورة لحصول توافق تاريخي بين ما اسماه بالمعتدلين من الاسلاميين و من العلمانيين. و يعتقد الساسي ان ان حصول هذا التوافق مطلب اساسي لتجنب الحرب الاهلية و الطائفية من جهة و صد محاولة الانظمة، التي سقطت رؤوسها بفضل الثورات، العودة للسيطرة على مقاليد الحكم من جديد باستغلال طرف ضد الاخر.. بالنسبة للساسي، وهذا راي عبر عنه أيضا في مقالات سابقة، ما وقع بمصر هو انقلاب على الديمقراطية، بل اكثر من ذلك، هو انقلاب على ثورة الشعب المصري وعودة قوية لنظام مبارك ؟. ولربما بسبب هذا الطرح الذي نجده عند العديد من القوميين العرب، سيخفف الساسي من اتقاداته للحركة الاسلامية تدريجيا، مقترحا اعادة احياء مفهوم الكثلة التاريخية التي نظر لها محمد عابد الجابري و دعا لها سياسيا ما كان يعرف بتيار الاموي داخل حزب الاتحاد الاشتراكي بعد عودة الفقيه البصري من منفاه في تسعينات القرن المنصرم. و كان محمد الساسي انذاك محسوبا على هذا الجناح قبل ان يؤسس مع خالد السفياني ونجيب اقصبي و محمد حفيظ على إثر تشكيل عبد الرحمان اليوسفي لحكومة التوافق، تيار الوفاء الذي سيندمج فيما بعد في الحزب الاشتراكي الموحد. ما يقع في مصر، يمكن من وجهة نظر مخالفة لطرح الساسي، أن يؤكد صواب المنتقدين للكثلة التاريخية بين العلمانيين و الاسلامين. هذه الكثلة بينت التجربة الملموسة بمصر من خلال حركة كفاية قبل ثورة 25 يناير أنها غير ممكنة. فالاخوان المسلمين الذين كانوا من ضمن كفايا و يبحثون عن التنسيق الميداني و السياسي مع المكونات الشعبية المعارضة لنظام مبارك، سينقلبون عليها بعد ان استغلوا نتائج الصندوق الانتخابي وشرعوا في نكث جميع العهود و التوافقات التي بنيت عليها تحالفاتهم مع بقية القوى. بالمغرب، تعاملت العدل و الاحسان، بنفس المنطق مع حركة 20 فبرايرو مكوناتها من اليسارية و الديمقراطية، بعد ان مكنت نتائج الانتخابات البرلمانية حزب العدالة و التنمية الشريك في الحركة الاسلامية من تاسيس حكومة باركها القصر. لكي لا يشوش عليها و لا يضع العصا في عجلتها انسحبت جماعة العدل و الاحسان من 20 فبراير وانقلبت على مكوناتها اليسارية في بيان ناري جرف الانظار من اسقاط الفساد و الاستبداد الى صراع بالوكالة بين الاسلام و العلمانية، كما خطط له الحاكمون ؟؟ بينت ذات التجربة ايضا ان كلمة الاعتدال هي الاخرى لم يعد لها اي مدلول واضح في ظل التجاذبات الحادة بين اليمين و اليسار من جهة و بين ما هو وطني و قومي و دولي من جهة ثانية. وموقف حزب النور السلفي و المكون من اشد المتطرفين الدينيين دليل على ان مسالة التطرف و الاعتدال داخل الجماعات الاسلامية وجهان لعملة واحدة، وأن ما نراه اليوم معتدلا غدا يصبح متطرفا و العكس صحيح. تبقى المسالة الاهم التي لم يعرها الساسي اي اهتمام، أن الاخوان المسلمين بمختلف أطيافهم، مستعدين في اي لحظة بالتضحية بما هو وطني مقابل ما هو قومي ودولي، والتضحية بالخاص مقابل العام، بالدولة الحديثة مقابل الخلافة الاسلامية و بالمساواة الاجتماعية و التوزيع العادل للثروات مقابل الليبيرالية و الراسمالية المتوحشة، و اخيرا التضحية بالديمقراطية في سبيل اعادة الاستبداد و فرضه على المجتمع باسم الدين، وهو اخطر من استبداد العسكر بكل تاكيد. فلولى عسكر اتاتورك لما وصل اردوغان للسلطة بتركيا، ولولى عسكر اسبانيا الذين وضعوا حد للحرب الاهلية بين الجمهوريين و الملكيين، لما تمتع اليوم الاسبان بنعمة الديمقراطية. من الحكم العسكري قد تخرج انظمة ديمقراطية كما حصل بامريكا اللاثينية و باسيا و افريقيا، لكن من الحكم الديني فل ايخرج منه الا الاستبداد والحروب الاهلية و الطائيفة.. سنوات التاخر التاريخي التي عاشها العرب قبل الاستعمارالاوروبي المباشر بداية القرن العشرين، والتي لازالت رواسبها تقاوم كل تحول عميق في البنيات الاجتماعية و الثقافية حتى الان، شاهدة على الاثار المدمرة والعواقب الوخيمة للحكم الديني . أخيرا نسي محمد الساسي ان اهم شيء اكتسبته الحراكات الشعبية، جاء نتيجة ثورات الربيع العربي، تحطيم الاصنام الايديولوجية برفعها شعارات واضحة و محددة و موحدة : حرية، كرامة، مساواة وعدالة اجتماعية. فهل هذه الشعارات توجد في قلب شعارات الحركة الاسلامية التي تتباكى اليوم عن الديمقراطية المفترى بها؟؟
#محمد_السلايلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصرنة الصراع السياسي بالمغرب !
-
معركة المعتقلين السياسيين مستمرة بالمغرب
-
التحول الذي يخيف المخزن المغربي
-
المغرب يعيش فوق طاقته ؟
-
حين يفقد المثقف البوصلة أو يغير الاتجاه؟
-
الأحزاب و دينامية المجتمع المغربي
-
النخب المغربية والحراك الشعبي
-
الدولة في مواجهة المجتمع
-
لماذا يغلب منطق التمرد على منطق الثورة ؟
-
الإسلاميون يحكمون و يعارضون ؟
-
من الضحية : الإخوان أم الثوار؟
-
بروبغاندا الإستثناء المغربي
-
هل أصبح الريسوني منظرا للثورة المضادة؟
-
من يستفيد من عيد الأضحى؟
-
الإكتساح الكبير هو بداية للأفول
-
- البارطاج- في وجه الجشع الرأسمالي
-
التابث و المتحول في السياسية المغربية
-
رمضان سياسي بامتياز
-
في زمن النت : هل انتهى دور الأحزاب ؟
-
الخوف لا يجنب الخطر !!
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|